أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد الحلبي - ثواب وعذاب














المزيد.....

ثواب وعذاب


وليد الحلبي

الحوار المتمدن-العدد: 4302 - 2013 / 12 / 11 - 01:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مما لا شك فيه أن نجاح الحوار بين جانبين يقتضي اعتراف كل منهما بالآخر اعترافاً كاملاً شاملاً لا تشوبه شائبة ولا يصيبه عوار، فالحوار بين دولتين مثلاً لا يتم إذا ما قالت الأولى بأنها تعترف برئيس وزراء الدولة الثانية، ولكنها لا تعترف برئيسها، أو إذا ما ردت الأخرى بأنها تعترف برئيس الدولة الأولى ولكنها لا تعترف برئيس وزرائها. ولو أسقطنا هذا المثال على الحوار الجاري بين أحبائنا العلمانيين من جهة، وعامة المؤمنين من الجهة الأخرى ( تقصدت القول عامة المؤمنين لأنني أعتبر أتباع الأديان السماوية جميعهم مؤمنين) لوجدناه حواراً أعرج لا يستقيم مهما علا الصياح واشتد الهرج والمرج، إذ أن واحداً من الطرفين فقط يعترف بالطرف الآخر، وأقصد به المؤمنين، ففي القرآن الكريم مثلاً (كما الكتب المقدسة الأخرى) اعتراف صريح بالطرف الغير المؤمن عندما تقول الآية 29 من سورة الكهف (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، ولو ناقشنا هذه الآية بتجرد، لوجدنا فيها مبدأً من المباديء الديمقراطية الذهبية التي يقدسها العلمانيون (حرية الرأي والعقيدة)، فالإيمان في حملته الانتخابية! يقدم مشروعه للجماهير فيقول لهم (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون – النحل 90)، ثم لا ينسى الإيمان في حملته أن يتوجه إلى الجماهير بتبيان أنه لا يتحدث عن الآخرة إلا من خلال الدنيا، فما من مرة ذكرت فيها الصلاة في القرآن الكريم إلا واقترنت بالزكاة (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين – البقرة 43)، وما من مرة ذكر فيها الإيمان إلا واقترن بالعمل الصالح (والذين آمنوا وعملوا الصالحات –البقرة 82)، وقد جمعت معاني هاتين الآيتين في الآية 277 من سورة البقرة (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، أي أن الإيمان ليس مقبولاً بدون عمل صالح، ولا الصلاة مقبولة دون دفع الزكاة، وبديهي أن الإيمان والصلاة هما لله تعالى، وعمل الصالحات وإيتاء الزكاة هما للناس، وبديهي أيضاً أن الربط بينهما والتأكيد على تلازم كل منهما مع الآخر يوضح حرص الله تعالى على خير البشر وسعادتهم الدنيوية. بعد عرض الإيمان برنامجه الانتخابي هذا، يتوجه إلى الجماهير العريضة بقوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر – الكهف 29)، أي من شاء أن يكون في حزب الإيمان، فأهلاً ومرحباً، ومن شاء ألا يكون، فهو حر في قراره، فهل هناك بعد هذا الطرح ديمقراطية أجلى وأوضح.
نعود إلى أصدقائنا العلمانيين، فهم في حديثهم عن الدين يظهرون أنهم انتقائيون، يأخذون من آيات القرآن الكريم ما يشاؤون ويتجاهلون ما يشاؤون، فهم منزعجون جداً من مشاهد العذاب - الواردة في القرآن الكريم - يوم القيامة، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء الحديث عن نوعية الناس الذين يسومهم الله سوء العذاب يوم القيامة، كما يتحاشون ذكر آيات النعيم المقيم التي وُعِدَ بها الصالحون المتقون، وهم في غالبيتهم ممن عملوا الصالحات وآتوا الزكاة، واللذين هما لبني البشر، ولو نظروا في الآيتين التاليتين وتمعنوا فيهما بعمق، لأدركوا أن يوم الحساب ليس يوماً حافلاً بالعذاب والمصائب، بل هو أيضاً يوم ينعم فيه الصالحون بما لم يخطر على بال بشر، وما لم تره عين ولم تسمع به أذن، والآيتان المقصودتان هما الآيتان 30،31 من سورة الكهف (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا -30- أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثياباً خضراً من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا)، إلى غيرهما من الآيات التي تصف الجنة والنعيم المقيم الذي وعد به الصالحون، تلك الآيات التي لا يقف عندها أحباؤنا العلمانيون لأنها تفقدهم حجة التهجم الإسلام، واتهامه بالتبشير بالعذاب والشقاء، دون النعيم والهناء، وهو أمر عجيب: يؤمنون بما يريدون ويكفرون بما يريدون، وهم في هذا قد ورد وصفهم في القرآن الكريم بدقة متناهية، فسألهم: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض – البقرة 85 -)، فإن هم آمنوا بآيات العذاب، فعليهم الإيمان بآيات الثواب، أو فليرفضوا الكل، فيريحون ويستريحون.
منح القرآن الكريم الناس حرية المعتقد، لكن هذه الحرية مقيدة باحترام الرأي الآخر، إذ لا يقيم المسلم الحواجز مع الآخرين، ولا يقاطع المؤمن غيره حتى ولو كفر هذا الآخر بالإسلام واستهزأ به، إذ لا تتم المقاطعة إلا مؤقتاً فقط، عندما يسمع المؤمن ذم دينه بشكل علني من قبل الذين يرفضونه، أما بعد ذلك، فلا مقاطعة ولا جفاء، وانظر إلى هذه السماحة القرآنية عندما تقول الآية الكريمة (وقد نزَّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم – النساء 40-)، وتكرر نفس المبدأ في الآية 68 من سورة الأنعام (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره)، فالمؤمن لا يقاطع الذي ينكر الإسلام، بل لا يقاطع حتى الذي يهاجمه بعنف وتكفير واستهزاء.
من باب احترام الذات والمنطق فقط ليس إلا، على أصدقائنا العلمانيين، عندما يقتبسون من القرآن الكريم آيات العذاب، ألا ينسوا الإشارة إلى آيات الثواب، أي أن يناقشوا من داخل دائرة الدين، أو فليبقوا خارجها، فهم في ذلك لا شك أحرار.
10 ديسمبر 2013



#وليد_الحلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمة العبقريات
- وكر الشيخ
- نظارة من فييتنام
- وزراء الدفاع،،، عن مصالحهم
- وداعاً يا عرب
- القداسة المزيفة
- كفٌّ حنون
- اعرف عدوك
- بغل أبي فيصل
- استنتاجات خنفشارية، من المظاهرات المليونية
- حصاد اسبوع من الحقل المصري
- قطرات الزمن المهتريء (شتتت النكبة الفلسطينية الأسرة الواحدة ...
- المعارضة المصرية: ما لها، وما عليها
- هل في الحزبية والأحلاف ديمقراطية؟
- الدفاتر القديمة
- لكل أمة طباع
- نهاية جميلة
- الرقدة الأخيرة
- عندما تمنيت أن يأكلني الدب القطبي
- عمى الاتجاهات


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد الحلبي - ثواب وعذاب