وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 4319 - 2013 / 12 / 28 - 11:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
(1 ):
( تسعى هذه المقالة الى الدفاع عن الفكرة القائلة ان الاسلام المبكر لم يكن سنيا ولا شيعيا ,بل كان اسلاما منفتحا على كل الممكنات التاريخية وان ماعرف تاريخيا باهل السنة والجماعة تماما كالتشيع ليس الا احد صور التحقق التاريخي لهذا الممكن او ذاك وفق منظور تاريخي بطيء ومضن ,تم من خلال التضامن العنيد احيانا والصراع احيانا اخرى بين العلماء بما هم ورثة الانبياء والسلطات السياسية ).
الباحث ا .د فوزي البدوي
(2 ):
يقول الباحث فوزي البدوي في مقالته : (نظرات في مفهوم الفرقة الناجية وتشكل الارثوذكسية في الاسلام الاول ), من كتابه :
( من وجوه الخلاف والاختلاف في الاسلام بين الامس واليوم ) –ط 1 – 2006 – الناشر :دار المعرفة للنشر:
(يميل صاحب هذه المقالة الى اعتبار ان الاصل في الاسلام كما في كل دين انما هو الفرقة قبل الجماعة . وان الخروج او ( الهرطقة ) بالمفهوم الغربي سابق على نشؤ الارثوذكسية او مذهب الجمهور او السنة في العرف الاسلامي .لذا وجب النظر الى الافتراق على انه الاصل ...وان تشكل الفرق على الاقل في الفترة الممتدة من القرن الاول الى حدود السادس للهجرة , انما كانت امرا لاحقا لظهور الجماعات الدينية السياسية .
فالفرقة هي بالاساس امتداد للاسلام السياسي المبكر وهي انشقاقات ظهرت ونمت في قلب الاسلام وتميزت عن الايديولوجيةالتي ساندتها الخلافة السنية العباسية .وكانت المادة التي وضعت انطلاقا منها في القرن العاشر وحتى القرن الثاني عشر للميلاد هي مؤلفات نعتبرها اليوم مؤلفات في ادب الفرق او النحل كمؤلفات الاشعري البغدادي وابن حزم والشهرستاني وغيرهم ) .
الانشقاق او (الخروج) هي ظاهرة طبيعية في الاديان , وهي ظاهرة صحية تشير الى الى تجدد وصيرورة الدين وعدم جموده وتحجره . فخروج السيد المسيح عن الدين اليهودي وعن الشريعة اليهودية , وكذا الامر بالنسبة للرسول بولس يمثل خطوة ثورية وتقدمية للامام , لكنه يمثل للمؤسسة اليهودية الجامدة نوع من (الهرطقة ) والكفر والارتداد عن الدين الصحيح الرسمي .كذا الامر بالنسبة الى مارثن لوثر وتشكل البروتستانتية والتي الغت الهرمية الكاثوليكية وكهنوتها ونظام الرهبنة فيها وجمودها الفكري والعقائدي واحدثت قطيعة معرفية مع الكاثوليكية . ترافق ظهورها مع نشؤ الراسمالية . وبين عالم الاجتماع الالماني ماكس فيبر دور البر وتستانتية في تطور الراسمالية .
يؤكد الباحث ا.دفوزي البدوي في مقالته :(ولعله ان يكون واضحا انه في البدء لم تكن هناك لا السنة ولا التشيع مهما كابر المعترضون,بل كان هناك اسلام يبحث عن نفسه , وهو الذي صار فيما بعد سنيا او شيعيا ,او خارجيا او غير ذلك .فالمذهب السني ليس الا صورة متاخرة في الزمن جاءت ردفعل ضدالاعتزال اساسا في نهاية القرن الثاني ,بل حتى بعد ذلك بقليل ...ومثل الاسلام في ذلك هو مثل المسيحية التي لم تكن في البدء مونوفيزية او آريوسية او ملكانية او كاثوليكية او غير ذلك ..ان اولى محاولات لوضع معالم ماسيعتبر لاحقا( الاسلام الحقيقي )قد قام به رجال من اوائل المتكلمين ( ان جازت العبارة )ممن انتموا اساسا الى الجماعات السياسية الدينية واعتبروا لاحقا ممن لايعتد بارائهم من امثال الخوارج واباضية الكوفة والبصرة ومرجئتهما .وبصفة اخص القدرية واوائل المعتزلة ... ان العلماء المسلمين في القرون الوسطى الذين اهتموا بالموضوع اكتفوا بتعداد مقالاتهم وضبطها معتمدين على حديث منسوب الى الرسول هو حديث الفرقة الناجية (تتفرق امتي على ثلاثة وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة ) . ومعلوم ان القران يؤكد على ان النبي محمد ان هو الا بشر وليس بعلام للغيوب . وبذا يكون حديث الفرقة الناجية يتعارض مع القران .
يؤكدالباحث البدوي بان : ( هذا الحديث هو وليد وضعية فكرية تمتاز بالصرع ,اي بالحركية والنشاط , اتى في الحقيقة ليحارب الواقع الذي افرزه ,فهو اتى ليحارب التفرق , اي التنوع والخلق الذي بدونهما لايمكن التطور .لذلك كان هذا الحديث ينطوي على خطورة كبيرة في صورة انتصار اصحابه وهو بالفعل ماوقع بداية من القرن الخامس عقب ماسمي ب (الانتصار السني )فاشتدت محاربة مايسمى بالبدع , اي محاربة التجديد . واستقر نوع من الجمود الفكري الذي لايمكن انكاره بداية من القرن السادس ..
ان ظاهرة الافتراق الى ملل ونحل قد نظر اليها على انها مرض وانهما تصيبان المجتمعات ..فلقد ارتبط مفهوم الحقيقة بالوحدة , والباطل بالتعدد ..وهو ماجعل هذا الادب ينشا من اعتبارات دينية هي البحث عن الفرقة الناجية , ولانجاة الا بالتمسك بالحقيقة , وبالتالي بالوحدة في جميع تجلياتها العقائدية والسلوكية . كما تعني النجاة العودة الى زمن الوحدة , الزمن السابق للانشقاق والفتنة .وهو مايفسر بحث هؤلاء عن اول شبهة وقعت في الخليقة .فالحقيقة الغاء لزمن الاختلاف , زمن البشر واعلاء لهذا المفهوم يجعله مفهوما مطلقا لاتاريخيا منفصلا عن الزمان والمكان ).
يؤكد الباحث البدوي : ( انه لكي يمكن ان نرى في هذا الانتصار للفرقة الناجية شكلا من اشكال الدوغمائية بالمفهوم النفسي الاجتماعي كما حدده ميلتون روكيتش في دراسته الرائدة عن تشكل الدوغمائية وطرق اشتغالها التي رتكز على وجود تنظيم معرفي منغلق من العقائد واللاعقائد .
ولقد حدد روكيتش نظام العقائد بانه الكيفية التي يتمثل بها البعض معتقداته وسبل فرضها في الواقع .ويبدو ان نظام العقائد –اللاعقائد يسمح بقيام نظام من الاقصاء المتبادل بين الفرق يقوم على بعض اشكال الاشتغال من بينها الرفض النهائي لكل مظاهر اللاعقائد المغاير من خلال دعوة المخالف الى الالتحاق بعقيدة (الملة الزهراء)او الفرقة الناجية .(وهي نفس اشكال الدوغما في الاحزاب الشيوعية التقليدية - والكلام لكاتب المقال ) .
يؤكد الباحث البدوي الى ان : (الدرس الاساسي اللذي يجب الاحتفاظ به هو الانتباه الى ان الارثوذكسية قد تشكلت في فترة طويلة وعلى اساس من الاجماع قام بين العلماء في المجالين الشيعي والسني وان بقي على مراجعات دورية ومتداخلة بسبب من النشؤ المستمر لانشقاقات فرعية جديدة طوال القرون المتتالية .ولعل احد اسباب التمكن للارثوذكسية كما نراها في مذهب اهل السنة والجماعة في العالم السني على الاقل هو الاستنجاد بالدولة وجهازها ).
( 3):
يؤكد الباحث ايمن عبد الرسول في كتابه : ( في نقد الاسلام الوضعي : دراسات في الخروج على النص الديني )- 2010 – دار كنوز للنشر والاتوزيع- القاهرة :
( ان حركة التاريخ تتجاوز كل النصوص التي انتجها في فترة من فترات تقدمه ). ويؤكد في مكان آخر :
( ان التجمعات الاسلامية لم تعرف حتى الان توليد فكر نقدي كبير وحر تجاه تراثها الخاص كما فعل الغرب والمجتمعات المسيحية ) .
يميز الباحث ايمن عبد الرسول بين الخطاب الشفاهي والنص المكتوب .فالكلمة عنده فعل صوتي , والصوت كلمة فاعلة . ويؤكد :
(ان ممارسة الذاكرة والعقل في المجتمعات الشفهية , تختلف بشكل جذري عن نفس الممارسة في المجتمعات التي تعرف الكتابة ..وبالنسبة للقران فالمسافة الزمنية الفاصلة بين الصوت ,التلفظ بالايات القرانية لاول مرة في زمن النبي ,وبين النص ,تلك المسافة ذات اهمية لايستهان بها , خصوصا وان الوحي والذي هو بطبيعته في المخيال العربي حر ,عفوي , محمل بالمجازات , اصبح محصورا بين دفتي كتاب .
يرى المفكرو الباحث اركون ان الانتقال من الخطاب الشفهي الى مرحلة الخطاب المدون والمكتوب لم تاخذ بنظر الاعتبار حتى الان .فالخطاب الشفهي تلفظ به النبي طيلة عشرين سنة وفي ظروف متغيرة ومختلفة وامام جمهور محددمن البشر , ونحن لايمكننا التوصل الى معرفة هذه الحالة الاولية والطازجة للخطاب مهما حاولنا . فقد انتهت بوفاة اصحابها .قد ضاعت الى الابد ( اركون – في نقد العقل الديني ).
المهم هو تحديد المكانة المعرفية لمعنى المنتج على المستوى اللغوي والتاريخي للخطاب الشفهي , والتمييز بينها وبين المكانة المعرفية للخطاب المدون او المكتوب , ويعود اركون ( بحسب الباحث ايمن عبد الرسول ) ليؤكد استحالة التوصل الى هذا الظرف الذي قيل فيه الخطاب الشفهي لاول مرة . كما اننا لم نشهد النقاشات الحامية التي دارت حول تثبيت النسخة الرسمية في المصحف , ولانعرف عنها الا ماقال التراث المرسخ بعد ان انتصر من انتصر وانهزم من انهزم .والتراث الرسمي المفروض بقوة السلطة لايحتفظ الا برواية الخط المنتصر ويحذف بقية الروايات .
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟