أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جاسم ألصفار - رسالة اخرى الى الاحياء














المزيد.....

رسالة اخرى الى الاحياء


جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)


الحوار المتمدن-العدد: 4065 - 2013 / 4 / 17 - 01:09
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لا اذكر العام بالضبط ولكنه كان في العقد الاول من القرن الحالي، وكنت أعيش وقتها في بلدة قريبة من موسكو عاصمة روسيا الاتحادية. كنت متجهاً الى مكان عملي بسيارتي الخاصة في صباح اذكر انه لم يكن شتوياً. رغبت في سماع بعض الموسيقى الصباحية الجميلة التي يبثها عادة الاثير المحلي، ولكني بدل عنها سمعت نداءات الاستغاثة بالتوجه الى المراكز الصحية للتبرع بالدم لضحايا انفجار حصل في مترو الانفاق في موسكو فجر ذلك اليوم المشؤوم. اصابني الرعب والذهول من سماعي لهذا الخبر، فابني الذي يعيش في موسكو يستخدم مترو الانفاق يومياً لإنجاز اعماله. توقفت عن قيادة سيارتي وغادرتها لأقف بعض الوقت متأملا في الطبيعة الروسية الخلابة واترك لنظري ان يتجول في ثناياها على كل امتدادها الذي يصله نظري وكأني أبحث عن شيء علوي غير انساني يسكن هذا الجمال لأتوسل اليه ان يشد من عضدي. بحثت في جيبي عن الهاتف النقال لأتصل بابني وانا خائف ان لا يرد علي....كانت دقائق صعبة افكر بعدها كم اب قلق مثلي على ابنه وكم قريب او صديق او حبيب هزته الفاجعة واتسأل، هل لصانعي الموت أبناء او احبة؟ ومن اية طينة قذرة وشريرة صنع هؤلاء؟
تمر بعد هذا الحادث ثلاثة ايام طوال يتوجه فيها ركب هائل من ساكني العاصمة الروسية كل يوم الى مكان التفجير الاجرامي ليضعوا الزهور عنده معبرين بهذه الصورة عن تضامنهم مع ضحايا الارهاب في موكب جليل حزين وصامت، وكأنه يخاطب في دواخله نفس الذات العلوية الغير انسانية التي بحثت عنها في ثنايا الطبيعة صباح ذلك اليوم.
تذكرت كل هذا نهار الثلاثاء في السادس عشر من ابريل هذا العام وانا عائد من مكان عملي في جامعة واسط الى محل سكني في بغداد بعد يوم دام اخر استباح فيه الارهاب العاصمة العراقية. وفي طريق عودتي وانا بين الغفو والصحو في سيارة صغيرة لنقل الركاب أيقظتني صرخات الذهول والاستفسار التي اطلقها الركاب عند رؤيتهم لمنظر رهيب في مدينة العزيزية التي تتوسط المسافة بين بغداد ومدينة الكوت، تنتشر فيه فوضى الاشياء والسيارات المحترقة اثر انفجار مفخخة في تجمع صناعي على الطريق الرئيسي. الناس تهرول بين الاشياء المتناثرة والمحترقة ورجال الشرطة تجر خطاها ببطيء في محيط انتشار سياراتهم.
روسيا قاومت الارهاب بلا رحمة بصانعي الموت فاجتثته من جذوره، وامريكا بعد الحادي عشر من سبتمبر تقارع الارهاب بعنف يتجاوز حدودها، لا تتورع فيه عن اي وسيلة للتعذيب الجسدي والنفسي والقتل عن بعد والخطف والقاء جثث الارهابيين الى اسماك البحار. فلا حوار مع الارهاب ولا مقايضات او مساومات. هكذا اعلن العالم المتحضر مبادئ سياسته مع الارهاب.
اتساءل اين نحن في العراق من هذا؟ ورأس السلطة يطلع علينا في كل مناسبة او دونها ليبشرنا باحتفاظه بملفات عن تورط شركائه في مؤسسات الدولة العليا بالإرهاب. أين نحن من امن وامان المواطن ورموز السلطة والساعين اليها مشغولين بكراسي الحكم والاثراء سواء من خزائن الدولة العراقية او من خزائن دول الجوار.
الطامة الكبرى ليست في اننا نقتل كل يوم، بل في اننا في كل يوم نفقد جزء من انسانيتنا ويضمحل تعاطفنا مع ضحايانا وحماسنا للتضامن معهم او مع ذويهم. الارهاب اصبح جزء من يومياتنا والقتل والاعاقة وفقد القريب والحبيب جزء من عاداتنا. ليس هنالك من يثق اليوم بالرد المنهجي الصارم على الارهاب ما دمنا لا نميز غير وجوه الضحايا اما الجناة فهم هناك خلف الستار حيث لا يراهم الا الظالعين في شؤون السياسة العراقية والخازنين لملفاتها



#جاسم_ألصفار (هاشتاغ)       Jassim_Al-saffar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تساؤلات بعد الفاجعة
- هوامش في ذاكرة متعبة
- -عمود السحاب--دروس وعبر (ألجزء ألثاني-ألمفاجئات)
- -عمود السحاب--دروس وعبر (ألجزء ألأول-ألبدايات)
- رسائل قصيرة من بغداد-2 (حوار في موضوع المقاومة)
- رسائل قصيرة من بغداد-1
- قضية ألبروليتاريا هي قضية ألمجتمع بأسره
- قراءة لرسائل مفتوحة
- ألأصالة
- قراءة هادئة للوضع في سوريا
- ألذاكرة وألتوبة
- أفكار إشتراكية في ألمسألة ألقومية
- لمن تقرع أجراس ألربيع ألعربي
- يسار خارج ألزمان وألمكان
- ألإشتراكية وألديمقراطية
- ملاحظات نقدية على ألوثيقة ألفكرية للمؤتمر ألوطني ألتاسع للحز ...
- أليسار ألعراقي ورياح ألتغيير
- أقكار حول ألملف ألخاص بمقترح إنشاء فضائية يسارية علمانية


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جاسم ألصفار - رسالة اخرى الى الاحياء