أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد الحمّار - تونس: هل انقلبت علينا الديمقراطية؟














المزيد.....

تونس: هل انقلبت علينا الديمقراطية؟


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4117 - 2013 / 6 / 8 - 02:24
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


أعتقد أننا نعيش سياسيا على فضلات الديمقراطية الغربية. ولا يليق بنا أن نتمادى في الإبحار على هذا المسار. كيف يتجلى ذلك وما هي أسبابه وما هي السبل الكفيلة بطبخ الطبق الديمقراطي الأصيل ثم تناوله بنهم والاضطلاع به محليا وإقليميا وعالميا؟

إننا فعلا نعيش على نتائج ومحاصيل الثقافة الديمقراطية الغربية من أمثال حقوق الإنسان وحقوق المرأة والحقوق الأساسية والحريات العامة والحقوق المدنية وغيرها، ولا نستفيد من مقاربات التحرر الذاتي التي تمنحها لنا هذه الترسانة، أي لا نتخطى مسارا ذاتيا يوصل إلى تلكم القيم والمفاهيم ولو كان ذلك (وينبغي أن يكون) بصيغ مختلفة. لكن بالطريقة الحالية المختلة نحن شاهدون على انقلاب الديمقراطية علينا، وهذا مما لا يمَكننا من تأسيس نظام حكم ديمقراطي.

لنرَ ما الذي يميّز الديمقراطيات الغربية عن الديمقراطية المعوقة التي أوهمْنا أنفسنا بأننا بصدد الانتقال إليها، عسى أن نهتدي إلى الطريق المؤدية إلى الديمقراطية الحقة. أولا، نلاحظ أن الديمقراطية الغربية ولدت على إثر حراك عالمي خرج منه الغرب منتصرا. وأعني بذلك الحربين العالميتين. بكلام آخر لو لم تنتصر الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا (بالخصوص) لَما كانت قادرة على إرساء الديمقراطية، في بلدانها في مرحلة أولى ثم في البلدان الغربية المنهزمة مثل إيطاليا وألمانيا في مرحلة ثانية، ثم سينتظر العالم سنة 1989 لكي يشهد باقي التحولات الديمقراطية في بلدان "حلف فرسوفيا" (شرق أوروبا والاتحاد السوفياتي سابقا) فيستقيم العالم الغربي بأكمله (عموما) على نفس الموجة.

فهل هذا يعني أنّ "الأمة" أو العالم العربي الإسلامي مضطرّ لشنّ حرب على العالم لكي يقتفي أثر الديمقراطيات ويحقق الديمقراطية؟ تكون الإجابة بالنفي طبعا لمّا نعلم أنّ الحروب التي خاضها الغرب لم تستهدف نشر الديمقراطية بل استهدفت نشر قيم الحرية تبعا لاستقلال الولايات المتحدة الأمريكية عن بريطانيا (1776) والمغانم المعنوية والحرياتية للثورة الفرنسية (1789) وغيرها من الآداب والمعاني التي انبثقت عن حركات التنوير والتحرر الإنساني والثورة الصناعية. أما الحكم الديمقراطي فجاء كنتاج لنجاح تلك الحملة التربوية والسياسية الكونية.

والاستنتاج الذي يطرح نفسه في هذا المستوى هو: إنّ "الأمة"، أو الشعوب العربية الإسلامية، لم تسلك مثل هذا النهج أبدا، و بإتباعها محاكاة الغرب تكون قد قفزت على المكان وعلى الزمان وبالتالي لن يكون بإمكانها إرساء الديمقراطية.

بهذا المعنى يكون بروز الإسلام السياسي وتميّزه في الآن ذاته بزعمه قبول الديمقراطية من جهة وبانتهاجه سلوكا رافضا لها (الازدواجية) من جهة أخرى، دليل على أنّ رفض الديمقراطية ليس مأتاه طبيعة الإسلام السياسي وإنما مأتاه الاحتقان (الذي سيتسبب في بروز الإسلام السياسي؛ وليس العكس صحيحا في الأصل)، لدى النخب المثقفة والسياسية كافة، وهو احتقان ناجم عن لاتاريخية المنهجية الديمقراطية التي تتشدق بها النخب الحداثوية من ناحية ويمتعض منها الإسلاميون أو يتزلفون لخصومهم بشأنها من ناحية ثانية. بكلام آخر، إنّ الإسلام السياسي تجسيد مقَنَّع لتناقضات الديمقراطية في مجتمع غير ديمقراطي وإيذان باستحالة تحقيق هذه الأخيرة إلا في صورة حصول تغيير منهجي جذري.

ميدانيا، ما العمل أمام هذا الوضع الحرج وفي هذا الظرف الذي تعرف فيه بلادنا ذروة التناقضات وحدّة التجاذبات المتميزة خصوصا بتعثر التوافق حول مشروع الدستور وبالعنف السياسي وبالإرهاب فضلا عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمالية المتردية؟ هل يتوجب علينا نقل قيم الأخلاق والحرية والحداثة عن الولايات المتحدة وفرنسا ومنه شنّ حرب على العالم ابتغاء نشر هذه القيم بأيدينا؟ إنّ الطريق واضح، لكن على قدر وضوحه تأتي الصعوبة بشأن استبطان معناه وتوفير مكوناته ثم انتهاجه.

كيف لا يكون ذلك كذلك وهو الطريق الذي يتطلب ترك الديمقراطية جانبا أي ادخارها والصوم عنها لكي ننشغل بما هو أعمق وأكثر أصالة واستعجالا، لكنه يفضي بالرغم من ذلك إلى تحقيق صيغة من صيغها ونموذج من نماذجها في نهاية المطاف: البحث عما يمكن أن تقدمه "الأمة" إلى العالم وأيضا عمّا يتسنى لها أن تأخذه منه؛ القيام بجردٍ مستحدث ومتجدد ومستفيض لواجبات هذه الأمة وأيضا لحقوقها، بدءً بالحي والحارة التي يعيش فيها المواطن وانتهاءً إلى الوطن العريض ومرورا بالقرية والمدينة والبلد والموطن والجار والمغاربي والنظير العربي. وهذا مما سيحفز الناشئة والأجيال الصاعدة على التحرك من أجل تغيير ما بهم وتغيير بيئتهم وتغيير العالم.

في الأثناء سنكون مُجبرين على قلب الأدوار والوظائف، وذلك طبقا لتبديل التمشي و الغايات و الأهداف تباعا. سنلجأ إلى استخدام آليات الانتقال الديمقراطي كأدوات، لا كغايات في حدّ ذاتها كما يحدث في الوقت الراهن. حينئذ سيتحول المجلس الوطني التأسيسي إلى مرصدٍ للأفكار والمقترحات، والهيئات المنبثقة عنه إلى خلايا تنفيذية لتوصيات الشعب، وأجهزة الإعلام (المستلبة حاليا للتمشي المعوجّ) إلى مرآة للوجدان والعقل المجتمَعيين.

أما الأسرة والمدرسة والشارع فستكون ملزمة بالارتقاء إلى مرتبة الفاعل والمتفاعل الأصلي والأساسي إزاء مؤسسات الدولة الجديدة. وهل يتم هذا من دون إصلاح هذه البيئات الثلاث من باب أولى أي كمدخل لإرساء دولة الخلافة (من الاستخلاف) الديمقراطية؟



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس: هل التجديد التربوي مسألة مباهج أم مناهج؟
- من تحزب خان..
- تحكمت بنا كلمة فاستباحتنا موزة..
- تونس والسلفية: هل عُدنا إلى التعلل بدولة القانون؟
- ما البديل عن الديمقراطية الإرهابية؟
- المشروع العربي التونسي: -مدرسة ومجتمع الغد-
- تونس بين الإبهام والإرهاب
- ما -الإسلاميات اللغوية التطبيقية- وما -اليسار المؤمن-؟
- الجدلية المادية وتوحيد المسلمين
- فكرٌ بديل بلا بُدلاء، ومدرسة بلا علماء؟
- تونس: طبيعة الإصلاح التربوي وأجزاؤه
- إلى وزير التربية في تونس: كلا، يتوجب البدء في الإصلاح من الآ ...
- هل باستطاعتنا إنجاز الاختراق الحضاري؟
- تونس:اللغة الفرنسية تستبيح .. ثم تستغيث
- تونس: حتى لا يكون الإصلاح التربوي استمرارا للتجهيل
- تونس: السياسيون لا يفقهون في خطاب التحرر
- تونس: هل النهضة ستبقى النهضة؟
- تونس: حكومة بلا فكرة محركة؟
- تونس: أية حكومة جديدة في ظل فكر سياسي جامد؟
- هل عادت تونس إلى المربع الثوري الأول؟


المزيد.....




- لقاء وحوار بين ترامب ورئيس بولندا حول حلف الناتو.. ماذا دار ...
- ملخص سريع لآخر تطورات الشرق الأوسط صباح الخميس
- الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
- هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يخرج التدريس من -العصر الفيكتو ...
- دراسة تكشف تجاوز حصيلة قتلى الروس في معارك -مفرمة اللحم- في ...
- تدمير عدد من الصواريخ والقذائف الصاروخية والمسيرات والمناطيد ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /18.04.2024/ ...
- -كنت أفكر بالمفاتيح-.. مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة ...
- تعرف على الخريطة الانتخابية للهند ذات المكونات المتشعبة
- ?-إم إس آي- تطلق شاشة جديدة لعشاق الألعاب


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد الحمّار - تونس: هل انقلبت علينا الديمقراطية؟