سامي حرك
الحوار المتمدن-العدد: 4276 - 2013 / 11 / 15 - 11:45
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
الرقص: إعلان/ سرور/ تهدئة!
نظرة الناس اليوم إلى الرقص الشرقي تحديدًا, هي سبب سوء سمعة ذلك الفن القديم.
من القواميس المصرية, نرى ثلاث كلمات للتعبير عن فعل الرقص, توضح كل منها وظيفتها وقيمتها الإجتماعية:
1- "إههي/ هيي": الرقص الجماعي الشعبي مع الهتاف, إعلانًا عن السرور, كما في الأفراح والأعياد.
2- "أبا/ هوبا": رقصات المحترفين والفرق المتخصصة في المعابد, كما في الهاتورات السبعة, تبدأ بها الكاهنات تحياتها مع الدخول على حتحور, في معابدها وأثناء أعيادها.
3- "ورهـ/ فرح": رقصة رسمية, فردية وجماعية, يؤديها الملوك والحكام ونوابهم إرضاءًا أو تحية وتهدئة للأرباب الغاضبة, وكذلك كان يتقدم مفاوضات الصلح بين الجماعات المتنازعة, كما حدث في عهد "منتوحتب الثاني" حيث بدأ جلساته مع حاكم الدلتا الغاضب برقصة "فرح شو/ وره-ن-شو", بينما رقص الحاكم رقصة "فرح منتو/ ورهـ-ن-منتو".
إذن كان للرقص في مصر القديمة وظائف إجتماعية وسياسية, شعبية ورسمية, ومازال كذلك إعلانًا للسرور في إحتفالات وأفراح الريف والأحياء الشعبية (تقريبًا بنفس القيمة الصوتية ومعانى الكلمات), وكذلك كان وما زال في الهند, وفي اليونان, ومعظم بلاد العالم.
أما كيف تحول الرقص من الفن المقدس, إلى إلتواءات لتحريك الغريزة, بالإيحاء والإغراء الجنسي, فإن بداية ذلك كانت في مجالس الخلفاء العباسيين(أنظر السيرة الموثقة لهارون الرشيد وجواريه, رغم ما يقال عن أنه كان يجاهد سنة ويحج سنة), وإزدهر الرقص الجنسي في قصور الحريم العثماني كأحد صور المنافسة الأنوثية للفوز برضاء المالك الزوج السلطان الذكر!
الرقص الشرقي الحالي, هو خليط من ميراث الماضي المقدس, والإيحاءات الجنسية.
رغم كل التشويه لفن الرقص, سواء من السلوك الشخصي المشين لبعض الراقصات, أو من الشائعات وثقافة التحريم, فإنه يكاد أن لا تشعر-ي بالفرح في حفلات الزواج إلا بالإعلان عن ظهور الراقصة!
#سامي_حرك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟