أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - هل من انقلاب علمي على الإسلام السياسي؟















المزيد.....

هل من انقلاب علمي على الإسلام السياسي؟


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4154 - 2013 / 7 / 15 - 03:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من المعروف ولو بصفة ضمنية هو أنّ الإسلام ذو صلة تكاد تكون عضوية بلغة القرآن الكريم. وهو مما يجعل اللغة العربية إلى جانب الدين الحنيف إحدى مرتكزات الهوية. لكن فضلا عن المعلوم والمقول، هل من الممكن تقديم فكرة أنّ الدفاع عن اللغة العربية باستعمالها وتطويرها إنما هو عملٌ من الإيمان وترسيخٌ له ودعمٌ للإسلام وبالتالي صمام أمان أمام تمادي الإسلام السياسي في التنامي كبديل ملاذاتي عن العلم في الإسلام وعن السياسة في الإسلام؟

فإلى جانب قناعتنا بأنّ العربية الفصحى هي، من ناحية أخرى، ذات صلة وثيقة باللهجات العامية وبالتالي بأنّ تقريب العامية من الفصحى وكذلك الاستفادة من الفصحى لتغذية العامية كله يصب في مصب واحد، ألا وهو الارتقاء باللغة العربية عموما، سنحاول في هذه الورقة تعزيز فرضيتنا المُلوحة بأنّ النضال اللغوي جهادٌ هو بدوره.

بكلام آخر، نفترض أنّ للعناية باللغة العربية علاقة بالعمل السياسي للمواطن المسلم. ولوضع هذا الأمر في نصابه نُذكر أنّ القوى المناهضة للتحرر العربي بشتى أصنافها، إن في الداخل أم في الخارج، بذلت كل ما في وسعها على امتداد عقود طويلة لكي لا يكون النضال اللغوي عقيدة، بينما هذه القوى سمحت لنفسها باعتناق عقائد فاسدة (وهي الإيديولوجيات الإقصائية) تستخدمها لمجابهة كل تطور طبيعي للغة العربية. ومن بين هذه العقائد نذكر الفرنكوفونية والحركة الأمازيغية المعادية للعربية والإسلام السياسي والحملات اللغوية الصليبية لبلدان أوروبا ذوات اللغات المتطورة.

لكن هنالك مفارقة ليس من الهيّن على من هو حديث العهد بهذا الموضوع أن يصدقها ثم يصادق عليها. ليس ما قدمناه ممكنا إلا بفضل التجربة. لقد جربنا فعلا التعبير والكتابة بواسطة اللغة العربية وأفادتنا التجربة أن الارتقاء بهاته اللغة، ولو أنها اللغة الأم، لن يتمّ بنجاح إلا في صورة أن يكون القائم بالتجربة مجيدا للغة الأجنبية المتطورة. وكلما ازداد إيماننا بتلك المعاينة إلا وبذلنا مزيدا من الجهد لإثبات صحتها حتى انتهينا إلى الإثبات.

أما وسيلة الإثبات فليست ألسنية بالدرجة الأولى ولا هي أدبية. إنها وسيلة علمية انثروبولوجية ذات أس ألسني وآخر عقدي. وهي تتمثل في اكتشافنا لمبدأً مشترك بين اللغة والدين سيمكننا بالاشتغال من دون ريبة في مجال نقل القوة الذاتية للغة الأجنبية إلى قوة للغة العربية المعاصرة. أما المبدأ فهو إجمالا كون الكلام إسلام (لنا أدبيات عديدة تفسره).

والكلام إسلام يعني أننا نتكلم مثلما نتدين وأننا نتديّن مثلما نتكلم. وإذا ذكّرنا أنّ الإسلام عمل وسلوك من جهة وأنّ الكلام عمل وسلوك من جهة ثانية فسننتهي إلى استنتاجات عدة من بينها ذلك الذي يهم الموضوع الذي نحن بصدده: استخراج القوة الذاتية، وهي الحداثة اللغوية وما يرتبط بها من "حداثات"، من صلب اللغة الأجنبية المتضمنة لها أمرٌ ممكن لكن شريطة أن يتم طبعُ المادة المستخرجة بطابع علمي مؤسس على عقيدة التوحيد الدينية الإسلامية.

على هذه الشاكلة سيتسنى لنا، من جهة، الإيمان بأنّ النضال اللغوي جهاد، ومن جهة أخرى الوقوف على مسافة واحدة من اللغات كلها (التي يهتمّ الناطقون بالعربية بإجادتها وبتوظيفها). ومن ثمة سيكون بإمكاننا استخراج البطانة الحداثية منها وضمها، بالتحويل والتوليد، إلى اللغة العربية.

والكلام إسلام يعني في مجال تطوير الفعل السياسي عموما وتسهيل متابعة الأحداث المتتالية على الصعيد المحلي والعربي والاقليمي والعالمي. لكن لسائل أن يسأل: ما دخل اللغة كمادة تعليمية باللغة كمادة سياسية؟ بل وهل للغة وظيفة سياسية؟ وبأية طريقة سينفعني جهاد اللغة لأفهم الوضع السياسي الشائك الذي يسود في مصر الآن وأدرك تبعات ذلك على الوضع في تونس، ولأعرف مع أي صفّ أناضل وبأية طريقة سيكون النضال من أجل درء التبعية ومقاومة الاستعمار الجديد والارتقاء الحضاري؟

من هذا المنظور تتدخل العقيدة اللغوية العلمية، لا بواسطة الإنتاج الكلامي كأداء يومي عادي ولا مباشرة بفضل الاعتناء بالسلامة اللغوية وبإجادة تكلم اللغات الأجنبية. كل ذلك وغيره يندرج في باب المنافع المدرسية واليومية والأكاديمية غير المباشرة وعلى الأمد الطويل للنضال اللغوي. لكن في الحالة التي بسطناها يتعلق الأمر بتحليل الواقع السياسي والعام وذلك بفضل الآليات المتفرعة عن مبدأ "الكلام إسلام" وهي في جملتها تتسم بالتجريبية (الامبريقية) أي الانطلاق من التجربة الإنسانية لمزيد فهم الإسلام وتطبيقه . فالكلام، الذي هو ممارسة وسلوك ، والذي هو إسلام، هو عند المتدرب على إنتاجه بصفة واعية ومطردة نحو الارتقاء عبارة على منبع للأفكار المتسقة من حيث صوابها أو خطأها اتساقا كليا مع صواب وخطأ السلوك أو الممارسة أو الحدث الذي هو بصدد المعاينة و المراقبة من أجل الحكم عليه أو له. وكلما كان الفاعل متدربا على التكلم الصحيح كلما كانت أحكامه على الأحداث والظواهر صحيحة.

على سبيل المثال: شخصان اثنان لا يمك أن يحكما بنفس الطريقة على ما يحدث في الوطن العربي من تقلبات وتحولات إزاء مسألة الإسلام والإسلام السياسي لمّا يكون الأول غير متربٍّ على العقيدة اللغوية والثاني مدربا عليها وماهرا في المرور بسلاسة بين فعل الكلام من جهة وفعل المعاينة والتحليل والتقييم والحكم من جهة ثانية. الأول سيركن إلى إعادة ما تداولته واستهلكته الألسن وما علمته إياه أجهزة الإعلام وربما تنصلت منه. سيقول بضرورة عدم الخلط بين الدين والسياسة وبلزوم التأكيد على الصفة المدنية للدولة وبحتمية تحييد المساجد عن الدعوة السياسية وما إلى ذلك. أما الثاني فسيحاول إقناع الناس بضرورة التحرر التام من كل أشكال الاستبداد بما فيها الاستبداد باسم الدين، بل بتقديم هذا المنحى التحرري كأثر من آثار العقيدة التوحيدية للإسلام . ومن هنا سيحث هذا المجاهد المؤمن بالنضال اللغوي لا على تحييد المساجد (لا معنى لذلك في البراديغم الذي نطرحه) وإنما على ضرورة تغيير الأئمة لخطابهم حتى يتحول من خطاب وعظي تقليدي ببغائي إلى خطاب تحرري بالمعنى الذي ذكرناه أنفا، ولا على التشديد على الفصل بين الدين والسياسة وإنما على تزويد الناس بعروض ضافية تُريهم كيف يمارسون التمييز بين المجالين الاثنين وذلك طبقا لنفس المبدأ العلمي والنظرية المبنية عليه ("التناظر والتطابق"بين اللغة والإسلام)، ولا على المناداة بالدولة المدنية وإنما بالتجسيد اليومي للسلوك المدني، وهو سلوك ميداني (أي لغوي وكلامي).

بالنهاية قد يكون المنادي بالدولة المدنية هو نفسه ممن سيكونون أول من يرسون الدولة الدينية لو توفرت لهم الظروف لتحقيق ذلك. وقد يكون المطالب بفصل الدين عن السياسة هو أول من يمزجون بينهما لو توفرت لهم الظروف لتحقيق ذلك. أي لمّا يكون الشخص المناهض للإسلام السياسي هو بدوره مفتقرا إلى الأس الفسلفي الممون للمنهجية الميدانية ما عليه إلا أن يعنَى بتجسير هاته الهوة العلمية أكثر من مضيعته للوقت وللجهد في مواجهة الشخص الآخر (الإسلاموي) متجاهلا أنه شريكه في الجهل. فبعد "الانقلاب" العسكري على الإخوانية هل من انقلاب علمي عليها؟




#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى سيمرّ العرب من الديمقراطية التابعة إلى المصلحياتية؟
- تونس: باكالوريا أم امبريالية الرياضيات؟
- تونس: هل انقلبت علينا الديمقراطية؟
- تونس: هل التجديد التربوي مسألة مباهج أم مناهج؟
- من تحزب خان..
- تحكمت بنا كلمة فاستباحتنا موزة..
- تونس والسلفية: هل عُدنا إلى التعلل بدولة القانون؟
- ما البديل عن الديمقراطية الإرهابية؟
- المشروع العربي التونسي: -مدرسة ومجتمع الغد-
- تونس بين الإبهام والإرهاب
- ما -الإسلاميات اللغوية التطبيقية- وما -اليسار المؤمن-؟
- الجدلية المادية وتوحيد المسلمين
- فكرٌ بديل بلا بُدلاء، ومدرسة بلا علماء؟
- تونس: طبيعة الإصلاح التربوي وأجزاؤه
- إلى وزير التربية في تونس: كلا، يتوجب البدء في الإصلاح من الآ ...
- هل باستطاعتنا إنجاز الاختراق الحضاري؟
- تونس:اللغة الفرنسية تستبيح .. ثم تستغيث
- تونس: حتى لا يكون الإصلاح التربوي استمرارا للتجهيل
- تونس: السياسيون لا يفقهون في خطاب التحرر
- تونس: هل النهضة ستبقى النهضة؟


المزيد.....




- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - هل من انقلاب علمي على الإسلام السياسي؟