أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - أقلُّ من بلادٍ قليلةٍ وأقلّْ














المزيد.....

أقلُّ من بلادٍ قليلةٍ وأقلّْ


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 4208 - 2013 / 9 / 7 - 18:56
المحور: الادب والفن
    


][مجرّدُ فتاة][
كانت مجردَ فتاةٍ بثوبٍ بلونين، أصفر وأحمر، كعادة البناتِ في مناطق غزة المفتوحة، راعيةُ أغنامٍ تهاجمُ حدائقَ الأغنياءِ على الشاطئ، فتأكل كل ما يخرج عن السورِ العظيمِ الذي يحيط بالبناية العظيمة: أبقِ روحكَ داخلَ السورِ فكلُّ ما يخرجُ عن حدودِ سورِكَ يصيرُ مِلكَنا، تقولُ الراعيةُ فيما أغنامُها تطاردُ أغنياءَ آخرين.

][مجرّدُ حجر][
وكأنهم على سلّم الغجر الصاعد الهابط معاً، يحلمون بما بين أيديهم، ويسلقون الكلامَ بماء الكسالى، يجلسون على رأس الهرم دون أن ينتبهوا إلى تآكل القاعدةِ بفعل الريحِ والنملِ الغزير الناهضِ من السنوات الكثيرةِ تحت الحجارةِ، يموتون ويظنون الحياة في موتهم، لستم سنابل ولو صدقتم أنفسكم، الحجر ميت فوق الأرض، وميت تحتها، فانتبهوا إلى موتكم.

][مجرّدُ يد][
نعم هي يدي، وليست خرافة أو مزاج محضّر أرواحٍ أراد أن يكثّف الحضور البشري، هي يدي، تلك التي زرعت أعماراً على شكل شجر، والتي عزفت على كلّ آلةٍ دهراً، هي يدي التي حددت مسارات الأنهار، وألوان الطبيعة، هي يدي التي حمت العصافير من السقوط والغيمات من الثبات، هي يدي التي كتبتْ، هي يدي التي أطالت عمر الحكايات القديمة، هي يدي التي أبقت الكهوف والآثار دون أن تصاب بسوء، هي ذاتها نفس اليد التي لم تستطع أن تدافع عني حين خمشني الحنين من القلب.

][مجرّدُ حاملِ خطايا][
قبل الفجرِ رأيتُه يقوم من موته، يصلي الصبحَ مع الحساسين، ويوزع اللون الأخضر على الأشجار، ثم يغطس في الأفق حاملاً ما استطاع من خطايا الناس، ويموت إلى الفجر التالي...

][مجرّدُ ولد][
وكان مجرّد ولدٍ يلعبُ في الشارعِ حين أكلتهُ الطائرةُ بجناحيها الفضيين، قال أبوه: ما كان عليه أن يلعب تحت السماء، وقال صديقه الذي أخطأته نفس الطائرة: لقد كان يلوّح لها بقلم رصاصٍ ويقصد أنه سيرسمها بشكل عنكبوتٍ بشع، وقال قائد الطائرة إن الصاروخ كان حملاً زائداً ليس إلا، وقالَ الشارعُ: أفتقد لطفَ دعسته حافياً، وقالت الكرةُ التي نجت بأعجوبةٍ: كان لاعباً سيئاً، لكنني لم أغضب من طفل مطلقاً، كل هذا الحديث لم يوقظ عيناً واحدةً من عينيه، ولم يحرّك إصبعاً من أصابعه، لقد كان ميّتاً تماماً حتى أنه لم يتمكن من هش الذبابة الصغيرة على مقدمة أنفه.

][مجرَّدُ نارٍ وماء][
كأنني من نارٍ وماء، كلما أعددتُ وليمةً للغائبين قليلاً، تمرّد الكلامُ على اللسانِ والإحساسُ على اللغةِ وبقيتُ كما أنا، من نارٍ وماء، لا أحترقُ ولا أنطفئ، تضربني المسافات بألف لعنةٍ ولا أصدقُ كلّ هذا الخراب، ويسألني الليلُ: ومن أنت حتى ينشغل الخراب بإيمانك؟ فأجيبُ: أنا من نارٍ وماء...

][مجرّدُ نهاية][
خِفنا جميعاً من انهيارِ المسافةِ بين الفكرةِ والأرض، حملنا خوفَنا في محافظَ من جلدٍ قويٍّ وفخمٍ وأنيق، شكّلناهُ بذوراً لقصائدَ لم تأتِ، لعناوينَ لم نسكنها ولم تصلها أية رسالةٍ منذ الأزل، لأزهارٍ لم نزرعها ولم نهدِها لأحد، لمواقفَ لم نقِفها، لحبيباتٍ لم نُوْدِعْ جمالهنّ في أرواحنا كي يحميننا من الفناء، الخوفُ لم يكنْ شرساً، نحنُ رفعناهُ إلى هذا المعنى، وأعطيناهُ السيادةَ فسادَ، كنّا أقلَّ من بلادٍ قليلةٍ، وبقينا زجاجاً مجوّفاً ظانّينَ ألا أحدَ يرانا من الداخلْ.

السابع من أيلول 2013



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على من سأبكي أولاً؟ قصة قصيرة
- وجاء في كتابِ البلاد
- محمد عساف: أذهب بعيداً حيث يحلق البلبل
- خالد يطلق العصافير قصة للأطفال
- مثل كركزانٍ حزين
- غْزِيْزْلِة وخْنِيْنِص قصة للأطفال
- أنا من سرقتُ الخيلَ
- سامر العيساوي، لم أرَ من قبلُ جيشاً في نظرةِ عين...
- استشهد ميسرة أبو حمدية، ماذا عن الآخرين؟
- أنا مَنْ قالوا لكِ عنْهُ
- أجل، ستناغيك الوردة
- فيما كنتُ بذرة موسيقى
- تدمر دمشق تدمر
- يا صاحب المقام
- وليد يريد أن يكون قائد سفينة قصة للأطفال
- كيف حالُكَ؟
- الرصاص المكتوب
- لم يأتِ أحد
- هذا الفراغ، هذا الامتلاء
- أريد أن أكون حراً وجائعاً...


المزيد.....




- توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف ...
- كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟ ...
- شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي ...
- رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس ...
- أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما ...
- فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن ...
- بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل ...
- “حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال ...
- جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
- التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!


المزيد.....

- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - أقلُّ من بلادٍ قليلةٍ وأقلّْ