أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي الاخرس - المرأة الفلسطينية ودورها في مجابهة الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني















المزيد.....


المرأة الفلسطينية ودورها في مجابهة الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني


سامي الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 4221 - 2013 / 9 / 20 - 23:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تقديم:
اجهة الانقسام الفلسطيني - الفلسطينيأة على غير العادة والمألوف في المحافل البحثية والعلمية والأكاديمية، والاحتفالية الّتي تأخذ كلَّ التحاور والتناقش التبارزي في حقبة ومرحلة معالمها الوطنية وكذلك الحزبية مشوشة وهلامية غير واضحة المعالم، ليس فحسب على صعيد محدد بل على كلَّ الأصعدة، وفي كلِّ المستويات، وتجاوزًا للمتوقع والمعروف بديهيًا، يمكن لنا في هذه الرؤية المختصرة الّتي تركز على المرأة بشكل خاص، ودورها يمكن لنا طرح عدة أسئلة تعتبر جوهر حوارنا ونقاشنا الفعلي في هذه الرؤية، انطلاقًا ما هي المتغيرات الّتي طرأت على مشاركة المرأة الفلسطينية في مناحي الحياة المجتمعية والسياسية الفلسطينية؟ وما هو الدور الفعلي الذي يمكن من خلاله استنباط الدور الحيوي للمرأة على الصعيدين العام والخاص؟ وأين دور المرأة الحزبية المؤطرة في شطري الوطن من قضايا مركزية يتمثل أهمها في العديد من القضايا الرئيسية وأهمها على الإطلاق في المرحلة الحالية"الانقسام"؟ وهل تأثرت المشاركة النسوية بالحزبية ورؤاها؟ وعليه تمَّ تشكّيل دورها من الوطني العام للحزبي الخاص أو العكس؟!
العديد من التساؤلات الّتي تحتاج لإجابات في هذا الصدد ولا يمكن لنا الوصول إلى إجابات منطقية أنّ لم نضع أمامنا التاريخ المنظور لدور المرأة الفلسطينية منذ انطلاق حركة التحرر الوطني الفلسطيني دون الغرق في التفاصيل والجزيئات التفصيلية لنبتعد عن الإسهاب النظري في العملية التفاعلية بين دور المرأة وتأثيرها العملي الواقعي، وبين التنظير الذي يهدف للمراضاة والاستقطاب.
أما عند الحديث عن الانقسام فإن استشعار الحالة العامة لقضية أو موضوع الانقسام أصبحت بمظهرها العام تعبير عن هيلامية ضبابية غير مرئية أو محددة، واقتربت من الدخول في سرد شيء تاريخي لحق العديد من القضايا الّتي تسير نحو الحدث التنظيري أكثر من الأمر الفعلي الواقعي على الأرض، كأنمذجة عديدة مثل" إصلاح م.ت.ف، أوسلو....إلخ من القضايا الّتي أصبح الحديث عنها بمثابة حديث عن استراتيجيات بعيدة الأمد، وليس أمر واقع يتطلب الحديث عن حلول تكتيكية له منظورة الحلول في الوقت الراهن أو في المرحل القريبة الراهنة، بعيدًا عن التشاؤمية الّتي بدأت تقتحم الفؤاد الفلسطيني الشعبي والرسمي.
وهنا علينا الوقوف أمام الحالة من خلال تشعباتها المتعددة، انطلاقًا من هذا المؤتمر أو اللقاء أو الندوة الّتي تعتبر الفئة المنظمة لها هي ميكانزم ومحرك العملية، والفعل التحريكي للجوهر الأساسي في عملية التحريض الذهني، واستعادة الاستموات والاحتضار الذي تعاني منه الحالة الذهنية المجتمعية الّتي لم تعد ترى بالانقسام سوى تراث يبحث عن كلمات احتفالية وشعارات سياسية تنظيرية تطرح أمام الاستنهاض الاحتفالي تشويري الآني.
أيّ أنّ المقصود هو دور المرأة في الانتقال من مرحلة التنظير إلى مرحلة الفعل، ومن حالة الموات إلى حالة الحياة في ملف غاية في تحديد المستقبل الوطني العام، ومصير قضية مرّ عليها عقود طويلة في معمل التحرير والتحرر، وانجاز قضايا رئيسة منها"تحرير الأرض، التنوير الفكري والسياسي والنضالي حق العودة، تقرير المصير....إلخ والدور الفاعل الذي شاركت فيه المرأة الفلسطينية أو الحركة النسوية الفلسطينية سواء من حيث الجسد العام أو الفعل الفردي، وهو ما يؤكد أنّ الحركة النسوية بأهمية دورها ومكانتها في العملية المصيرية العامة، تحتاج لوقفة أمام سؤال كبير إجابته صغيرة جدًا، هل أدت هذه الحركة دورها الذي يتناسب مع أهميتها وحضورها المجتمعي، الإجابة تتحدد في إطار تقييم الحركة النسوية لدورها في مجابهة ومواجهة الانقسام، وسأتركه ليجيب كلًا منا بعد استعراض واستنهاض الذاكرة لدور وتاريخ الحركة النسوية الفلسطينية في حركة التحرر الوطني منذ انطلاقتها حتى راهن اللحظة الّتي نواجه أنفسنا خلالها هذا.
أولًا: دور الحركة النسوية في حركة التحرر الوطني الفلسطيني:
عرفت الإنسانية جمعاء في مراحل تطورها، قصص رهيبة عن اضطهاد المرأة، واستنزاف طاقاتها في الاضطهاد والتسلط عليها، كمخلوق لا حقوق موازية له، ورغم كلَّ ما حدث من ثورة حقوق حول المرأة إلَّا أنّ هناك حالة من التمايز لا زالت في مجتمعات يغلب عليها الذكورية من جهة، والعادات والتقاليد رغم تطورها الشكلي من وأد الفتيات تحت التراب إلى وأد الفتيات أو النساء تحت رحمة: المطبخ و"التعهير" وما شهدناه خلال الفترة المنصرمة في شطري الوطن يؤكد أنّ المرأة لازالت تخضع للعصا من الجهتين أضف لها لغة "التعهير الجسدي"، والتشكيك في أنوثتها حتى من بعض من يدعون التقدمية والثورية لصالح المرأة، ومن يتبنون الشعارات الحضارية والانفتاحية في ثورة الانفتاح العلمي والإنساني، وخاصة في مجتمعنا الفلسطيني الذي شهد مشاركة فاعلة وحيوية للحركة النسوية في عملية تطوره"الفكري"، السياسي، المجتمعي، العلمي، النضالي"بل وكافة الصعد، فالمرأة كانت مساهمة في تطور حركة المجتمع الفلسطيني دون التطرق لشواهد شخصية في كلَّ المستويات حتى لا نظلم من تنكرت لهن صفحات التاريخ بالاسم والفعل، وكفانا استذكار"شادية أبو غزالة، دلال المغربي، دارين أبو عيشة، آيات الأخرس" واستذكار من يجلسن الآن في مربع الحصار، وهن شاخصات في استحضار الصور النضالية في شوارع وحواري الوطن كتفًا إلى كتف مع الشباب المناضل، واستحضار الأمهات وهن يضربن بالهراوات وأعقاب البنادق من المحتل دفاعًا عن الشباب الوطني، وحمايته من الاعتقال، كما نستذكر زنازين المحتل والمرأة تمارس دورها المناضل والوطني ودورها الأمومي في زنازين القهر وكيف للمرأة الفلسطينية تحرم من أمومتها تحت سطوة الذكورة لأنها مارست عملها النضالي، ولنا بـِ"سونا الراعي" مثال.
ربما لم أصيغ هذا العنوان النظري بالسرد التنظيري الذي ألفناه من أكاديمينا في استعراض محطات التاريخ، أو عند الحديث عن العملية أو الحركة التحررية في خضم مسيرتنا المتواصلة، وسردته بشكل شواهد حية استذكارية لتستدعي كلَّ سيدة فلسطينية الصورة البسيطة لعملية المشاركة التاريخية في العملية الكفاحية التحررية، والّتي لا يمكن عزلها عن الصورة العامة للمرأة، أو الحركة النسوية الّتي ورغم كلَّ أدائه لازلنا ننتظر الكثير منه، ودور أكثر أهمية وحيوية، وخاصة في الحالة الانقسامية الّتي نحن عليها، خاصة وأنها تجابه معركتين الأولى: المصير الوطني العام في ظلَّ المتغيرات الّتي عليها الحالة الوطنية، والّتي أصبحت المرأة تلهت حول ملاحقتها ومتابعتها والتفاعل معها، حتى في جزيئياتها الصغيرة وأنا هنا استذكر دموع وصرخات الغضب من المناضلة د.مريم أبو دقة في عزاء أطفال بعلوشة، وهي صورة نضالية مجتمعية عبرّت عن دور المرأة في إطاره النضالي التاريخي، والنضالي المطلبي للتفاعل مع اللحظة، وهو مبني على أسس عامة غرستها الحركة النسوية بعد مسيرة شراكة عامة في العملية التفاعلية الكفاحية.
الثانية: مواجهة حالة الذكورية، و"التعهير" لكل ما تمارسه المرأة من حقوق وواجبات وطنية، ومعركة"الفيزون" الّتي خاضها الإعلام أخيرًا في رام الله، لإرعاب المرأة وتحقير نضالها المطلبي وتفاعلها مع القضايا الآنية والوطنية، وحملات الفضيلة الّتي تمت في بعض الأحيان بغزة، والاعتداء على المرأة والتمييز من حيث الملبس، والتشكيك في فعلها تحت شعار"العورة" في حين أنّ هذه العورة عبّرت عن ثورة في ظلّ صمت الرجولة أو الذكورة.
هذه المطبات التاريخية في السرد العملي لدور المرأة لا يتم استثناء منه حالة الشرذمة الّتي عليها المرأة الفلسطينية كذلك، وعدم استنهاض طاقاتها بعيدًا عن الجوقة العصبية للحزبية، حيث أنّ العقل لا يستوعب اعتداء امرأة على امرأة أخرى لأنها تتطالب بحقوق مجتمعية، وربما لازال هناك عدة مشاهد أمام ناظري تؤكد هذه الحقيقة، حيث شاهدت معركة قمع من بعض السيدات"الشرطيات" لسيدات أخرى في شطري الوطن، رغم أنّ الأمر كان حق مطلبي مجتمعي من ضمن أبسط الحقوق الّتي تناضل أو يجب أنّ تناضل من أجلها المرأة، وهو ما يدعو كلَّ سيدة أو امرأة أنّ تقف في عملية تقييمية، للإجابة عن جملة التساؤلات الّتي طرحت في رأس هذه الرؤية.
ثانيًا: دور المرأة أو الحركة النسوية في الانقسام الفلسطيني-الفلسطيني:
سبق وأن تناولت في سياق هذه الورقة الحالة العامة للانقسام، والرؤية الّتي أصبحنا ننطلق منها في تناول موضوع الانقسام والتطور في النظر إليه من أمل لأمنية، ومن أمنية لاستجداء ثم إحباط ثم يأس ثم ورش عمل ومؤتمرات في السياق التنظيري، بل وملاحقة كلَّ من يحاول الدعوة لإنهاء الانقسام، والانتقال به من الحالة النظرية للحالة الفعلية انطلاقًا من مبدأ الحرص الوطني، والغيرة الوطنية، أيّ أنّ الانقسام أصبح سجين الحالة التنظيرية، والبحث والدراسة الأكاديمية والتنظيرية داخل جدران مغلفة، في حين من المحرمات الانطلاق بمناهضته في الهواء الطلق، ولكي تتضح الصورة فالحديث هنا ليس عن الانقسام السياسي أو الجغرافي التابع لأحداث 16نيسان(ابريل) 2007، ولكنه الانقسام بمفهومه الأشمل والأعمق، أيّ الانقسام في الجدار الوحدوي المجتمعي بكل تشكيلاته ومكوناته العامة والخاصة، بدءًا من الأسرة الفلسطينية الصغيرة نهايةً بالمجتمع بشكله العامة، فنحن نواجه انقسام بين الأبناء، وبين لزملاء، وفي الأفراح وفي المياتم وفي المناسبات، ووصل انقسامنا في برقيات التهاني والمجاملات، واختيار الشريك أو الشريكة.
وللإنصاف التاريخي فإن الانقسام الحالي ليس حالة مستجدة أو طارئة في تاريخنا الفلسطيني، بل هو أحد حلقات انقساماتنا العامة منذ انطلاق الثورة، وصولًا إلى شلال الدم في مخيمات لبنان عام 83-1984، انتهاءً بغزة 2007 أيّ هو استكمال لثقافة الاقتتال في حالات الخلاف الّتي لم تكن ظاهرة نتيجة عدم وجود جغرافيا فلسطينية ننقسم عليها، فكانت تتم في الحلبات السياسية والفكرية والمجتمعية في ساحة الفعل الخارجي قبل أنّ ينتقل مركز الفعل للداخل بعد انتفاضة 1987 وقدوم السلطة الوطنية الفلسطينية 1994، وهو ما يعتبر حد الذروة في المفهوم المجتمعي الفلسطيني.
وإنّ كنا نبحث عن الانقسام الفعلي ضمن المحور الذي نتناوله في مؤتمركم هذا، فإن أهم مظاهر الانقسام الحقيقية تتجلى في جسد الحركة النسوية الفلسطينية الّتي لم يعد يخرج عن الرمزية في مجابهته لتجليات الانقسام، لأن الجسد ذاته يعاني من انقسام على عدة صعد أولها، الصعيد البنيوي التنظيمي الذي يعاني من انقسام حقيقي في طرح آليات ومفهوم التصدي للانقسام، وسأدلل على ذلك عمليًا، بطرح قضية للتفكير والتأمل للأخوان الموجودات هنا، وهي على شكّل صياغة استفهامية، لماذا لا تشارك المرأة في الحركات الإسلامية في فعاليات التصدي للانقسام في غزة؟ ولماذا تنأي بنفسها عن المشاركة في عملية النقاش والحوار للانقسام، وضرورات التصدي له؟! وكذلك لماذا تشكل جسد نسوي مستقل عن الجسد العام للحركة النسوية الفلسطينية؟ وكذلك لماذا تنأي المرأة الفتحاوية بنفسها عن المشاركة في التصدي للانقسام وتجلياته في الضفة الغربية؟ وتعتبر نفسها ليس شريكة في أيّ فعل تصادمي أو غير تصادمي مع مظاهر السيادة السياسية هناك؟
الإجابة القطعية في ذهن كلَّ امرأة أو سيدة هي إجابة واحدة، لأن الحركة النسوية أصبحت منقسمة ومتحزبة تناضل من أجل الفكرة الحزبية وليس المصلحة الوطنية الّتي تلقى على كامل الاتحاد أو الحركة النسوية الفلسطينية.
أما القضية الثانية، انخراط المرأة الفلسطينية أو الحركة النسوية في صراع قاس جدًا في البحث عن حقوقها، في ظلَّ مجتمع رغم مسيرته الكفاحية المشتركة لا زال ينظر للمرأة "كجسد وعورة" وأنّ مكانها العملي والفعلي هو المطبخ، والتحضير لملء الأمعاء، والانشطار بين جدران المنزل، وجدران الملابس الفضفاضة، وعليها أنّ تجاهد وتناضل لتحرير الروح النسوية من سجنها المجتمعي.
هنا في خضم الاستنهاض الجمعي لدور المرأة الفاعل، والمتغيرات الّتي طرأت على هذا الدور، رغم حالة التطور في الوعي الذي شهدته الحركة النسوية، استدعي ثلاث صور واضعها أمامكم" الصورة الأولى لأم الشهيدين باسل وأحمد البازوري، والصورة الثانية لأم الشهداء أبناء عائلة الشيخ خليل، أما الصورة الثالثة فهي لأم محمد فرحات"واستدعيت الحالة أو الصورة الثالثة لأنها ربطت الصورة النضالية للمشهد بشكلية أو بصورتيه الكفاحية والسياسية، مقروءة بمساعدة حزبية وهو تأكيد على أنّ الجسد النسوي لم يتحرر بعد من صبغته الحزبية، لذلك لا زال أمام المرأة الفلسطينية مسيرة من النضال العنيف للاستقلال بذاتها، وحسم معركتها من خلال الصورة النضالية الّتي تقدمها هذه المرأة بعيدًا عن صبغها بأطر ومسميات حزبية.
من هنا فإن الناظر للمساهمة أو لدور المرأة في مواجهة الانقسام يرى صورة معتمة لم تتضح معالمها الحقيقية في مجابهة الانقسام وتجلياته، في حين يمنحها صفة الرمزية في مواجهة الانقسام كما منحتها أنا في هذه الورقة، ليس من باب التبهيت في نضال المرأة ودورها، بقدر ما هو تحريض واستنفار لمقومات هذه الحركة النسوية الّتي تمتلك أكثر بكثير ممّا تقدمه في ظلَّ الحالة الوطنية الّتي لم تستطع خلق ثورة حقيقية في مجابهة المأزق الوطني الكبير الذي نعيش في طوره المتنامي نحو الانحصار لمجمل القضايا الوطنية العامة من دائرة الفعل لدائرة لتنظير.
ثالثًا: رؤية لمستقبل المشاركة النسوية في مجابهة ومواجهة الانقسام:
هنا سأقف قليلًا وأتحدث كثيرًا في بناء أو هيكلة ملامح المستقبل عامة، وللدور المؤثر للمرأة في عملية التصدي للانقسام، ومواجهة الانقسام، سواء من حيث التحريض التربوي أو التحريض المجتمعي، أو التحريض العملي على أرض الميدان، وضرورة أنّ تضطلع المرأة بشكل جمعي وفردي في مجابهة الانقسام، ليس لأنه حدث يمس الذات الحزبية(فتح وحماس)، بل لأنه حدث يمس كلَّ فلسطيني بشكل مباشر وشخصي، وكذلك يمس قضية اعتقد جازمًا أنها تقفز عن حدود الشخصية والذاتية والحزبية، لأنها قضية الوطن الذي لا يمكن تصور أنّ لا بيت فلسطيني أو امرأة فلسطينية لم تعاني أو تضحي أو تقدم للوطن.
1.النضال الأسري:
الدور الرئيسي للمرأة هو الدور التربوي في المنزل والأسرة، حيث إنني لا زلت مقتنع أنّ المرأة هي المجتمع، وهي الجوهر البنيوي في البناء المجتمعي من حيث التأثير في الهوية البنائية للإنسان، وبوصلته التربوية، وكذلك هي العامل الجوهري في بلورة وتشكيل الشخصية العامة للمجتمع، وهذا أهم العوامل الّتي يمكن أنّ تنطلق منها المرأة الفلسطينية في مجابهة ثقافة التحزب العصبوية من جهة، والانقسام المفاهيمي للوطني من جهة أخرى فالأم والأخت هي التي يمكن أنّ تدفع الابن والأخ وكذلك الزوج لمقاومة المظاهر الانقسامية من خلال صورة صغيرة ألَّا وهي رسم أو دفعه لرسم العلم الفلسطيني مكان الراية الحزبية، وغسل دماغه من ثقافة أنّ الحزب أعلى من الوطن، والانتماء في حدوده الواسعة أنصع من الانتماء في حدوده الضيقة.
فأمي الّتي تعاني من أمية تعليمية، هي من غرست اسم وصورة وراية فلسطين في ذهني، لأن أميتها التعليمية استعوضت عنها بوعيها الوطني العام، فكانت فلسطين أشبه بالبسملة عندها، كما عودتنا أنّ نقول بسم الله عند الطعام والشراب، علمتنا أنّ نقول فلسطين عندما يذكر الانتماء والعمل الوطني، واسم الوطن.
أيّ لا يمكن بأيّ حال من الأحوال البحث عن دور مؤثر وفاعل ووطني للمرأة أو للحركة الوطنية النسوية في مجابهة الانقسام دون أنّ تنطلق كلَّ امرأة بشكل فردي في مجابهة الانقسام المنزلي والعائلي الذي ينتهك حصون الخصوصية المنزلية والعائلية .
2.النضال المجتمعي:
ما اكبر الفكرة، وما أصغر الفعل، هذا ما يمكن أنّ نطلقه على الحالة العامة الّتي نحن بصدد تقييمها والوقوف أمامها في البحث عن المستقبل، والدور الفاعل للمرأة في إيجاد فعل مؤثر، وعملية تحريكية فعلية تحت الرماد حيث لا يمكن لهذا الفعل أنّ يشتعل دون النبش في الرماد، وخاصة الرماد المجتمعي، والمجابهة للسعات النيران وعمليات الكي الّتي يمكن أنّ تصاحب الفعل، فكل فعل له رد فعل، وهكذا هو فعل الحركة النسوية سيكون له رد فعل بشكليه الايجابي والسلبي، وخاصة على المستوى الاجتماعي الذي يمكن له التأثر بمنسوب عال جدًا في الاستجابة للحركة النسوية الّتي يمكن من خلالها التمرد أو التحرر من الانتظار لحركة الذكور، وربما تقود هي عملية التحريك وتدفع بالذكور خلفها على المستوى المجتمعي، وهو ليس تصور طوباوي بل حقيقي يمكن للحركة النسوية ومؤسساتها إحقاقه إنّ تخلت عن الشكل الرمزي في فعلها، وأنّ تحررت من الغول الذي يفترس داخلها بأنها من"ضلع أعوج" و"ناقصة عقل ودين" والتحرك على قاعدة أنها شريكة اجتماعية لها من سطوة التأثير أضعاف الرجل أو المجتمع الذكوري، وهذا يتطلب منها خلق عملية تحرش بالحواجز المجتمعية وكسر عنق الزجاجة وتشكيل حزام متين في الحراك، يقفز عن الفعل لشكلي الممثل بمظاهرة هنا، ومسيرة هناك، وندوة هنا، ومؤتمر هناك، بل يتطلب الانبعاث في كلِّ تفاصيل المجتمع، أسرة، مدارس، جامعات، مؤسسات، وزارات، والوصول بالفعل المجتمعي لمصادر القرار، مع لفظ حالة الاستقطاب والانتهازية المصلحية لما هو عالق بجسد الحركة النسوية في مرحلة الترهل، وانعدام التوازن الوطني.
3.النضال الذاتي:
"هذا كلامُ صعبُ، من يطيق أنّ يسمعه؟" قال يسوع لتلاميذه" أيسؤكم كلامي هذا؟" وبعبارة أخرى هل مطلوب من المرأة فقط أنّ تلبس ملابس فيها حشمة، وتتزين زينة فيها حياءٌ ووقار، أم بأعمال تليق بدور المرأة؟ أم عليها أنّ تلتزم الصمت والهدوء؟ وتومئ بالرأس لسي السيد؟
هذه ثلاثة أسئلة على المرأة أنّ تجيب عليها في نضالها الذاتي، وأنّ تواجهها كلَّ حين بينها وبين نفسها، وتعيد صياغة مسيرة أكثر من ستة عقود مضت، وعقد من الانقسام لازلنا نعيش فصوله، ووصلنا فصله السابع ونحن نستذكر بطولات كلَّ فئة في مجابهته والمشاركة في التصدي له دون أنّ نحدد آليات الفعل ومؤثرات الفعل، بل نتعامل مع صدى الصوت رغم الحالة المتأخرة الّتي أصبح عليه الانقسام، أيّ في مرحلة الطفولة المتأخرة، ورغم ذلك لا زالت كلّ ردود الأفعال معه في نطاق تلقينه اللفظ الصحيح والسليم للحروف الأبجدية والهجائية، وكيفية تهجأة الفعل المضاد له.
هناك من يقول لا تغوي المرأة خوفًا من أنّ تقع في المعصية في حين أقول هنا لا بد من إغواء المرأة والحركة النسوية الفلسطينية لتقع في معصية خروجها من حالة الصدى للفعل في مجابهة كلّ تجليات ومظاهر الانقسام. وهو المحور الثالث الذي يتطلب نضال ذاتي للمرأة تنتقض من خلاله على ذاتها، وتتمرد على المحبطات الّتي تقوضها، وتحاول غرس الرعب فيها، والانتقاض لتثوير المجتمع الذكوري، واستنهاض الفعل من دوائر الصمت إلى دوائر الحركة.



#سامي_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوسلو بين الانقسام والانكسار
- أوباما توضأ من دمنا
- المفاوضات استراتيجية ام هواية
- حدوتة فتنة
- الأقصى ليس فلسطينيًا
- بكفي انقسام وابتذال
- تركيا والدولة الكردية
- حكاية معبر رفح
- سوريا أخر معارك الكرامة
- المشروع الوطني في الهوية الثقافية
- موظفو غزة: رواتب مقطوعة ومحسوبية في الكشوفات
- سلطة النقد الفلسطينية عينان مفتوحتان وقلب أعمى
- العراق من دولة مظمة لفوض طائفي
- قمة الدوحة الواقع والمأمول
- أوباما يعتذر لتركيا بلسان نتنياهو
- أوباما عصا بلا جزرة
- الربيع العربي بين الحجاج وهولاكو
- انتهى موسم الانطلاقات
- فلسطين مائة وأربعة وتسعون
- الرفع والنصب في الحالة المصرية


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي الاخرس - المرأة الفلسطينية ودورها في مجابهة الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني