أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حمودة إسماعيلي - تربية الأنثى أو إنتاج شخصيات عُصابية















المزيد.....

تربية الأنثى أو إنتاج شخصيات عُصابية


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4230 - 2013 / 9 / 29 - 20:26
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


أنا لم أوجد فقط لأتعلم الطهي ثم أتزوج فانجب أطفالاً ثم أموت ! إذا كانت هذه هي القاعدة في بلدي فسأشذ أنا عنها
¤ كوليت الخوري

تعتبر التربية من أكثر العوامل مساهمة في تشكيل شخصية الفرد، وشخصية الفرد هي واقعه وقدره وتحديده لذاته في العالم والوجود. وتعتمد التربية على أفكار ومفاهيم اجتماعية (عادات وتقاليد الخ) تشكل شخصية المجتمع ـ الواقع الاجتماعي ـ الذي تعمل مؤسساته (منها الأسرة) على ترويض الأفراد للتلائم معه، انطلاقا من نماذج تربوية مستقاة تخدم ـ غرض ـ تشكيل الأفراد بما يلائم الواقع الاجتماعي (حفاظا على استقراره واستمراره ككتلة أو وحدة). فيتم ملائمة الأطفال مع المجتمع ليلائهم هو كذلك عند النضج ! فيُعيدوا كذلك انتاج نفس المنظومة التربوية للجيل اللاحق، ليتكرر انتاجها جيلا بعد جيل كدورة ثقافية لا يطالها التغيير ـ إلا بنسب طفيفة نتيجة التغيرات المفاجئة، سواء كإنتاج/تغيير من داخل الوسط أو من خارجه(كوسط آخر مؤثر).

ومن ضمن مكونات التربية نجد الدين (كدور) مهيمن في العملية (خاصة عندما نتحدث هنا عن المجتمع العربي)، باعتباره (الدين) مؤسسة لها دور/قرار/تأثير في الحُكم السياسي على المجتمع. ونظرا لأنه أسّس تاريخيا نظاما ذكوريا، يُركّز على الفروق الجنسية بالإنسان، فإنه سيعتمد في منتجه الثقافي ونظامه التربوي على نموذجين خاصين بكل جنس (الأنثى والذكر).
ومن اليهودية مرورا بالمسيحية إلى الاسلام، تم العمل على ترويض الرجل كفاعل آمر صاحب سلطة سياسية/اقتصادية/ثقافية (كمتلقي لرسائل السماء)، وتم ترويض الأنثى كمساعدة وراعية وخادمة (آثمة بنظر السماء). لكن يمكن أن نجد أن لمريم العذراء ـ كأنثى ـ لها دور وسلطة في المؤسسة الدينية، توازي سلطة الذكر في رعايته وبركته ـ كمؤثر ايجابي (كما نلاحظ بالدعوات الموجهة إليها) ـ غير أن الأمر مرده لتأثير الأديان الوثنية بالمسيحية، وسكب أغلب رموزها لدى اعتناق الدولة الرومانية بعهد "جايوس كوستانتينوس" ـ أو قسطنطين ـ للمسيحية كديانة رسمية، وتحويل المعابد الوثنية لكنائس. ليندمج الدين الوثني ـ الذي تحظى فيه الأنثى بمكانة كمتداد لسلطتها القديمة (ام الاله وحبيبته) ـ وتبرز مفاهيمه (كزيادة) في الإعلاء من قيمة العذراء "كأم للرب" موازية لسلطته. بل إن سلطتها تتجاوزه ـ على مستوى اللاوعي ـ باعتبار الأنثى أم الذكر (الخالقة والراعية والموجدة له). لهذا نجد مكانة/تأثير الأنثى كأم للملك أو النبي تختلف عن مكانة/تأثير باقي النساء (وحتى الرجال) بالمجتمع، "كأداة انتاج" للسلطة و"وسط" لرعايتها (الابن).

وبالنسبة للمجتمع العربي، والذي ما أن يُذكر فيه لفظ انثى/امرأة حتى تُشغّل أسطوانة "أنها في ظل الدين حظيت بمكانة لم تحظى بها من قبل" ـ كإشارة للإسلام كدين مؤسسي - الأكثر انتشارا وتأثيرا بالمنطقة ـ بل أن الأمر يصل حد قول أنه "اختصها بامتيازات عن الرجل تقديرا واكراما لها"، غير أن التاريخ يكذّب هذا الأمر ف"المرأة الجاهلية كانت تتمتع بحرية واسعة تكاد تتكافأ مع حرية زميلها الرجل في مجتمع عديم الدولة. ولم يكن المنزل يعني عندها أكثر مما يعنيه للرجل إلا في حساب التدبير المنزلي ـ المعهود اليها ـ واعتبارات الامان التي تجعلها اقل قدرة من الرجل على الحركة في الخارج. وقد تبدل هذا الحال في الاسلام ففقدت المرأة كثيرا من حريتها – وفرضت عليها قيود لا يعرفها اهل الجاهلية. ويتصل هذا التحول باكتمال تطور المجتمع العربي في الاسلام نحو الابوية الذكورية الناجزة مع نشوء الدولة القائمة في جوهرها السياسي والتشريعي على اقتصاد التملك الخاص والمدارة من طرف الرجال. وهذا يعني وجود الدولة كمظهر شامل وجود القيد على حرية الافراد رجالا ونساء لكن قيود المرأة كانت اشد"(1) ! . لتُقيّد بالمنزل وأعباءه كمهمتها بالحياة، مايعني خلق نموذج ترويضي يخدم هذا الدور (المنوط بها)، عند القيام بتربيتها.

في تقرير فرويد الذي يتطرق فيه لحالة دورا (المريضة بالهستيريا)، اعتبر أمها التي وصفها "بالغير مثقفة-عادمة الذكاء.. شغلها الشاغل طوال اليوم تنظيف الشقة وترتيبها، والعناية بالأدوات المنزلية"، ليُدرجِها تحت مُسمّى "عُصاب مدبرة المنزل" ـ والعُصاب هو الانفصام الذي لم يصل بعد لأوجه - هذا الأخير الذي ينسحب الشخص على اثره من الواقع ويدخل لعالم وهمي من خياله (للقيام بمهمة فيه أو دور) ـ (باعتبار أنها) مثلها مثل مدبرات البيوت (الغير مدركات لعصابهن حسب تعريفه) !! .

فالأنثى هنا تنفصل بالتدريج عن الواقع (كانسحاب من زخم الحياة اليومية)، والتركيز على عالمها الصغير (البيت) كدورها في المجتمع/الحياة ! وأي دور ؟! الأطفال يقوم الشارع والمؤسسة التعليمية بتربيتهم، والرجل ينشغل بالحياة الواقعية ـ كمؤثر وفاعل وهو لا يختلف/يتميز عنها في شيء ـ .
(دورها) فقط القيام بطقوس يومية بسيطة (من تنظيف وكنس وترتيب) انطلاقا من خدعة أنها أعظم مهمة/دور ملقاة على عاتقها بالحياة المجتمعية ـ كما يعتقد المنفصمون أنهم يقومون بمهمات كونية وأدوار تاريخية ! ـ .

فإذا كان المجتمع العربي يهدف بنظامه التربوي إلى انتاج الإناث كشخصيات عصابية، فإنه قد نجح. وفشلت المجتمعات التي يسمح للنساء فيها بقيادة المجتمع سياسيا، تلك المجتمعات الإباحية (أو التي تشجع عليها) ـ بتعبير المنوّمين مغناطيسيا، الذين لايدركون أنه فقط لعقود خلت كانت النساء (الجواري) بالمجتمع العربي ملزمات بعدم تغطية صدورهن ! ـ . وفعلا المجتمع العربي لم يكن يُشّجع على الإباحية، لأنه كان يعيشها ! .

ولا يقف الأمر عند العُصاب، فهدف التربية العربية للأنثى هو انتاج حذاء : "الحذاء الزوجة لانها موطوءة كالنعل"(2) ـ بشرح الزبيدي (علامة بالحديث واللغة العربية والأنساب ومن كبار المصنفين في عصره).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش :

1 : هادي العلوي - المرأة في الجاهلية المرأة في الاسلام، مجلة النهج عدد 5، 1995 ـ ص16
للمزيد أو سهولة الاطلاع :
http://www.sotaliraq.com/womens-world.php?id=16322#axzz2gIB6YN5k
2 : راجع السطر ماقبل الأخير بالموقع :
http://islamport.com/w/lqh/Web/1159/8340.htm



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 10 أسئلة محيّرة
- عندما تُفهم النظرات بشكل خاطئ - تحايل لغة الجسد
- عندما تتناقل الجرائد أغلاطا صُحفية‏
- اختبار كشف نوع الشخصية
- الإنسان بين الدين والإلحاد والولاء القبلي
- 10 تصرفات تكشف عن نفسيات أصحابها
- أنا الوطن
- أشهر 20 تخريفاً في العالم !
- جلسة مع مؤرخ
- لعنة الجمال
- إعجابي..
- لمحة تاريخية عن فستان الزفاف : لماذا الأبيض ؟
- دراسة الحزن
- ما الحب ؟
- وجع الثقافة
- عقلية الزفت
- جلسة تحضير أرواح
- فعل الخير
- أسلوب الكتابة
- المرأة ولغز الأنوثة


المزيد.....




- مقتل امرأة وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلي لمنزل في رفح جنوب ...
- “لولو بتدور على جزمتها”… تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر ناي ...
- “القط هياكل الفار!!”… تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 لمشاهد ...
- السعودية.. امرأة تظهر بفيديو -ذي مضامين جنسية- والأمن العام ...
- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حمودة إسماعيلي - تربية الأنثى أو إنتاج شخصيات عُصابية