أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرهاد عزيز - الصوت حاجة هنا وهناك














المزيد.....

الصوت حاجة هنا وهناك


فرهاد عزيز

الحوار المتمدن-العدد: 4316 - 2013 / 12 / 25 - 03:48
المحور: الادب والفن
    


الصوت حاجة هنا وهناك
5

هأنذا وفي حالتي هذه طريح سرير المرض الذي اعتدت عليه كلما اشتدت بي الازمات ، في هذه المستشفى وفي غربتي في هذا البلد امارس فقط صنعتي المعتادة باستخدام حاسة الشم والسمع ، لا غير ، وقد يستغرق ذلك شهورا او اياما ، لا اعرف وفي ظلمات نفسي هذه اسمع سمفونية الصوت الجميل، هذا الصوت الذي اعتدت عليه وانا في المستشفى اثناء الاسر وهاهو نفسه في غربتي هنا ، هل يعقل ان يكون ملاك سماوي يلاحقني كلما عصت علي الامور واقتربت من النهاية وصرت في الهاوية ، هناك وكما عرفت فيما بعد كان هو السبب في انقاذي وانتشالي من براثن الموت في خندق الجبهة الامامية للحرب وبعدها قام برعايتي في مستشفى الهلال الاحمر وها هو نفس الصوت هنا في غربتي ، هل يعقل بأن الامور اختلطت علي ، يأتيني الصوت كلما صرت في هذه الحالة دون بصر ولا نطق ولا شم ويضعف سمعي لحين ان يتم بعدها قليلا قليلا استرداد حاسة السمع ومن ثم الشم وبعدها يعود النطق ومن ثم البصر ، لكنها على مراحل وتأخذ من تيهي من الزمان ، الى حيث اغوص في الاعماق.
كم مرة مارست الطيران وانا في حالة النشوان اشتياقا لصاحب الصوت هذا ، وكم مرة بحثت عنه في السماوات فوق الغيوم ، وكم مره كنت اطير مقتربا من المساحات الشاسعة من على الارض حيث الحقول الخضراء الممتدة بعيدا عن هناك في قريتي ، وكم مرة كنت اطير تحت حرارة الشمس وعلى سطح الافق الذهبي لحقول القمح كنت ابحث عن الملاك السماوي ذاك . كنت امني النفس بلقياه ، وها انذا في غيابي عن الزمنكان في اعماق ذاتي هنا اجده يتحدث الي ويمدني برعايته ،.
آه ربي كم انا في اشتياق لصاحبة الوجه الجميل ا لذي التقيتها عند مراجعتي للمعهد والتي كانت قد لمحت بابتساماتها لي بأنها تعرفني او تريد التواصل معي ، وكأني كنت اعرفها او رأيتها في مكان ما من هذا العالم ، لكني مازلت اعتصر الذاكرة حتى وانا هنا ملقى وحيداعلى هذا السرير تربطنى الاسلاك باجهزة لم ارها بعد ، غارق في الاعماق ، لكنها بين طيات الدماغ ، تشاركني لذة الاستمتاع بهذا الوجود الذي قد اغيب عنه الى الابد واعيش طائرا في سماواته الى الابد او في اعماقه الى الابد ، لا أعرف من الذي سيقرر ذلك ، انه هذا الدماغ المسيطر على كل هذا ، وهو الذي يسعفني بين الحين والحين بمرآى صورتها واستعادة جزئيات الصورة ، بل وهو الذي يمدني بحيثيات الاحداث وذبذبات صوتها الجميل ، هل يعقل انها كانت معي في العالم الآخر قبل الحلول هنا ؟ هل رأيتها في مكان ما؟ هل استحضرت الذاكرة صورتها ؟ ام هي التي جاءتني في الحلم ؟ ربما كانت شريكة احلامي ، وقد تكون شريكة لا وعيي ، وقد تكون هي اينما اكون ، كل هذه اسئلتي لنفسي في محاولة مستميته لايجاد الاجوبة . كم كان صوتها اقرب الى صوت ذلك الملاك ، عندما تحدثت الى الاستعلامات في المعهد ، وكم كان صوتها قريبا ، بل كان نفس الصوت للملاك الذي كان يرعاني ، بل انه هو نفس الصوت الذي يرعاني الآن في هذا المستشفى ، انا لا اكاد اصدق ما يحدث ، هل يعقل ؟ ان يكون الملاك الذي انقذني من الموت، هو نفسه الذي رعاني في الاسر، وهي نفسها صاحبة الصوت في المعهد والتي رأيتها كانت اخاذة اسرتني بجمالها ، وهي صاحبة الصوت التي ترعاني في المستشفى هنا ، رغم بعد المسافة الزمنية بين سنوات الحرب آنذاك وتيهي هنا ، ورغم بعد المسافة بين ساحة الحرب وافق السلام هنا ، ورغم اختزالي للزمن هناك في الطيران والغيبوبة او اختزالي له في الطيران والغيبوبة هنا ، هو الملاك هناك ، هي الملاك هنا ، صاحب الصوت هناك ، صاحبة الصوت هنا ، وانا هو انا رغم اختلاف عوالمي وتجانس ممارستي لطقوسي هناك وهنا ، اذن انا نفسه الذي كنته هناك ، هو نفسه الذي انا هنا ، والمتغير هو الزمان والمكان الذين احسهما حين اكون فيها ، وهو انا نفسي الذي اتيه بعيدا عنهما عند ممارستي للطيران او الغيبوبة.
هذه العوالم المتداخلة تضعني في شك من صحة عقلي ، او بالاحرى ممارسة الدماغ لوظيفته بشكل سليم ؟
هل انها حالتي النفسية التي استرجع فيها الصوت كلما ، ناكدني الوعي في الطيران اوفي الغيبوبة ، والا كيف يعقل ان استأنس الصوت ماقبل النهاية في خندق الجبهة الامامية وفي مستشفى الاسر ومن ثم هنا في المستشفى ، ام هناك ملاك يدور في عوالمي هذه لينتشلني من الموت المحتم ، كلما اقترب مني .
بغداد
اواخر كانون الثاني عام 2013



#فرهاد_عزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ايهما ال(هنا) .. ام ال (هناك) ارحم
- أين الخلل ، فينا أم منا
- الحياة لمن يستحقها
- نكسة الاتحاد الوطني في الانتخابات وللمرة الثانية مسئولية من ...
- ديمقراطية رحم المجتمع
- هل يتمكمن العراق ، ان يتحول الى مشروع حضاري ، لدولة مواطنة ، ...
- الدولة الطائفية المسيسة والدروع البشرية
- الفيليون قضية دولة العراق بعد قرارالمحكمة
- الفيليون ليسوا ملفا على الرف
- الدولة والدين
- اسئلة بين سطور الخبر
- العائدون لكن دون اشلاء
- تفعيل عمل الجالية العراقية المشترك في الدنمارك مهمةاحزاب ام ...
- اربعينية فنان الشعب الكردي الراحل محمد جه زا
- مجلس جالية مهمشة الحضور الا من كلمات المناسبات
- حلم جالية عراقية في الدنمارك لم تتجسد على ارض الواقع
- قداس في الكنيسة تابينا لارواح شهداء كنيسة سيدة النجاة
- أنا مع الله لكن اي اله ؟
- الجالية العراقية في الدنمارك ومجلسها
- رسالة من عاشقة


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرهاد عزيز - الصوت حاجة هنا وهناك