أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامح عسكر - لطمية رابعة(3:6)















المزيد.....

لطمية رابعة(3:6)


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 4234 - 2013 / 10 / 3 - 23:15
المحور: الادب والفن
    


تفتح الستارة على ديكور مؤتمر لعدد من الجالسين في مقابل منصة عليها مكتب وثلاثة كراسي، يجلس في المنصة ثلاثة رجال أحدهم خمسيني العمر والثاني شاب والثالث عجوز ويبدو أن الرجل الخمسيني كان هو رئيس الندوة أو المحاضر، فقد كان يجلس في المنتصف ومعه الميكروفون لإدارة المؤتمر ولإلقاء محاضرته.

يهم الجميع للاستماع بهدوئهم التام ثم يبدأ الرجل في الكلام:

-بسم الله الرحمن الرحيم الأخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله، أعرفكم بنفسي..دكتور طاهر البرلسي رئيس حزب التنوير، ومعي السادة على المنصة نواب رئيس الحزب وجميعنا أعضاء ومستمعين ومحبين، أعلم أننا لسنا ننتمي جميعاً إلى الحزب، وأن منا المعارضون ومنا من دون ذلك، والعمل السياسي يستوجب على الجميع أن يسمع للجميع.

أيها السادة إن رسالة حزب التنوير ليست مقصورة على الدراسة والتعليم والتنوير، بل هي ممتدة للعمل بين الناس ، لا نعيش في قفص عاجي ولا فوق التل، لا ننظر للناس بتعالي لأننا منهم، فمن يتعالى على الناس فهو يتعالى على نفسه، جميعنا أحراراً فيما نؤمن ونعتقد، وجميعنا له الحق في إبداء رأيه مهما كان مزعجاً، شريطة أن يتخلق بخلق الحوار والرأي والرأي الآخر.

هنا قاطعه أحد الحضور برفع إشارة يده قائلاً:

أقدم نفسي أنا.."أحمد علي"..عضو حزب التنوير وصحفي في مجلة .."العلم والناس"..أتساءل يا دكتور طاهر هل تؤمن بالتفكير النسبي وإذا كان فما الذي يحمي اليقين الديني من هذا التفكير، إننا بحاجة إلى اليقين والدين لصالح النظام وإلا فالفوضى هي البديل.

دكتور طاهر: في البداية يجب أن نفصل بين مصطلح.."الدين"..ومصطلح.."فهم الدين"..جميعنا نؤمن بأفهام عن الدين، ولكن هذه الأفهام ليست هي الدين في ذاته، كلٍ منا له فلسفته الخاصة في الحياة، ومن خلالها يرى الكون والناس والأشياء، كل منا له قواعد يَزِن بها الأمور، كل منا له معايير يقيس بها الأفعال والنتائج، جميعنا نختلف في تصوراتنا عن الحياة والعائلة والمسلك الخاص، جميعنا لا ننظر من نفس الزاوية التي نحكم من خلالها، لذلك فنحن بحاجة إلى تفكير نسبي لا نصادر به حق الغير في الاعتقاد والرأي.

أحمد علي: وهل ينطبق ذلك على المتشددين والإقصائيين؟

دكتور طاهر: بالطبع ولكن في نطاق معين من اللوائح والقوانين، نحن نعيش في دولة حديثة عصرية يجب أن ينتمي الجميع إليها قبل أن يمارس السياسة أو أن يبحث في الدين، وبالقراءة العفوية والخبرة العلمية يمكن تحديد هذه العناصر بسهولة، قبل أن يستفحل خطرها في المجتمع، أو أن تتسبب في تقسيم الدولة وانهيار القيم والأخلاق.

المتشدد يريد من ينافسه ويحاوره، فبالمنافسة والحوار نصنع بذور التنوير، حتى لو لم يقبل أفكارنا عن الدولة العصرية فهو مضطر للقبول بها كواقع حياة، وبالوقت تنشأ مراجعات ترى صوراً أخرى غير التي نشأت عليها، أو أن تحيا ضمائر البعض ويساهموا في تقييد هذا التشدد أو تحجيمه.

هنا يتدخل الحكواتي قائلاً:

يااااااااااااااه يوجد فرق كبير بين الشيخ فالح والدكتور طاهر، كلاهما يرى انتهاك حُرمة الدين من منظوره الخاص، ولكن فارق أن الدكتور طاهر يعترف بحق المتشدد في إبداء رأيه وبنيل كافة حقوقه، أما الشيخ فالح فلا يرى تلك الحقوق، ولا يؤمن بحق الآخر في الخلاف..سيرضى الجميع بما يحدث، فثمة بحار واسعة بين الرأيين، ولكن الأهم أن لا تخرج الأفكار من العقل إلى اليدّ.

يعود المسرح بصوت نائب الرئيس الشاب من على المنصة، وهو يوجه خطابه إلى أحمد علي قائلاً:

أستاذ أحمد هل ممكن تفسر العلاقة بين الدين والمال؟..بمعنى هو احنا ليه أصبحنا نشوف الشيوخ أكثرهم أغنياء؟..الشيخ فلان والشيخ فلان –وعددهم- اللي راكب عربية واللي عنده قصر كبير واللي بيروح يتعالج في ألمانيا، كل دي ظواهر محتاجة دراسة .

أحمد علي: مش الشيوخ لوحدهم، دي ظاهرة من ظواهر الرأسمالية، ولكن احنا بنركز على الشيوخ-أحيانا-لأنهم خصوم، ولو دققنا النظر هانلاقي ان مجتمعنا هو مجتمع طبقي في كل شئ.

نائب الرئيس: وهل تظن إن كل الطبقات بتتكلم في الدين؟..وهل الرأسمالية درجات؟ ممكن نستخدم أشياء تانية لصالحها تبني فوارق كبيرة، بمعنى إن المجتمع اللي احنا فيه هو مجتمع ديني، وأي فرد يتكلم في الدين يحوز على رضا الطبقات الدنيا والأغلبية، وقتها الشيخ وحده هو اللي فرصته كبيرة للثراء والثراء السريع.

أحمد علي: لا يمكن نبني فكرة عن الآخر بدون تواصل معاهم، يجوز إن تكون مظاهر الثراء لأسباب اجتماعية عائلية أو اقتصادية ، ولكن دا مش هانعرفه من غير التواصل.

تدخل الدكتور طاهر البرلسي قائلاً:

الأستاذ أحمد علي يشير إلى نقطة غاية في الأهمية وهي الحوار، في الحزب طالبنا من شهرين حوار مع بعض الشيوخ ولكنهم رفضوا بحجج دينية، وفيه قدامنا فرصة للحوار مع هذا التيار ولكن بعد تشكيل الحزب، الموافق على هذا الحوار من حيث المبدأ يتفضل برفع يده..

رفع الجميع موافقة.

دكتور طاهر: سيكون الحزب هو المختص بإجراء وتنظيم هذا الحوار، أما الآن سننتقل لجدول الأعمال.

تغلق الستارة وتفتح على ديكور قهوة بها مجموعة من الناس يلعبون الطاولة ويشربون الشيشة والمشروبات الساخنة..لقد ترك الجميع مشاغلهم وهمومهم كي يتحدثون في السياسة، في كل نفسٍ منها رغبات وأمنيات يريدها بعُجالة.

يقول عم رمضان البوسطجي: هو مش كان الرئيس المخلوع أحسن؟...آهو الحال كل شوية بينزل والواحد مش لاقي يصرف، وشوية العيال اللي قاعدين في الميدان دول جرابيع ولا يسووا حاجة...

رد عليه الأستاذ فرج: ياعم رمضان مفيش حاجة بتيجي مرة واحدة لازم نستحمل، هو يعني كان عاجبك الظلم والافترا بتاع المخلوع؟..والا رجال الدولة اللي ماليين كروشهم من خيرنا وأرضنا ومفيش حد عارف يحاسبهم!...الثورة هي اللي هاترجعلنا حقنا ولازم نحلم عشان الأجيال اللي جاية، عقبالك لم تعيش وتشوف عيالك متجوزين ومتستتين في بيوتهم..

رد عم احمد النجار موجهاً كلامه للأستاذ فرج قائلاً: احنا بنسمع الكلام دا بقالنا كتير والحال زي ما هو زفت وقطران، مفيش حد حاسس بحد، كل واحد عايش لنفسه ولمصلحته، دا حتى الشيوخ بتوع ربنا اللي كنا متعشمين فيهم طلعوا هما كمان بتوع مشاكل وكدابين ومنافقين!

رد الأسطى سيد القهوجي وهو معجب بكلام عم احمد النجار: آه والله ياعم احمد دا الطيور في السما بتلاقي رزقها، أما دول قاطعين عننا المية والنور..

رد الأستاذ فرج: ياجماعة دي الشمس مابتطلعش مرة واحدة والجنين بيكبر جوا بطن امه مرة بعد مرة...هو دا النظام اللي عملوا ربنا واحنا لازم نرضى بيه، كدا يبقى الست الحامل من حقها ان الجنين يقعد في بطنها شهر واحد عشان التعب..احنا كمان لازم نتعب عشان نلاقي، المهم اننا نكون بنفكر واحنا صابرين، ومعلش يعني الطريقة دي بتقول اننا مابنفكرش خالص..

رد الأسطى سيد القهوجي: وانت عاجبك ياأستاذ فرج ان بتوع الأحزاب كل شوية يتخانقوا في الشارع ويحرقوا كل حاجة، ما هو دا اللي مخلينا في الغُلب.

الأستاذ فرج: بالعكس دول هما كدا بيصفوا بعض ويستنزفوا جهودهم، بعد كدا هايتعاملوا مع بعض باحترام ويعاملونا كويس.. واحنا هانشوف دا بعنينا..صدقوني اللي جاي أحلى بس لازم نتفائل..

سكت الجميع وإذ بشيخ كبير في الطريق إلى القهوة حتى وصل وأسند إليه القهوجي كرسي وترابيزة، ويبدو من هيئته وردود الأفعال أنه ذات قيمة كبيرة وكل من في القهوة يعرفونه ويحترمونه..

قال موجهاً حديثه للجميع : الشمس هاتروح والدنيا هاتضلم طول مااحنا بنشوف بس اللي تحت رجلينا، ياعالم إحنا بشر مش حيوانات، والإنسان هو اللي يبص قدام ويعمل ويخطط وينتج، شغلتنا مش الكلام، شغلتنا العمل..لازم نحب بعض عشان الدنيا تعمر، لازم نسمع لبعض عشان نعرف نعيش، إحنا مش في غابة..

منهم لله اللي واكلين البلد ومش حاسين بالناس، دول هايتحاسبوا حساب المَلَكين، واوعوا تكونوا عارفين إن ربنا بيغفل عن الظالم، دا بيديله مهلة يتوب عشان هو بيحبه، إذا كان ربنا بيحبنا ياجماعة يبقى مش هانحب بعض..دا احنا كلنا قرايب من جنس واحد ومخلوق واحد، إوعوا تنسوا أصلكوا أحسن ربنا بينسى البني آدم اللي بينسى هو إيه وكان أصله إيييييييييه.

دخل الحكواتي قائلاً:

كل إنسان مشغول بهمومه، الشعب يريد حياة كريمة والشيوخ يريدون الشريعة والتنويريين يريدون العلم ، كل إنسان يمسك من الدنيا الجزء الذي يراه، هكذا الحال منذ بدء الخليقة، الكل في صراع، الكل يريد، الكل يريد أن يفهم ما يريد وليس مالا يريد..القليل يفطن لحقيقة هذا الصراع، وهم الذين يحبون الناس.

السياسة ليست رغبات بقدر ما هي تضحيات، الأب يضحي من أجل أبنائه بالسياسة، حين نفقد الرضا بالقليل سنُصبح أعداء، والخير في الناس إلى يوم القيامة، ولكن لن تخلو الدنيا من الصراع....صراع...صرااااااااااااع.



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لطمية رابعة(2:6)
- لطمية رابعة(1:6)
- المرجعية الدينية لغزوات البرتغال في أفريقيا
- الاغتيال السياسي وذاكرة سليمان الحلبي
- الإسماعيليون والإخوان..مقاربة سلوكية(2:2)
- الإسماعيليون والإخوان..مقاربة سلوكية (1:2)
- واشنطن بين إرهاب نيروبي ومصر وسوريا
- مشروع الحوار القروي (5:6)
- مشروع الحوار القروي(6:6)
- مشروع الحوار القروي(4:6)
- مشروع الحوار القروي(3:6)
- مشروع الحوار القروي(2:6)
- مشروع الحوار القروي (1:6)
- السوق الكيماوية والسوق النووية
- ما بين الزلزلة والطوفان..!
- إنهم يريدون هدم مصر
- رسالة من حزب الكنبة
- ملاحظات في الشأن التركي
- الجماعات الدينية بين الإكراه والاختيار
- سليمان القانوني وصبغة صفوت حجازي


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامح عسكر - لطمية رابعة(3:6)