بعض الحقائق حول الجمعيات الممولة والمرتبطة في تونس

بشير الحامدي

الحوار المتمدن-العدد: 4241 - 2013 / 10 / 10 - 20:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بعض الحقائق حول الجمعيات الممولة والمرتبطة في تونس
الملاحظة الأساسية التي يجب أن نشير إليها في مفتتح هذا المقال حول التمويل الأجنبي للجمعيات والمنظمات في تونس هي أن مسألة التمويل الأجنبي تعدّ أحد أركان مشروع الهيمنة وترسيخ التبعية للقوى الاستعمارية والصهيونية فمثلما خططت هذه القوى لإخضاع الحكومات ودفعها لتنبني سياساتها عبر السيطرة عليها بآليات التداين ومثلما خلق شبكات تجسس ومخابرات مرتبطة بها في أجهزة الدولة وخصوصا في جهازي الجيش والبوليس ومن المسؤولين الكبار والمتنفذين في الحكومات والوزارات والبنوك المركزية فهي كذلك خطط ت لبسط نفوذها عبر عديد الجمعيات والمنظمات و الأحزاب أيضا وذلك عبر الالتزام بتمويل كل نشاطاتها.
دوائر التمويل هذه لا تحفي نشاطها وتمويلها هذا في وجهه العام الذي تقدمه دائما بوصفه فعل مساهمة في تطوير المجتمع مدني والوقوف إلى جانب منظماته وجمعياته وإسنادها من أجل بناء الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان ... إلخ .
هذه الدوائر لا تخفي الوجه العام هذا لنشاطها ولكنها تتستر كثيرا على حقيقة الوجه المخفي لهذه النشاطات والهدف الحقيقي لهذه التمويلات. فعندما يتعلق الأمر بحقيقة هذه التمويلات والهدف منها يصبح أمرا سريا و أحد مسائل الأمن القومي الكبرى لهذه الدول والشركات ولا يجوز الإطلاع عليه أو كشفه.
في تونس وبعد 14 جانفي 2014 قفز عدد الجمعيات من 9872 جمعية إلى 1577 جمعية سنة 2012 حيث ظهرت للوجود
سنة 2011 2687 جمعية
وسنة 2012 2618 جمعية
وحسب تقرير قام به المرصد الوطني إيلاف حول الجمعيات بعد 14 جانفي في تونس
نلاحظ أن هذه الجمعيات
منتشرة محليا على النحو التالي
36,5 % من الجمعيات ذات صبغة وطنية
38 % من الجمعيات ذات صبغة جهوية
15 % من الجمعيات ذات صبغة محلية
ومصنفة حسب نشاطها الفعلي الممارس كالتالي
17 % من الجمعيات ذات أهداف علمية بحثية
28 % من الجمعيات ذات أهداف حقوقية
5 % من الجمعيات ذات أهداف فنية
20 % من الجمعيات ذات أهداف رياضية
19 % من الجمعيات ذات أهداف خيرية
11 % من الجمعيات ذات أهداف دينية
أما حول التزام هذه الجمعيات بأهدافها فالتقرير يشير إلى :
21 % ملتزمة التزام كامل بأهدافها المضمنة بالقانون الأساسي
48 % غير ملتزمة بصفة حصرية بأهدافها المضمنة بالقانون الأساسي و هي خاضعة لصبغة النشاط المقنع أو النشاط المزدوج المكمل أو المتعارض مع أهدافها الأصلية
19 % خاصة منها ذات الصبغة الخيرية و الدينية تمارس نشاطا مختلفا بصفة كاملة عن أهدافها المعلنة عنها
11 % تمارس نشاطا سياسيا خفيا مرتبط مباشرة ببعض الأحزاب
ويقدم التقرير بعض المعطيات الأخرى
مثل أن :
22 % من هذه الجمعيات خاصة ذات الصبغة الوطنية تمتلك مقر خاصا بها
20 % من من هذه الجمعيات موجودة بمكاتب مؤسسيها (محامين, خبراء محاسبين, أطباء وحتى مؤسسات إقتصادية)
37 % من من هذه الجمعيات موجودة بعناوين مساكن بعض مؤسسيها
13 % من هذه الجمعيات بدون مقر
8 % من من هذه الجمعيات خاصة ذات الصبغة الدينية تتخذ بصفة غير معلنة من الجوامع والمساجد مقرا لها.
كذلك 29 % من من هذه الجمعيات خاصة ذات الصبغة الوطنية تتحوز على إدارة من خلال مؤشر الاتصال المباشر و الاتصال الهاتفي و إصدار و تضمين المراسلات و إبرام عقود تشغيل لفائدة الموظفين.
15 % من من هذه الجمعيات تعتمد في تسييرها الإداري على دمج حاصل مع إدارة بعض مسيريها
56 % من من هذه الجمعيات تفتقد لإدارة شؤونها بالاعتماد على هيكلة إدارية.
كما ورد في التقرير أيضا
7 % من من هذه الجمعيات خاصة ذات الصبغة الوطنية و التي تخضع لمراقبي الحسابات تحترم دورية العقد الشهري للاجتماعات و تضمين محاضر جلسات حسب الصيغ القانونية
18 % من من هذه الجمعيات تقوم بعقد اجتماعات بصفة غير منتظمة تتراوح في أغلبها بحساب اجتماع في ثلاث أشهر.
52 % من من هذه الجمعيات لا تعقد اجتماعات البتة.
23 % من من هذه الجمعيات تعقد اجتماعات متزامنة مع اجتماعات الأحزاب المرتبطة بها
فمن أين تحصل كل هذه الجمعيات على نفقات أنشطتها ومن يمولها .
في تونس لن تظفر بجواب محدد حول الممولين والكل يخفي مصادر تمويله المحلية والخارجية .
بعض الأحزاب في يوم وليلة أصبحت لها مقرات بثلاث طوابق وفيالق من المتفرعين للعمل الحزبي وكذلك كثير من الجمعيات والمنظمات.
15 ألف جمعية و أكثر من 150 حزبا على 10 ملايين مواطن 5 ملايين فقط أو اكثر قليلا فوق سن الـ 16 يبدو عدد الجمعيات والأحزاب تناسبا مع عدد السكان عدد ضخم جدا ما يقارب 400 مواطن لكل حزب أو جمعية.
يا لبلد عدد جمعياته أضعاف أضعاف عدد أطبائه .
مستنقع التمويل سقط فيه الحزبي والشاب الذي يقول عن نفسه ثوري [وهو مصطلح تونسي في الصميم كصفة] والمثقف والنقابي والفنان والكاتب والباحث .
كلهم سقطوا كلهم يدعون أنهم يساهمون في بناء المجتمع المدني وبناء الديمقراطية وربما حتى تحقيق مهام الثورة .
كلهم سقطوا .
كلهم يمكن أن يكلموك عن كل شيء ... أن يحدثوك عن كل شيء ... أن يكذبوا عليك بما يريدون فقط لا يمكنهم أن يكلموك أو يحدثوك عن التمويل.
حتى كذبا لا يمكنهم ذلك.
15 ألف جمعية بكل جمعية هيئة تديرها ولنقل أنها في حدها الأدنى مكونة من 5 أفراد يصير العدد بعملية حسابية بسيطة 75 ألف ناشط .
تصورا هذا الكم الهائل من النشطاء المتفرغين كليا أو جزئيا لتقديم شتى أنواع التقارير والقيام بشتى أنواع الأنشطة التي في ظاهرها عمل جمعياتي ومدني وفي باطنها تقديم كل ما يمكن أن يساعد المؤسسات الرأسمالية الضخمة عابرة القارات ومتعددة الجنسيات في ضمان مصالحها .
الجمعيات وخصوصا تلك التي ظهرت بعد 14 جانفي 2011 استقطبت عددا هائلا من الشباب الذي كان همه أن يغير الواقع و أن يتصدى لمعالجة معضلاته.
كثير من الشباب والناشطين والعاطلين ومن كانوا في قطيعة مع العمل السياسي قبل 17 ديسمبر خوفا من تبعات ذلك نراهم بعد 14 قطيعا طيعا بين أيدي محترفي العمل الجمعياتي لضمهم لجمعياتهم بكمشة الأموال التي تسهل لهم ذلك .
سرطان التمويل لم يشمل الجمعيات الصغيرة فقط لقد تغلغل داخل منضمات كبيرة مثل الإتحاد العام التونسي للشغل والمنظمة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومنظمة النساء الديمقراطيات ومنظمات أخرى كثيرة . وعديدة هي المنظمات ذات الانتشار العالمي والمعروفة بسياساتها الداعمة لرأس المال التي تقف وراء تمويل هذه المنضمات مثل مؤسسة فورد فونديشن و مؤسسة فيديك ايبارت ومؤسسات كثيرة اخرى إضافة إلى الدور الذي يلعبه الإتحاد الأوروبي.
والكل اليوم يمكن أن يلاحظ الفساد الذي انتشر داخل هذه المنضمات والذي تقف وراءه بعض المجموعات المغلقة المسؤولة على تلقي هذا التمويل في هذه المنظمات والتي تجند أكاديميين و أساتذة وباحثين يروجون لسياساتها ولسياسات الأطراف الممولة والأمثلة على ذلك كثيرة ويمكن ملاحظتها من مجرد جرد المنشورات التي تنتجها والندوات التي تقيمها والبعثات التي تشارك فيها هذه الشبكة .
ـــــــــــــــــــــ
بشير الحامدي
10 ـ 10 ـ 2013

#بشير_الحامدي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل