أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - من سفر الإنسان – ما هو الحق؟














المزيد.....

من سفر الإنسان – ما هو الحق؟


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4283 - 2013 / 11 / 22 - 20:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من سفر الإنسان – ما هو الحق؟

أخرج ميل جيبسون فيلمه الأشهر "آلام المسيح" و فيه يعرض آخر 12 ساعة من حياة السيد المسيح. جاء الفلم مُكثفا ً مُركزا ً و شديد التعقيد، و فيه من المشاهد العنيفة ما يجعله غير مناسب للأطفال أبدا ً. أحببنا الفلم كمسيحين، و الكثير من المسلمين شاهدوه و تعرفوا على وجه لم يكونوا يعرفونه للعقيدة المسيحية، أما اليهود فقد ألقوا عليه التهمة المعتادة: مُعادي للسامية. هذه التهمة التي فقدت زخمها و معناها منذ أن أصبحت مُبتذلة ً يُلقى بها في وجه أي شخص يقترب منهم.

مشهد وقوف السيد أمام الحاكم بيلاطس ثم كلام الحاكم مع زوجته مشهد ٌ قصير لكنه يلخص تاريخ البشرية الماضي و الحاضر و المستقبل. http://www.youtube.com/watch?v=IJffBsSg1kU في المشهد يسأل بيلاطس السيد:

هل أنت ملك؟

فيجيبه: مملكتي ليست من هذا العالم و إلا لدافع عني أتباعي.

و يمضي الحوار إلى أن يقول السيد: إني ما ولدت و جئت لهذا العالم إلا لأشهد للحق، كل من كان من الحق يُصغي إلى صوتي.

فيجيب بلاطس: ما هو الحق؟

إلى هنا ما يقوله الإنجيل و ما سجله ميل جيبسون في الفلم، ثم يمضي ميل جيبسون ليصور بيلاطس يتكلم مع زوجته و هذا المشهد من الحبكة السينمائية و ليس إنجيليا ً لكنه يخدم غرض الفلم و يتسق مع روح المشهد السابق، و ربما كلوديا زوجة بيلاطس تُمثل الضمير الإنساني التفاعلي و الدياليكت الداخلي بين الإنسان و نفسه.

يسألها بيلاطس: ما هو الحق يا كلوديا؟ هل تسمعينه؟ هل تميزين الحق عندما يُتكلم بـِه؟

فتجيبه: نعم.

ثم تسأله: أوأنت لست كذلك؟

فيجيب بسؤال: كيف يمكنني ذلك؟ أتستطيعين أن تقولي لي؟
تتحول من ورائه لتجعل نفسها أمامه ثم تنحني و تنظر في عينيه و تهز رأسها علامة النفي ثم تقول له: "إذا كنت لا تسمع الحق، لا أحد يستطيع أن يخبرك عنه"

كم هو قاسي هذا المشهد، إنه شديد القسوة و الجبروت على نفس ٍ تبحث عن الحق فيكون الجواب أن الحق هو ما تسمعه و تعلم أنه الحق، و إن كنت لا تسمعه فلا أحد يستطيع أن يُسمعك َ إياه. كأننا نطحن في الرحى السؤال ثم نذروه في عقولنا جوابا ً على نفسه، فيكون الجواب و السؤال واحدا ً خرجا من العقل و عادا إليه، و ما زادا على أن رفعا مستويات الحيرة إلى آفاق ٍ أعلى.

ما هو الحق؟

لا أملك جوابا ً لكني أملك طرف خيط، أبدأ بالنظر إلى نفسي، أنا إنسان لي جسد له شكل و مُكونات عضوية و دماغ يفكر، و هناك شئ داخلي يسعى دوما ً نحو شئ آخر لا أستطيع لمسه لكني أُحس ُّ بحضوره. شئ أكبر من هذا الجسد لكن الجسد يستطيع أن يدركه و يتعامل معه، شئ ٌ ليس من هذا الجسد لكنه قادر ٌ على التعاطي مع الجسد.

اختبرت ُ هذا الشي في حياتي كثيرا ً، اختبرتُـه في حوادث أسميها أنا "مُعجزة" ، نجوت من موت ٍ محقق يومها قبل سنوات حين اصطدمت سيارتي التي كنت أقودها كالمجنون بالرصيف، صرخت "يا يسوع ابن الله الحي"، السيارة انقلبت على حدها الأيسر ثم عادت إلى وضعها الطبيعي، خرجت من باب الراكب الجانبي لأن بابي تعجن، لم يحدث لي شئ، نظرت إلى السيارة، كان السقف من جهتي يُلامس المقود عبارة عن عجين سيارة. أنا نجوت عندما صرخت لله باسم يسوع.

ما هو الحق؟

الله موجود، أعرفه، إذا لماذا أسأل؟

ربما لأننا كبشر نريد أن نعرف كل شئ، كل التفاصيل، كل العلاقات المُتشعبة، كل الأسرار، لأننا ننتقد كل شئ و نتكلم في كل شئ و نتحمس لكل شئ ثم نسخط على كل شئ و نرمي كل شئ وراء ظهورنا ثم نعود لما رميناه.

أجد في المسيح سلامي. و غيري يجد في الإسلام سلامه، و غيرنا يجد نفس الشئ في البوذية و الهندوسية، و هناك آخرون يجدون السلام في اللاأدرية و الإلحاد. آخرون لا يجدون السلام أبدا ً و هم مسيحيون و مسلمون و بوذيون و هندوس و لا أدريون و ملحدون.

الله يتحدث إلى النفس على أي عقيدة ٍ كانت و على أي دين إن شاءت أن تسمع و إن تواضعت أمامه، و هو يعمل في الجميع و يتغلغل في كل نفس و يُعطي الحياة لكل كائن حتى لو لم يطلبه الكائن و تشامخ بغروره أمامه، و يربطنا جميعا ً بشعاع نور ٍ خفي دائما ً لكننا فقط نُدركه عندما نعترف بإنسانيتنا بأننا واحد.

سلامي أنا في المسيح، أُحي ِّفي كل واحد ٍ فيكم سلامه.

"روح الرب علي
لأنه مسحني و أرسلني
لأبشر المساكين
لأنادي للمأسورين بالإطلاق
للعميان بالبصر
للمسجونين بالخروج من دار الحبس"

آمين.

من كان له أذنان للسمع فليسمع!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من سفر الإنسان - عشتروت
- من سفر الإنسان – الإنسان
- إشكالية العقلية العربية – السواقة، مساء الخير و عليكم السلام ...
- وجبة سريعة من سفر التطور - إنتصاب القامة و الذكر الأضعف
- نظرة ثائر – المرأة في قلب المسيح ضرب ٌ لمأسسة الدين و ستار ا ...
- أصل مشكلة حركات الإسلام السياسي – الصحراء، شظف العيش و القبي ...
- الله في وسط الصمت
- ما هو الحب؟ - سؤال المليون دولار
- من قلب الله - إن شئت َتُبصر
- حين َ يُجن ُّ العاشق - فلتحترق الدنيا حين نكون
- قراءة في سفر التطور – عندما عوى الذئب
- مناهج التعليم – مُكَثَّف ٌمن الدين بنكهة العلم الخفيفة
- حينما ذهب – من وحي الخياطة
- قراءة من سفر الحكمة – الفصل الثالث
- نيتشه – الإنسان عاريا ً.
- الهجوم على المسلمين – الإنصاف يقول توقفوا
- المطرانان المخطوفان – موسكو و الشيشان و حلب
- قراءة في سفر الإنسان – الله
- أضواء على التطور – القرد الذي لم يصبح إنسانا ً
- حين رأت جدها – لا تخافي


المزيد.....




- -المسلمون في أمريكا-.. كيف تتحدى هذه الصور المفاهيم الخاطئة ...
- سوناك يدعو إلى حماية الطلاب اليهود ويتهم -شرذمة- في الجامعات ...
- بسبب وصف المحرقة بـ-الأسطورة-.. احتجاج يهودي في هنغاريا
- شاهد.. رئيس وزراء العراق يستقبل وفد المجمع العالمي للتقريب ب ...
- عمليات المقاومة الاسلامية ضد مواقع وانتشار جيش الاحتلال
- إضرام النيران في مقام النبي يوشع تمهيدا لاقتحامه في سلفيت
- أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة ...
- إيهود أولمرت: عملية رفح لن تخدم هدف استعادة الأسرى وستؤدي لن ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة 2024 بأعلى ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل المنتخب الوطني لكرة قدم الصالات ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - من سفر الإنسان – ما هو الحق؟