أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - عيد السوريين الأكبر















المزيد.....

عيد السوريين الأكبر


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 4245 - 2013 / 10 / 14 - 12:48
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


نعم سيحتفل السوريون بالعيد .. وسط الإحساس الموجع لفقد الأعزاء .. وتحت نيران الحرب وتوحش الإرهاب .. سيحتفلون ليس تباركاً بحضوره وحسب .. وإنما للتعبير عن حب الحياة .. وحب الحرية .. وحب الوطن .. وللتأكيد على أنهم يتطلعون بثقة للاحتفال غداً بعيدهم الأكبر .. عيد السلام .. والتآخي .. والبناء .

وكما اعتادوا في أعياد ما قبل الحرب واستباحة الأرض والدم ، سيقوم البالغون وكبار السن والمقام ، حيث تبسط الدولة وجودها ، وحيث تسيطر المجموعات المسلحة ، بمحاولة تجسيد المعاني الفاضلة للعيد ، ووصل ذوي القربى ، وتوفير قدر ما يستطاع من الطعام اللائق بالعيد لأهل البيت والمقربين ، و شراء ما هو مثير لشيء من الفرح والبهجة من اللباس للأبناء والأحفاد ، وذلك على قد الحال ، وبما تسمح به النقود المتواضعة في جيوبهم .
أما الصغار واليافعين ، فهم سيبحثون عن الحلوى ، وعن نفحات نقدية ، ليشتروا بها مما ليس متوفراً في البيت ، ولحجز مكان على مقاعد ألعاب تعلو وتهبط .. أو تدور بهم .. ناشرة الشعور في دواخلهم الغضة ، بأنهم يحلقون في عالم آخر ، فيه شيء من الفرح لم يعتادوه في أيام ما قبل العيد .

وفي مثل هذا العيد يكبر الوعي ، ’يكتشف أن العيد هو هوية ، هو فسحة مباحة للقطع مع الواقع ، للوصل بما انقطع من قربى وصداقة ومودة ،، وتجديد الصلة بالجذور .. وانتزاع وعد من الذات ، التي تطحنها صعوبات الحياة ومخاطر الحرب .. على ترميم وإحياء الحلم .. بوطن موحد آمن سعيد .
و’يكتشف أن العيد العيد المسمى بالأضحى ، ليس مرتبطاً بالرمز .. بفداء اسماعيل من الذبح بسكين أبيه .. أو بأحد طقوس الحج وحسب ، وإنما هو مايمكن أن نطلق عليه معنى سامياً ، لوقف ما يضر ويؤذي الناس ، الذي ورثنا قيمه من أجيال في عهود موغلة في القدم ، لما كان الناس ، يفتدون ضحايا الشر ، الذي تأتي به آلهة مجهولة غير مرئية ، بالأضحية البشرية ثم صارت حيوانية ، أو للتوسل لآلهة الخير حتى تبسط سطوتها لحمايتهم .. ولانتصار الخير .. وللانتصار على أحقاد الشر وأحقاده وأدواته ، المعبرة بالحرب والقتل عن استمرار حالات التوحش ، والأكثر إيلاماً وتدميراً لمقومات الحياة .

وعلى الرغم أن أعياداً كثيرة قد مرت عبر القرون الماضية ، إلاّ أن أعياد مجتمعاتنا الراهنة ، هي الأكثر بؤساً .. والأكثر سوءاً . فجميع البلدان العربية والاسلامية ، ما عدا البترولية منها ، تعاني من لعنة الفقر والتخلف الاجتماعي والحضاري . بل إن بعضها يكابد المجاعات المخزية ، مثل الصومال وبنغلادش والسودان .. وقسم من هذه البلدان ذات الموقع الجغرافي السياسي المتميز أو لديها مخزون كبير من الثروات الطبيعية ، تجري فيها بتدخل خارجي وقح الصراعات الداخلية المسلحة ، أو تكابد من الاعتداءات الخارجية المباشرة تحت عناوين مزيفة كاذبة ، مثل أفغانستان وباكستان والصومال والعراق وسوريا ولبنان ومصر . وجميع البلدان العربية والاسلامية ، إما أنها خاضعة مباشرة للهيمنة الأمريكية ـ الغربية ، أو يجري ابتزازها بالقوة وبالعقوبات الاقتصادية لإخضاعها .

وإذا كان من الممكن عند قراءة المشهد الراهن ، في البلدان المشتعلة فيها الحروب الداخلية القذرة ، أو المعرضة للاعتداءات الخارجية المتوحشة ، القول أنها ، مثلاً ، في السودان أو لبنان أو الصومال أو باكستان ، هادئة نسبياً .. أي أقل تدميراً وقتلاً من وقت سابق ، فإن الوضع في سوريا هو الأكثر اشتعالاً .. والأكثر دموية . ومع قدوم عيد الأضحى يتكشف حجم المأساة والكارثة في سوريا . فعيد الأضحى اليوم ، لايمكن اعتباره في عداد الأعياد المستفزة للحزن ، التي مرت بالشعب السوري خلال الأزمة العنفية المسلحة منذ عامين ونصف العام ، وإنما هو أكثر استفزازاً لإثارة الحزن والاحساس بالكارثة . إذ لايمكن أن تغيب المقارنة بين الأعياد ما قبل الأزمة وما بعد نشوبها . ولا تستطيع ملكة النسيان ابتلاع أرقام عدد الضحايا وأرقام الخسائر المادية المذهلة المفجعة . والغصة الأليمة صباح العيد توقف اللقمة في الحلق عند ملاحظة غياب الأعزة حول المائدة .. إما خطفاً .. أو قتلاً .. أو تهجيرا .
وكيف يكون للعيد حضور في مخيم عديم الأفق والمصير والكرامة خارج حدود الوطن .. أو في مأوى في مدينة أخرى ، ليس لاعتباره مؤقتاً أجل مسمى ، أو في قفار التغريب الذليل .. حيث تضيع الهوية وينعدم الوزن والاعتبار .
أكثر ما يشوه حضور العيد ، هو إصرار المتقاتيلين الهيستيري على مواصلة الحرب ، وعلى لعبة موازين القوى الدولية والميدانية ، وإصرار من ينصبون أنفسهم متحدثين باسم الشعب ، على عدم الحوار السياسي لوقف الحرب ، وعلى وضع النسب التمثيلية الفئوية ، والشروط العبثية لصالح الأوامر الإقليمية والدولية ، والزمان ، والمكان ، وضمان زيادة أعداد القتلى من الطرف الآخر ، قبل الدخول في أي حوار لوقف تدحرج كرة الدم .

لقد كبر جرماً عند الشعب ، أن ’يعلن الجهاد باسمه ل’يقتل أبناؤه ، وأن ’يعلن حفظ السيادة ، ليخضع مصير الوطن لقرارات عمالقة العالم ، وأن ’يعلن تحرير الوطن من الدولة باسم الديمقراطية ، ليصبح الوطن مستباحاً للمطامع الإقليمية والدولية وللكيانات الإسلاموية المعادية للوطن وللديمقراطية ، وأن ’يعلن عيد الأضحى ( الكبير ) والرشاشات تزغرد احتفالاً بانتزاع أرواح الشباب والشيوخ والأطفال ، والقنابل تقتل عابري السبيل في شوارع المدن وقرب المشافي والمدارس ، وأن تتجه صفوف المصلين صباح العيد نحو معبودها ، عبر القبلة الحجرية ، لترفع ذكر الله وآياته مع انفجارات ، القنابل ، والمفخخات ، والصواريخ في المواقع البشرية .

إن السوريين وهم يحتفلون بالعيد .. تحدياً لمن يريدون لهم الحزن والخراب .. فإن عيونهم ترنو إلى أفق العيد الأكبر في حياتهم الحاضرة وفي المستقبل ، العيد الذي يؤكد حقهم في الوجود والأمان والحرية وتقرير المصير ، قبل حق تجار السياسة المغامرين بالسلطة وتداول السلطة .. العيد الذي ينتشر فيه السلام والأخوة والفرح .

ليس بالعيد وحده يأتي الفرح .. بل بالتآخي والتراحم في وطن آمن عزيز موحد ..

أكثر الأعياد خلوداً في ذاكرة الناس والتاريخ .. هي التي يتمسك المؤمنون بها بقيمها النبيلة رغم الشائد والمحن .. للتعبير عن الذات المتألمة المتمردة ..

كل عام ونحن السوريين محكومون بحب الوطن .. وملتزمون بالخير .. الذي يعني الآن انتصار الوطن .. على أزمته بكافة عواملها القديمة والجديدة .. وعلى التدخل الخارجي بكل أشكاله .. وعلى الإرهاب المحلي والدولي .. وعلى مخلفات الحرب وثارات تبادل القتل والعنف .. وعلى التخلف والانقسامات العامودية .. وعلى كل معوقات أن نكون وطناً ديمقراطياً قوياً موحاً مزدهرا..



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا إلى متى .. وإلى أين ؟ ..
- الأزمة السورية ولعنة أمراء الحرب
- ابرهيم ماخوس باق .. لم يرحل .
- اللحظة السياسية داخل وخارج الأسوار السورية
- عندما تقع الحرب
- ضد المذبحة الدولية في سوريا
- مصر والتحديات الإرهابية والتآمرية الدولية
- ثورة .. أم انقلاب .. أم ماذا ؟ ..
- أكبر من مؤامرة .. وأكثر من تدخل عسكري خارجي
- سوريا بين موازين القوى .. وموازين الدم
- دفاعاً عن ربيع الشعوب العربية
- الحظر الجوي .. والسيادة الوطنية .. والديمقراطية
- سوريا بين الانتداب والحرية
- الوطن أولاً
- أول أيار والبطالة .. والأفق الاشتراكي
- لو لم تقسم سوريا ..
- - هنانو مر من هنا - إلى عشاق الوطن -
- ماذا بعد - المعارضة والثورة - .. ؟ ..
- بقعة الدم
- صانعو السياسة .. والحرية .. والتاريخ الجدد


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - عيد السوريين الأكبر