أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - تمريغ حقوق الانسان في وحل الصراعات السياسية الداخلية والخارجية















المزيد.....

تمريغ حقوق الانسان في وحل الصراعات السياسية الداخلية والخارجية


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 4231 - 2013 / 9 / 30 - 17:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لعل المستغرب في ميدان عمل حقوق الانسان ، تواجد العديد من الهيئات العاملة باسم حقوق الانسان المفترى عليها في الخطابات العديدة والمتنوعة . واذا كانت الحقوق كما حددها الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، واحدة ولا تتطلب مراجع مختلفة في تفسيرها ، وفي فهمها ، وفي التعاطي مع الحالات الشاذة بخصوصها ، فان المفروض والمنطقي ، هو ضرورة وجود هيئة واحدة لحقوق الانسان ، وليس بالضرورة وجود عدة هيئات تعمل على نفس الموضوع ، وبأشكال مختلفة وبتفسيرات متضاربة . فاذا كانت النظريات السياسية والإيديولوجية المختلفة تبرر وجود عدة احزاب تنتمي الى هذه النظرية او تلك ، تعتنق هذه الايديولوجية او تلك ، مما تم تفسيره بوجود احزاب يمين ووسط ويسار ، ويسار اليسار ويمين اليمين ، فإن المسألة بخصوص حقوق الانسان يجب ألاّ تنحو هذا المسلك ( الاعتقاد والاعتناق الفلسفي والإيديولوجي ) الذي فقد بريقه ( نهاية الايديولوجية ) الذي عوّضته المنافع والمصالح الشخصية للزعيم وللمريدين ، حيث بدأنا نشاهد موت السياسة التي اعقبها موت القيم والمبادئ ، وأصبح جائزا تحالف اليميني مع ( اليساري ) و ( الرأسمالي ) مع ( الاشتراكي ) و العدمي مع القروسطوي ، وهو ما تجسد في جلوس ( الاتحاد الاشتراكي ) مع ( الحركة الشعبية ) و ( التجمع الوطني للأحرار ) و حزب ( الاستقلال ) في الحكومة ، وجلوس حزب ( التقدم والاشتراكية ) مع ( حزب العدالة والتنمية ) في الحكومة كذلك ، ثم تنسيق ( النهج الديمقراطي ) مع ( جماعة العدل والإحسان ) ، او كما حصل مع مجموعة احزاب ( جماعة الثمانية ) قبل الانتخابات التشريعية الاخيرة ،،،، فإن تعدد الفاعلين العاملين في مادة حقوق الانسان المبنية فقط على القوانين والحقوق ذات الطابع الوحيد ، تصبح عصية عن الفهم ، اللهم السبق لتسييس هذه الحقوق بما ينسجم مع التنظيم الحزبي المتاجر بحقوق الانسان . الم ’تعتبر ( الجمعية المغربية لحقوق الانسان ) جمعية لحزب النهج الديمقراطي الستاليني بعد تهميش الفعاليات الاخرى التي تتاجر بدورها في ميدان حقوق الانسان ؟ اليس الاتحاد الاشتراكي ، حزب زمان وليس حزب الآن هو من يقف وراء انشاء ( المنظمة المغربية لحقوق الانسان ) ؟ اليس حزب ( الاستقلال ) من انشأ منظمته ل ( حقوق الانسان ) سماها ( العصبة المغربية لحقوق الانسان ) ؟ الم يكن ( المركز المغربي لحقوق الانسان ) في بدايته الاولى يتعاطف مع حزب العدالة والتنمية ؟ ...لخ
اذن هل نحن امام جمعيات حقيقية للدفاع عن حقوق الانسان في صيغتها الاممية ، وهذه في كلياتها واحدة لا تتطلب عدة تفسيرات او تأويلات ، ام اننا امام جماعات تتاجر بمادة حقوق الانسان ، حيث لا تتورع العديد منها ، وفي سبيل الحصول على المساعدات المالية بالعملة الصعبة ، و تسهيل الولوج الى السفارات الاجنبية والسرعة في الحصول على التأشيرات ، وبدون دراسة الملفات ،، لا تتردد هذه الجماعات في التعامل مع المنظمات الصهيونية التي توظف هي بدورها مادة حقوق الانسان ، لبلوغ اهداف سياسية لا علاقة لها بحقوق الانسان التي اضحت سيف دمقليص تسلطه هذه المنظمات ، على الانظمة الرافضة للتغريب او الرافضة للمشاريع الغربية الصهيونية في بلدانها ( اقامة العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل ) ، او اتخاذ مواقف ضدها عند التصويت في المحافل الدولية .
تبلور مفهوم حقوق الانسان فلسفيا عبر مفهوم الحقوق الطبيعية ، وضمن مدرسة الحق الطبيعي ، وهي حقوق تبقى طبيعية في هذا المنظور ، بمعنى انها ليست هبة من النظام السياسي ( الدولة )، بل هي سابقة عليه . كما انها حقوق خالدة ، وربما سابقة على نشأة المجتمع نفسه . فما على المجتمع والدولة إلاّ المصادقة على هذه الحقوق ، وإيجاد آليات لضمان تحقيقها . انها اذن حقوق الانسان غير القابلة للتفويت او للسحب اطلاقا ، لأن جوهرها الذي هو ، الحرية والمساواة والأمن ، يسمو على كل الاعتبارات الاخرى ، كيفما كان مصدرها ، او كانت طبيعتها . ان هذه المقولات الحقوقية الكبرى ، تؤول في النهاية الى حق رئيسي ، يتمثل في تميز الانسان في كل شيء ، بما فيه كرامته الاصل والأساس التي لا تعوض بثمن ، ومن ثم فإن الحقوق الفرعية الاخرى تصب في النهاية ، على شكل جداول نهرية ، في المجرى الكبير المتمثل في اقرار كرامة الانسان كإنسان ، فضله الله وكرمه على جميع المخلوقات .
والكرامة هنا لا تعني مدلولا اخلاقيا محصورا ، لكنها تعني تميز الانسان عن بقية المخلوقات وسموه عليها ، وهي الفكرة الاصيلة في كل الديانات ، وعلى الاخص السماوية منها . كما تعني ان سمة الانسان الاساسية في الحالة الطبيعية ، هي الحرية ، اما المساواة فيقصد بها المدلول الانثروبولوجي المتمثل في تساوي الناس في درجة انتماءهم الى الانسانية ، بغض النظر عن الجنس او اللون او العرق او الموقع الجغرافي او الاجتماعي .
يترتب على هذه النواة الثلاثية : الكرامة – الحرية – المساواة ، حق اساسي ، هو حق الانسان في الامن ، وفي حماية نفسه ، وعشيرته من اي تهديد لحمايته ومعاشه . وعلى هذه البنية التحتية الثلاثية ، يقوم صرح كامل من الحقوق التي تتناسل باستمرار على شكل اجيال لتشكل بناء معماريا جميلا اشبه ما يكون بلوحة الوصايا المبعدة عن الخطايا .
ان السجل الفلسفي لحقوق الانسان ، هو بمثابة بناء مثالي مليء بأجمل القيم وأكثرها مثارا للعشق والوله . انها قيم الكرامة والحرية والمساواة والأمن والصحة والشغل والتضامن ... التي تشكل اجمل لوحة اخلاقية و قيمية في هذا العالم الارضي ، لكن السجل العملي يختلف تماما عن السجل النظري . ان السجل الثاني ينتمي الى عالم المثل الجميلة المأمولة . اما السجل الاول فينتمي الى عالم الاحداث والوقائع المعلولة .
وسنكتفي للتدليل على هذه القطيعة بين مستويين : مستوى النظر ، ومستوى الواقع ، مستوى الاخلاق ومستوى السياسة ، وذلك بالإشارة الى نوعين من التوظيف او الاستثمار لهذه المثل : الاستثمار الدولي والاستثمار القطري او المحلي .
لقد تمثلت تجربة الاستثمار الدولي لمقولة حقوق الانسان ، في تحويلها من طرف الولايات المتحدة الامريكية الى قوة ايديولوجية ضاربة في وجه المعسكر الشرقي الشيوعي سابقا ، وتوجهها اليوم في وجه الانظمة التي ترفض الاذعان للمشاريع والمخططات الغربية الامريكية ، او انها تتخذ مواقف لا تنسجم مع السياسة الامريكية بالمنطقة ، الم يصرح الرئيس الامريكي اوباما مؤخرا ومن اعلى منبر بالأمم المتحدة ، من ان الولايات المتحدة الامريكية لن تتردد في استعمال القوة للدفاع عن مصالحها في الشرق الاوسط وبشمال افريقيا ، وهو ما يعني الدفاع عن الاستقرار والنظام المغربي من اي اعتداء من الجزائر او من جماعات الاسلام السياسي التواقفة الى الخلافة الاسلامية ؟ . ففي خضم هذا التفاعل ، فإن الغرب سوق لنفسه على انه مجال الحرية " العالم الحر " والديمقراطية ، وصور المعسكر الاشتراكي السابق – خلال الحرب الباردة -- على انه مجال الاكراه والكولاك ، والنفي الى سيبريا ، وتحويل المعارضين الى مصحات الامراض العقلية ... لخ .
ففي هذا السياق الدولي الذي كان محتدما ، كلنا يتذكر كيف تم تنصيب ساخاروف وسولجنتسين انبياء لهذا العصر الجديد ، مبشرين بسقوط الستار الحديدي وأنظمة الفولاذ المتهرئ . وبالأمس القريب جدا ، ومتاجرة بحقوق الانسان ، فان الانظمة السياسية القمعية ، لم تتوانى عن الدلو بدلوها في ميدان حقوق الانسان ، فنصب الدكتاتور معمر القدافي ابنه مكلفا بحقوق الانسان ، وتحولت الجماهيرية في ظل القدافي الى قلعة مدافعة عن حقوق الانسان ، وهو الفعل الذي انخرط فيه صدام حسين قبل قلب نظام حكمه ، وحاوله باشار الاسد عندما اضحى نظامه مهددا بالسقوط .
وكما الانظمة السياسية التي استغلت مادة حقوق الانسان لتبييض ماضيها الاسود ضد كل اشكال حقوق الانسان ، فان اليسار بشقية التقليدي واليساري تبنى بدوره هذه الحقوق ، وسخرها كأداة للنضال من اجل انتزاع بعض الحقوق ، وذلك لان حركية حقوق الانسان في العالم المعاصر ، اصبحت احدى آليات نضال المجتمع المدني من اجل انتزاع حقوقه وحمايتها ، والدفاع عنها عن تعسف السلطة والحكام . لكن عندما يصبح الخصم المطالب بالحقوق هو الوصي عليها والراعي لها ، فإن العملية تأخذ صبغة نوع من التمويه والتدجين من دون شك .
هنا نجد انفسنا امام احدى ادق آليات العمل السياسي ، وهي عملية القلب ، حيث يصبح الجلاد ضحية ، والذئب خروفا ، والمتهم قاضيا ، اي تقمص دور الخصم والحكم . ( ضربني وابكى ، واسبقني واشكا ) .
فمثلما استثمرت ’مثل الحرية والعدالة والمساواة والاشتراكية وغيرها من المثل السامية ، هاهي اليوم حقوق الانسان تتمرغ في وحل الصراعات السياسية الداخلية بين الاحزاب السياسية ، والخارجية بين الغرب وبين من شق او سيشق عصا الطاعة عليه . ان حقوق الانسان تتعرض اليوم لاستثمارات مختلفة ، ولعمليات قلب وتمويه وتدجين ، مما يعني ان المثل والقيم السامية لا تفلت بدورها من التوظيف والاستثمار السياسي وغيره ، وذلك بالالتفاف عليها رسميا من اجل تسخيرها احيانا ضد مدلولها ووظيفتها الاصلية .
ومادام الهدف والمبتغى هو تسييس مادة حقوق الانسان ، فان الاشتغال في ميدان حقوق الانسان يشكل انتهازية وتحريفا لحقوق الانسان في صورتاها الطبيعية والأممية ، وتبقى جميع المنظمات والهيئات التي تتحرك باسم حقوق الانسان بعيدة في تعاطيها مع مادة وحقوق الانسان . انهم تجار يستثمرون كل شيء في سبيل بلوغ اغراضهم التي لا علاقة لها بحقوق الانسان المفترى عليها في خطابات التباكي والنفاق باسم حقوق الانسان .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التقنية والسياسة
- المدرسة والمسألة المعرفية
- نحو المحافظة على الهوية الثقافية والاصالة الحضارية
- تنزيل الماركسية
- تذليل المفهوم القروسطوي للدين
- فشل اردوغان والاخوان في محاولة بعث الفاشية العثمانية
- المثقف الماركسي والوعي الطبقي
- دفاعا عن سورية وليس عن الأسد
- الإتجار بالديمقراطية البرلمانية
- الديمقراطية وترويض القدرة السياسية في المجتمع
- الاخوان الفاشيون
- الإستعارة في اللغة السياسية
- - امرأة عند نقطة الصفر -
- الطب والامبريالية في المغرب
- حين يصبح الانقلاب والتزوير مشروعا
- منظمة -- حزب -- تيار
- ادوات اشتغال المخزن
- دراسة تحليلية لماهية المخزن -- المخزن عقيدة وليس مؤسسة .
- جدل عن غياب العاهل محمد السادس خارج المغرب
- الطريق الاستراتيجي الثوري للدولة الفلسطينية


المزيد.....




- سجال حاد بين أمريكا وألمانيا بعد اتهام برلين بـ-الاستبداد-
- كيف أصبحت الهوية الكشميرية -لعنة- على أصحابها؟
- أكسيوس: اتفاق قريب بشأن إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة
- إسرائيل تشن7 غارات على محيط دمشق وترسل مقاتلاتها فوق أجواء ح ...
- البنتاغون يعلن عن نجاح تجربة نموذج أولي لصاروخ فرط صوتي بحري ...
- الجيش البريطاني يمنع قواته من إطلاق طائرات مسيرة أثناء التدر ...
- الاستخبارات الأمريكية تنشر فيديو للتغرير بمسؤولين صينيين على ...
- أكبر حصيلة منذ 15 عاما.. وفاة 216 طفلا بموسم الإنفلونزا هذا ...
- إدارة ترامب تعتزم تسريح 1200 موظف في وكالة الاستخبارات المرك ...
- كبرى شركات الأحذية الأمريكية تحث ترامب على رفع الرسوم الجمرك ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - تمريغ حقوق الانسان في وحل الصراعات السياسية الداخلية والخارجية