أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - ثنائية المعمار المكاني والإشتغال النصي في مسرحية( سفر .. طاس)















المزيد.....

ثنائية المعمار المكاني والإشتغال النصي في مسرحية( سفر .. طاس)


صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)


الحوار المتمدن-العدد: 4280 - 2013 / 11 / 19 - 13:25
المحور: الادب والفن
    


يعد العنوان النصي ركناً أساسياً في إنتاج العلامة سواء على مستوى التحليل اللغوي أو على مستوى التحليل البصري في الاشتغال داخل منظومة العرض المسرحي ، ذلك أن العنوان لم يعد مجرد مقترح مشاكس يسطره المؤلف من أجل السعي وراء إثارة التلقي كما هو الحال مع العديد من العنوانات التي تتوافر على أغلفة الروايات البوليسية ، بل إنه بات يشكل محوراً في الإشارة إلى مواضع عدة من المتن النصي سواء كانت ترتبط بالحدث الدرامي أو بالمكان أو غير ذلك ، كما هو الحال في عنوان مسرحية (سفر ...طاس) إخراج (حليم هاتف) وهي عن نص (حمام بغدادي) للمؤلف والمخرج (د.جواد الأسدي) .
أنتج العنوان المقترح (سفر ...طاس) نوعين مع الإحالات الدلالية إرتبطت الأولى بالمفردة المحلية التي تشير إلى ان (السفر ..طاس) هو نوع من الاواني التي يوضع فيها الطعام ، وغالباً مايستخدمه العمال والموظفون في حفظ بعض الاطعمة التي يبتغون تناولها في دوامة العمل الطويلة.
أما الإحالة الثانية التي نتجت عن تقسيم الكلمة في العنوان إلى قسمين ( سفر ...طاس) والتي أراد المخرج من خلالها إقصاء الإحالة الاولى والتاكيد على فكرة ان (السفر ... طاس) الذي يبتغي إنتاج دلالاته يرتبط بذلك النوع من الأواني المصنوعة من مادة (النحاس الاصفر) والتي غالباً ماتستخدم في الحمامات الشعبية ، والمخرج يمتلك الحق في توصيف علامات العرض بما ينسجم مع الرؤية الإخراجية التي يبتغي تجسيدها في العرض، إلا ان المفارقة التي كانت حاضرة في بيئة العرض أن المخرج لم يعمل على تفعيل العنوان البديل من خلال مفردات إكسسوارية بما يسهم في إنتاج إحالات جديدة ، ذلك أن جميع الأواني كانت من مادة (الإستيل – الأبيض) وبذلك يكون العنوان قد غادر خاصية التفاعل مع المفردات التي إفترض المخرج انها تشكل محوراً في العرض الامر الذي جعله يعمد إلى توصيفها في العنوان ، على الرغم من أن المخرج عمل على توظيف تلك الأواني (الفافونية) في مواضع عدة منها المشهد الذي يتم فيه القذف بها على نحو عشوائي في فضاء العرض من دون وجود معنى لذلك ومن ثم إشغال المتلقي في موضع آخر في لملمتها من فضاء العرض عبر مشهد بصري أستخدم فيه إضاءة (الفلاش) المتقطعة التي إمتلكت جماليتها، على الرغم من ان المخرج أقتصر وجودها الجمالي على مشهد بدا في لحظاته الأولى مثيراً إلا انه سرعان ماتحول إلى أفعال باهتة إعتمد حدوثها على جمع أواني (الإستيل) من حمام العرض .
لم يكن إشتغال المخرج على العديد من افكار النص حاضراً بل إنه إعتمد على وجود الشكل الإيقوني للحمام واللغة الحوارية التي تنوعت بين اللهجة المحلية واللغة الفصيحة ، حتى أنه لم يعمد إلى تكسير مقترح المؤلف المتعلق باللغة على الرغم من أن بيئة الشخصيات وسلوكها المنفلت ، بدا واضحاً في العديد من الألفاظ النابية والخارجة عن الذوق العام ، وكلها منحت المخرج فرصة تحويل اللغة الفصحى إلى اللهجة المحلية لكي تأتي منسجمة مع سلوك الشخصيات ، إلا ان المخرج لم يجرؤ على مغادرة الملفوظ النصي ، فضلا عن ذلك فإن المخرج لم يضع بصماته الإخراجية على نحو فاعل في مشهد السياسي الذي يعد محوراً اساسياً في النص الدرامي بل إكتفى بالمرور عليه على نحو متسارع مكتفياً بما سطره المؤلف من حواريات كانت بها حاجة إلى التفسير وإعادة إنتاج المعنى وصولا إلى مقترحات جمالية مغايرة لمقترحات المؤلف .

فضاء العرض والشكل السينوغرافي للمكان
إختار المؤلف (جواد الأسدي) تضمين (حمامه البغدادي) العديد من المقترحات المكانية التي بدا واضحاً فيها إشتغاله داخل المتن النصي ، ولم يكن بعيداً عنها في تكوين الرؤية الإخراجية التي بدت واضحة في العديد من المواضع ،الأمر الذي جعل من النص والعرض يدخلال في ثنائية إيقونية منسجمة ، وكأن المؤلف إختار كتابة النص من اجل مقترحات مكانية مؤسسة سلفاً في وعي المخرج ، حتى بات عصياً على غيره من المخرجين النفاذ إلى خارج حدود الرؤية الإخراجية المقترحة داخل المتن النصي ، وقد بدا ذلك واضحاً في (سفر .. طاس) التي كان المخرج موفقاً في إختيار بناية (منتدى المسرح ) ذلك أن معماره المكاني كان ملائماً للمقترحات المتوافرة في النص ، بمعنى آخر فإن المخرج لم يبذل جهوداً في إختراق البيئة المقترحة في نص الاسدي، وقد بدا ذلك واضحاً من خلال تأثيث الحمام وتوظيف (الدخان الإصطناعي) الذي اضفى على المكان القديم شكلاً بصرياً ينسجم مع المفردات المستخدمة بوصفها أدوات الحمام التقليدية كما في احواض الغسل ، وكذلك (دكة التدليك) فضلا عن مساحيق الغسيل ورغوتها التي ملأت المكان .
وبدا واضحاً في المشهد الاول ان المخرج قد عمل على مغادرة البيئة المقترحة في النص ، من خلال الجو العام للمكان ، حيث بدا المكان قريباً من (المشرحة) أكثر من كونه حماماً شعبياً من خلال توظيف (دكة التدليك) وتحويلها إلى مصطبة (تغسيل الموتى) وتغليفها بأكياس (النايلون الشفافة) ، وكان يمكن لذلك أن يبتعد بالعرض بعيداً عن مقترحات (جواد الاسدي) على مستوى النص والعرض، إلا ان المخرج (حليم هاتف) سرعان ماتراجع عن المشاكسة الجمالية والفكرية ، حيث إقتصرت مغامرته الإخراجية على ذلك ، الأمر الذي جعله يتقهقر سريعاً وينكمش على مقترحات المؤلف .
إن تأسيس البيئة لايقتصر على التشكيلات البصرية فحسب بل يشتمل على تفاعل العناصر السمعية معها ، وقد بدا ذلك واضحاً في توظيف أصوات المياه من اجل تعميق الجانب البصري للحمام الشعبي ، إلا ان المخرج لم يعمد إلى تأسيس الفضاء السمعي بل إن المقترحات السمعية التي إشتغل عليها المخرج دفعت بالبيئة المحلية إلى التشتت بين ماهو متوافر على النحو البصري ، وبين ماهو سمعي حيث إعتمد المخرج على توظيف العديد من الأغاني الاجنبية التي لم تكن منسجمة مع بيئة العرض البصرية ، معتمداً في ذلك على جملة لفظية توافرت في المتن النصي ، نعتقد انها غير كافية من اجل خلخلة المنظومة الجمالية بين عناصر العرض .

مقترحات التمثيل وإشتراطات البيئة
إعتمد المخرج على توظيف مجموعة من الممثلين في فضاء العرض /الحمام على الرغم من ان الإحالات النصية تشير إلى أن الحمام يقع في منطقة محظورة بسبب الفوضى والإقتتال الذي يقع بين المليشيات والامريكان ، بمعنى ان كل من يرتاد ذلك المكان ينتمي بشكل او بآخر إلى أحد اطراف الصراع ، ويبدو ان المخرج قد أفاد من المقترحات النصية حيث بدا واضحاً ان جميع الشخصيات (المجموعة) التي كانت ترتاد الحمام، لم تكن بالوضع الطبيعي ، كما في المشهد الاول حيث بدا واضحاً في سلوك الممثلين بانهما يشكوان من العوق الجسدي ، فضلا عن دخول شخصية (القزم) في موضع آخر من العرض ، إلا ان الوظيفة التعبيرية التي ألقيت على عاتق (المجموعة) كانت تتمثل بغسل الأرض بدلاً من غسل الأجساد الملوثة بدماء الأبرياء ، وقد عمد المخرج إلى توظيف ذلك في دلالة حاضرة المعنى تتمثل في رغبة الشعب العراقي بتطهير (المكان / الوطن) من الإحتلال الأمريكي، والعودة في المشهد الاخير إلى تطهير أجسادهم من كل الدماء والجرائم التي أسهم الإحتلال في تفعيلها .
إختار المخرج ممثلّين مختلفين في البنية الجسمانية من اجل تجسيد شخصيتي العرض (حميد و مجيد) حيث لعب الممثل أنس الراهي دور الأخ الاصغر الذي إمتلك العديد من إشتراطات الاداء التمثيلي وبخاصة إعتماده سلوك الشخصية الخائفة والمضطربة منذ اللحظات الأولى للعرض إلا ان ذلك لم يجعله بعيداً عن إكتساب السلوك النمطي للشخصية على الرغم من تحول الاحداث الدرامية ، التي لم تمنحه الفرصة في التحول الادائي بل إنه إستمر في سلوكه القائم على تبني سلوك الشخصية المضطرب ، حتى انه دفع المتلقي في كثير من المواضع إلى إعتباره ممسوساً او مجنوناً ،وعلى الجانب الآخر يقف الممثل (يحيى داود) الذي إجتهد المخرج في إختياره من الناحية الشكلية ، حيث تنطبق عليه الكثير من مواصفات شخصية (الأخ الأكبر)، إلا أنه إعتمد على بنيته الجسدية العارية ، حيث يبرز جسده الممتلئ ، أكثر من إعتماده على بناء سلوك للشخصية، فضلا عن ذلك فإن الاداء التمثيلي لدى (يحيى داود) كان مرتبطاً بالملفوظ النصي فحسب ولم يتفاعل مع الشخصية وتحولاتها ، بل أنه إعتمد سلوكاً بدا مناقضاً للملفوظ النصي في الكثير من المواضع حيث إرتسمت إبتسامته على نحو واضح في العديد من المشاهد التي كان ملفوظها النصي يكشف عن فجيعة أو هزيمة.



#صميم_حسب_الله (هاشتاغ)       Samem_Hassaballa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية -مراحيل- ... العودة إلى الكهف في أنظمة -الربيع العربي ...
- -أنا الحكاية- في مقبرة جماعية
- الحداثة ومابعد الحداثة .. تناقضات من التمثيل إلى العرض
- جماليات الرقص الدرامي في -بيت برناردا ألبا-
- مفهوم التشاركية في -مسرح المخرجين-
- -المسرح والتقنيات - التقنيات الرقمية وفرضيات الهيمنة على الم ...
- مجتمعات ومسارح
- تحولات البنية الفكرية في مسرح الربيع العربي
- مسرحية - عزف نسائي - بين التطرف الديني .. والانهيار الاخلاقي ...
- فاعلية التأريخ في منظومة -الربيع- المتأخر
- المركز العراقي للمسرح - قراءة تأملية في (مهرجان بغداد المسرح ...
- مسرحية (فلم أبيض وأسود) .. صورة رمادية للوجع
- أيها الخراب .. -جئتُ لأراك-
- إشكالية توظيف الرمز في مسرحية -مطر صيف-
- القصدية وإشكالية تأويل العلامة في (حروب) إبراهيم حنون
- المقولات التي تفقد معناها في العرض المسرحي
- محنة الجنون ولذة العسل ..في مسرحية أيام الجنون والعسل
- جماليات بريخت في مسرح ابراهيم جلال
- المخرج الانتقائي في المسرح العراقي
- مسرحية روميو وجوليت في بغداد .. مقترحات طائفية تغازل الثقافة ...


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - ثنائية المعمار المكاني والإشتغال النصي في مسرحية( سفر .. طاس)