أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - دور العامل الخارجي في الصراعات الداخلية















المزيد.....

دور العامل الخارجي في الصراعات الداخلية


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 4272 - 2013 / 11 / 11 - 19:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في9تشرين أولأوكتوبر1944،و أثناء قمة موسكو بين ستالين وتشرشل،قدم رئيس الوزراء البريطاني للزعيم السوفياتي قصاصة ورق صغيرة تحوي التالي من حيث رسم خرائط النفوذ الداخلية في بلدان عديدة:(رومانية:90%للسوفيات،بلغارية:75%للسوفيات،اليونان:90%للبريطانيين،يوغسلافية والمجر:50%لكليهما).قرأها ستالين للحظات وخطً عليها كلمة(موافق).
بعد أربعة أيام دخلت القوات البريطانية إلى أثينا عند انسحاب الألمان من اليونان،بعد خشيتهم من قطع خطوط امداداتهم مع تقدم الجيش الأحمر في البلقان:خلال ثلاثة سنوات ونصف من الاحتلال النازي كانت المقاومة الشيوعية المسلحة ،تحت اسم"جيش التحرير الشعبي اليوناني"،هي الفصيل العسكري الأقوى للمقاومة اليونانية بالمقارنة مع الفصائل الأخرى التي كانت تتبع لحكومة الملك اليوناني اللاجىء في القاهرة تحت رعاية ودعم بريطانيين.مع انسحاب الألمان كان الشيوعيون في حالة سيطرة على أغلب الريف والمدن وكان بمقدورهم أخذ البلد بأكمله عبر القوة،وقد كان جهازهم السياسي حاضراً من خلال(اللجنة السياسية للتحرير الوطني)،المسماة ب"حكومة الجبل"،التي نافست منذ آذارمارس1944"حكومة القاهرة" ذات الميول القومية- الملكية.
كان اتفاق تشرشل- ستالين هو المظلة للوجود العسكري البريطاني في العاصمة اليونانية ،وقد مارس الزعيم السوفياتي الضغط على الشيوعيين اليونانيين لكي لايأخذوا العاصمة خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى تحطم علاقات الكرملين مع لندن،وعندما حصلت معارك لسبعة وثلاثين يوماً بعد مقتل38من المتظاهرين الشيوعيين بيوم3كانون أولديسمبر1944على يد القوات البريطانية وذراعها المحلية المتمثلة في حكومة بابندريو لم تنبس صحيفة"البرافدا" ببنت شفة تجاه الهزيمة العسكرية التي حاقت بالشيوعيين اليونانيين في شوارع أثينا على يد البريطانيين. بدون هذه السلبية السوفياتية ماكان ممكناً حصول"الارهاب الأبيض" طوال عام1945الذي ذبح فيه آلاف الشيوعيين اليونان، برعاية بريطانية ،على أيدي منظمات يمينية عسكرية مثل(منظمةْ x ( بقيادة جورج غريفاس وسط حيرة القيادة الشيوعية اليونانية المنقسمة بين ضغط ستالين الكابح وضغوط قواعدها المطالبة بالتحرك العسكري ووسط تشجيع الزعيم الشيوعي اليوغسلافي تيتو الذي كانت بوادر خلافاته مع الكرملين أول ماظهرت من خلال الموضوع اليوناني.عندما اتجهت القيادة الشيوعية اليونانية نحو التشدد منذ شباطفبراير1946فقد كان هذا ليس بتشجيع من ستالين وإنما عبر استغلال محلي لبدء التوتر الدولي بين الغرب والشرق الناتج عن تجاوز ستالين لاتفاقياته مع الغرب في المجر وابتلاعه لبولندا،ولكن عندما نشبت الحرب الأهلية اليونانية بين آذارمارس1946وتشرين أولأوكتوبر1949فإنه لم يكن هناك أي غطاء سوفياتي للشيوعيين في صراعهم مع اليمينين القوميين- الملكيين برغم الغطاء الأميركي للأخيرين من خلال (مبدأ ترومان-آذار1947)الذي وصل لحدود التدخل الأميركي المباشر من خلال مساعدات ومستشارين،وهو ماساهم في هزيمة الشيوعيين بعد صراع دموي أودى بحياة عشرات الآلاف ،وبتهجير مئات آلاف الشيوعيين مع عائلاتهم لخارج اليونان،وبتحويل جزر بأكملها إلى سجون خاصة للشيوعيين. كانت الضربة القاضية للشيوعيين هي فقدان السند الاقليمي المتمثل في يوغسلافية بعد انفجار خلاف ستالين مع تيتو في حزيرانيونيو1948 واتجاه الأخير للتقارب مع الغرب أو ل "الحياد الايجابي"،مماجعلهم "أيتاماً"في أرض المعركة العسكرية أمام اليمينيين.
في الصراع الداخلي اليوناني(1944-1949) لم يكن(الداخل) هو المقرر- الحاسم بل(الخارج)،أي الاتفاق الدولي البريطاني- السوفياتي ثم دخول واشنطن على الخط ضد الشيوعيين منذ آذارمارس1947،وهنا يلاحظ أنه أمام الحائط الدولي لم تستطع القوة المتفوقة في الداخل للشيوعيين أن تترجم لاعسكرياً ولاسياسياً على الأرض،فيمارجح هذا العامل الدولي الخارجي(دعم غربي وسلبية سوفياتية متفرجة)غلبة قوة داخلية أضعف هي اليمين القومي- الملكي بالقياس لقوة الشيوعيين العسكرية والسياسية ذات الامتداد الاجتماعي الداخلي الأقوى في فترة نيسانإبريل1941- آذارمارس1946،كماأن الدعم الاقليمي للشيوعيين من يوغسلافية ،وإلى حد أقل من الشيوعيين الألبان،لم يستطع أن يهز بناء الحائط الدولي الغربي- السوفياتي أويصدعه أويخترقه.
في بولندا حصل شيء مشابه من حيث الآلية،ولكن في اتجاه معاكس:تركت بولندا غير محسومة بين الشرق والغرب في قمة موسكو حيث كانت تجري تطورات على الأرض في وارسو لماقامت قوات المقاومة البولونية التي كانت تتبع(حكومة لندن)ذات التوجه اليميني القومي- الكاثوليكي باستغلال تقدم الجيش الأحمر لكي تقوم بانتفاضة في العاصمة البولونية:وقف ستالين متفرجاً عند أبواب وارسو طوال شهري أيلول- تشرين أول1944على الجيش الألماني وهو يسحق المقاومين البولون اليمينيين المنتفضين قبل أن يدخل العاصمة البولندية مجبراً الألمان على التراجع نحو الحدود الألمانية. في مؤتمر يالطا (شباط1945)مع تشرشل والرئيس الأميركي روزفلت استطاع الزعيم السوفياتي انتزاع اعتراف لندن وواشنطن ب(حكومة لوبلين)الشيوعية بوصفها هي "الحكومة الشرعية" لبولندا على أن يضاف لها أعضاء من (حكومة لندن) اليمينية ،التي قادت المقاومة البولونية منذ بدء الاحتلال النازي في أيلولسبتمبر1939وكانت أقوى على الأرض من الشيوعيين، مع وعد غامض من ستالين باجراء انتخابات ديمقراطية لم يوف به الزعيم السوفياتي:لم تؤد التسوية الدولية التي فرضت على الداخل البولوني إلى حرب أهلية مثل اليونان ولكن قادت إلى حكم شيوعي ضعيف الجذور الاجتماعية الداخلية في بولندا،كان الأكثر تعرضاً للاهتزاز بين "نظم حلف وارسو"،كماحصل في عام1956وعامي1980-1981،ثم كان الأول في موجة سقوط نظم حكم (الكتلة الشرقية) بدءاً من شهر حزيرانيونيو1989.
خلال مؤتمر يالطا تكرست نتائج قمة موسكو إضافة إلى رسم معالم المسألة البولونية وتقسيم ألمانية:خلال أربع وأربعين عاماً لم يستطع العامل الداخلي اختراق جدار مارسم دولياً حتى من قبل الحاكم المحلي الذي أراد تجاوز المركز في موسكو،كماحصل في مجر1956مع رئيس الوزراء إيمري ناجي وفي تشيكوسلوفاكية1968مع سكرتير الحزب الشيوعي ألكسندر دوبتشيك،وفي كلا الحالتين عندماحسمت الدبابات السوفياتية الموقف كانت واشنطن متفرجة في عملية احترام لحدود النفوذ التي رسمت في يالطا. لم ينهر البناء السوفياتي الاقليمي في (دول منظومة حلف وارسو)إلاعندما اختل الميزان الدولي بين واشنطن وموسكو بعد طرح الرئيس ريغان في آذارمارس1983 ل(مبادرة الدفاع الاستراتيجية:حرب النجوم)التي تجاوزت حالة التعادل والردع النووي المتبادل التي انبنى عليها نظام الثنائية القطبية في فترة الحرب الباردة،ليجد هذا الاختلال الدولي ترجمته الاقليمية في انهيار نظم حلف وارسو عام1989ثم الداخلية مع تفكك الاتحاد السوفياتي في الأسبوع الأخير من عام1991. وعملياً، إذا أردنا الدقة رسم (الدولي)هنا حدود ومجالات (الاقليمي) و(الداخلي)في 1989-1991 تماماً كماحصل في الأربعينيات ،ولكن في اتجاه الانهيار هذه المرة فيماكان، في الأربعينيات، (الدولي) هو الرافعة التي أقامت (الاقليمي) و(الداخلي).
كانت تلك الورقة الصغيرة المقدمة من تشرشل لستالين ،المسماة ب"اتفاقية النسب المئوية"(موجودة في مكتب السجلات العامة بلندن تحت رقم:(PREM 3667،مثالاً على دقة خرائط النفوذ في أوروبة مابعد الحرب العالمية الثانية:عندما لم تكن تلك الحالة الأوروبية موجودة في مناطق أخرى من العالم،أي عندما كانت هناك سيولة وانعدام للاتفاق الدولي على خرائط النفوذ في الاقليم ودواخله، فإن العامل الداخلي كان فاعلاً أمام العامل الخارجي،وهو مارأيناه في فييتنام1954عندما قادت معركة(ديان بيان فو)13مارس- 7مايو1954،التي انتصر فيها الفيتناميون على الفرنسيين،إلى رسم نتائج مؤتمر جنيف الرباعي26إبريل- 20يوليو1954 بين واشنطن وموسكو ولندن وباريس،من حيث تكريسه لوجود دولة شيوعية في شمال فيتنام.استطاع الشمال الفيتنامي من خلال امتداده الجنوبي في(جبهة الفيتكونغ)منذ1956زعزعة الجنوب وهو ماقاد لاندلاع الحرب الفيتنامية عام1964والتدخل العسكري الأميركي،وقد كان العامل الدولي في موسكو وبكين،والاقليمي في كمبوديا ولاوس،تحت ايقاع حركية العامل الداخلي الفييتنامي المنطلق من هانوي وصولاً إلى الفيتكونغ في الجنوب،حتى تحقيق الانتصار الفيتنامي في ربيع عام1975وسقوط سايغون وتوحيد فييتنام.



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النزعة الشعبوية في المعارضة السورية
- الفراغات الاقليمية لضعف القوة الأميركية
- رؤية اسرائيل للجوار
- العلمانية والأحزاب الدينية
- التدخل العسكري الخارجي والتفكك الانفجاري للبنية الداخلية
- الضعف الأميركي
- الدولة العميقة والقوة الفائزة في الانتخابات
- هل فشل - الربيع العربي - ؟....
- انسداد الثورات والبحث عن -المنقذ الفرد-
- فراغات ما بعد توقف المدّ الإسلامي
- المجتمع والسلطة في ايران
- حدث (اسطنبول – الدوحة – القاهرة) -
- الوضع الداخلي والسياسة الخارجية
- سورية وحرائق الجوار
- لماذا سوريا بكل هذه الأهمية للعالم والاقليم ؟...
- حراك التيّارات السياسيّة العربيّة
- انفجار بنية عراق بول بريمر
- ماهذا البالون المنفوخ الذي اسمه دولة قطر؟.....
- نزعة الإستعانة بالأجنبي في المعارضات العربية
- 9نيسان2003:تدشين مرحلة جديدة في الإقليم


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - دور العامل الخارجي في الصراعات الداخلية