أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جاسم ألصفار - ذكريات في ضواحي بيرسلافل














المزيد.....

ذكريات في ضواحي بيرسلافل


جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)


الحوار المتمدن-العدد: 4243 - 2013 / 10 / 12 - 21:59
المحور: سيرة ذاتية
    


ذكريات في ضواحي بيرسلافل
الدكتور جاسم الصفار

كان في المدينة التي اعمل فيها في روسيا مطعم صغير تعودت على تناول كوبا من الشوكولاته الساخنة فيه. خاصة وانه في ساعات الصباح يكون خاليا من زبائنه الذين يقضون فيه امسياتهم. وقد تعودت على سماع نادلة المطعم وهي تغني بصوت عذب وحنون اغاني روسية قديمة ارددها انا ايضا معها على موسيقى مسجلة تغني عن العزف الحي. وقد توطدت بيني وبين النادلة علاقة صداقة قوية اصبحت فيه "مارينا" وكان هذا هو اسمها تنتظر قدومي كل صباح لتناول الشوكولاته الساخنة وترديد بعض الاغاني. وقد استمر الحال هكذا الى ان صادف زيارة احد اصدقائي الروس المطعم لتناول قدح من القهوة. وفي ذلك الصباح اسرني هذا الصديق بأن "مارينا" غير متوازنة نفسيا نتيجة لظروف نشأتها القاسية، ولكي يثبت لي ذلك دعاني في المساء لزيارة المطعم فقبلت دعوته واتفقنا على الموعد.
وفي المساء توجهت الى المطعم برفقة صديقي وجلسنا في زاوية منعزلة. تبادلنا احاديث كثيرة ومتنوعة كنت خلالها استرق النظر والسمع لمارينا التي كانت تعمل وهي منزعجة تماما وتتصرف بخشونة مع زبائن المطعم دون ان تكترث لوجودي. لقد كانت في هيئتها وطريقة حديثها فتاة اخرى تختلف تماما عن تلك التي كنت اجالسها كل صباح. أسفت لها وغادرت المطعم مع صديقي الذي ودعني بابتسامة خبيثة بعد ان لاحظ تشوشي.
بعد بضعة ايام قررت العودة مرة اخرى لزيارة المطعم صباحا. فاستقبلتني مارينا بابتسامتها البريئة وكأن شيئا لم يكن، ولكني كنت هذه المرة غير ذلك الذي كان يجالسها كل صباح. وقد لاحظت هي ذلك فلم تشغل جهاز الموسيقى وجلست الى جانبي بصمت لم تقطعه الا لتسألني: "لماذا جئت تلك الليلة؟" فكذبت عليها مجيبا بأنها كانت صدفة دعاني فيها صديقي لتناول العشاء فقالت لي دون ان تلتفت صوبي : " نعم...أنا لست انا دائما" وقبل ان استفسر عن معاني كلماتها واصلت قائلة: "أنا لا اشعر بكينونتي وذاتي الا حين احس بلمسات حب تعوضني عما فقدته في حياتي كلها". انتهيت من تناول شراب الشوكولاته الساخنة وودعتها بنظراتي وبابتسامة مفتعلة لأني لم أكن أعرف ما الذي كان علي ان اقوله في تلك اللحظات. فقد كانت زوجتي على قيد الحياة وقتها، وأنا لم اتعود على اكثر من حب مع ان صداقاتي لا حدود لها.
انتهت في ذلك الصباح حكايتي مع مارينا، ولم اراها بعدها قبل عودتي للاستقرار في بغداد. مع اني كنت اتقصى اخبارها منذ تركها للعمل ومرورها بتجربة زواج غير موفقة، انتهت بها الى معاقرة الخمر والعلاج في مستشفى للأمراض العقلية اثر محاولتها الانتحار. واليوم لو تسألونني لماذا تذكرت مارينا بعد سنوات طوال، سأكذب عليكم وأجيب بأن ذلك حصل بالصدفة.
لهذه الحكاية بدايات لم اتطرق اليها هنا لأنها تحمل دلالات اخرى غير تلك التي في روايتي، كما ان نهايتها لم تنقضي تماما مع عودتي الى الوطن. ففي اجازتي الصيفية لهذا العام، والتي قضيتها في روسيا، التقيت مارينا مصادفة في سوق شعبي لدقائق معدودة تركنا فيها لأعيننا ان تتبادل حديثا طويلا فيه الاسف والعتاب المرير وفيه القناعة بأن كل شيء بيننا قد انتهى.



#جاسم_ألصفار (هاشتاغ)       Jassim_Al-saffar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آراء عند الخطوط الحمراء
- قراءة جديدة للجذور
- رسالة اخرى الى الاحياء
- تساؤلات بعد الفاجعة
- هوامش في ذاكرة متعبة
- -عمود السحاب--دروس وعبر (ألجزء ألثاني-ألمفاجئات)
- -عمود السحاب--دروس وعبر (ألجزء ألأول-ألبدايات)
- رسائل قصيرة من بغداد-2 (حوار في موضوع المقاومة)
- رسائل قصيرة من بغداد-1
- قضية ألبروليتاريا هي قضية ألمجتمع بأسره
- قراءة لرسائل مفتوحة
- ألأصالة
- قراءة هادئة للوضع في سوريا
- ألذاكرة وألتوبة
- أفكار إشتراكية في ألمسألة ألقومية
- لمن تقرع أجراس ألربيع ألعربي
- يسار خارج ألزمان وألمكان
- ألإشتراكية وألديمقراطية
- ملاحظات نقدية على ألوثيقة ألفكرية للمؤتمر ألوطني ألتاسع للحز ...
- أليسار ألعراقي ورياح ألتغيير


المزيد.....




- زيلينسكي يصف اتفاق المعادن مع واشنطن بالعادل.. ما رأي الأوكر ...
- طبيب أمريكي عمل بمستشفيات غزة بأكثر من زيارة: الأمر يزداد سو ...
- أسطول الحرية: السفينة المتوجهة إلى غزة تتعرض لقصف بمسيرة وما ...
- إسرائيل تشن غارة على محيط القصر الرئاسي في دمشق في -رسالة لل ...
- إسرائيل تعلن شنها ضربات بمنطقة مجاورة للقصر الرئاسي السوري
- هل يوافق ترامب على ضرب إيران بـ-أم القنابل-؟
- -أسطول الحرية- يؤكد خطورة إصابة إحدى سفنه ويدعو مالطا للتحرك ...
- تقرير: الاستخبارات الهندية تشير إلى ارتباط باكستان بمنظمي هج ...
- حادث مروحية مروع في أستراليا.. والشرطة تفتح تحقيقا عاجلا
- بروفيسور بريطاني: ترامب يرى فرصا أكبر للبزنس مع موسكو لذلك ي ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جاسم ألصفار - ذكريات في ضواحي بيرسلافل