أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد المجيد - الوطن من الخارج أكبر!














المزيد.....

الوطن من الخارج أكبر!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 4321 - 2013 / 12 / 30 - 16:38
المحور: حقوق الانسان
    


كل دولة لها خصوم في الخارج تفرز تلقائيا طابورها الخامس الذي تلتقي مصالحه مع أعداء الخارج فتتكون جبهة موحدة حتى لو لم يكن هناك لقاء ظاهر أو حوار مباشر أو دعم مبطن أو تعاطف ضمني.
وكل جماعة أو طائفة تكبر أو تتعاظم أو تتعالى مشاعر أفرادها طائفيا أو مذهبيا أو دينيا أو ايديولوجياً تلتقطها قرون استشعار من قوى خارجية ترى أنها قد تكون امتداداً لها في الحاضر أو خلايا نائمة لوقت لاحق عندما يحين موعد التعاون.
ليس هناك استثناء وتاريخ الغزوات والاستعمار والاحتلال والاستيطان يؤكد على هذه الحقيقة، فيتقدم الطالبانيون الأفغان في مدن الحدود الباكستانية ليجدوا في أحضانهم نظراءهم على الجانب الآخر، ويصرخ أئمة في قُم الإيرانية ليصغى إليهم مصلون، ليس كل المصلين، في النجف الأشرف، وتزعم الحكومة اليمنية أنها ستقضي على تمرد شيعي فيظهر مئة موقع سني يبرر جرائم السلطة في صنعاء، ويخرب الاخوان المسلمون طوال عام كامل الحياة في مصر فينبض قلب حزب العدالة والتنمية في تركيا الأردوغانية تعاطفا مع الباطل الاخواني في مصر، وتخرج مظاهرة في العقبة الأردنية من الامتداد الروحي للجماعة في المملكة الهاشمية.

الوطن يصغر كلما كبرت جماعة فيه، ويتقزم إذا تطرفت، وتبهت صورة قومه حين تتناثر على أرضه قوميات وطوائف ومذاهب وعقائد وجبهات، ليختفي بعد ردح من الزمن خلف كل جماعة، ففي لبنان مثلا يختفي الأرز خلف سبعة عشر زعيماً، فإذا أتى الغريب لا يحتاج حينئذٍ إلى التشرف باستئذان القاعد في قصر بعبدا، ولعلنا نذكر كونداليس رايس وكيف هبطت طائرتها الأمريكية في مطار بيروت وتوجهت إلى الزعماء في دلالة إلى أن سيد القصر ليس إلا اختياراً سورياً حتى يطل الأسد، أب أو ابن بعده، من شرفة قصره الدمشقي على رعايا الشام في بيروت.

الغريب أن صورة الوطن التي بهتت في الداخل تشرق في المهجر، ففي خضم التصفية على الهوية في بلاد الرافدين، والرعب الذي يزلزل كيان العراقي وهو ينتقل من منطقة إلى أخرى، و من شارع إلى ميدان، والشك الذي يرسم علامات الفزع على الوجوه وكأن الآخر يستعد لجزّ رقبة ابن بلده، يكون هناك في مكان ما بعيداً عن العراق ثلة من الأصدقاء، شيعي وسني وكردي وتركماني ومسيحي وصابئي يتسامرون في شقة أحدهم، ويذرفون الدموع المهجرية وهم يستمعون لناظم الغزالي، ويحكي كل واحد عن طفولة حذف منها كل ما يشير إلى الطائفة أو الدين أو المذهب، ثم يتعانقون في نهاية السهرة، ويعود كل منهم إلى بيته، فإذا اتصل بأهله في صباح اليوم التالي رسموا له على الأثير دماء وجروحاً وأشلاء ومشاعر كراهية حاول أن ينساها في سهرة اليوم السابق فأعاد له أهله رسمها من جديد.
في الغربة نحب الوطن، ونلغي من ماضينا كل السلبيات التي علقت به، ونقطع لسان من يسيء إليه، ونتباهى به، ونبرر سلبياته، ونتفاخر بإيجابياته، ونصل في العشق إلى جعله مركز الكون حتى لو كان قائما على بضعة مئات من الكيلومترات.
وفي الوطن يقوم أهلنا بتوسعة المسافة بينهم وبينه، وقد لا تصيبهم الدهشة وهم يشاهدون ممثلي الشعب تحت قبة البرلمان يتسابقون في إهانته، فمنهم من يرفض الوقوف تحية للنشيد الوطني، ومنهم من يحتقر العلم بألوانه الزاهية التي تخفق في القلب قبل أن ترتفع فوق السارية، ومنهم من يرى جنسيته عقيدته فيلغي الآخرين الذين لا يدينون بعقيدته.

الطائفية والمذهبية والجبهوية الدينية حالات متعددة من الكراهية حتى لو أقسم أصحابها بأن إيمانهم ممهور برضا السماء، لذا فالعدو يعثر بسهولة على متعاونين من بين الطوائف المذهبية والدينية لأن الضمير الديني على أهبة الاستعداد لتقديم تبريرات في لي عنق الآيات المقدسة.
الطابور الخامس غالبا ما يكون مواطنين تحركوا قليلا أو كثيرا ناحية مشاعر الطائفية أو الجماعة أو الأقلية العرقية، لذا كان أكبر مشهد تحقيري يؤكد أن الوطن والطائفية نقيضان لا يلتقيان إلا لـِـماماً صورة مواطنين مصريين تعلموا على أيدي حواسيس نائمين أن يدوسوا بأحذيتهم القذرة على علم بلادهم.

التيارات الدينية في العالم العربي لا تختلف عن جحافل الغزو ، وفي أقل من عام من حُكم الإخوان كانت تل أبيب ترقص فرحة بمرسيها، وواشنطون تسترخي لأن رجالها حلوا محل جمال عبد الناصر في القصور الجمهورية، وبؤر الإرهاب تناثرت على رمل سيناء، وميليشيات مسلحة وملثمة تستعرض عضلاتها في كل مكان، ورئيس متخلف عقلياً كلما زار بلداً هبط بالمصريين درجة وترك انطباعا أن ديمقراطية صندوق الانتخاب تعني اختيار الأجهل.
المهاجرون الذين يشاهدون وطنهم من الخارج يعانون غربة مواطنيهم في الداخل ، والسوري والعراقي واليمني والمصري والليبي والسوداني والتونسي الهائمون على وجوههم في شوارع باريس وجنيف واستوكهولم وروما وسيدني وهيوستون وبرلين وأثينا وكوبنهاجن يعيشون عذابات الوطن مضاعفة حتى لو لم يكن من بينها أمن وسكن ورغد الغيش وأسرة وأولاد وصحة وعلاج و ....
اللصوص المحترفون يسرقون من المواطنين كتبهم المقدسة قبل أن يستولوا على الوطن، ويزعمون أن ملكية الأرض حصلوا عليها بموافقة السماء، فإذا وصل الكذب والتزوير والتزييف إلى أقصى المدى أقسموا أن الله شاهد على أعمالهم ويخفون حقيقة أن رب الكون العظيم شاهد على جرائهمم.
لو أخفى كل العرب خلف ظهورهم ولمدة عامين فقط المذهب والدين والطائفة والعقيدة والحزب والفرقة والجبهة والجماعة لأسقاهم الله ماءً غدقاً، ورزقهم من حيث لا يحتسبون.
كلما حدثني عربي عن تقواه وإيمانه وتمسكه بعقيدته رأيت بوضوح دماءً تسيل من أنيابه.
العقيدة الوحيدة التي تقف مدافعة عن الوطن والمواطنين هي الصمت ، وما عدا ذلك فمزايدة دينية قبل قطع رقاب خصومهم.



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشهد المصري إذا عاد مرسي رئيساً!
- مقطع من يوميات شاب رابعي!
- أرجوكم، لا تقتلوا السيسي!
- أفراح القتلة وأعراس اللصوص!
- السطريون يسيطرون!
- سيعود الإخوانُ لحُكْمِ مصرَ رغم أنْفِنا!
- الدرويش البطل
- معذرة، فأنا لا أصَدِّق خبرَ الضبطِ والاحضار والقبض على مجرم!
- لماذا يختل ميزان العدل مع الدين؟
- هل أصبح مؤيدو الإخوان طابوراً خامساً؟
- الجبان الديجيتالي!
- أيها المصريون، قفوا مع السيسي في حربه ضد الإرهاب الديني!
- من أين ينبع بركان الكراهية لدى الإسلاميين؟
- كارثة حرب النصوص!
- رسالة إعتذار لسيدنا الرئيس حسني مبارك!
- دعوة لتنازل الملك عبد الله بن عبد العزيز عن العرش!
- أنا أعرف، إذن فأنا جاهل!
- السيارة المفخخة ليست مفاجأة!
- لماذا ساءتْ أخلاقُ الإنترنتّيين؟
- استرداد أموال المصريين خط أحمر!


المزيد.....




- النصيرات.. ثالث أكبر مخيمات اللاجئين في فلسطين
- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...
- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟
- شربوا -التنر- بدل المياه.. هكذا يتعامل الاحتلال مع المعتقلين ...
- عام من الاقتتال.. كيف قاد جنرالان متناحران السودان إلى حافة ...
- العراق يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام المثليين
- قيادي بحماس: لا هدنة أو صفقة مع إسرائيل دون انسحاب الاحتلال ...
- أستراليا - طَعنُ أسقف كنيسة آشورية أثناء قداس واعتقال المشتب ...
- العراق ـ البرلمان يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام ا ...
- 5 ملايين شخص على شفا المجاعة بعد عام من الحرب بالسودان


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد المجيد - الوطن من الخارج أكبر!