أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - تونس: في ضرورة الانقلاب الثالث














المزيد.....

تونس: في ضرورة الانقلاب الثالث


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4247 - 2013 / 10 / 16 - 23:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في الحقبة الزمنية الحالية التي يعاني فيها المجتمع التونسي من شحٍّ في الحلول الملائمة لفك الاحتقان السياسي ولتجاوز الأزمة متعددة الجوانب، وفي الوقت الذي تحاول فيه تونس تجنب الانقلاب العسكري على الطريقة المصرية وبينما كثر الحديث عن أنّ بلدنا يعيش ما سمي بـ"الانقلاب المدني" (بواسطة المبادرة الرباعية)، حريّ بنا أن نتعمّق في ماهية المشكلة عسى أن نهتدي إلى انقلاب من صنف ثالث لا يكون من بين المسارات المعهودة التي لم تُغننا من جوع.

في هذا السياق نلاحظ أنه عادة ما يكون الواقع هو المقرر بشأن السياسة (الإيجابية) المتناسبة مع الوضع السياسي والإيديولوجي لبلدٍ ما ولشعبٍ ما، عِلما وأنّ الشعب التونسي لا يشذّ عن هذه القاعدة. لكن حتى باعتبار أنّ هذه الأخيرة صحيحة ، أليس هنالك مساحات أخرى يتوجب استكشافها لتكميل القاعدة أو لتثويرها؟

في الأصل ليس هنالك داعٍ لأن نتجنب تكرار ما طرحناه في عديد الدراسات طالما أنّ المشكلة المزمع حلحلتها ما تزال قائمة. أما طرحُنا فمفاده أنّ من الأسباب العميقة جدا للأزمة الفكرية والسياسية التي لوثت الثقافة العربية الإسلامية بالكامل هو المزج، وهو مزج خاطئ وخطير، بين واقع اليمين في السياسة وواقع اليمين في الإسلام. و بالتوازي مع ذلك ما من شك في أنّ هنالك أيضا مزج بين واقع اليسار في السياسة وواقع اليسار في الإسلام.

فهذا المزج بوجهيه الاثنين هو الذي نقدّره كأصلٍ في الخلط بين السياسة والدين وبين الدين والدولة. بكلام آخر إذا أردنا القضاء على الفرع (الخلط) فلا بدّ من إيجاد السبيل إلى إماطة اللثام عن الأصل (المزج يمين/يمين، ويسار/يسار) ومن ثمة القيام بما هو ضروري لإصلاح الأوضاع المتعلقة بالأصل والعالقة كمشكلة مجتمعية إلى حد الآن.

في سياق معالجة الأصل نلاحظ في بادئ الأمر أنّ المزج بين اليمينين وبين اليسارين يعدُّ من الثوابت لا فقط في الواقع السياسي الحالي وإنما أيضا وبالخصوص في فكرنا وفي ثقافتنا. ولكنها ثابتة خاطئة، كما سنرى، ومع ذلك فإنّ النخب لم تهتمّ بها رغم صفة الخطأ التي تسِمها، و لم تهتدِ إلى التشكيك فيها، ناهيك أن تتدارسَها فتُراجعَها ثم تصححَها.

وتتمثل الخطورة الناجمة عن المزج بين اليمينين من جهة و اليسارين من جهة ثانية، في تساوي كل ما هو سيء في السياسة (وهو اليمين: الاستغلال الطبقي وابتزاز اليد العاملة، توخي الرأسمالية المتوحشة كمنوال اقتصادي مهيمن، الخنوع للاستعمار، والاستقواء الامبريالي وما إلى ذلك) مع كل ما هو طيب في الإسلام (وهو اليمين أيضا: الملائكة الحفظة الكرام الذين يسجلون الحسنات على يمين الإنسان، إيتاء الكتاب باليمين، ، تدبر القرآن الكريم، مساندة المستضعفين في الأرض، فعل الخير، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما إلى ذلك من الإيجابيات).

وبالتوازي مع ذلك يتساوى في ذهنية المسلمين كل ما هو جيّد في السياسة (وهو اليسار: السعي إلى توزيع عادل للثروات، تقليص الفروقات الاجتماعية، مجانية الرعاية الصحية والتعليم، و ما إلى ذلك من الأهداف النبيلة) مع ما هو رديء في عيون الإسلام ( وهو اليسار أيضا: السيئات التي تسجلها ملائكة كرام تقع على يسار الإنسان، إيتاء الكتاب بالشِّمال ، مسك الخبز والأكل باليد اليسرى، وهلم جرا).

بالمحصلة هل يجوز أن تواصل ثقافتنا أخذها الخيرَ على أنه شر والشرَّ على أنه خير؟ في سياق المعالجة، نؤكد في مرحلة ثانية على أنّ ما سهّل غض الطرف عن الثابتة الثقافية والعقدية المتمثلة في المزج بين يمينين اثنين متناقضين وبين يسارين اثنين متناقضين، هو خنوع اللغة العربية وذلك بقبولها لمدلولين اثنين يتسمان بالتناقض والتباين لكل واحد من الاسمين ( يمين و شمال ). فالمشكل اللغوي ذو بال ولا بدّ من قراءة ألف حساب له.

وفي مرحلة ثالثة نشدد على ضرورة قلب المفهومين الاثنين لليمين وكذلك قلب المفهومين الاثنين لليسار وذلك بصفة تستجيب للضرورة المعرفية ولو أنّ اللغة سوف تكتفي مبدئيا بضرورة الإتباع لا غير. و من هذا المنطلق لا مناص من معادلة اليمين في السياسة مع اليسار في الإسلام وبطبيعة الحال سيستوي حال اليسار في السياسة كمرادفٍ لليمين في الإسلام.

مع هذا فستبقى المشكلة الأساسية والمشكلات الناجمة عنها مطروحة طالما أنّ الفاعلين الثقافيين لم يحسموا أمر الانقلاب الثالث، وهو من الصنف الابستيمولوجي والمنهجي والتواصلي، وذلك بتبني أحد الخيارين الاثنين المطروحين للخروج من المأزق الراهن:

إما أن نعلن لبقية العالم أنّ اليسار عندنا سيتبدّل اسمه من هنا فصاعدا ويصبح اليمين لكنه نقيضٌ لـ اليمين لديهم ومتساوٍ مع اليسار عندهم، وهو خيار مستعصٍ من الناحية الإجرائية وعلى المدى القريب مع أنه جائز مبدئيا ومنطقيا، و إما أن نتمادى في إتباع بقية العالم في استعمال عبارتَي يمين و يسار مع ضرورة تبديل مدلول كليهما بصفةٍ تتماشى مع ثقافتنا لكي تتغير سلوكيات اليسار ومواقفه نحو الأفضل فيصبح يسارا جديدا مساهما بقسط وافر في تشكيل الطريق الثالث الضروري لتقويم الفكر السياسي.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس: الإسلام بين اليمين و اليسار والحوار بين النفاق والوفاق
- إدماج الإسلاميين لإنجاح المبادرة الوطنية التونسية !
- تونس على ذيل وزغة !
- تونس وكل العرب: اليوم سهرٌ وغدا أمرٌ
- نحن وأمريكا والربع ساعة الأخير
- تونس أكبر من الأحزاب وأغنى من النواب
- الإسلام السياسي فُضَّ فماذا بقي؟
- تونس ومصر: واقعٌ متأسلم ودامٍ، ونخب منتهية الصلوحية
- تونس: اقتراح بعث سلطة من الفكر الإسلامي لتعديل السياسة
- تونس: إنقاذ وطني بلا سلطة للتجديد الديني؟
- المجتمع والإخوان: طرقُ الباب بلا تطرّق إلى الأسباب؟
- مصر وتونس: انقلاب الضلالة أم انقلاب على العمالة؟
- تونس: على النهضة أن تغير اسمها أو أن تتحول إلى جمعية
- تونس: توحيد العقيدة التشريعية ضمانة الإنقاذ الوطني
- تونس: اعتصام الرحيل وعربة بلا سبيل؟
- لماذا هناك سلفيون وإخوان وما البديل؟
- الاغتيال السياسي في بلاد الإسلام والإسلام الموازي
- هل اغتيلت الديمقراطية باغتيال محمد براهمي؟
- هل من انقلاب علمي على الإسلام السياسي؟
- متى سيمرّ العرب من الديمقراطية التابعة إلى المصلحياتية؟


المزيد.....




- الاحتلال يصادق على بناء 730 وحدة استيطانية جديدة في سلفيت
- الاحتلال يطرح 6 عطاءات لبناء 4 آلاف وحدة استيطانية في سلفيت ...
- الاحتلال يطرح 6 عطاءات لبناء نحو 4 آلاف وحدة استعمارية في سل ...
- لبنان: تفكيك مخيم تدريبي لحركة حماس والجماعة الإسلامية
- مصر.. ساويرس يترحّم على القيادي الإخواني عصام العريان ويتفاج ...
- الاحتلال يطرح 6 عطاءات لبناء أكثر من 4 آلاف وحدة استعمارية ف ...
- نصرة الفلسطينيين فريضة لا يجوز التهاون فيها.. ما هي توصيات م ...
- لماذا انتقد الداعية الكويتي سالم الطويل المذهب الإباضي ومفتي ...
- واشنطن تضيق الخناق.. -الإخوان- في مرمى التصنيف الإرهابي
- سالم الطويل.. فصل الداعية الكويتي بعد تهجمه على المذهب الإبا ...


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - تونس: في ضرورة الانقلاب الثالث