أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - الدولة العميقة والقوة الفائزة في الانتخابات















المزيد.....

الدولة العميقة والقوة الفائزة في الانتخابات


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 4182 - 2013 / 8 / 12 - 20:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



عندما استلم أدولف هتلر السلطة في ألمانية يوم 30كانون ثانييناير1933،بعد فوز انتخابي،فقد كان هذا بالتحالف مع قوتين في الدولة العميقة أرادتا تجاوز قيود معاهدة فرساي عام1919التي كبلت ألمانية بعد هزيمة الحرب العالمية الأولى،هما:المؤسسة العسكرية وكبار الصناعيين. مقابل هذا ضحى هتلر بميليشيا الحزب النازي ،أي (جيش العاصفة)،في 30حزيرانيونيو1934،التي كانت تنشر الرعب في الشوارع الألمانية بالعشرينيات،وأعدم قائده إرنست روهم الذي كان رفيقه الحزبي لأربعة عشر عاماً خلت مع سبعة وسبعين من قادة هذه الميليشيا من أجل رضا الجنرالات والصناعيين كطريق لكسب أقوى مكونات الدولة العميقة من قبل حزب كانت تعاديه ،لسنوات خلت قبل الوصول للسلطة ،النقابات والوسط الأكاديمي والكنيسة .
كانت مثال هتلر كلاسيكياً في مجال التجربة السياسية من حيث كونه أعطى صورة على امكانية التباعد بين (البعد الانتخابي) و(البعد الديمقراطي) لماقدم صورة عن كيف أدى ممر صندوق الاقتراع إلى نظام ديكتاتوري. لكن كان هناك بعد نموذجي آخر في تلك التجربة:التحالف مع أكبرالقوى المؤثرة في الدولة الألمانية العميقة لتثبيت أقدام وافد جديد على السلطة ،كانت غربته عن مكونات الدولة العميقة في ألمانية توازي وضعية الشيوعيين في العشرينيات،قبل الولوج إلى سيطرة مطلقة للفوهرر والحزب النازي على آلة السلطة .
هذه التجربة النازية هي فريدة ،حيث كان الطريق إلى الديكتاتوريات عند التجارب الأخرى بالقرن العشرين،سواء في اليسار واليمين،لايمر عبر طريق صندوق الاقتراع،وعندما تم التجريب (ربما نحو طريق جديد يساري ) في تشيلي بين عامي1970-1973 ،عبر تحالف انتخابي بين الاشتراكيين والشيوعيين،فقد انتهى هذا بانقلاب دموي ضد اليساريين، الفائزون في الانتخابات، قادته المؤسسة العسكرية بدعم من رجال الأعمال والكنيسة والأحزاب اليمينية وكان يحظى بمباركة واشنطن. لم يسلك فرانكو هذا الطريق للوصول إلى السلطة ولاالشيوعيون في أوروبة الشرقية والوسطى،ولاعبدالناصر ولاالبعث،بل كانت القوة العارية هي الطريق للسلطة وهي الوسيلة لتثبيت أركانها بعد الامساك بزمام الأمور،وقد كانت غربة هذه القوى الجديدة الواصلة إلى السلطة عن مكونات الدولة العميقة في بلدانها مؤدية بها إلى أن تكون عملية تثبيت أركانها في السلطة وماأجرته من تحولات بمثابة تغيرات عميقة وازت الثورات في البناء السلطوي وفي البنية الاقتصادية- الاجتماعية وفي المجال الثقافي.
في عام1996بتركية حاول زعيم حزب الرفاه الاسلامي نجم الدين أرباكان تجريب طريق سلفادور أليندي في تشيلي عبر تحالف ائتلافي مع تانسو تشيلر،زعيمة حزب محافظ يأخذ مسافة من الأتاتوركية هو حزب الطريق القويم،ضمن له أكثرية مقاعد البرلمان،وبالتالي وصول أول اسلامي إلى سلطة منصب رئيس الوزراء في تركية الأتاتوركية منذ عام1923: جوبه أرباكان بمقاومة كبرى من قبل مكونات الدولة العميقة التي بناها مصطفى كمال أتاتورك وحملت إرثه في المؤسسة العسكرية،والمؤسسة القضائية،والمؤسسة الأكاديمية،و فئة رجال الأعمال،ووسائل الاعلام. في يوم 28شباطفبراير1997،وبعد اجتماع لمجلس الأمن القومي استغرق تسع ساعات ،أجبر العسكريون رئيس الوزراء الاسلامي أرباكان على التوقيع على جملة من القرارات:(فرض قيود صارمة تمنع ارتداء الحجاب في الجامعات- الغاء المدارس القرآنية- حظر الطرق الصوفية- حظر وسائل الاعلام التي تعارض قرارات المجلس العسكري الأعلى بمايخص العسكريين المسرحين على خلفية ميولهم الاسلامية). خلال ثلاثة أشهر من ذلك اليوم جرت انشقاقات في حزب تانسو تشيلر،تحت ضغوط غير مرئية من المؤسسة العسكرية،أفقدت التحالف الانتخابي بين (الرفاه)و(الطريق القويم)الأغلبية البرلمانية وهو ماأدى إلى سقوط حكومة أرباكان.
في تركية يسمى انقلاب 28شباط 1997 ب"انقلاب مابعد حداثي"،من حيث أنه لم تستعمل فيه القوة العارية،كماجرى بأنقرة في انقلابات1960و1971و1980عندما نزلت الدبابات إلى الشوارع،وإنما جرى من قبل المؤسسة العسكرية عبر طرق سرية خفية غير مرئية للعموم ضد الائتلاف الحكومي الحاكم لماأجبر رئيسه على التوقيع واصدار قرارات لايريدها وتخالف توجهاته ثم جرى سحب البساط البرلماني من تحت أرجل الائتلاف الحاكم وصولاً إلى اسقاطه،وعندها لم تختر المؤسسة العسكرية أن تمارس الحكم المباشر بل ضغطت في حزيرانيونيو1997من أجل تشكيل حكومة مدنية بأغلبية برلمانية رأسها مسعود يلماز،زعيم حزب الوطن الأم بالتحالف مع حزب اليسار الديمقراطي بزعامة بولنت أجافيد إضافة لمنشقي حزب تانسو تشيلر،وليمارس العسكر الأتراك إثر ذلك سلطتهم من وراء هذه الستارة الحكومية المدنية ذات الأغلبية البرلمانية.
في عامي2011-2012جرت محاكمات لمنفذي انقلاب 28شباطفبراير1997من قبل حكومة رجب طيب أردوغان،الذي تم سجنه إثر ذلك الانقلاب عبر تحريك دعوى قضائية ضده بسبب استشهاده في احدى خطبه بقصيدة شعرية اعتبرت مسيئة للقيم الأتاتوركية العلمانية:من خلال تلك المحاكمات لم يحاكم جنرالات فقط،بل أيضاً أكاديميون،ورجال اعلام،وكذلك رجال أعمال. انكشفت أسرار منها أنه كان هناك مجموعة تخطيط سرية في المؤسسة العسكرية تسمى ب(مجموعة الدراسة الغربية)،كانت هي العقل المفكر- التخطيطي لذلك الانقلاب.لم يكن العسكريون فقط تحت ظل توجيه هذه المجموعة بل أيضاً (مؤسسة التعليم العالي) التي تدير الجامعات التركية.كان هناك اثنان من أعضاء المؤسسة الأخيرة ضمن طاقم (مجموعة الدراسة الغربية)بالترافق مع العسكريين،وكانت الأوامر والتوجيهات تصل من المجموعة في فترة ماقبل 28شباط إلى المؤسسة الأكاديمية عبر طرق سرية، وإلى المؤسسات الأخرى.
أثناء الاعتقالات وعمليات التفتيش في بيوت المتهمين بالتخطيط لانقلاب28شباطفبراير1997،اكتشفت وثيقة سرية في89صفحة كانت بحوزة الأكاديمي(خليل كمال كوروز)،رئيس هيئة التعليم العالي الذي كان عضواً في مجموعة الدراسة الغربية،تحت عنوان :"طرق الحرب ضد الاسلام السياسي". تتضمن الوثيقة خطط زمنية:"تلك الحرب تتطلب 10-15 من الأعوام".المؤسسات المطلوب حشدها:"المؤسسة العسكرية،البرلمان،المؤسسة القضائية،الجهاز الحكومي،المؤسسات التعليمية،نقابات العمال،وسائل الاعلام وباقي مؤسسات المجتمع المدني". ثم يجري تحديد أساليب تلك الحرب حسب الوثيقة:"يجب محاربة الاسلاميين بنفس الطرق والأساليب التي يستخدموها:الضغط،الاضطهاد،التخويف والتهويل،المقاومة السلبية،الأكاذيب وتشويه السمعة"(http://www.wolrdbulletin.net?atype=harber&articleid=111564
2162013 ).
في آب أغسطس2001انشق أردوغان عن حزب أرباكان،بعد أن تم الحظر القضائي لحزب الرفاه عام1998ثم لخليفته حزب الفضيلة وكذلك تم منع أرباكان من العمل السياسي . في 3تشرين ثانينوفمبر2002فاز حزب أردوغان،أي (العدالة والتنمية)،بغالبية مقاعد البرلمان.كانت الأزمة الاقتصادية لعام2001طريقاً لفوز الاسلاميين من جديد ووصولهم للسلطة،وسط أجواء من تقوض سلطة العلمانيين الأتاتوركيين،الذين أنحى الكثير من الأتراك باللائمة عليهم بسبب الأزمة الاقتصادية التي أرجعها الكثير منهم إلى أجواء مابعد28شباطفبراير1997:اختار أردوغان سبيل الانجاز الاقتصادي طريقاً للتمكن في السلطة ،وعندما حقق ذلك بدأ في عام2010غاراته ضد بنية الدولة الأتاتوركية العميقة ،نازعاً أنياب المؤسسة العسكرية،والقضائية،والمؤسسة الأكاديمية،وفي وسائل الاعلام،ومقرباً فئة جديدة من رجال الأعمال معظمهم من مناطق الوسط في الأناضول.



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل فشل - الربيع العربي - ؟....
- انسداد الثورات والبحث عن -المنقذ الفرد-
- فراغات ما بعد توقف المدّ الإسلامي
- المجتمع والسلطة في ايران
- حدث (اسطنبول – الدوحة – القاهرة) -
- الوضع الداخلي والسياسة الخارجية
- سورية وحرائق الجوار
- لماذا سوريا بكل هذه الأهمية للعالم والاقليم ؟...
- حراك التيّارات السياسيّة العربيّة
- انفجار بنية عراق بول بريمر
- ماهذا البالون المنفوخ الذي اسمه دولة قطر؟.....
- نزعة الإستعانة بالأجنبي في المعارضات العربية
- 9نيسان2003:تدشين مرحلة جديدة في الإقليم
- تداعيات غزو العراق على سوريا
- ترابط أحداث الاقليم -
- خريطة المعارضة الحزبية السورية
- هوغو تشافيز:ظهور الشعبوية الوطنية في أميركا اللاتينية
- مؤشرات على اضطراب التحالف الأميركي- الإخواني
- تضعضع القطب الواحد للعالم
- فراغات القوة العربية وصعود الجوار الاقليمي


المزيد.....




- الإمارات تشهد هطول -أكبر كميات أمطار في تاريخها الحديث-.. وم ...
- مكتب أممي يدعو القوات الإسرائيلية إلى وقف هجمات المستوطنين ع ...
- الطاقة.. ملف ساخن على طاولة السوداني وبايدن
- -النيران اشتعلت فيها-.. حزب الله يعرض مشاهد من استهدافه منصة ...
- قطر تستنكر تهديد نائب أمريكي بإعادة تقييم علاقات واشنطن مع ا ...
- أوكرانيا تدرج النائب الأول السابق لأمين مجلس الأمن القومي وا ...
- فرنسا تستدعي سفيرتها لدى أذربيجان -للتشاور- في ظل توتر بين ا ...
- كندا تخطط لتقديم أسلحة لأوكرانيا بقيمة تزيد عن مليار دولار
- مسؤول أمريكي: أوكرانيا لن تحصل على أموال الأصول الروسية كامل ...
- الولايات المتحدة: ترامب يشكو منعه مواصلة حملته الانتخابية بخ ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - الدولة العميقة والقوة الفائزة في الانتخابات