أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حمودة إسماعيلي - هداية الملحدين وتنوير المتدينين















المزيد.....

هداية الملحدين وتنوير المتدينين


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4249 - 2013 / 10 / 18 - 15:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا يفصل بين التعصب والبربرية إلا خطوة واحدة
دنيس ديدرو

ينقسم البشر ثقافيا لفئتين : فئة لا تقدر على استيعاب العالم دون وجود اله (خالق له) يسهر على تنظيمه، و فئة أخرى تعجز عن ادراك وجود قوة غيبية تتحكم بتنظيم الكون، لدى فإنها ترفض أن تعترف باله حاكم للطبيعة غير القوانين الفيزيائية. أما البقية الباقية فإنها : إما لا تهتم بكلا الموقفين، فالقمح والزيت أو الجنس أهم لديها من وجود اله من عدمه ! أو أنها على استعداد لتكون مع الأغلبية، مع أي منهما تكسب ود الأغلبية.

عقلانيا يتم نشر أي فكر هادف بالدعوة إليه وعرضه على الناس، ومن تعجبه المادة المعروضة فإنه ينضم أو يعتنق المفاهيم المقدمة إليه (نظرا لأنه يرى أنها تفيده). وهكذا كانت بداية أغلب الأفكار الدينية والسياسية عبر التاريخ (التسلط والاكراه يتم بعد أن تترسخ هذه الأفكار لدى الأغلبية، كانتقام مما عانت منه تلك الأفكار ببدايتها وما لقيته من قمع بحقها عند رغبتها بالانضمام للساحة السوسيوثقافية).

بداية بالوثنيين وقمعهم لليهود والمسيحيين، واليهود وقمعهم للمسيحيين، والمسيحيين وقمعهم لليهود والوثنيين، والوثنيين وقمعهم للمسلمين، مرورا بالمسلمين و"أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام. وحسابهم على الله تعالى" (رواه البخاري ومسلم)، ظل المشهد الذي تنقلب صورته باستمرار هو عدم السماح بنشر الأفكار والدعوة إليها، كتاجر يرفض أن تباع أي مادة بالسوق غير المواد التي يملكها.

وكأمانة فكرية فإن الرؤية السابقة عن القمع الإسلامي لها رؤية خاصة حسب الباحثين المتدينين، نقرأ في الشرح الذي يتطرق لتوضيح هذه النقطة : "إن انقسام الناس إلى مصدّق ومكذّب، ومؤمن وكافر، أمر حتمي تجاه كل ما هو جديد، وتجاه كل دين أو معتقد، وإذا كان انقسامهم أمرا لازما؛ فإنه يجب على ذلك الدين أو ذلك المعتقد أن يتعامل مع كلا الفريقين، وجميع الطائفتين، وهذا عين ما جاءت به شرائع الله عز وجل، ومنها الإسلام. لقد أمرنا الله تعالى في دين الإسلام أن ندعو المعرضين والمكذبين بالحسنى، وأن نجتهد في ذلك، بل أن نجادلهم بالتي هي أحسن، فإن أبوا، كان لزاما عليهم ألا يمنعوا هذا الخير من أن يصل إلى غيرهم، ووجب عليهم أن يفسحوا لذلك النور لكي يراه سواهم، فإن أصروا على مدافعة هذا الخير، وحجب ذلك النور، كانوا عقبة وحاجزاً ينبغي إزالته، ودفع شوكته، وهذا مما أشار إليه النبي"(1) أي الحديث الذي ذكرناه سابقا.
فرغم أن الشرح يناقض الحديث (فهو في وادي والحديث في وادي)، ورغم أن بعض كبار الفقهاء كأبي حنيفة لم يعتمدوا الأحاديث كمرجع، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو : هل جميع المتدينين عامةً والمسلمين خاصةً يعتنقون تلك الرؤية التي طرحها الشرح ؟

عندما يجمع الإنسان أو مجموعة من البشر أفكارا معينة (كأيديولوجية) قادرة على منحهم اجابات على كل تساؤلاتهم وتصوراتهم لمناحي الحياة (مامعناه أنهم امتلكوا الحقيقة)، فإنهم يضعونها بحظيرة كما يضعون مجموعة من الخرفان ويغلقون عليها وعلى انفسهم داخلها. ليصبح عالهم هو حدود تلك الحظيرة المسيجة فقط، ويصير كل ما يوجد خارجها أو له صلة بما هو خلف حدودها، خطرا يهدد أمنها ! . هنا تنشأ الدوغمائية (الجمود الفكري).

أي فرد من المجموعة سيرغب بترك الحظيرة أو سيفطن إلى أن هناك عالم آخر بالخارج أو سيجد أن نمط العيش داخلها لم يعد مجديا، فإنه سيُعاقب وسيُرفض طلبه طبعا ! لأنه بتصرفه هذا قد يجر ويلات على أمن الحظيرة إما بتقليد الآخرين له (أو بعضهم) وترك المجموعة، أو بتسرب مخربين إثر فتحها، أو بعودته هو لتدميرها إن وجد أن معارفه لا يستحقون أن يظلوا هناك. ونظرا لتصور أن هناك تهديد خارجي بتدميرها فإن هذه الجماعة الساهرة على حماية الحظيرة، ستبدأ بالتخطيط لكيفية زيادة قوتها، حتى تستطيع القضاء على كل من يوجد خارج حدودها لأنه يشكل تهديدا، إلا في حالة انضمامه والرضوخ لشروطها وقوانينها واعتناق ايديولوجيتها.

هذا ما يفعله الدوغمائيون أكانوا أرثدوكسيين أو جهاديين أو نازيين، فهم لا يختلفون "كمحكمة تفتيش" لها أسماء متنوعة.

إن الملحدين يرون المتدينين كمُنوَّمين مغناطيسيا، والمتدينين يرون الملحدين كقاصرين عقليا (التهديد لم يعد بين الأديان فيما بينها بقدر ما أصبح بين الدين والإلحاد كخطر! ). فكيف ينتظر المتدين من هداية الملحد الذي يراه كشخص متخلف فكريا أو مضطرب عقليا ؟! وكيف ينتظر الملحد من تنوير المتدين الذي يراه كشخص يتخبط في الظلام ؟!

إن الحقائق تفرض نفسها، كما يفرض المطهّر الفعال قوته على الجراثيم. لدى فإن الدوغمائيين "سجناء الحظائر" من يتجولون بالمواقع المخالفة لتوجهاتهم الفكرية، والخاصة بنشر أفكار معينة حتى يتسنى لمعتنقي فكر شبيه التعبير عن ذاواتهم، الذين يسعون لدحض أي فكر مخالف لهم حتى لو كان يُنشر بمنطقة بعيدة عن حظيرتهم. إنما هم مثل من يزور موقعا إباحيا ليضع له تعليقات مفادها أن ما يقومون به يعتبر "عيبا" ويلزمهم أن يستتروا !! . إن الزيارة واضافة التعليق كافية لاظهار أن عملهم ناجح، ما سيدفعهم للاستمرار وزيادة الانتاج، ففشلهم مرتبط بتجاهلهم وليس بالمنظور الأخلاقي للزبون ! .

لأنه سبق ولمحنا بعض المُعلِّقين "المتدينين" الذي يطلبون من موقع ما حذف مقال أو يقومون بشتم وسب كاتبه لأن المقال يتضمن افكارا ضد الدين أو يدعُ للعلمنة، والكارثة أن الموقع "علماني" ويضع "العلمانية" كلافتة بأعلى صفحته لتوضيح أن الموقع مخصص لهذا النوع من الأفكار. فالأمر شبيه بمن يقوم بسب الكتاب وشتمهم لأنهم ينشرون أفكارا دينية ويدعون إليها بموقع "إسلامي" أو "مسيحي" ! . إن لم ينشروها بموقع مخصص لما يدافعون و يدعون له، أين تريد أن ينشروها ؟! بسطوح منازلهم ؟!! .

إن مُعلِّقاً غبيا قادر على خنق كاتب ببداية مشواره خاصة لو كان حساسا من جهة النقد. لأن تسخيفا لأفكاره وتحقير لمقاله قد يسبب له صدمة، خاصةً إن كان أول مقال له ! وهذا نظرا لأن المُعلِّق يجد ما وصفه الكاتب لا يتلائم مع الثمار الفكرية التي التهمها بحظيرته ! . فمثل هذا النوع قادر على دحض نظرية فيزيائية بقصيدة شعرية كتبها جاره بتلك الحظيرة، وليس بنظرية فيزيائية أكثر تماسكا !! .

لا يمكن تخيل "المتدين" كيف يبدوا حينما يحاول أن يقنع "ملحدا" بنصوص معينة، وهذا الأخير ليس فقط غير مقتنع بصحتها بل يرى أن حتى كاتبها لم يوجد أصلا (كشخصية خيالية) ! . كما لا يمكن تخيل "الملحد" كيف يبدو بنظر "المتدين" وهو يحاول تنويره، وهذا الأخير يراه كأبله يعاني من شيء ما بعقله ! .

يجب عرض الأفكار مثل ما تُعرض الأغراض بالسوق، من يرغب بغرض ما سيأتي ليقتنيه. فلنتخيل سوقا يقوم فيه البائعون بإمساك أي زبون يمر بالقرب من المحل ويهددونه : بإما أن يشتري منهم أو سيقطعون أصابعه !! . أما إن هرب الزبون لمحل آخر، فطبعا سيقوم (البائع) بحرق ذلك المحل (الذي لجأ اليه الزبون) ! .

تباً إن هذا هو ما حصل بتاريخ السوق الفكري ! .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش :

1 : موقع مقالات إسلام ويب - حديث : أُمرت أن أقاتل الناس.



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإهمال ولفت الانتباه
- اليمين واليسار وحرية التعبير
- رسالة مراهقة لأبيها
- المغرب والانفصام الاجتماعي، كمغرِبَيْن
- السلطة بين الخاضع والمُخضِع
- استقطاب جِهادي
- هل نفى المسيح نبوة محمد ؟
- تربية الأنثى أو إنتاج شخصيات عُصابية
- 10 أسئلة محيّرة
- عندما تُفهم النظرات بشكل خاطئ - تحايل لغة الجسد
- عندما تتناقل الجرائد أغلاطا صُحفية‏
- اختبار كشف نوع الشخصية
- الإنسان بين الدين والإلحاد والولاء القبلي
- 10 تصرفات تكشف عن نفسيات أصحابها
- أنا الوطن
- أشهر 20 تخريفاً في العالم !
- جلسة مع مؤرخ
- لعنة الجمال
- إعجابي..
- لمحة تاريخية عن فستان الزفاف : لماذا الأبيض ؟


المزيد.....




- المرشد الأعلى علي خامنئي اختار 3 شخصيات لخلافته في حال اغتيا ...
- حماس: إحراق المستوطنين للقرآن امتداد للحرب الدينية التي يقود ...
- عم بفرش اسناني.. ثبت تردد قناة طيور الجنة 2025 على الأقمار ا ...
- تردد قناة طيور الجنة: ثبت التردد على التلفاز واستمتع بأحلى ا ...
- مصادر إيرانية: المرشد الأعلى علي خامنئي يسمي 3 شخصيات لخلافت ...
- طريقة تثبيت قناة طيور الجنة بيبي على القمر نايل سات وعرب سات ...
- وردة المسيح الصغيرة: من هي القديسة تريز الطفل يسوع وما سر -ا ...
- سلي طفلك تحت التكييف..خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة 2025 ...
- فوق السلطة: شيخ عقل يخطئ في القرآن بينما تؤذن مسيحية لبنانية ...
- شيخ الأزهر يدين العدوان على إيران ويحذر من مؤامرة نشر الفوضى ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حمودة إسماعيلي - هداية الملحدين وتنوير المتدينين