أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - المريزق المصطفى - بمناسبة مرور سنة 2013 : لماذا لا نعشق مكناس كما عشق -غارسيا لوركا- غرناطة؟














المزيد.....

بمناسبة مرور سنة 2013 : لماذا لا نعشق مكناس كما عشق -غارسيا لوركا- غرناطة؟


المريزق المصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 4315 - 2013 / 12 / 24 - 07:26
المحور: الادب والفن
    


بمناسبة مرور سنة 2013
لماذا لا نعشق مكناس كما عشق "غارسيا لوركا" غرناطة؟

و أنا أغادر "مطعم التراب" بمكناس هذا المساء، سافر عصفوري الداخلي إلى روح " فيديريكو غارثيا لوركا" المقدسة و الطاهرة، حيث أحسست ساعتها بقيمة الليل عنده، بمهمشيه و التائهين في أضوائه و المصلوبين على أرصفته..
لم تكن الساعة تجاوزت التاسعة مساء حينما لحق بي صديقي المغربي، و إقترح علي تغيير المكان و الذهاب لمؤازرة بعض العائلات الفارين و المطاردين من المدينة. لم أجد بدا من قبول الدعوة لكي لا أعكر مزاجه و لكي لا تنزعج طامو المكناسية..
تركت لغة التفاصيل في مكانها. لم أسأله عن نيته في الذهاب بعيدا الى البحث عن الفوارق في هذه الساعة الليلية. كان الجو باردا و السماء ترهق من ينتظر منها مطرا و أشياء أخرى.
لا، لا، لا..هل تكون مكناس و حشية إلى هذا الحد؟ مقدسة و قبيحة في آن مع؟ منحطة؟ لا قلب و لا عقل لها؟
و حينما لم أجبه، إسترسل في كلامه قائلا: لا جمال و لا حياة في هذه المدينة.. التي يعيش أهلها على الماضي و على فنطا زيا من سرق أحلامهم و غادرها قبل مطلع الفجر بدون رجعة..!
لم أجب على أسئلته التي كانت تستفزني..فضلت القيد كي لا أثور في وجهه.
هذا هو صديقي المغربي، كلما شعر بالحيف و الظلم إلا و ثار بلا طقوس ضد السجود و خداع البصر.
لم أكن أريد أن أزعج لوركا في قبره، وهو الذي كان يعشق و يحب الناس حتى العظم. ثم أني فضلت أن أكون مسالما مع صديقي المغربي كي لا أفقد حبه لي و إحترامه لصداقتنا التي تنبجس منها هويتنا.
حينما إقتربنا من مكان الحادث، لم يكن بين الضحايا جروح و لا أموات.. و حده الحزن كان يجالس نساء مدينة بلا مآدن و لا أسوار. و لا أحد من بين أولائك الذين تحولهم خيوط الضوء إلى سلاسل.. وحدنا كنا تحت خيمة الليل أسرى أحزان من شردتهم مأساة السكن المنهار و الخبز الهارب.
تذكرت من جديد لوركا و هو يقول :" لماذا ولدت بين المرايا؟ اليوم يدور من حولي و الليل يصنع نسخا مني..."
إستسلمت لصديقي المغربي، و هو يطلب مني مساعدته على مسح دموع الأطفال الوحيدين الذين يريدون حقهم في الوطن بدل أناشيد السيوف و الرماح.
و حين بدأنا نتوغل في الألم، نحو الضحايا، و بعد ساعة كاملة من الإستعداد للتضامن، تبخرت مهام تحرير الجماهير و تطهير المدينة و بناء صرح التضامن ضد الانقضاض على مكناسة الزيتونة، و لم يبق بيننا إلا لوركا و هو يقول: "جميل أن يطعم الناس أجمعين..لكن يجب أن يحصل الناس أجمعين على المعرفة".
نعم، يستطيع صديقي المغربي أن يكون مناضلا. لكن ماذا يعني ذلك؟ يعني أن يحمل المدينة في قلبه. يعني البحث عن شروط الكتابة عنها. يعني أن يسكن مذابحها و خيباتها و ليس النشيد و حده.
و حينما لفتت انتباهه بالمكاشفة قال: قبل أن نحب بعضنا يجب أن نختار المغمارة بشهية حياة مجنونة. تيقنت ساعتها أن لوركا لم يمت، و علينا أن نقف كل يوم على حافة أمل جديد.
من المؤلم أن نترك لغة المبادئ و الأفكار الكبرى تخاطبنا ونركع أمام إمتحان المرجعية و الضوابط الوطنية، قلت له. نحن من أدلى بشهادات للمطلق الإنساني و لم نعد في حاجة إلى دم رخيص إلى حد التبذير. لا نرغب في الموت..نريد الحياة بجانب هؤلاء العائلات التي تنام تحت العراء رغم قسوة البرد...حتى نتحرر من من خوف الإرهاب الكبير؟
عليك أن تصغي إلي هذه المرة يا صديقي، قلت له. الوضعية لا تحتاج الصراخ..
لا تخاف، أنت ثمن كل شيء. هناك نقاط حيرة و إضطراب في السياسة الوطنية، إذ لم يفكر فينا الوطن بعد. هناك مساومة..نسيان..كلام عابر..نقص في الجرأة..بطء في التنفيذ. و أمام أعين الحاكم و المحكوم مكناسة الزيتونة تحتضر! مكناسة الزيتونة تعيش زمن الإنحطاط!
طبيعي، حينما تأكد من ثورتي، سار يبحث له عن بعض الجيران الذين سرقت منهم أحلامهم و فقدوا حتى براد الشاي الذي كان يجمعهم أكثر من جهاز التلفاز...
هؤلاء، المسكونون بالمآسي و الحياة البائسة، فقدوا في صباح مشمس منازلهم و دكاكينهم و مكاتبهم و كل ما يملكون من ذكريات و أمل و عمل و طفولة و آباء و أبناء..لم يعد في ذهنهم إلا الأشباح.
كنت أتمنى أن لا يجيء بي صديقي المغربي الى هنا..لكي لا أتواطأ معه. فأنا أعتقد أنه كانت تجمعنا قواسم مشتركة، نمارسها بين الحين و الآخر و ها هي اليوم تخرج عن رتابتها لتحملنا معا الى مآوي مختومة سدادتها بالشمع الأحمر.
و بعدما امتلأت الساحة الصغيرة بالزوار، و سار العياء أكثر من "أصحاب الوقت"، عشقت فنجان قهوة قبل أي إعتقال أو تحقيق..
لم أودع أحدا، و لم أترك أي شيء و رائي. كانت مكناسة الزيتونة تشبه المسيح و هو يتراجع الى الوراء. في تلك اللحظة، أحسست أن سكانها يعيشون في لجوء واحد.. فراشهم محمول على رأسهم و المدينة في كف عفريت!
لماذا يزهو دمهم الى هذا الحد..؟ تساءلت و أنا أتقدم في المسير. و بعدها إنكمشت على ذاتي من البرد القارس. و قضيت الليل أتجول في ممرات المدينة، بينما إرتاح الأخرون بعدما إلتحقوا بمواكب الرعب و الإنسحاق...
مرة أخرى، و قبل أن أخلد إلى النوم، إستحضرت عشق لوركا لغرناطة التي بدت له مرة.."عالما من ألف شرفة و سماء بألف نافذة..." و قلت لماذا لا يعشق الناس مكناس مثل ما عشق لوركا غرناطة؟
و تستمر الحياة...!



#المريزق_المصطفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهدر السياسي
- مشروع قانون المالية 2014: - لا دين لا ملة-
- بنكيران و الجريمة السياسية
- بنكيران أصغر من دستور 2011
- الحركة الطلابية ليست إرهابية
- -إئتلاف مرضي- جديد
- من التنابز و الفذلكة إلى الحكومة رقم 2
- المسألة التعليمية في المغرب: من أجل بديل ممكن
- نبش في ذاكرة الصراع السياسي في مصر
- رسالة مفتوحة
- بيان الى الرأي العام الوطني
- جبهة المستقبل
- من أجل الحقيقة كاملة
- لا دين في السياسة و لا سياسة في الدين
- دفاع عن الحرية
- الخصوصية و الضرورة التاريخية
- اغتيال شكري بلعيد...كلنا معنيون
- ايمن لم يمت...
- من قتل محمد؟
- رسالة مقتوحة الى السيد رئيس الحكومة


المزيد.....




- الان Hd متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر ...
- تابع حلقات Sponge BoB تردد قناة سبونج الجديد 2024 لمتابعة أق ...
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- وفاة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- بتهمة -الغناء-.. الحوثيون يعتقلون 3 فنانين شعبيين
- دراسة تحدد طبيعة استجابة أدمغة كبار السن للموسيقى
- “أنا سبونج بوب سفنجة وده لوني“ تردد قناة سبونج بوب للاستمتاع ...
- علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي ...
- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...
- -انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - المريزق المصطفى - بمناسبة مرور سنة 2013 : لماذا لا نعشق مكناس كما عشق -غارسيا لوركا- غرناطة؟