أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جودت هوشيار - مهزلة العقل العفوي














المزيد.....

مهزلة العقل العفوي


جودت هوشيار
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 4264 - 2013 / 11 / 3 - 00:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فى عام ( 1962م ) احتفل العراق بمرور( 1200) عاماً على بناء بغداد ، حيث نظمت
احتفالات مهيبة وفعاليات علمية وثقافية رعاها الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم شخصياً ، وبضمنها عقد مؤتمر علمى بحضور مؤرخين بارزين متخصصين بتأريخ المدينة و عدد كبير من أبرز المفكرين والأدباء العرب و وجمهرةٍ من المستشرقين الأجانب ممَّن قدموا دراسات قيمة حول الدور الفعال الذى نهضت به بغداد فى عصر أزدهارها و ما تعرضت له من أحداث جسام عبر التأريخ .
في العام الماضي (2012م ) مرت ذكرى مرور ( 1250) عاماً على بناء بغداد ،. و كانت مناسبة جديرة بالأحتفال أكثر من أية مناسبة تأريخية أخرى ، ولكنها مرت في صمت مطبق وتجاهل متعمد على المستوى الرسمي.ولم يكن ذلك أمراً مستغرباً . كيف يتذكر تأريخ هذه المدينة العريقة ، الزاخرة بالمفاخر و الأنجازات الحضارية حكام غرباء عنها وعن أمجادها و لا يهمهم أمرها و لا علاقة لهم بتأريخها ولا بالحضارة التى تمثلها .
وفي هذا العام أحتفلت أمانة بغداد يوم السبت ( 2/ 11 / 2013 ) في حدائق متنزه الزوراء بما أسمته " يوم بغداد " ( أي اليوم الذي وضع فيه الخليفة أبو جعفر المنصور حجر الأساس لمدينته المدورة ، مدينة السلام .) وهذا التأريخ الذي تتمسك به أمانة بغداد سنوياً مغلوط ولا يستند الى أي مرجع رصين وينم عن جهل فاضح بتأريخ المدينة ، وكان الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم قد شكل لجنة ضمت كبار العلماء والمؤرخين لتحديد اليوم الذى وضع فيه " المنصور " حجر الأساس لعاصمته الجديدة وأستناداً الى توصية اللجنة ، صدر قانون من مجلس الوزراء يوم( 1962 /11/17) عندما كان هذا المجلس هو السلطة التشريعية فى البلاد بتحديد الأيام الأول و الثانى و الثالث من شهر كانون الأول عطلة رسمية لمناسبة ذكرى تأسيس بغداد وغبق الماضي والذكرى الألفية للفيلسوف الكندى . وهذا القانون لم يتم الغاؤه او تعديله و ما يزال سارى المفعول .
على هامش احتفالية يوم بغداد هذا العام القى امين عام مجلس الوزراء علي العلاق، كلمة يقول فيها بالحرف الواحد : " بغداد تختزل تاريخ العراق وتشكل محطات تاريخية بما تزخر به بأحداث كبرى ومنعطفات حادة وبكل ما ضمت بين محلاتها وأزقتها من أعراق شتى ومكونات عدة"." كلام جميل ولا شك ولكن أين كان الحزب الحاكم في العام الماضي عندما تجاهل الأحتفال بمرور ( 1250 ) سنة على بناء مدينة المنصور وأم الدنيا ومركز الأشعاع الحضاري في عصور أزدهارها .

لم يكتف السيد العلاق بتصريحه ( التأريخي ) الخطير ، بل زاد الطين بلة عندما تحدث عن أمور لا يفقه فيها شيئاً ! فقد اكد " ان الحكومة لاتريد بناء (ناطحات سحاب ) في بغداد وانها تريدها "بسيطة وعفوية"، وتحتوي على "محطات نتنفس فيها عبق الماضي وذكرياته" .

ونحن من حقنا أن نتساءل هل أختفت ( محطات التنفس وعبق الماضي وذكرياته ) في باريس ولندن وبرلين وفيينا وجنيف وروما وموسكو وطوكيو وكوالا لامبور ومئات المدن الأخرى عندما تم بناء ناطحات السحاب فيها ؟ الا تتجه المدن الكبرى في الشرق والغرب الى البناء العمودي لمزاياه العديدة .الا يحتوي التصميم الأساسي لمدينة بغداد ( الذي أعده الخبراء البولونيون منذ ثمانينات القرن المنصرم وقبرته حكومة سياسي الصدفة) على خطط لبناء المركز المدني في وسط بغداد بما ينسجم مع الطراز المعماري العباسي ويعيد أحياء أهم وأشهر معالمها التأريخية ؟ وكيف يمكن توفير الخدمات العامة لمدينة مترامية الأطراف مثل بغداد التي توسعت افقيا بشكل عشوائي وعلى نحو يثقل كاهل امانة بغداد ويسبب مشاكل جمة في التنقل داخل المدينة ، حيث يخسر البغداديون افضل ساعات أيامهم في الأختناقات المرورية والسيطرات التي لا تقيم وزنا لهم وتمتحن صبرهم يومياً بالمعاملة المهينة .

ولكن السيد العلاق لم يبتعد عن الحقيقة حين أكد ان : " الحكومة لاتريد بناء "ناطحات سحاب" في بغداد وانها تريدها "بسيطة وعفوية " فكل شيء في عراق اليوم يجري بعفوية . وسؤ الخدمات والفوضى التي نشاهدها في بغداد اليوم ، ناجمة عن هذه العقلية العشوائية وعن الأرتجال في صناعة القرار و تسيير امور البلاد والعباد . اليست هذه العقلية هي الفوضوية بعينها ، التي لا تؤمن لا بالعلم ولا بالتخطيط ، ولا ترى من حولها كبف يتقدم العالم بخطى متسارعة ومذهلة في التطور العلمي – التكنولوجي وكيف يضفي الأبداع الهندسي المعماري جمالاً أخاذاُ على المدن العصرية ويوفر للأنسان حياة لائقة و بيئة صحية ومريحة .

حقاً ان العقلية العفوية الجاهلة أشد فتكاُ بالشعوب من الغزو الخارجي ومن الكوارث الطبيعية والأوبئه حين تقذف بها المصادفة العمياء الى سدة الحكم ، وكلام السيد العلاق مضحك ومحزن في آن واحد ، مضحك ويثير السخرية لأنه بعيد عن العلم والمنطق ومحزن لأنه ينم عن نمط تفكير يعيد البلاد الى عصور الظلام و يؤدي بها الى التخلف ان لم يكن الى التهلكة ، وهذا التفكير العفوي هو الذي اوصل العراق الى ما هو عليه اليوم .



#جودت_هوشيار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تؤثر تكنولوجيا المعلومات في قدرة الإنسان على التفكير؟
- جائزة نوبل لقاء انتحال مبادرة
- المعارضة الكردية ما لها وما عليها
- عبء جديد على - الرجل الأبيض -
- ما قل ودل : - كلاوات - المالكي
- ما قل ودل :عش ودع غيرك يعيش !
- فلك الدين كاكائي كما عرفت
- أيطاليا تحتفل بمرور ‏500‏ عام على كتاب - الأمير - لنيكولو مك ...
- المشهد المصري لن يتكرر في العراق !
- جوزيف ناي ونظرية القوة الناعمة
- - سترابادو - على الطريقة الأخوانية
- أسباب وتداعيات الحراك الأحتجاجي في تركيا
- أزمة الصحافة الورقية في العصر الرقمي
- هل الكتابة اليدوية في طريقها الى الزوال ؟
- اشكالية العلاقة بين الأخلاق و السياسة
- وشهد شاهد من اهلها : لماذا خرج المالكي من المولد بلا حمص؟
- المعايير الأخلاقية للعمل الصحفي
- الرجل الذى أضحك العالم -قصة للشاعر الفرنسى جيوم ابولينير
- الثورات العربية من وجهة نظر روسية
- ما قل ودل : أسلحة للأستخدام الداخلي


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جودت هوشيار - مهزلة العقل العفوي