أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - سوريا بين الانتداب والحرية















المزيد.....

سوريا بين الانتداب والحرية


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 4095 - 2013 / 5 / 17 - 14:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن التسارع الحثيث لدبلوماسية الدول الكبرى المتصارعة ، على الجيوـ سياسية الشرق الأوسط ، وثرواته ، ومعابره الستراتيجية وسوريا خاصة ، لإيجاد مخرج سياسي للأزمة السورية ، بعد أن غيرت المستجدات الميدانية والسياسية ، الداخلية والخارجية الكثير من مؤشرات التغيير في موازين القوى ، دولياً وإقليمياً وسورياً ، لاسيما العسكري فيها .. حركة وتسلحاً ، هو على قدر كبير من الأهمية . إذ أنه فتح المجال لاحتمالات ، واردة ، تضع السلاح جانباً في عملية تحقيق الأهداف والأمنيات ، ليحل محله الحوار ، تحت سقف دولي ، حمال نتائج تتصل بالجانب السياسي السوري الداخلي ( نظام ـ معارضة ) ، ربما على قدر مساو بما يتصل بالجانب الخارجي الدولي أو أكثر .

لايمكن في اللحظة الراهنة ، قبول إعلان الترجيح لدور الخارج ، أو الداخل المتصارع ، في الانتقال ، إلى مرحلة التسليم بأحادية خيارالحل السياسي للأزمة السورية . وذلك سواء بالنسبة لطرف النظام وحلفائه ، أو طرف المعارضين وحلفائهم . لكنه يمكن القول ، أن معادلة ( معارضة مسلحة + منظمات " جهادية " إرهابية ودولية + خارج استعماري يضم نظماً عربية رجعية وإسرائل ) قد فشلت . ليس لأن الجيش السوري يمتلك من القوى مايكفي لمواجهة مفاعيل هذه المعادلة وحسب ، وإنما لأن تجليات هذه المعادلة التدميرية الممنهجة لكثير من البنى التحتية ، والبلدات ، والعمران في المدن الكبرى ، ودور العبادة والمقدسات والرموز الدينية والثقافية العزيزة على المواطنين على اختلاف انتماءاتهم ومعتقداتهم ، وكذلك تجلياتها الدموية المرعبة بفظاعتها وحجمها وتكراراها وتعميمها في مختلف المناطق ، وخاصة في تلك المناطق المذهبية أو الدينية التي استهدفت لغاية التهجير والنقاء الديني المتطرف ، والتي عوقت سبل الحياة الطبيعية المشروعة للإنسان السوري ، قد قدمت بكل وضوح صورة للعهد الظلامي الدموي المفوت ، المرتهن للمصالح الأجنبية ، الذي سيتأتى عن وصول مفاعيل هذه المعادلة إلى الحكم . وهو ما يتعارض مع مطالب الشعب السوري ، التي تتلخص ، برفضه لكل أشكال الاستبداد والرجعية والهيمنة الأجنبية ، وتمسكه بإعادة بناء وطنه الموحد أرضاً وشعباً ، على أسس ، ديمقراطية ، علمانية ، تحمل مضامين اقتصادية واجتماعية عادلة .. كما أحدثت تلك التجليات ، لاسيما العنف الارهابي المفرط ، مخاوف دولية بارزة متزايدة ، من أن تتحول سوريا فعلاً .. إلى " سوريستان " .. أي أفغانستان أخرى ، مجاورة لأوربا ، وفي قلب الشرق الأوسط ، الذي يعتبر مصدر الطاقة الرئيس عالمياً ، والمحور الستراتيجي للغرب الأوربي ـ الأمريكي ، في مخططاته السياسية والاقتصادية والعسكرية ، للهيمنة على العالم .. وخاصة في وقت تدخل فيه قوى دولية جديدة ( دول بريكس ) ودول في أمريكا اللاتينية وشرق أوسطية ، باندفاع وتصميم ، لإنهاء التفرد الغربي في القطبية الدولية .

ومن الممكن القول ، فيما يتعلق بالنظام ، أنه لاتوجد قيادة تملك قدراً من الإحساس بالمسؤولية الوطنية ، في ظروف حرب طاحنة ، ظالمة ، على أرضيها ، أن تمانع في الاستجابة لأي جهد يطرح لوقف هذه الحرب ، ووضع حد لخسائرها ,, ونزيفها . وأن تستمر في معارك ، تتدحرج إلى مشهد كارثي منفلت .. القتل فيه .. هو السيد المطلق .

ومن أسف عميق ، أن نجد سياسي الخارج الدولي من الشرق والغرب ، على تلاق متكرر ، موضوعه الشأن السوري ، وكل يطرح رؤاه المستبطنة مصالحه ، لإحداث نقلة في الحالة السورية .. اكتسبت في الأسابيع الأخيرة يشكل واضح عنوان " الحوار والحل السياسي " . بينما نجد سياسي المعارضة في الداخل والخارج .. يترددون .. أو يتخوفون من الانتقال إلى الحوار المطروح .. وإلى اتخاذ إجر اءات من قبلهم لتحقيقه .. سياسياً .. وتنظيمياً .. وطرح رؤاهم .. برنامجهم .. لإنجاح هذه النقلة لإنقاذ سوريا ، كما يرددون دائماً ، ولإقامة نظام ديمقراطي تعددي .. ألخ .. بل إن المسلحين الذين ينتمون إلى بعض أطرهم في الخارج ، يصعدون من عملياتهم الميدانية ، غير عابئين بالتداعيات المترتبة على ذلك ، إنسانياً ، وسياسياً ، ومادياً ، أو يمارسون الصمت التشجيعي إزاء الجرائم والممارسات الدموية البشعة ، التي تقوم بها المجموعات المسلحة " أغلبها من الجهاديين المحترفين الأجانب " المتحالفة معهم . ونجد أن خطابهم السياسي الإقصائي المتعصب لازال معمولاً به ، كما أن تحريضهم الاعلإمي الطائفي والتقسيمي مازال مستمراً .

ومن أسف محزن ، أن نجد تسليماً سياسياً عاماً ، تقريباً ، رغم بعض التحفظات الشرطية من هنا وهناك ، بالدور الدولي في تقرير مصير سوريا . ونجد تداول الرهانات على اللقاءات في الشرق والغرب ، كما تداول الرهانات في مباراة دولية .. وكل ينتظر الدخان الأبيض بعد لقاء ( بوتين ـ أوباما ) في الشهر المقبل . ويسمي البعض مواصلة القتال .. في .. وحول المدن السورية .. أنه قتال في الوقت الضائع .. لأن اللعبة حسب معطياتهم قد انتهت .. !! ..

وعنمدما نقول ، أن المشهد السياسي السوري الآن ، يتسم بالفوات ، والتخلف ، والبشاعة ، فلأن المقارنة بينه وبين المشهد السياسي السوري تحت قصف الاحتلال الفرنسي قبل سبعين عاماً ، تبرز كم كان سياسيو حرب الاستقلال ( 1920 ـ 1946 ) ومابعد الاستقلال ، يتمتعون بالأصالة الوطنية .. وبالجرأة .. وبالتآخي .. ووحدة الصف .. حباً بالوطن .. ومن أجل الوطن . وكم هم الآن ، سياسيو حرب ( الثورة والمؤامرة ) متخلفون عن استحقاقات المرحلة الوطنية المصيرية الراهنة .

وعندما نقول أن المشهد السياسي السوري الآن يتسم بالعجز ، فلأن السياسيين السوريين ، منذ انفجار الأزمة ، لم يمتلكوا الجرأة ، على التنازل عن الأنا الحزبية .. والسياسية .. والسلطوية .. والفئوية ، لإيجاد القواسم الوطنية المشتركة ، ليتآخوا ، وليوحدوا الصف ، لمعالجة الأزمة ، حباً بالوطن .. ومن أجل الوطن . وإنما اتجه سياسيو المعارضة إلى الخارج لمساعدتهم على " إسقاط النظام " . واتجه سياسيو النظام إلى الخارج الآخر لمساعدته على " إسقاط المؤامرة " . ما فتح المجال لأن تنطلق القوى الإقليمية والدولية بأجنداتها ، إلى التدخل المباشر في المسألة السورية ، وإلى أن تصبح هذه المسألة دولية الحركة والتوجه والأهداف ، أكثر مما هي سورية .

وعندما نقول ، أن المشهد السياسي السوري الآن ، بشعاً ، فلأن ما تأتى عن الصراع الداخلي ـ الدولي .. في .. وعلى سوريا .. من قتل وتدمير جعل سوريا تكابد من كارثة تفوق ببشاعتها أعظم الكوارث الطبيعية والحربية . إن مجموع عدد القتلى السوريين من الموالين والمعارضين .. وغير الموالين لأي منهما .. يفوق عدد حرب نووية . ومجموع عدد المهجرين والمهاجرين من بيوتهم ومدنهم ، خوفاً من الموت والإرهاب يفوق عدد مهجري ومهاجري أي كارثة طبيعية عرفتها شعوب المنطقة .

لقد أوصل السياسيون السوريون سوريا إلى أن تكون موضوعاً رئيسياً في لعبة الأمم الدولية . وإلى تجريد الشعب السوري من حقه في تقرير مصيره . وسلموا حقه هذا إلى المؤتمرات الدولية ( في الشهر الحالي معلن عن ثلاثة مؤتمرات دولية حول سوريا ، أحدها في عمان ، والثاني في طهران ، والثالث في جنيف ) ليبحث هذا الحق وليقرر شيء من أجله ، عبر مناقشات وتسويات وصفقات دولية . ونتيجة لذلك ، ولتطبيق هذه التسويات والصفقات بنجاح في الموقع الجيوسياسي السوري الحساس جداً بالنسبة للجميع ، لابد من حضور دولي متمكن من المراقبة والرصد ، للمطاوعة السورية لما سيتم الاتفاق عليه ، ويدخل في مساحة المراقبة والرصد الدولي هنا ، كل مقومات الدولة السورية وسياساتها وثرواتها وقراراتها . بمعنى وضعها تحت هيمنة دولية وفق صيغة ما ستؤدي موضوعياً إلى الانتقاص من سيادتها واستقلالها . وسيفرض هذا الشكل الحديث من الانتداب الأجنبي ، إن جرى التوصل إليه عبر التوافق الدولي ، سيفرض شروط وشكل حركة العملية السياسية في البلاد ، وشكل ومضمون المكونات السياسية التي سيناط بها استعادة السياسة .. وبناء الدولة القادمة ، وكذلك شكل وحدود الحرية ، التي كانت صاعق الانفجار في الأزمة الوطنية العامة المدمرة . وكل ذلك ينبغي أن يصب في ضمان مسائل رئيسية ثلاث ، أولاً ، مايتعلق بالسياسة الخارجية والسلام مع إسرائيل وتوازنات الشرق الأوسط الجديد .ثانياً ، ما يتعلق بحجم الحرية المتاحة للشعب حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة مرة أخرى . ثالثاً ، تكريس اقتصاد السوق الليبرالي وامتداداته الدولية ، بكل تداعياته الاجتماعية المتوحشة .

وإذا سارت الأمور إلى مثل هذه النهايات للأزمة السورية ، فإن الحرية ، بمعناه الشعبي الديمقراطي العادل .. قد أصبحت خلف الظهر .

ولذلك ، فكما أن الصراع المسلح لم يجلب الديمقراطية . فإن الجري وراء الصفقات الدولية ، لن يوصل إلى الحرية . فإما الاعتماد على الذات .. والحوار الوطني الجاد الشامل لكل فعاليات المجتمع السوري ، وقواه السياسية الملتزمة بالهوية الوطنية ، وثوابتها ، ومستحقاهتها ، وإما الاعتماد على الدول الخارجية ، لاتخاذ قرار مصير سوريا .. ووضع البلاد مرة أخرى تحت ما يمكن تسميته ، مهما كان شكله ولونه ، بالانتداب الدولي .

وبتعبير آخر ، إن الطبقة السياسية السورية ، بعيداً عن القناعات ، والخلفيات ، والشعارات ، ذاهبة بسوريا إلى إحدى نهايتين .. إلى الخضوع للانتداب الأجنبي الدولي الجديد .. أو إلى حصاد ثمار تفاعلاتها المريرة والفوز بالحرية . ولتكريس حصاد الحرية ، الذي يعني انتصار الوطن كله .. والشعب كله . ينبغي الاقتداء بسياسي معركة الجلاء 1946 ، التي انتصر فيها الشعب السوري على الانتداب الفرنسي المحتل ( بقرار من عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى ) ، الذين بنتفاهمهم واتفاقهم واجماعهم على الثوابت والوحدة الوطنية حققوا النصر على أعداء سوريا . أي أن تنتقل الطبقة السياسية السورية الآن ، إلى الحراك الموحد ، الملتزم بالثوابت والوحدة الوطنية ، وخاصة على المستوى الدولي ، للانتصار على الكارثة المحيقة بالبلاد ، والعودة بالوطن إلى الحرية والعافية السياسية والأمان وطريق البناء والازدهار ، بعيداً عن أي شكل من أشكال التدخل الخارجي .

وكما يعلمنا التاريخ ، إن الحرية تؤخذ ولاتعطى في كل زمان ومكان .. لاسيما من أعدائها .. وأن ضياع الاستقلال كلياً أو جزئياً .. هو عبودية احتلالية .. مهما كان شكلها ، ونوعها ، وحجمها ، ولونها ، وحداثة مخالبها ..وهو ضياع للحرية .. وانحدار في الاعتبار بين الأمم الأخرى .



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوطن أولاً
- أول أيار والبطالة .. والأفق الاشتراكي
- لو لم تقسم سوريا ..
- - هنانو مر من هنا - إلى عشاق الوطن -
- ماذا بعد - المعارضة والثورة - .. ؟ ..
- بقعة الدم
- صانعو السياسة .. والحرية .. والتاريخ الجدد
- القصف الكيميائي جريمة بحق الحرية والإنسانية
- المرأة السورية في يوم المرأة العالمي
- السلطة كسلعة في سوق السياسة
- الإعلام الاحتكاري والديمقراطية
- المهم في هذا الزمان
- الديمقراطية والحرب
- المنشار والشجرة
- نوافذ حلبية
- أتصبح حلب إمارة إسلامية ؟ ..
- - جنة - الشعب المفقودة
- يوم تركنا البلد
- مقومات - الربيع العربي - ومعوقاته 2 / 2
- مقومات - الربيع العربي - ومعوقاته 1 / 2


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - سوريا بين الانتداب والحرية