أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمودة إسماعيلي - استقطاب جِهادي














المزيد.....

استقطاب جِهادي


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4236 - 2013 / 10 / 5 - 22:38
المحور: الادب والفن
    


وقف أمامي، مدّ (كلتا) يديه ليصافحني مبتسما :

ـ السلام عليكم
ـ وعليكم السلام

هو والشخصان اللذان ظلا خلفه يرتدون نفسه "القميص" الأبيض، ونفس الحذاء الجلدي الأسود، هو فقط يلبس طاقية ملونة بالأخضر والأبيض، أما الآخران اللذان ينتظرانه من مسافة ليس ببعيدة، فيرتدي كل منهما عمامة صفراء.

ـ أُعرّفك بنفسي، أنا اسمي خالد، قاطن جديد هنا بالحي، داعية ديني.. أراك دائما تجلس بهذه الحديقة، وتبدو شخصا طيبا لهذا وددت التعرف إليك.

لم أدري بماذا أرد :

ـ تشرفت بمعرفتك سيد خالد، أنا اسمي سفيان، اقطن مع عائلتي، منزلي هناك .. ذاك الذي فوق حانوت العطّار.
ـ سيد سفيان، هل تصلي ؟
ـ أحيانا !

تبسم وقال :

الصلاة شيء مهم ياسفيان، والمسجد قريب من البيت، وأنت تجلس أغلب الأوقات بالحديقة هنا أمام المجسد، لن تأخد الصلاة منك أكثر من 5 دقائق.. وأجرها عظيم عند الرب سبحانه.
ـ فعلا ما تقول، غير أنني لا أحب أن أصلي ثم أنقطع عن الصلاة، اطلب لي الهداية لعل الله يقويني عليها.

تبسم ثانية وأردف :

سيهديك الرب انشاء الله يا سفيان، أنا أقوم بجلسات مع بعض الإخوة في البيت، نسمع أحاديث دينية ونذكر ربنا تبارك وتعالى.. هل مازلت تدرس ؟
ـ نعم، شعبة الاقتصاد.
ـ ما شاء الله، إن لم تكن منشغلا فلما لا تأتي معنا ليذكرنا الله ؟ فهو يقول : "اذكروني اذكركم".
ـ صدق الله العظيم.

صعدنا للطابق العلوي، فتح الباب .. وما ان دخلنا الصالة، حتى رأيت ما يقارب 5 أو 6 أشخاص بلحياتهم الكثيفة وملابسهم التي تدل على سلفيتهم.

حيّا خالد أصدقاءه وهو يقول :

ـ أقدم لكم أخانا الجديد، سيد سفيان.. طالب بشعبة الاقتصاد

ابشرت وجوه الجميع وهم يصيحون :

أهلا بك..
مرحبا بالبطل ..
بارك الله بالشباب ..
تعال اجلس بجانبي ..

بعد المصافحات، وعناق بعضهم لبعض أو بعضنا لبعض ! .. استرسل احدهم في الحديث، وكان يبدو أنه تكملة لما كان يقوله قبل مجيئنا.

"رسول الله هناك ينتظرنا .. آه لو تعلمون يا أخوتي كما يحبنا، كم تعذب من أجلنا.. كيف سنلاقيه ؟ كيف سننظر إلى وجهه عندما يسألنا عن حال الإسلام ؟ وعمّا قمنا به لأجل هذا الدين.. "

كان الجميع ينصت له بخشوع، إلا واحدا منهم، ظل طوال الجلسة ينظر إلي، وكأنه لا يرتاح إلى حضوري، رجل في الخمسينيات بلحية بيضاء قصيرة ودرهم أسود في جبهته.
حتى عندما يلتفت فسرعان ما يعود للنظر إلي وكأنه مكلف بالمراقبة !! .

أجهش أحدهم بالبكاء، وهو شاب صغير في السن ربما يبلغ 17 أو 18 سنة.

ـ انه سريع التأثر (همس لي خالد قرب اذني) ويَغِير كثيرا على الدين.

همست بدوري لخالد :

ـ سيأتي صديقي بعد قليل إلى بيتي ولن يجدني، سأذهب لملاقاته وأعود.. سأحضره معي إن كان هذا الأمر لا يزعجكم.
ـ إطلاقا، أنتم الشباب هم عماد هذا الدين، ونحن نعتمد عليكم.

تجمعوا حول الفتى ليخففوا عنه، وكنت متأكدا أن وجه "الدرهم" ينظر إلي وأنا أغادر الصالون مع خالد.

رافقني حتى الباب وهو يحاول أن يُفهمني، أن جماعته جماعة دعوية دينية، لا علاقة لها لا بالسياسة ولا تنخرط بأي تنظيم أو تحزب.

ـ أنت الآن صرت واحدا منا يا سفيان، جماعتنا لا تهدف إلا للخير، في زمن ضاع فيه المجتمع والناس. الفساد يملأ الأرض، ونحن فقط نقوم برسالتنا في الحياة وهي توجيه الناس لطريق الله والخير. وأكرر أن هذا الأمر لن يحدث إلا بمساعدة الشباب أمثالك.
ـ بارك الله فيه

أدخل يده في جيبه، ومد إلي -10 دولارات-.

ـ خدها يا سفيان، حتى تذهب وتعود في سيارة أجرة.
ـ لا أرجوك، المنزل قريب.
ـ لا تخجل مني، أنا مثل أخاك الكبير..
وإن احتجت إلى اي شيء فلا تردد بسؤالي، مهما كان المبلغ الذي تحتاجه.

كان سيدخل معي في نقاشات حول الزواج، لكني انسللت منه بحجة أن صديقي سيغضب مني اذا ظل ينتظر لمدة طويلة.

ما إن تجاوزت المنزل بعدة أمتار حتى أخرجت هاتفي :

ـ سعيد، إن الجماعة التي كنت مكلفاً بمراقبتها تبيّن أنها ليست جماعة دينية عادية، ويبدو أن لها علاقة بتنظيم ارهابي تستقطب له مُتطوعين. لقد لمحت احد المستهدفين الذين نبحث عنهم مُتخفيا بينهم، انه موجود لقد تأكدت من الأمر بنفسي وهو الخيط الذي سيوصلنا للباقين.. لا أستطيع أن أشرح أكثر إنها قصة غريبة سأرويها لك لاحقا، ليس لدينا وقت.. أعلِم الطاقم أن يحضروا حالا قبل أن يفلت منا.. ستجد العنوان في رسالة نصية.



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل نفى المسيح نبوة محمد ؟
- تربية الأنثى أو إنتاج شخصيات عُصابية
- 10 أسئلة محيّرة
- عندما تُفهم النظرات بشكل خاطئ - تحايل لغة الجسد
- عندما تتناقل الجرائد أغلاطا صُحفية‏
- اختبار كشف نوع الشخصية
- الإنسان بين الدين والإلحاد والولاء القبلي
- 10 تصرفات تكشف عن نفسيات أصحابها
- أنا الوطن
- أشهر 20 تخريفاً في العالم !
- جلسة مع مؤرخ
- لعنة الجمال
- إعجابي..
- لمحة تاريخية عن فستان الزفاف : لماذا الأبيض ؟
- دراسة الحزن
- ما الحب ؟
- وجع الثقافة
- عقلية الزفت
- جلسة تحضير أرواح
- فعل الخير


المزيد.....




- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- فيديو صادم.. الرصاص يخرس الموسيقى ويحول احتفالا إلى مأساة
- كيف حال قرار بريطاني دون أن تصبح دبي جزءاً من الهند؟
- يجتمعان في فيلم -Avengers: Doomsday-.. روبرت داوني جونيور يش ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمودة إسماعيلي - استقطاب جِهادي