أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جاسم ألصفار - هوامش في ذاكرة متعبة














المزيد.....

هوامش في ذاكرة متعبة


جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)


الحوار المتمدن-العدد: 3998 - 2013 / 2 / 9 - 22:10
المحور: سيرة ذاتية
    



أذكر انه في صباح يوم خريفي من عام 1971 نودي علي من زنزانتي التي كنت معتقل فيها في (قصر النهاية) لأقاد الى مكتب ناظم كزار، ألمسئول الأول لمعتقل (قصر النهاية) ألرهيب، والذي كان عند وصولي الى مكتبه، واقفاً امام المدخل. نظر الي ناظم كزار بتمعن للتأكد من عدم وجود اثار ظاهرة للتعذيب على جسدي الذي كان واهناً بسبب الجوع والسهر رغم توقف التعذيب قبل ايام. وللإنصاف فقد لمحت في نظراته بعض الاشفاق، ربما بسبب صغر سني وتهذيبي الشديد، وفاجأني بتنبيهي الى انه سيتم نقلي الى معتقل اخر وانه يتعين علي في غضون دقائق الاستعداد للرحيل، وعقب بكلمات لم افقه معناها، فيها سخرية واستهزاء بفكر اليسار واحزابه.
ثم وبرفقة الحرس جرى اقتيادي الى مكان قريب من بوابة الخروج لأصطف في انتظار السيارة المخصصة لنقل المعتقلين، الى جانب اثنين من المعتقلين، عرفت منهم فيما بعد المناضل المغدور كريم احمد (ابو شروق)، عضو اللجنة العمالية للحزب الشيوعي العراقي، والذي قتل تحت التعذيب في نهاية السبعينات، كما علمت. وبعد طول انتظار دُفعنا نحن الثلاثة الى المقعد الخلفي لسيارة صغيرة جلس في مقعدها الامامي الى جانب السائق حسن المطير، المسئول الثاني عن المعتقل بعد ناظم كزار، وتوسطنا في المقعد الخلفي الصديق المغدور ابو شروق.
في طريقنا الى معتقلنا الجديد، خاطبني حسن المطير ناصحاً بالتخلي عن النشاط السياسي والاهتمام بمواضيع اخرى كغيري من الشباب واضاف بان السياسة وسيلة قذرة للاستحواذ على السلطة وانها شاغل من لا شغل له وان المكتبة التي تم مصادرتها من بيتنا هي المخزون التقليدي الذي يجدونه في جميع بيوت السياسيين الذين تفتش بيوتهم على انه لا يجري استخدامها من الجميع لنفس الغايات وبنفس المستوى. فقد قدر له، كما ذكر، "مناقشة" العديد منهم واكتشف بان اغلبهم يستخدمون الافكار المستنبطة من الكتب كأي وسيلة اخرى تبرر الاسترزاق من السياسة وليس هناك سوى عدد نادر من السياسيين الذين يقرؤون بحثاً عن الحقيقة.
اثناء حديث حسن المطير، لم يتورع ابو شروق من ندسي بخفة على قدمي اشارة الى الاستخفاف بكلام المسئول الامني. ثم تمر الايام وبعدها الاعوام، التقيت خلالها مرات عديدة بالمناضل المغدور كريم احمد (أبو شروق)، اصبحنا فيها اصدقاء حميمين. ولكنه لم يذكرني بحديث حسن المطير الا في لقائنا الاخير قبل اغتياله. وقد كان ذلك في ليلة شتائية في موسكو في مطعم الانتربول، لاحظت في نبراته بعض الحزن الذي يشير الى توجسه لامتحان تاريخي عسير تمر فيه احلامنا ومشاريعنا الفكرية والسياسية. من شأنه ان يكشف لنا بأن سبب مآسينا كان ويبقى رفاق واصدقاء لنا، ذكرهم المسئول البعثي الامني حسن المطير في حديثه معي في السيارة التي نقلتني معه الى مركز اعتقال الامن العامة ببغداد.
أذكر اني قرأت مرة للعقاد عبارة جميلة عند حديثه مع حماره، ذكر فيها مخاطباً اياه، أن في السياسة افكار جميلة وحلول ناجحة للكثير من مشاكل المجتمع، غير ان اساس البلاء هو هؤلاء السياسيين الذين يشوهون كل ما هو جميل بخطبهم البلهاء ألتي يصف نعيق حماره بانه الاجمل والاصدق منها.
تذكرت كل هذا في سيارة التكسي التي اقلتني الى بيتي بعد زيارتي التقليدية الى شارع المتنبي يوم الجمعة الفائت والذي صادف ذكرى الانقلاب الدموي الذي نظمه بعثيين وقوميين على حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم في العام 1963 والذي ادخل العراق وطناً وشعباً في نفق مظلم مازالت اثاره المدمرة مهيمنة على التركيبة النفسية للإنسان العراقي. لقد تغير كل شيء في العالم وفي العراق منذ ذلك الحين ولكن الذي لم يتغير هو المثقف السياسي العراقي. فحتى عازف موسيقى الانفاق يغير الحان موسيقاه أما ألسياسي ألعراقي فهو هو على نفس هرطقته ونفس غاياته مهما تغيرت ميادين عمله ودكاكين عرض بضاعته.



#جاسم_ألصفار (هاشتاغ)       Jassim_Al-saffar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -عمود السحاب--دروس وعبر (ألجزء ألثاني-ألمفاجئات)
- -عمود السحاب--دروس وعبر (ألجزء ألأول-ألبدايات)
- رسائل قصيرة من بغداد-2 (حوار في موضوع المقاومة)
- رسائل قصيرة من بغداد-1
- قضية ألبروليتاريا هي قضية ألمجتمع بأسره
- قراءة لرسائل مفتوحة
- ألأصالة
- قراءة هادئة للوضع في سوريا
- ألذاكرة وألتوبة
- أفكار إشتراكية في ألمسألة ألقومية
- لمن تقرع أجراس ألربيع ألعربي
- يسار خارج ألزمان وألمكان
- ألإشتراكية وألديمقراطية
- ملاحظات نقدية على ألوثيقة ألفكرية للمؤتمر ألوطني ألتاسع للحز ...
- أليسار ألعراقي ورياح ألتغيير
- أقكار حول ألملف ألخاص بمقترح إنشاء فضائية يسارية علمانية


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إلى غزة بعد وصولها م ...
- -نيويورك تايمز-: إسرائيل أغضبت الولايات المتحدة لعدم تحذيرها ...
- عبد اللهيان يكشف تفاصيل المراسلات بين طهران وواشنطن قبل وبعد ...
- زلزال قوي يضرب غرب اليابان وهيئة التنظيم النووي تصدر بيانا
- -مشاورات إضافية لكن النتيجة محسومة-.. مجلس الأمن يبحث اليوم ...
- بعد رد طهران على تل أبيب.. الاتحاد الأوروبي يقرر فرض عقوبات ...
- تصويت مجلس الأمن على عضوية فلسطين قد يتأجل للجمعة
- صور.. ثوران بركاني في إندونيسيا يطلق الحمم والرماد للغلاف ال ...
- مشروع قانون دعم إسرائيل وأوكرانيا أمام مجلس النواب الأميركي ...
- بسبب إيران.. أميركا تسعى لاستخدام منظومة ليزر مضادة للدرون


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جاسم ألصفار - هوامش في ذاكرة متعبة