أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - جاسم ألصفار - -عمود السحاب--دروس وعبر (ألجزء ألثاني-ألمفاجئات)















المزيد.....

-عمود السحاب--دروس وعبر (ألجزء ألثاني-ألمفاجئات)


جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)


الحوار المتمدن-العدد: 3994 - 2013 / 2 / 5 - 21:51
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


"عمود السحاب"- دروس وعبر
الجزء ألثاني: المفاجئات
الدكتور جاسم الصفار

بتاريخ 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 اعلنت اسرائيل عن بداية عملية "عمود السحاب" ضد مؤسسات حماس العسكرية والادارية في قطاع غزة استمرت ثمانية ايام. اغتيل فيها منذ اليوم الاول احمد جعبري، الشخص الثاني في التنظيم العسكري لحماس، ودمرت منصات صواريخ " فجر" الايرانية الصنع والتي يفوق مداها 40 كيلومتراً. وقد اختارت اسرائيل توقيتاً لعدوانها على غزة تكون فيها الادارة الامريكية التي لم يكتمل تشكيلها بعد، مشغولة بشئونها الداخلية بعد الانتخابات الرئاسية. وهو بالمناسبة نفس الظرف الذي اختارته اسرائيل لحربها السابقة على غزة عام 2008.
وحتى نهاية اليوم الاول للعدوان بدا وكأن اسرائيل قد تخلصت من القوة الصاروخية للمقاومة وان ما تبقى في حوزتها، ليس الا صواريخ قديمة من نوع كاتيوشا القصيرة المدى اضافة الى صواريخ اخرى بدائية محلية الصنع. لولا ان رد المقاومة جاء سريعاً وحاسماً. فقبل نهاية اليوم الاول من العدوان أعادت المقاومة ترتيب وضعها الميداني وعالجت موضوع منصات صواريخها المدمرة. وكانت المفاجئة التي غيرت الوقائع والحسابات الميدانية ليست فقط بوصول صواريخ المقاومة الى تل ابيب منذ اليوم التالي للعدوان وانما بالمخزون الهائل الاحتياطي من صواريخ "فجر" الذي كان بحوزتها والتي انطلقت من غزة واخترقت بنجاح كبير منظومة الصواريخ الاعتراضية "باتريوت" او ما يسمى "القبة الفولاذية".
وتجدر الاشارة هنا الى ان عملية "عمود السحاب" كانت اختباراً ميدانياً هاماً لمنظومة الدفاع الصاروخية "القبة الفولاذية"، التي صرفت عليها الخزينة الاسرائيلية مئات الملايين من الدولارات. وقد كان الهدف من انشائها درء خطر الصواريخ الفلسطينية التي تهدد امن جنوب اسرائيل اضافة الى صواريخ المقاومة اللبنانية التي باتت تهدد معظم اراضي اسرائيل. هذه المنظومة اثبتت فشلها في تقصي واسقاط طائرة التجسس "أيوب" التي اطلقها حزب الله لجمع معلومات عسكرية في العمق الاسرائيلي، بما فيها مفاعل (ديمونة). كما انها فشلت هنا كذلك في التصدي لصواريخ المقاومة الغزاوية. ففي الايام الثلاثة الاولى من عملية "عمود السحاب" اطلقت المقاومة الفلسطينية من غزة باتجاه الاراضي الاسرائيلية اكثر من 800 صاروخ، لم تتمكن شبكة الدفاع الصاروخي "باتريوت" من التصدي سوى ل 210 صواريخ حسب التقارير الرسمية الاسرائيلية. وحتى هذا الرقم لا يعني شيئاً اذا ما علمنا بان جميع الصواريخ التي تصدت لها شبكة "باتريوت" هي من النوع البدائي لصواريخ القسام.
وامام هذا التطور الجديد للأحداث، لوحت اسرائيل بالحرب البرية على القطاع ودعت قيادة الجيش الاسرائيلي 75000 من الاحتياط الى الالتحاق بالخدمة بعد ان كانت قد دعت في البداية 30000 احتياطياً فقط، مجازفة في قرارها هذا بتعطيل عمل المؤسسات الاقتصادية في اسرائيل. وذلك تحسباً لتدهور مفاجئ للوضع على حدودها الشمالية عند الشروع بالعمليات البرية. وهنا كانت المفاجأة الاخرى بإطلاق المقاومة صاروخ من نوع "كورنيت" المضاد للآليات المدرعة اشارة منها الى امتلاكها لهذا النوع من السلاح القادر على اعطاب اليات العدو المدرعة وزوارقه الحربية ان باشر الجيش الاسرائيلي بهجومه البري. كما استخدمت المقاومة صواريخ مضادة للطائرات من طراز “استيلا” ، وتعرضت طائرات الاستطلاع والاباتشي لهذا النوع من الصواريخ وسقطت احدى طائرات الاستطلاع من طراز “سباي لايت” ، واصيبت اباتشي اخرى.
وتبعاً لذلك، اضافة الى حيثيات اخرى، فاجأ وزير خارجية اسرائيل المعروف بآرائه المتطرفة، المراقبين بإعلانه في يوم الأربعاء، 21 نوفمبر/تشرين الثاني موقفاً رافضاً لدخول القوات البرية لقطاع غزة. وذكر ليبرمان في معرض تبريره لعدم جدوى العملية البرية في ذلك الوقت، أن ما ستجنيه اسرائيل من عملية "عمود السحاب"، كما هو مخطط لها، هدنة طويلة الامد تضمن الامان والاستقرار لجنوب اسرائيل لفترة تتراوح بين خمسة الى ستة اعوام، على حد قوله.
الرد الفلسطيني جعل اسرائيل مترددة وغير واثقة في قراراتها. وقد عبر عن ذلك بجلاء الناطق الرسمي للجيش الاسرائيلي ايواف مردخاي حيث صرح وقتها أن "حتى قيادة الجيش الاسرائيلي لا تدري ما العمل وأنها لا تملك سوى قرار بمواجهة التهديدات". فإسرائيل لم تتوقع، كما ذكرت اعلاه، وصول صواريخ المقاومة الى تل ابيب، ولم تضع في حساباتها تصوراً عسكرياً أو سياسياً دقيقاً لمواجهة هذا التطور المفاجئ في امكانيات المقاومة. فقد اعتمدت اسرائيل على قدرات القبة الفولاذية في التصدي للصواريخ المنطلقة من غزة باتجاه المناطق الجنوبية في اسرائيل، والتي أثبتت كفاءتها في مواجهة صواريخ القسام البدائية الصنع.
ولا شك في ان استخدام المقاومة الغزاوية لصواريخ "فجر" الايرانية الصنع التي اثبتت قدرتها على اختراق شبكة الصواريخ الاعتراضية الامريكية "بتريوت"، قد اكسب ايران وضعاً أفضل من الناحية النفسية اضافة لاكتسابها فرصة اكبر من الوقت في مواجهتها للتهديدات الإسرائيلية باستخدام القوة لتدمير أو ايقاف برنامجها النووي.
أدرك الغرب منذ اليوم الثاني للعدوان أن مسار الحرب لا يمضي بما تشتهيه اسرائيل، لذا اقترحتThe New York Timesوقتها على اسرائيل ان تطلب من مصر، الدولة الاسلامية الحليفة لحماس، المساعدة في التوصل الى اتفاقية هدنة طويلة الامد مع غزة. كما دعت الصحيفة اسرائيل الى الدخول في مفاوضات جادة مع الادارة الفلسطينية في رام الله للوصول الى اتفاقية سلام بعيدة الامد. اما صحيفة الكارديان فقد اشارت الى ان العديد من المحللين السياسيين الاسرائيليين يحذرون من ان تؤدي عملية "عمود السحاب" الى اضعاف سلطة حماس في القطاع لصالح منظمات فلسطينية متطرفة هي الان خارجة عن سيطرة حماس ولها حلفائها الاقوياء في ايران والمنطقة العربية اضافة الى أذرع تنظيمية قوية تمتد الى صحراء سيناء. وربما هذا ما حدا بوزير دفاع اسرائيل للتصريح وقتها بأن توسيع أهداف عملية "عمود السحاب" وتحويلها الى حرب شاملة ليست في مصلحة اسرائيل. ولم يوافق على الدخول في حرب برية رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو اضافة الى وزير خارجيته ليبرمان رغم تصريحات الاخيرين النارية ورغبتهما بالظهور بمظهر المتشدد غير المساوم امام الناخب الاسرائيلي.
هذا علماً بأن المشروع الجيوسياسي الصهيوأمريكي القاضي بتحويل الاردن الى وطن بديل للفلسطينيين كان يفرض على اسرائيل التعامل بأسلوب خاص ودقيق مع قيادة حماس. فهي لم تضع في حساباتها لتحقيق مكاسب اضافية في معركتها الاخيرة، توسيع عمليات تصفية رموز حماس الميدانية والسياسية. كما أنها راعت عند تصفيتها لكوادر حماس استهداف المناوئين فقط لرئيس مكتبها السياسي خالد مشعل الذي يعتبر الشخصية الفلسطينية الأكثر قبولاً لرئاسة الدولة الفلسطينية التي يجري التخطيط لإقامتها في الاردن. فهو اردني المنشأ من جهة كما انه الشخصية المدعومة بقوة من قبل قطر والرجعيات العربية من جهة اخرى. وليس مصادفة ان تضطر المملكة الاردنية الغارقة بالديون الى الاعلان عن اجراءات تقشف اقتصادي في 13نوفمبر/ تشرين الثاني، أي قبل بدء عملية "عمود السحاب" بيوم واحد، ادت الى موجة احتجاجات عارمة واضرابات اجتاحت البلاد.
واخيرا لابد من التأكيد على حقيقة أنه ما كان لإسرائيل تحت أي ذريعة كانت ان تتردد في تدمير غزة وسفح دماء رجالها ونسائها واطفالها ما لم تكن هناك تغييرات جدية قد طرأت على ميزان القوى الميداني، لم يكن في حسابات اسرائيل دعاها لأن تطلب التهدئة لالتقاط الانفاس. وكما ان قوة اسرائيل العسكرية الرادعة جعلها صاحبة قرار السلام والحرب منذ ستينات القرن الماضي، فان تنامي قوة ردع المقاومة مع تحالفات ثابتة وأكيدة تضم جميع القوى المناوئة للمشروع الصهيوأمريكي العنصري في المنطقة كفيل بان ينتزع من اسرائيل حرية الاختيار ويفتح الباب امام مشاريع السلام. انه الدرس الاول من دروس المقاومة ولا شك في انه الاهم ان لم يكن الاخير ايضاً.



#جاسم_ألصفار (هاشتاغ)       Jassim_Al-saffar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -عمود السحاب--دروس وعبر (ألجزء ألأول-ألبدايات)
- رسائل قصيرة من بغداد-2 (حوار في موضوع المقاومة)
- رسائل قصيرة من بغداد-1
- قضية ألبروليتاريا هي قضية ألمجتمع بأسره
- قراءة لرسائل مفتوحة
- ألأصالة
- قراءة هادئة للوضع في سوريا
- ألذاكرة وألتوبة
- أفكار إشتراكية في ألمسألة ألقومية
- لمن تقرع أجراس ألربيع ألعربي
- يسار خارج ألزمان وألمكان
- ألإشتراكية وألديمقراطية
- ملاحظات نقدية على ألوثيقة ألفكرية للمؤتمر ألوطني ألتاسع للحز ...
- أليسار ألعراقي ورياح ألتغيير
- أقكار حول ألملف ألخاص بمقترح إنشاء فضائية يسارية علمانية


المزيد.....




- الحرس الثوري يُهدد بتغيير -العقيدة النووية- في هذه الحالة.. ...
- شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس
- -سرايا القدس- تعلن سيطرتها على مسيرة إسرائيلية من نوع -DGI M ...
- تقرير للمخابرات العسكرية السوفيتية يكشف عن إحباط تمرد للقومي ...
- حرب غزة: لماذا لم يطرأ أي تحسن على الأوضاع الإنسانية للغزيين ...
- كيف تُقرأ زيارة رئيس الوزراء العراقي لواشنطن؟
- الكرملين: الدعم الأمريكي لكييف لن يغير من وضع الجيش الأوكران ...
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...
- بريطانيا توسع قائمة عقوباتها على إيران بإضافة 13 بندا جديدا ...
- بوغدانوف يؤكد لسفيرة إسرائيل ضرورة أن يتحلى الجميع بضبط النف ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - جاسم ألصفار - -عمود السحاب--دروس وعبر (ألجزء ألثاني-ألمفاجئات)