أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرهاد عزيز - الحب في رعاية زوار الفجر















المزيد.....

الحب في رعاية زوار الفجر


فرهاد عزيز

الحوار المتمدن-العدد: 4321 - 2013 / 12 / 30 - 00:32
المحور: الادب والفن
    



10
في فجر احدى الصباحات حيث صوت المقرئ وهو يتلو القرآن الكريم يصدح من المقهئى البعيد مسافة عن بيتنا ، سمعت طرقات على باب غرفتنا وكنا نياما ، فزعنا من عنف الطرقات ، كنت خائفة من فتح الباب ، لكنهم وبحركة عنيفة كانوا قد ضربوا الباب ليفتح، واذا بهم ملثمين يقفون باسلحتهم الرشاشة ، كانوا قد عبرو علينا من سطح الجيران، صرخنا انا والاطفال هلعا ، سحبني احدهم من ذراعي وبعنف ليدفعني خارج الغرفة وهو يتلفظ بالعن الالفاظ التي يشمئز له السمع ، وصراخ طفلي يملئ اذني واصغرهم كان يمشي لتوه ، واذا باحدهم يضربه بساقه ويرميه مسافة مترين واذا بالصغير يلتصق بالارض دون حركة ولا تنفس، حاولت الركض تجاهه ولم تسعفني قواي، حيث ركلني احدهم فاغمي علي ومن حينها ولحد اليوم، يغمى علي بين الحين والحين .
ـ كم بقيت على هذا الحال ؟ الم يتدخل الجيران ؟
ـ لا ياولدي لم يجرأ احد على التدخل، ولا اعرف كم بقيت على هذا الحال، وبعدها بفترة فتحت عيني، وانا داخل سيارة مغلقة مظلمة، وانتبهت الى اني تركت صغيري، حاولت الصراخ كان فمي مكمما ولم استطع الحركة اذ كانتا يداي موثقتين الى الخلف، وكانت السيارة تسير واسمع اصوات منبهات السيارات الاخرى، لكنني لست على مايرام .
ـ الم تعرفي من هم هؤلاء الملثمين ؟
ـ لا ياولد ي، لم اعرف من هم، وصرت احاول ان اجد تفسيرا لما يحصل، هل يعقل ان يكون ابوك ضمن مجموعة ملثمة مثل هؤلاء، يكون قد قام بما يخالف تعليماتهم وها نحن ندفع الثمن . بامكانتك ان تتصور حالة ام تفقد صغيريها وهي موثقة مكممة وتحاو ل الحركة دون معين وهي في طريقها الى المجهول ، دون ان يعلم احد بوجهتنا .
وقفت السيارة بعد حين، ليأتيني احدهم ويضع قطعة قماش على عينيني، ليقودني خارج السيارة، وفجأة داخلتني فرحة عارمة، حين سمعت بكاء صغيري على مسافة ليست ببعيدة عني، وكنت قد امتلأت املا، على ان صغيري يتواجدان في نفس مكان تواجدي ، وتنفست الصعداء رغم الامي ونزف انفي ، وشكرت الله على قدرته وحسن صنعه بأن صغيري مازالا بخير ، رغم صراخهم وعويلهم وبكائهم ، وكانت تكفي كدالة لي بانهما على قيد الحياة . نسيت نفسي وصرت استرق السمع اتابع صرخات صغاري التي صارت تبتعد قليلا قليلا وانا مازلت داخل بناية اسمع جلبة وحركة، اطمئنت نفسي قليلا لهذه الحركة التي اعتبرتها باني لست لوحدي ولست في مكان مجهول بل ان هناك آخرين ، ربما سيسعفونني وبأن هؤلاء ليس لهم القدرة على فعل مالا يرضي الناس و الله طالما هناك آخرون حولي، زاد قلقي وخوفي على ابتعاد صرخات صغاري ، فرميت نفسي ارضا في محاولة لاثارة جلية وضجة عسى ان تنفعني ويعنني الاخرون ، لكنها جاءتني بنتيجة عكسية حيث انها ل علي الضرب من عدة اتجاهات فتيقنت بأن الجلبة والحراك لهم وليس لأخريين، ويأست لوجودي في هذا المكان وانا اولول لبعد صغاري كنت كانثى الدب التي تفقد صغارها وصرت اضرب رأسي للحائط بقوة عدة مرات في قمة يأسي بحثا عن الانتهاء قبل ان ينالوا مني هؤلاء الاوغاد لحين ماسقطت ارضا وفقدت الوعي ، ولم اعرف كم استغرق الوقت ، حيث وعيت على نفسي على ارض رطبة مبللة ورائحة جيف لاتحتمل وسط ظلام دامس لايرى الانسان فيه اصبعه وليس هناك من بصيص نور او فتحة او لون آخر استدل به لوجودي غير الظلام ، حاولت التنفس رغم الرائحة النتنة ، كي استدل على وجودي حية ، مددت يدي اتلمس جسدي ، كنت مازلت بنفس الملابس ، اذ ساورني القلق ربما ازاحو عني ثيابي وفعلوا مالا يحمد عقباه ، لكنني تيقنت من انني مازلت على قيد الحياة ، سوى بعض الدم الحار الذي ينزف من انفي ، وخشيت الوقوف وصرت ازحف باتجاهات مختلفة متلمسة الارض ، اخشى من السقوط في حفرة اوبئر ، لا اعرف لماذا تخيلت السقوط في بئر ، حيث استعدت صورة اختي التي تليني يوم سقطت في البئر وهي تسحب الماء بالدلو لتكون سقطتها الاخيرة ، لا اعرف لماذا صرت اخشى السقوط في البئر ، زحفت باتجاه اليمين قليلا وصرت اقيس المسافة بان اتمدد على الارض لأعرف كم ابتعدت عن مكاني الاول ، تعلمت وعلى وجه السرعة ان امد نفسي بحذر وبطولي كله على الارض لأعرف المسافة ، لا اعرف لماذا صار همي ان اصطدم بحائط ، او ان اجد جدارا اتكئ عليه ، وعندما فشلت في ايجاد جدار ، انحرفت شمالا وبنفس الطريقة بحثا عن مسند او جدار ، وهكذا امضيت الكثير من الوقت ابحث دون ان اكتشف شيئا ، لكنني صرت احس ببرودة تلسع جسمي وان ملابسي قد تبللت نتيجة الزحف غير المجدي ، مددت يدي وانا جالسة كي اكتشف باني لايسعني رؤية يدي في هذا الظلام ، ساورني القلق مجددا على صغاري ، بكيت كثيرا ولطمت خدي ، لعنت ذلك اليوم الذي احببت فيه ابوك ، لانني ورغم معرفتي به رجلا صالحا ، صرت اشك بان ما يحصل لنا الأن بالتاكيد لها علاقة به ، والا من الذي يتجرأ في مدينة مكتظة بالناس ان يتجاوز على انثى بطفليها وعلى مرأي الاخريين ، لابد انهم كانوا مجموعة مرعبة ، لذلك فقدت الكائنات الاخرى جواري قدرتها على التدخل ، ولذلك لم اسمع اي من جيراني قد خرج من غرفته ، اتضح لي باني كنت اسكن مع مجموعة من البشر مسلوبي الارادة خوفا ، واتضح لي بان ساكني هذه الغرف هم كائنات همها الحفاظ على ذواتها ، ولم يحرك وضعي فيهم ساكنا ، اشبعت وصغاري ضربا في باحة البيت الواسع ولم يفتح احد باب غرفته ، بل كانوا ينظرون من ثقوب ابوابهم على المنظر المرعب ، وربما كانوا يلتحفون باغطيتهم فزعا .
ـ ها اماه اكملي ماذا حدث لك ؟
ـ صبرا ياولدي ، ليس هينا علي ان اتحدث عن موضوع مضى عليه سنوات كثيرة ، ولا يعرفه احد غير ابيك . هذا الموضوع الذي ارتجف خوفا وانا اتحث عن تفاصيله وكأنني اعيش الحالة نفسها .
لم استطع وقتها اكتشاف مكاني ولم اعرف ان الوقت ليلا او نهارا ، كان الظلام يلفني، وخوفي يزداد ويأسي يتعمق خاصة عندما كنت اتذكر اخويك الذين ابعدوهما عني . كنت اخشى من ان افكر، لأني ومهما جاهدت لا تتعدى افكاري السوداوية والياس ، فكرت بالانتحار لحظتها، لكن صور صغاري كانت تمنع من ارتكابي لهذا الفعل، خاصة وان صغاري لا احد لهم بعدي، وبين الحين والحين اطمأن نفسي بانهم معي وكنت احس بانهم قريبين عني في مكان ما، لا اعرف كنت احس بانهم ليسوا بعيدين عني .
حاولت تجميع قواي ونسيت نفسي فنهضت على طولي محاولة للوقوف على ساقي، لكن الحركة كانت قوية مني فاصطدمت بالسقف وبقوة، فسقطت واغمي علي . وكانت اجمل اغماءة في حياتي كلها ومنها تعلمت فن الاغماء .
ـ ماذا تقولين اجمل اغماءة، وتعلمت فن الاغماء، ماهذا الحديث يااماه، هل انت بصحة جيدة ؟
بغداد
اواخر كانون الثاني 2013



#فرهاد_عزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حب ، وحب في زمن صعب
- الثالوث جنس مقدس 8
- صاحبة الصوت هنا
- امي والله
- الصوت حاجة هنا وهناك
- ايهما ال(هنا) .. ام ال (هناك) ارحم
- أين الخلل ، فينا أم منا
- الحياة لمن يستحقها
- نكسة الاتحاد الوطني في الانتخابات وللمرة الثانية مسئولية من ...
- ديمقراطية رحم المجتمع
- هل يتمكمن العراق ، ان يتحول الى مشروع حضاري ، لدولة مواطنة ، ...
- الدولة الطائفية المسيسة والدروع البشرية
- الفيليون قضية دولة العراق بعد قرارالمحكمة
- الفيليون ليسوا ملفا على الرف
- الدولة والدين
- اسئلة بين سطور الخبر
- العائدون لكن دون اشلاء
- تفعيل عمل الجالية العراقية المشترك في الدنمارك مهمةاحزاب ام ...
- اربعينية فنان الشعب الكردي الراحل محمد جه زا
- مجلس جالية مهمشة الحضور الا من كلمات المناسبات


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرهاد عزيز - الحب في رعاية زوار الفجر