أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد الحمّار - نحن وأمريكا والربع ساعة الأخير















المزيد.....

نحن وأمريكا والربع ساعة الأخير


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4197 - 2013 / 8 / 27 - 13:26
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


يبدو أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تعدّ نفسها للأمتار الأخيرة التي ستقضي خلالها على العالم الإسلامي وقلبه النابض، الوطن العربي، وذلك بعد أن عبّرت عن نيتها لضرب سورية. ولم نعُد نعجب لنية العدوان الأمريكي بدعوى حماية المدنيين من الأسلحة الكيميائية، ولو كانت المحصلة من التفتيش الدولي خليطا من البهارات والتوابل والدقيق إن لم نقل صفرا، كما كان الحال في العراق قُبيل احتلاله في سنة 2003.

ففي الآونة الأخيرة رفعت الولايات المتحدة إلى أقصاه احتياطي القدرة لديها على إشعال الفتنة في لبنان وفي سورية. وقد جاء ذلك بعد أن تأكدت أنّ مصر لن تكون تابعة لها بخصوص عودة الإخوان (أو أيّ طيف سياسي افتراضي آخر ولو كان من سلالة العم سام بعينه) إلى الحكم.

ماذا تريد منا الولايات المتحدة، طبقا لمخططات "الشرق الأوسط الكبير" وأداة تنفيذه "الفوضى الخلاقة"، غير نفط وغاز الخليج العربي والشرق الأوسط وشمال إفريقيا من جهة مع إثارة هجرة الأدمغة العربية الإسلامية نحو المركز الرأسمالي (الولايات المتحدة) وتخومه (أوروبا)، ومن جهة أخرى تطويع شعوب العالم العربي الإسلامي لإرادتها عبر سياسات التغرير وأجندات مولَّدة من فلسفة اقتصاد الوفرة والرفاهة، حتى تبدو لهذه الشعوب أنّ كل النعم والمرافق المكتسبة في بلدانها، ولو كان ذلك بفضل القروض والمديونية، وكأنها نتاجُ العمل المتحرر والكدّ الواعي، وكأنها ثمرة الديمقراطية الحقة والمستحقة.

وعلى عكس ما يعتقد الكثيرون فإنّ بلدان إسلامية كبيرة مثل اندونيسيا وماليزيا وتركيا تسكنها شعوب وديعة لكنها تابعة مع أنها تقدس العمل تقديسا وتتفانى فيه. ويمكن تعليل تبعيتها بكونها شعوب متلذذة بما حصلت عليه من رغد بفضل استنساخها لنموذج الإنتاج والاستهلاك الرأسمالي الأمريكي. والحالة هذه، من الذي سيُكسر الحواجز التي تنتصب أمام العالم الإسلامي وتحجب عنه الرؤية الواضحة لمشهد التبعية التي يرزح تحت نيرها ؟

نعتقد أنّ الذي بإمكانه أن يكون بمثابة الشوكة في حلق الغول الأمريكي الجوعان والمتعطش للموارد الأحفورية وأيضا للموارد الذكائية هو العالم العربي. ولن تكون سائر مكونات العالم الإسلامي سوى شهودا على الاستفاقة العربية في مرحلة أولى ثم شركاء وداعمين لها في مرحلة موالية.

ولأنّ البلدان العربية عرفت ابتداءً من سنة 2011 ثورة (مهما كانت موجّهة وبالرغم من تعثرها والركوب عليها) وأنّ هذه الثورة هي الآن في طور التصحيح في كل من مصر (مسك المؤسسة العسكرية بزمام الأمور إلى حين يقع إعادة ترتيب البيت) و تونس (محاولات قوية لإثبات الهوية السياسية الجديدة) وأن سورية تقاوم الفتنة الخارجية ليلا نهارا، من بين مؤشرات أخرى على حراك المقاومة في المجتمعات العربية، وكأن العرب يرغبون في القول لأمريكا ولسائر بلدان الغرب التابعين لها: "نحن لا نريد الديمقراطية التي قصدتم لخبطتنا بها ثم تشويهنا بواسطتها بل نريد مساندكم لمجهوداتنا الذاتية لإرساء ديمقراطية محلية، فريدة من نوعها، ومتميزة عن ديمقراطيتكم. وإذا لم تقدروا على تعديل عقارب ساعاتكم فأنتم التابعون من هنا فصاعدا."

وكأن العرب يقولون لسماسرة الديمقراطية: "نريد تطويع الديمقراطية لحاجياتنا الحقيقية وفي رأس قائمة المتطلبات الحاجة لاستغلال ثروات بلداننا بكل استقلالية، والحاجة لتوزيعها بالقسطاس المستقيم على كل منظوري نظام الحكم الجديد."

لكن هذا التصور، بالرغم من قابليته للتنفيذ، إلا أنه يصطدم بعائق ذي بال. فمسألة بناء الديمقراطية تستوجب تضحيات جسيمة من طرف الفرد والمجتمع. وهذا مما يتطلب من هؤلاء أن يتحَلوا بصبر أيوب. لكن كيف سيصبر مجتمع لا يكترث فيه الناس لمن له أولوية الخدمة، لا في الطوابير ولا في المرور ولا في بوتيكات الموضة وحتى على الأرصفة أين تَعرض الملابس القديمة نفسها على المارة بأثمان زهيدة وكأنها تخدعهم بالرخيص لكي يتدربوا على الاستهلاك ومن ثمة يثبتون انتماءهم بعدئذ إلى مجتمع اقتصاد السوق ويصبحون مستهلكين مهما كان الثمن؟ وكيف سيصبر مجتمع يتهافت فيه الأفراد على محلات الرهان الرياضي وعلى مقاهي العولمة الرياضية أكثر من ارتيادهم المكتبات وأكشاك بيع الصحف والمجلات، ويستشري فيه الوعي الزائف (وصفَه هربرت ماركوز في كتابه "البعد الواحد") على الأخص لدى الطبقات الكادحة.

وهل دواء الزيف إلا السيف؟ قد يكون ذلك ما ذهبت إليه عبر عقود طويلة، ربما عن حسن نية، بعض فصائل الحركة الإسلامية ولأسباب يطول شرحها، لمّا راهنت على أسلمة مجتمعاتها وأدرجت تطبيق الشريعة في بلدانها تارة أو ناضلت من أجل تطبيقها طورا. والغريب في الأمر أنّ المثقفين المحليين لم يلاحظوا أنّ مجتمعهم العربي الإسلامي سيرُوح ضحيةً لمعادلة عجيبة لكنها حقيقية إذا لم يتصدَّوا لها بكل حكمة وروية.

وتتمثل المعادلة في أنّ محاولات أسلمة المجتمع المسلم كادت تُضيّع على هذا الأخير فرصة التوظيف الإيجابي للإسلام. وإلا فلماذا لا يكون الإسلام، الآن وهنا، وعبر مقاربات مَسجدية ذات خطاب مجدد، وعبر مقاربات علمية ميدانية، هو الدواء لداء الوعي الزائف، علما وأنّ من مساوئ هذا الأخير أنه حمَلَ الأفراد والجماعات في المجتمع المسلم على الظن أنهم ثوار بحق والحال أنهم بمثابة كومبارساتٍ تسيّرهم سلطة المتعة واللذة ورغد العيش؟

خلاصة كل هذا أنّ العالم العربي والإسلامي مهددَين بمزيد من الانقسام والتشرذم في ضوء الأحداث التي تؤشر لضربة أمريكية وشيكة على سورية بينما عامة الناس لا يدرون مَن يفعل ماذا ولماذا وفي مصلحة مَن. أي أنهم في خضمّ هذه الفوضى لا يدركون حاجياتهم الحقيقية لذا تراهم يوجهون أصابع الاتهام لبعضهم بعضا. فالمطلوب هو لا شيء غير الثورة الفكرية على السياسة و على طروحات السياسيين من طرف المثقفين العضويين.

وسيكون من دواعي الارتياح أن يتفطن كل مثقف عضوي في الوطن العربي للوضع السياسي المحلي في كامل الوطن الكبير وأيضا لوضعِ الجيوبوليتيك في المنطقة العربية وفي العالم كله ثم يضطلع بمهمة إعلام الناس بحقيقة مشكلاتهم وبحقيقة حاجياتهم حتى تصعد منهم، وفي أسرع وقت ممكن، نخب سياسية جديدة يلتفّون حولها للتوّ وقبل فوات



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس أكبر من الأحزاب وأغنى من النواب
- الإسلام السياسي فُضَّ فماذا بقي؟
- تونس ومصر: واقعٌ متأسلم ودامٍ، ونخب منتهية الصلوحية
- تونس: اقتراح بعث سلطة من الفكر الإسلامي لتعديل السياسة
- تونس: إنقاذ وطني بلا سلطة للتجديد الديني؟
- المجتمع والإخوان: طرقُ الباب بلا تطرّق إلى الأسباب؟
- مصر وتونس: انقلاب الضلالة أم انقلاب على العمالة؟
- تونس: على النهضة أن تغير اسمها أو أن تتحول إلى جمعية
- تونس: توحيد العقيدة التشريعية ضمانة الإنقاذ الوطني
- تونس: اعتصام الرحيل وعربة بلا سبيل؟
- لماذا هناك سلفيون وإخوان وما البديل؟
- الاغتيال السياسي في بلاد الإسلام والإسلام الموازي
- هل اغتيلت الديمقراطية باغتيال محمد براهمي؟
- هل من انقلاب علمي على الإسلام السياسي؟
- متى سيمرّ العرب من الديمقراطية التابعة إلى المصلحياتية؟
- تونس: باكالوريا أم امبريالية الرياضيات؟
- تونس: هل انقلبت علينا الديمقراطية؟
- تونس: هل التجديد التربوي مسألة مباهج أم مناهج؟
- من تحزب خان..
- تحكمت بنا كلمة فاستباحتنا موزة..


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد الحمّار - نحن وأمريكا والربع ساعة الأخير