أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - هل جاء دور إخوان السودان في الرحيل ، بعد رحيل إخوان مصر ؟















المزيد.....

هل جاء دور إخوان السودان في الرحيل ، بعد رحيل إخوان مصر ؟


ميشيل حنا الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 4231 - 2013 / 9 / 30 - 02:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أسئلة تحتاج إلى إجابات حول الواقع العربي والربيع العربي
السؤال الحادي والخمسون :
هل جاء دور إخوان السودان في الرحيل ، بعد رحيل إخوان مصر ؟

التذمر الشعبي الذي انطـلق يجوب شوارع المدن السودانية وخصوصا شوارع الخرطوم وأم درمان، والذي استمر ستة أيام بدون توقف، قد يكون في ظاهره على خلفية ارتفاع أسعار المحروقات الذي أدى أيضا إلى ارتفاع أسعار الكثير من المواد الأساسية كالغذائية وغيرها. لكنه أيضا قد يكون نتيجة شعور المواطن السوداني بأن تلك الزيادة في الأسعار، إنما شكلت الشعرة التي قصمت ظهر البعير، كما يقول المثل العربي، إذ فجر الارتفاع في السعر، جرحا كامنا في القلوب سببه بقاء جبهة الإنقاذ في سدة الحكم، وعلى رأسها الفريق عمر البشير، لسنوات طويلة تجاوزت الثلاثة وعشرين عاما، وهي المدة الأطول التي بقي فيها رئيس سوداني جالسا على كرسي الحكم، سواء جاء عن طريق الانتخاب، أو عن طريق الانقلاب. وهذا ما يفسر تسارع وتيرة الهتافات في الشارع السوداني من مطالبة بالغاء الزيادة على أسعار المحروقات، الى المطالبة برحيل النظام.

والواقع ان الرؤساء السودانيين الذين جاءوا عن طريق الانتخاب، هم قلة نادرة. فمعظم الرؤساء السودانيون قد جاءوا عن طريق الانقلاب. وكان أول الانقلابيين هو الفريق ابراهيم عبود الذي استولى على السلطة في عام 1958، أي بعد عامين فقط على استقلال السودان الذي تحقق في عام 1956 وشهد على مدى عامين فقط حكما ديمقراطيا. ولكن "عبود" لم يبق على ذاك الكرسي إلا لستة أعوام انتهت في عام 1964. حيث انتهى حكمه نتيجة حركة شعبية جماهيرية ضمت تحالف الأحزاب السودانية ونقابات العمال والأساتذة والطلاب، وكانت حركة احتجاجية قوية استمرت عدة أيام، وأدت إلى شل الحياة في المدن السودانية مما اضطر الرئيس عبود للاستقالة ، خصوصا بعد أن تقدم عدد من ضباط الجيش السوداني، وقيل أنه كان من بينهم العقيد جعفر النميري، بمذكرة للفريق عبود تطالبه بالاستقالة.

وجرت عندئذ انتخابات خاضها الحزبان الرئيسيان، الحزب الاتحادي وحزب الأمة . وشكل الحزب الفائز الحكومة المدنية الجديدة. ولكن الحياة الديمقراطية لم تستمر طويلا، إذ سرعان ما قام تسعة من ضباط الجيش السوداني، وكان جعفر النميري من بينهم ، بانقلاب عسكري أدى للاستيلاء على السلطة وذلك في عام 1969. وأعلن النميري نفسه رئيسا لمجلس قيادة الثورة الذي ضم الضباط التسعة، إضافة إلى رئيس هيئة القضاة بابكر عوض الله الذي عين نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة كما عين أيضا رئيسا للوزراء، فشكل حكومة ضمت وأحدا وعشرين وزيرا قيل أن من بينهم تسعة وزراء وصفوا بأنهم ينتمون للحزب الشيوعي، كان من بينهم "جون جارانج" الذي عين وزيرا للتموين في الحكومة ، كما عين جعفر النميري وزيرا للدفاع.

إلا أن حكومة بابكر عوض الله لم تبق طويلا، إذ سرعان ما قرر النميري أن يتولى رئاسة الوزاة بنفسه، مع إبقاء بابكر عوض الله وزيرا للخارجية، اضافة الى احتفاظه بمنصبه كنائب لرئيس مجلس قيادة الثورة. وحاول النميري بأن يقدم حكومته على أنها حكومة ديمقراطية، وبأنها ناصرية الاتجاه ساعيا للظهور كحليف وثيق للزعيم المصري جمال عبد الناصر. لكن ذلك لم يدم طويلا أيضا، إذ سرعان ما بدأ يسعى للظهور بمظهر الدولة ذات الاتجاه الإسلامي، ربما ليؤكد ابتعاده عن التحالف السابق مع الشيوعيين، مع ابتعاده النسبي عن الناصريين. وهكذا أسس بنكا إسلاميا، وأصدر قوانين تؤكد هذا الاتجاه الإسلامي رغم وجود ثورة في الجنوب السوداني حيث الأكثرية المسيحية، وهي الثورة التي بدأت منذ عام 1955 أي قبل حصول السودان على استقلاله بعام واحد . ومعنى ذلك ، ولغايات الدقة والموضوعية ، لا بد من القول أن هذه الحرب لم تبدأ بشكل مباشر نتيجة القوانين الإسلامية الاتجاه التي بدأ جعفر النميري بإصدارها، بل كانت هناك أسباب أخرى أضافت إليها تلك القوانين مزيدا من الأسباب لبقاء اشتعالها.

لكن الحرب الأهلية في جنوب السودان، لم تكن هي المعضلة الوحيدة التي واجهها حكم النميري خلال بقائه في السلطة. إذ واجه مشكلات أخرى كان أبرزها الانقلاب العسكري الذي وقع عليه في التاسع عشر من شهر تموز 1971، عندما قام الضابط الشاب "هاشم عطا" مع نخبة من الضباط اليساريين والشيوعيين، بالاستيلاء على السلطة بعد السيطرة على مبنى الإذاعة وقيادة الجيش واعتقال الرئيس جعفر النميري . وأراد الانقلاب اليساري الوطني العودة إلى النظام الديمقراطي، والرجوع عن أسلمة أجهزة الدولة وقوانينها المشرعة لتكريس حكم تيار الإسلام السياسي بعد استبعاد الوزراء الشيوعيين واليساريين من الوزارة الأولى التي شكلها القاضي بو بكر عوض الله. لكن ثورة "هاشم عطا" لم تستمر إلا ثلاثة أيام، حيث دخلت البلاد قوات قادمة من ليبيا وأرسلها العقيد معمر القذافي لتقديم العون لصديقه جعفر النميري، حيث قام أولئك، مستعينين بمفرزة من الجيش السوداني كانت لم تزل موالية للنميري، بتحرير الرئيس المعتقل، مع استعادة السيطرة على الإذاعة وقيادة الجيش. وهنا قام النميري، الذي عامله ضباط الثورة بكل احترام رغم بقائه تحت سيطرتهم لمدة ثلاثة أيام ، فلم يقدموه لمحاكمة عسكرية، أو ينفذوا فيه حكم الإعدام الذي كانوا قادرين على تنفيذه، قام هو بإعدام تلك النخبة من الشباب الواحد منهم تلو الآخر وفي مقدمتهم "هاشم عطا" دون تقديمهم لمحاكمة ما من أي نوع كانت.

وبعد بقاء النميري ستة عشر عاما في الحكم، ظهرت في عام 1985 حركة شعبية كبرى كتلك التي أدت إلى إسقاط نظام الرئيس إبراهيم عبود في عام 1964. إذ قام تحالف بين الأحزاب السياسية والنقابات المهنية واتحاد الطلاب والحركات النسائية، بتشكيل جبهة وطنية سعت لاسقاط جعفر النميري. ولقد نجحت فعلا في ذلك، فتولى الحكم عندئذ اللواء عبد الرحمن سوار الذهب الذي أكد فورا بأنه لن يتمسك بكرسي الرئاسة إلا للفترة الكافية لإجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة من أجل العودة بالسودان إلى النظام الديمقراطي. وبالفعل صدق اللواء سوار الذهب في وعوده، فأجرى انتخابات حرة ونزيهة كشفت عن فوز حزب الأمة بالأكثرية البرلمانية، مما استدعى تكليف الصادق المهدي، رئيس الحزب، بتشكيل حكومة جديدة كانت الحكومة الأولى المنتخبة ديمقراطيا منذ عام 1969 وطوال سنوات حكم النميري الذي أجرى انتخابات نيابية ورئاسية أكثر من مرة، لكن كان هناك دائما عملية تشكيك بصدق ونزاهة تلك الانتخابات التي كانت تأتي دائما بنتائج لمصلحة النميري. وأكد سوار الذهب زهده فعلا بممارسة الحكم . إذ أنه سلم زمام الأمور فعلا للحكومة المنتخبة، وتقاعد من القوات المسلحة ، بل وغادر البلاد ليعيش ويعمل في الخارج، حيث عمل كمحاضر في إحدى الجامعات الأردنية، فكان بذلك العسكري الأول في العالم العربي الذي كان يمتلك زمام الأمور في بلاده ويسيطر عليها تماما بصفته قائدا للقوات المسلحة، ومع ذلك زهد في الحكم ولم يتمسك بالسلطة، بل تشبث بأسس العمل الديمقراطي السليم والمتعارف عليه دوليا.

ولكن حكومة الصادق المهدي المنتخبة ديمقراطيا، لم تبق في الحكم طويلا. إذ أنه في عام 1989 ظهر العقيد (عقيد عندئذ) عمر البشير ليتولى زمام الأمور باسم جبهة الإنقاذ الإسلامية التي أعلن نفسه رئيسا لها. وتشبث عمر البشير الذي أصبح فيما بعد رئيسا للجمهورية، في وقت بات فيه الشيخ حسن الترابي، شريكه في تولي السلطة منذ البداية، رئيسا للبرلمان. لكن تلك الشراكة لم تدم طويلا، لأن البشير الذي خشي من منافسة الترابي له على تولي السلطة، أرسل في عام 1999 دباباته وجنوده فأحاطوا بالبرلمان واعتقلوا رئيسه الشيخ الترابي الذي وضع في السجن لمدة تزيد على السنتين، أطلق سراحه بعدها ليعاد اعتقاله بين الفينة والأخرى.

وبقي الرئيس البشير في السلطة إلى الآن رغم خسارته لجنوب السودان، حيث معظم النفط السوداني، ورغم اعلان الجنوب دولة مستقلة بعد أن خاض حربين ضد الشمال السوداني من أجل المطالبة بالحصول على الاستقلال. وكانت الحرب الأولى التي ابتدأت في عام 1955، كما سبق وذكرنا، قد انتهت في عام 1972 ، لكن لتشتعل مجددا في عام 1983 وتنتهي في عام 2005 بالاتفاق على اجراء استفتاء شعبي بعد سنوات، يقرر فيه شعب الجنوب موقفه النهائي سواء بالبقاء ضمن السودان الكبير أو الانفصال عنه. ولقد اختار الانفصال لدى إجراء الاستفتاء، حيث لعبت في هذه المرحلة، قضية القوانين الاسلامية دورا هاما في بلورة قناعة الجنوب ذو الأكثرية المسيحية، بوجوب الحصول على الاستقلال التام عن الشمال.

ومع ابتعاد الشيخ حسن الترابي عن مركز القرار في السودان والذي ظل يشارك فيه قرابة العشرة أعوام ، انفرد الفريق عمر البشير بالسلطة وبالقرار الذي اتسم بمزيد من التشدد في القرارات المتجهة نحو فرض القوانين ذات الطابع الإسلامي الصرف والتي باتت أكثر تشددا مما مضى. فالشيخ حسن الترابي، شريكه في الحكم لفترة ما، كان أيضا إسلامي النزعة، لكنه كان يسعى إلى فرض قوانين أقل تشددا، إذ كان يميل نحو تطوير الأحكام الإسلامية لتتمشى تدريجيا مع روح العصر، دون الوصول إلى مرحلة المجابهة مع المتشددين وخصوصا مع أصحاب الطرق الصوفية المنتشرة كثيرا في السودان. وبسبب التشدد من قبل البشير في تطبيق الأحكام الإسلامية ، فقد نفذ مؤخرا في الشارع العام للعاصمة السودانية ، حكما بالجلد على صبية سودانية لكونها نزلت إلى الاسواق مرتدية بنطلون جينز. كما قدمت صبية أخرى، هي مهندسة أو صيدلانية (لا أذكر تماما ) للمحكمة، لكونها قد ظهرت في مكان عام سافرة الرأس، فلم تتحجب أو تغطه بخمار. والحكم المتوقع صدوره بحقها إذا ما أدينت، هو ثلاثة شهور في السجن أو ثلاثين جلدة. وهذا النوع من الأحكام، قد أفزع النساء السودانيات اللواتي ترتفع بينهن نسبة الثقافة والدراسات الجامعية وخصوصا بين الجيل الجديد من الشابات، مما استدعاهن لتشكيل تكتل نسائي يعترض على هذا النوع من الأحكام.

ثم جاءت قضية زيادة أسعار المحروقات وانعكاسه على أسعار المواد الغذائية والأساسية، ففجرت موجة الاحتجاجات المتواصلة والمظاهرات العنيفة التي أدت إلى وفاة أكثر من عشرين مواطنا في الخرطوم وأم درمان وحدهما، دون أن يعرف رقم حقيقي ومؤكد لعدد القتلى في المدن الأخرى. وبعد مظاهرات استمرت ستة أيام ودخلت يومها السابع، شكل المتظاهرون من الشباب، مجموعات تنسيقية قررت أحزاب المعارضة مؤازرتها. وكذلك انضمت اليها النقابات المهنية ومنظمات الطلاب والمرأة بهدف تحقيق جبهة وطنية تقف في مواجهة عمر البشير وتحاول اسقاطه كما أسقطت جبهات مشابهة في الأعوام 1964 و 1985 كلا من الفريق ابراهيم عبود ثم الرئيس جعفر النميري على التوالي.

لكن الرئيس عمر البشير قد يتخذ موقفا أكثر شراسة من الرئيسين السابقين (عبود والنميري) اللذين كان كل منهما انما يدافع فحسب عن كرسي الرئاسة وعن بقائه على ذاك الكرسي. أما البشير فهو يدافع عن نظام سياسي مدعوم من حركة الاخوان المسلمين العالمية التنظيم، والتي خسرت للتو تواجدها في مصر، وخسرت نسبة هامة من قوة تأثيرها في غزة، وهي الآن على وشك أن تخسر أيضا في كل من السودان وتونس، مما قد يضع مصير حركة الاخوان المسلمين التي باتت عالمية التواجد، على المحك وفي مواجهة مصير قاتم. ومن هنا أعلن الرئيس البشير تمسكه بقراراته الخاصة بزيادة الأسعار، مع اتخاذه خطوات اضافية منها اغلاق عدد كبير من المدارس والجامعات. فالمدارس والجامعات هي المصدر الذي تنطلق منه التظاهرات، واليه تنسب اعمال العنف، مع ان الطلبة ينفون قيامهم بها، وينسبون لرجال الأمن السوداني تنفيذ عمليات التخريب كاحراق محطات بيع الوقود وغيرها من أعمال اشعال الحرائق، وذلك بهدف تصوير المظاهرات،وكأنها عملية تخريبية ضارة بالوطن وبمصالحه الحيوية، لا بكونها مجرد انتفاضة شعبية سلمية تعبر عن مطالب الشعب العادلة. وهذا التصوير سيزود البشير بالمبرر اللازم والذي يعتبره قانونيا، لاستخدام العنف الشديد في عملية قمع هذه الانتفاضة الشعبية، كي لا نسميها مجرد تظاهرات.

ولاحتمال نشوء الحاجة لدى البشير لاستخدام أساليب القمع المفرط، مع احتمال وقوع العديد من الضحايا فيما قد يحتمل أن يصل الى حد المجزرة، بدأت ترتفع أصوات من قبل أعضاء بارزين في الحزب الحاكم، حزب المؤتمر الوطني ، تطالب الرئيس البشير في اعادة النظر، لا بالنسبة لقضية رفع أسعار الوقود فحسب، بل بالنسبة للعديد من الأمور الأخرى وقد يكون من بعضها مراجعة أسلوب اصدار وتطبيق القرارات الخاصة بالأحكام الاسلامية. ويبدو أن ازدياد عدد المعارضين من داخل الحزب الحاكم والمطالبين باعادة النظر في عدة أمور، ربما ينم عن مخاوف أولئك من احتمالات نجاح المعارضة في اسقاط النظام السوداني القائم، آخذين بعين الاعتبار تجربة الانتفاضتين السودانيتين السابقتين في مواجهة كل من ابراهيم عبود ثم جعفر النميري. فالشعب السوداني متمرس في كيفية اسقاط الرؤساء عندما يتمادى الرؤساء في بطشهم. وتساءلت قناة "بي بي سي عربي" ان كانت حركة التململ داخل الحزب السوداني الحاكم، مرشحة للانتقال داخل صفوف الجيش أيضا. والمعروف من التجربتين السابقتين في اسقاط الرؤساء، أن الانتفاضة الشعبية في كل حالة من هاتين الحالتين السابقتين، لم تكن رغم أهميتها وعنفوانها هي العامل الحاسم في اجبار كلا من ابراهيم عبود ثم جعفر النميري على الاستقالة. ذلك أن مجموعة من الضباط، وكان من بينهم جعفر النميري (كما سبق وذكرنا)، كانت ازاء استفحال المعارضة الشعبية لحكم الرئيس عبود، قد طالبته بالاستقالة، مما اضطره لتقديم تلك الاستقالة بعد أن آزر الجيش صفوف المعارضة. ولم يختلف الأمر بالنسبة للحركة الشعبية التي واجهت جعفر النميري في نهاية رئاسته عام 1985. ذلك أن مجموعة من الضباط السودانيين قد تقدموا أيضا للرئيس نميري بمذكرة تطالبه بالاستقالة. وكان اللواء عبد الرحمن سوار الذهب من بين الموقعين على تلك المذكرة .

ومن هنا تتجه الأنظار الآن نحو الجيش السوداني لتحديد موقفه ان كان سيأخذ موقفا مساندا للشعب أم لا، علما بأنه حتى لو اتخذ موقفا كهذا، فقد لا يستسلم البشير بمثل تلك السهولة التي استسلم بها كل من ابراهيم عبود أو جعفر النميري . لأن أيا من هذين الرئيسين، لم يكن يمثل تيارا سياسيا متواجدا داخل الدولة وخارجها أيضا، والمقصود بذلك حركة الاخوان المسلمين التي لها تواجد خارج السودان أيضا. فبعد سقوط الاخوان في مصر، وتضعضع وضعهم في غزة، ومواجهتهم أزمة كبرى في تونس كما سبق وذكرنا، بات عليه (أي على الرئيس البشير ) أن يضرب بكل الأسلحة التي يمتلكها بما فيها البطش والاستخدام الشديد للقوة ، أسوة بما فعل الاخوان في مصر الذين قاتلوا بشدة رافضين الاعتراف بهزيمتهم بعد مظاهرات 30 يونيو الشعبية واقصاء الرئيس مرسي في 3 يوليو، اذ نصبوا الخيام والمتاريس في ساحة النهضة القاهرية وفي جامع رابعة العدوية، وخاضوا معركة كبرى في مواجهة قوات الأمن أدت الى وقوع العديد من الخسائر البشرية. ولذلك بات من المرجح أنه حتى اذا استطاعت المعارضة السودانية تنظيم صفوفها بشكل جيد لمواجهة البشير، وحتى اذا تلقت الدعم من بعض المعارضين من داخل حزب البشير الحاكم، بل ومن بعض ضباط الجيش السوداني ذاته، فان البشير لن يقدم استسلاما سهلا، بل سيقاوم بكل قوته. ذلك أن سقوط الاخوان في السودان، بعد سقوطهم في مصر، وتراجعهم في غزة ، ومع مواجهتهم لمعارضة قوية في تونس قد تدفعهم قريبا خارج الميدان السياسي التونسي أيضا، انما ذلك كله ينذر بنهاية التواجد لحركة الاخوان المسلمين في العالمين العربي والاسلامي، وذلك لمدة طويلة قد تدوم سنوات، وهذا أمر يتطلب دون شك وقفة شديدة البأس والشدة حتى لو أصبحت في النهاية وقفة انتحارية.

Michel Haj



#ميشيل_حنا_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يؤدي الانقلاب شبه العسكري داخل المعارضة السورية، إلى الشر ...
- هل هناك منظمة -قاعدة- شريرة ، وأخرى -قاعدة- شريفة ؟ كيف؟ وأي ...
- لماذا كانت المنطقة العربية منذ الحرب العالمية الأولى وحتى ال ...
- لماذا يلاحق -أوباما-مخالفات لاتفاقية دولية تحظر استخدام السل ...
- هل تشكل معركة -إعزاز- علامة فاصلة في كوكتيل تحالفات المعارضة ...
- هل يدمر نتنياهو سلاح إسرائيل الكيماوي، بعد أن تعهدت سوريا بت ...
- متى يقوم -أوباما- باستبدال اسم سوريا ليصبح -سوريستان-؟
- هل يؤدي الاقتراح الروسي حول الكيماوي، إلى قرار شبيه بالقرار ...
- متى تسقط ورقة التين عن البعض، كما سقطت منذ حين عن البعض الآخ ...
- السؤال الحادي والأربعون : هل أصبح النفط نقمة ، ولم يعد نعمة ...
- السؤال الأربعون : هل باتت ما سميت بالثورة السورية ، هي الثور ...
- هل يتعظ اوباما من تجارب بوش وبوش في العراق ؟وهل انتهى زمن ان ...
- كم ستقتل الولايات المتحدة من السوريين، انتقاما لضحايا الكيما ...
- هل تسعى عملية دول الغرب العسكرية إلى إنهاء الحرب في سوريا، أ ...
- لماذا لا يسمح بإقامة التوازن النووي في الشرق الأوسط؟
- لماذا ...لماذا ...لماذا ؟؟؟
- متى يتعلم الأميركيون من أخطائهم ؟ متى ؟
- هل أطل علينا أخيرا ربيع عربي حقيقي، أم علينا أن ننتظر؟
- لماذا تقصف طائرات -درونز- الأميركية مواقع -القاعدة- في اليمن ...
- من ينقذ الأردن من بركان ربيعي مدمر ؟


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - هل جاء دور إخوان السودان في الرحيل ، بعد رحيل إخوان مصر ؟