أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - جمال الهنداوي - الشعوب تكتب ايامها














المزيد.....

الشعوب تكتب ايامها


جمال الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 4251 - 2013 / 10 / 20 - 23:53
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


تنسب الكثير من الامور للتاريخ, وفي موروثنا اللغوي نلصّق له العديد من الملحقات التي تتمايز حسب المثابات الني ننطلق منها في رؤيتنا للاحداث, فللتاريخ عندنا سجل وايام ووقائع ومفاخر, بل وحتى "مزبلة"تكون المكان الذي يوضع فيه ما يدان ويستحق هذا المآل من قبل الذاكرة الشعبية ويحكم عليه بالضعة والصغار الابدي.
وكذلك للتاريخ صفات وافعال فهو يقول ويرحم ويعلم,وبعض الأحداث توصف بأنها تاريخية للتأكيد على أهميتها، دون ان أن يعني هذا ان هناك من الحوادث ما هو غير تاريخي، ولا يوجد تعريف محدد للتاريخ, الا ان جميع الشعوب اتفقت على بديهية انه تعبير عن ذاك الماضي الذي مضى، وليس عن ذاك الذي سيأتي..
لكن التاريخ عند الشعوب العربية كان دائما ساحة تشتبك فيها الحوادث والوقائع التي غالبا ما تكون مادة للعبر والتفاخر بالهوية والانتماء، إلى جانب أنه كان يشكل كوة توجه انظاره نحو المستقبل بعد ان استغلقت امامه ابواب الحاضر المغيب بقوة الاستبداد والسلطة الغاشمة.
فالتاريخ كان دائما هو الدليل النابه الذي يقود الذهنية الشعبية نحو المستقبل والغد الافضل والمناقض للحاضر المحاصر بالتاريخ الآخر الذي يمثل استلالات السلطة من الحوادث الغابرة لما يؤسس لشرعية زائفة تلقي بثقلها على امن وكرامة وحياة الناس, وحتى تلك الوقائع المنتقاة كانت تغربل وتفرز وتخضع للرقيب المدقق وتقدم كاحجيات ملغزة عصية على الفهم-والتصديق- للشعب الذي يجد عزاءه فيما اختزنته الجوانح من ايام-وحتى اساطير- تتنقل بين الاذهان خلسة وشفاها كمنشور سري يناكف التاريخ السلطاني الذي لا يرى في الماضي الا ما يمتثل لاشتراطات الحكم الظالم، وسياسات الاستبداد.
فالانسان العاجز الواهن الذي افتضت كرامته سنين التسلط والديكتاتورية كان لا يجد له بطلا ومنقذا الا التاريخ الذي سيحاكم الظالم في يوم ما وسينتقم منه ولو في بطون الكتب,ولابد له ان يدوِّن جرائمه التي لا تقوى الناس على التهامس بها ولو بعد رحيله المحتوم عن هذه الحياة، وعندها تجد الشعوب عزاءها في كلمة التاريخ وحكمه العادل.
فالشعوب محاصرة بحاضر لا فكاك منه مأزوم بالعجز والقهر, وماضٍ مقنن مستلب من قبل الحكم وعسسه, وليس هناك الا في انتظار ما سيأتي, وما ستبشر به الايام حتما, لانها كلمة التاريخ والتي يجب ان يتردد صداها في جنبات الدهر مهما طالت الايام.
وقد يكون هذا الواقع الذي رزحت شعوب المنطقة تحت وطأته للكثير من الاعوام والحيوات والانفس هو السبب في فرادة اللحظة التاريخية التي بدأت بها الجماهير الوعي بالحاضر وبقدرة الارادة الشعبية الحرة في تغيير مسار الاحداث معلنة ولادة الزمن الجديد الذي يكتب فيه التاريخ بالحناجر الهاتفة الضاجة التي تملأ الساحات حالمة باستجابة القدر للايادي الصلبة التي تدق على ابواب الحياة, ولتلك الجموع التي تخرج مكشوفة الصدر والضمير غير عابئة بقوة البطش، ولا قسوة التخذيل الذي تفرضه الايام المكرورة الراكدة للحاضر الملغى المرفوض.
قد يقال الكثير في الاحتجاجات الشعبية التي ضجت بها ساحات وشوارع المنطقة, ولا نقسر على التاريخ حكمه في المآلات التي قد تستقر عندها الاحداث ولا في نتائجها على مستقبل الشعوب, ولكن حتى التاريخ, لن يكون في امكانه التغافل عن أن هذه الايام هي بداية مصالحة الجماهير مع حاضرها, وانها الاسطر الاولى التي تكتب بايدي الشعوب, معلنة حكمها الواعي الحر بالمستبدين والطغاة, وانها المرة الاولى التي تنتفض بها الارادة الشعبية على ممارسات الحكم القبلي العائلي الذي امتهن كرامة الانسان واسر مستقبله ضمن دائرة القهر والشعور بالنقص والعجز والخوف.
رعم كل شئ, ورغم كل ما سوف يقال , ولكنها ستظل المرة الاولى التي تنطق الشعوب بكلمة التاريخ وبحكمه, وتكتب رؤاها وهتافاتها واحلامهم في سفر ايامه, ولو بالكثير من العرق والدماء والاشلاء المقطعة على الارض التي لطالما احتضنت آمال الانسان بالحرية والحقوق ,والاهم بانصاف التاريخ.



#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الارهاب والسيادة الوطنية..ابو انس نموذجاً
- الاعتذار لا يستحقه الا الاقوياء
- تقارب معلن ومخاوف مخفية
- توثيق مهمل..ذاكرة زائفة
- حوادث لا نحب ان نتذكرها
- الشعب ضد قوى الاسلام السياسي
- حرب الميادين..فتنة في الافق
- انقلاب..ام تصحيح
- واقع جديد ..اي واقع؟؟
- مصر في عين العاصفة
- بين اردوغان وتقسيم
- الى اين نحن ذاهبون ؟
- ما زال هناك وقت للحوار
- جريدة التآخي..عقود من الحب
- فتنة مفتحة العيون
- حرب الروايات
- ما بعد المسائلة والعدالة
- قطري حبيبي
- هيمنة ..أم تأهيل
- جهاد النكاح..ما الغريب


المزيد.....




- جرائم الشرف، كوسيلة للإدامة بالأنظمة الإسلامية القومية في ال ...
- الرئيس السوري يؤكد أهمية المحاسبة داخل حزب البعث العربي الاش ...
- التصور المادي للإبداع في الادب والفن
- حوار مع العاملة زينب كامل
- شاهد كيف رد السيناتور بيرني ساندرز على انتقاد نتنياهو لمظاهر ...
- وثائق: تأييد عبد الناصر لفلسطينيي غزة أزعج بريطانيا أكثر من ...
- شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام ...
- بمناسبة ذكرى الثورة السورية، السويداء شرارة ثورة تعيد امجاد ...
- م.م.ن.ص// 138 سنة مضت والوضع يعيدنا لما مضى..
- ربيع کوردستان، تلاحم المأساة والهبات الثورية


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - جمال الهنداوي - الشعوب تكتب ايامها