أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسن محسن رمضان - ابن خلدون يقول لكم - أنتم أمة وحشية













المزيد.....

ابن خلدون يقول لكم - أنتم أمة وحشية


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 4226 - 2013 / 9 / 25 - 15:26
المحور: المجتمع المدني
    




تتميز الشعوب العربية، بالإضافة إلى أنظمتها أيضاً، وخصوصاً في السنوات الأخيرة، بالتفنن في اختراع الشعارات فارغة المضمون. فخلال الستين سنة الماضية امتلئت صفحات التاريخ العربي بشعارات لا أول لها ولا آخر، عاملها المشترك هو فراغ مضمونها من أي معنى وفشلها الذريع في بلورتها على أرض الواقع. بل حتى المسميات هي مخادعة، فلا مسمى (الجمهورية) يعكس واقع دولة، ولا (الديموقراطية) تعكس حرية، ولا (الحرية) تعكس تسامحاً وقبولاً للآخر المختلف، ولا (البرلمان) يعكس ممارسة شعبية، ولا (الدولة) تعكس مفهوماً معاصراً، ولا (الاشتراكية) تعكس فهماً ناضجاً، ولا (القومية) عكست قوة وانتصارات، ولا (التحضر والتمدن) عكست تفاعل عام حقيقي، ولا حتى (العادات والتقاليد والتراث) تعكس ثقافة مجردة من الانتقائة التمييزية. فالجميع يبدو أنه متفق على "جمال" وربما "شاعرية" الشعار، ولكن لا أحد، عندما ندقق النظر ونبدأ في المقارنة، يعرف بالضبط محتواه ولا كيفية تطبيقه ولا حتى الهدف منه، كل ما هناك أن الفرد قد قيل له: (أن النهاية سوف تكون سعيدة) مع تلك الشعارات، لا أكثر من هذا ولا أقل. ولكن تلك "النهاية السعيدة" الموعودة لم يصل لها مجتمع عربي واحد أبداً، ولن يصل أبداً. ببساطة، الموضوع هو تسيير جماهير والتحكم فيها، تلك هي الحقيقة. وعلى هذا المنوال راجت الحركات السياسية الإسلامية من خلال شعار (الإسلام هو الحل)، وأنا أجزم بأن جميع تلك الحركات ومعها جميع الشعوب التي تمشي ورائها لا تعرف أن تجيب على سؤال (كيف هو الحل؟). ولكنه شعار على كل حال، ومفيد جداً في بروز الحركات السياسية التي تتبناه على أكتاف تلك الجماهير التي لا تعرف من الدين إلا أن (الشيخ قد أفتى)، وكفى الله المؤمنين القتال. وقس على هذا باقي أطياف المجتمع العربي من أديان ومذاهب وثقافات.

وبما أننا جزء من أمة مهزومة، وأيضاً مهزوزة، في كل مجال سياسي واقتصادي وفكري وثقافي وعسكري أيضاً، فإننا أيضاً نحتاج إلى (شعارات) مثل حاجتنا تماماً إلى (انتصارات) لتعويض عوامل النقص هذه. فبعد شبه الاستقرار على قناعة بأننا شعوب لا تعمل، ولن تعمل، وفي أغلب الأحيان لا تفكر إلا من خلال العاطفة أو الدين، ونُلقي اللوم دائماً على الدولة والسياسة كوسيلة سهلة لتبرير التخلف المتجذر في العقل والثقافة والممارسة، وبالتالي لا نملك أي أمل في أن ننافس أي شعب متحضر آخر في مجال الإبداع الثقافي والفكري والاقتصادي والعلمي، جرى الاستقرار على مبدأ غير مُعلن صراحة، ولكنه مفهوم ومتداول على مستوى الوعي الشعبي، وهو أن الحاجة إلى الانتصارات سوف نجده في (كرة القدم) (!!). وبالتالي معاركنا مع بعضنا البعض يلخصها شوطين بين منتخبين عربيين لكرة القدم، بكل تجاذباتها وشحنها وعراكها الشعبي مع كوارثها الإعلامية والسياسية كما حدث منذ سنوات قليلة ماضية بين مصر والجزائر. وبما أننا فاشلون أيضاً في مجال كرة القدم، ولم نستطع أن ننافس في أي دورة عالمية محترمة واحدة، وسقط سقوطاً ذريعاً الشعار الغريب العجيب (نرفع اسم الدولة) في مجالات الكرة وما شابهها، اتجه معظم أبناء الشعب العربي ليشجع (رويال مدريد) أو (برشلونة) لعله يجد انتصاره المفقود معهم. ولكن حتى هذه الفرق عندما حضر أحدها إلى الكويت مثلاً، وامتلأت المدرجات عن آخرها بهذا الشعب الباحث عن انتصار، "ضحك" عليهم هذا الفريق ولعب بلاعبيه الاحتياط مع المنتخب، ولتكون النتيجة "تعادل". فحتى مع الاحتياط لا يوجد عندنا انتصار.

ولكن الأخطر من هذا كله هو أن الشعارات الفارغة المضمون والمحتوى من على شاكلة (الوطنية) أو (الوحدة الوطنية) أصبحت وسيلة من وسائل التخوين والتشرذم والتبرير للقمع والتنكيل والقتل والمزيد من الكارثية الفئوية التي هي أساس هذا الوضع المزري الذي نراه حولنا. فمفاهيم القبيلة، تماماً مثل مفاهيم الدين والطائفة، على المعنى والمفهوم العربي العام الشامل الذي نراه حولنا، ينطبق عليه تماماً مقولة ابن خلدون الشهيرة:

"إن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب، والسبب في ذلك أنهم أمة وحشية باستحكام عوائد التوحش وأسبابه فيهم، فصار لهم خُلُقاً و جَبَلة. وكان عندهم ملذوذاً لما فيه من الخروج عن ربقة الحُكم و عدم الانقياد للسياسة، وهذه الطبيعة منافية للعمران ومناقضة له".

وقبل أن يندفع أصحاب الأديان غير الإسلامية أو الذين يرون في أنفسهم بأنهم لا ينتمون لـ (العرب) حتى وإن كانوا مواطنين لدول عربية يحملون جنسيتها في (التشفي) غير الموضوعي من مخالفيهم، فإنني أود أن أذكرهم بأن مقولة ابن خلدون تنطبق تماماً عليهم أيضاً وبجدارة، لأنهم، وببساطة، جزء هذه القومية (العربية) ومشاركون في نتيجتها العامة وإنْ رفضوا أو برروا. هم جزء من المشكلة بالتأكيد ولم يكونوا يوماً (نقطة مضيئة) حتى يستحقوا معها التمييز. فما من أحد يستطيع أن يصف واقعه بدون نظرة قبلية كما يؤكد لنا عبدالله العروي، أو كما يؤكد محمد عابد الجابري بأن (النزعة السلفية) تطبع الفكر العربي ككل. وبالتالي، حتى الأديان والأعراق الأخرى مشاركون بهذه (السلفية القبلية) التي تميز السياق الفكري العربي بجدارة بكل كارثيتها المشاهدة.

نعود إلى مقولة ابن خلدون، وقبل أن يعترض معترض بأن هذه عنصرية أو فئوية وإلى آخر تلك التهم المعلبة الجاهزة عندنا، فإنني أود أن أقول بأن (التعرب) هو صفة، ممارسة، مفهوم، منهج، عقلية يشترك فيها الجنس البشري كله وبلا استثناء. فعندنا في الوطن العربي ممن أصولهم من الشرق أو الغرب أو الشمال والجنوب، بل لا يزال بعضهم لا يتكلمون العربية بطلاقة، ولكنهم (متعربين) بجدارة بسبب هذا المفهوم الخلدوني الغالب عندنا في الوطن العربي. وأيضاً عندنا متعربين (مسيحيين) و (شيعة) وبحماس منقطع النظير، تماماً كما عندنا متعربين (سنة) و (دروز) و (علويين) وبحماس يفوق الآخرين والأولين. فـ (التعرب)، كما نجد أصوله الأولى في نصوص القرآن، هو منهج مذموم سيئ، لأن التعرب كممارسة هو خراب داخلي ينخر في أس المجتمع. هذا مع العلم أن النبي محمد، صاحب القرآن، عربي أصلاً وفصلاً. فلا علاقة أبداً، لا من قريب ولا من بعيد، بين أن تكون عربي وبين أن تكون متعرب. فالأول أصل وعِرق، والثاني مفهوم كارثي وممارسة لا يشمل فقط الأصل العربي أو مَنْ دان بالإسلام. ومن هذا المنطلق كان يتحدث ابن خلدون.

كان ذلك أعلاه رأي ابن خلدون في "الأمة الوحشية" التي سوف يُسرع فيها الخراب. قارن الآن ما يحدث في ليبيا وصحراء الجزائر وتونس ومصر والسودان والصومال وسوريا ولبنان وفلسطين والعراق والبحرين والسعودية وغيرها من الدول العربية مع تلك المقولة. ثم توقف متفكراً فيها، ثم أخيراً قف احتراماً لهذا العالم الجليل.



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهذه معارك تستحق اسم الله؟
- التشخيص النفسي كأداة لنقد الإنجيل
- إشكالية ذهنية التخوين في الوطن العربي
- خاطرة - لا تصلح كمقالة
- معلولا ... والدونية الإنسانية المتطرفة
- في مبدأ احترام النفس البشرية
- في مشكلة الفشل الحضاري العربي
- إعادة اكتشاف الغباء الجماعي
- في الأزمة الأخلاقية العربية
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 6
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 5
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 4
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 3
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 2
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس - 1
- مشكلة نقد النصوص المقدسة
- مشكلة الآخر المختلف في الإسلام
- مصطلح الثوابت الإسلامية
- يسوع والمسيحية والمرأة – 2
- يسوع والمسيحية والمرأة - 1


المزيد.....




- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسن محسن رمضان - ابن خلدون يقول لكم - أنتم أمة وحشية