أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - توماس برنابا - ( باراباس أم يسوع؟)... سؤال أولوياتي يميز الخائن من الوطني!!!















المزيد.....


( باراباس أم يسوع؟)... سؤال أولوياتي يميز الخائن من الوطني!!!


توماس برنابا

الحوار المتمدن-العدد: 4203 - 2013 / 9 / 2 - 09:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا سألت أي مسلم متشدد سلفي أو جهادي متعمق في الإسلام؛ أيهم أولوياتك الدين أم الوطن؟! سيرد بالتأكيد أن حبي لديني مُقدم على حبي لوطني! ولا يخالف هذه العقيدة أي مسلم واعي بدينه أبداً! وبذلك يمكنه التخلي عن الوطن أو أجزاء منه إبتغاءاً لنصرة الإسلام أو مساهمة في إنتشاره ونجاح المشروع الإسلامي في تكوين أمة إسلامية! فقد رأينا أن الأخوان المسلمين والسلفيين والمتشددين والجهاديين في مصر لم يشعروا أبداً بالتهديد أو حتى تأنيب الضمير حينما حاول الدكتور محمد مرسي الإستغناء عن حلايب وشلاتين أو عن سيناء! فما يهم المسلم الجهادي ليس مصر ولكن الأمة الإسلامية التي في عرفه لا تحدها أرض فحيثما وجد المسلمين وجد الإسلام... ولا يكتفون برقعة أرض واحدة حتى ولو كان الشرق الأوسط كله..! فدينهم يحثهم على الجهاد والغزوات سواء العسكرية أو الفكرية حتى ينتشر الإسلام في الكرة الأرضية بمجملها!! فهذا هدفهم ولن يحيدوا عنه! ففي أذهانهم وأولوياتهم أنه يجب أن يذوب الوطن نصرةً للدين!

و لا ينفرد الإسلام فقط بهذه الفكرة التوسعية الإمبيريالية والفاشية بل تشترك في ذلك المسيحية أيضاً! ( لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم و تكونون لي شهودا في اورشليم و في كل اليهودية و السامرة و الى اقصى الارض (اع 1 : 8) )! ويعتبر المسلمين والمسيحيين مهمة الدعوة الدينية ( التبليغ أو التبشير) من أولى أولويات المؤمن ولن يكتمل إيمانه إلا بممارستها (لانه ان كنت ابشر فليس لي فخر اذ الضرورة موضوعة علي فويل لي ان كنت لا ابشر (1كو 9 : 16) ، (الى الشريعة و الى الشهادة ان لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر (اش 8 : 20) )! ولن تجد في كل الكرة الأرضية أديان تتغذى على إزدياد الأعداد المنتمين إليها سوى ديانتي الإسلام والمسيحية! حيث ينتشي ويفرح تابعي الإسلام والمسيحية بإزدياد الإعداد المعتنقين لإديانهم سواء رأسياً ( عن طريق التناسل) ( كما يقول محمد رسول الإسلام: تناكحوا تناسلوا تكثروا فأني مباه بكم الأمم يوم القيامة!) أو أفقياً ( عن طريق التبشير والتبليغ والجهاد في سبيل الله أيّ كان نوع هذا الجهاد لجذب أتباع الأديان الأخرى لأديانهم!) دون أدني إعتبار للكيف، فلا يهمهم شئ سوى العدد!!! أنظر الى كيف يُهلل المسيحيين حينما يتنصر مسلم؛ وأنظر الى كيف يُكبر المسلم حينما يُسلم مسيحي!!!

وقد أثارت الديانة اليهودية إعجابي في هذا الشأن! حيث أن اليهودية لا تنادي بالتبشير أو التبليغ أو الجهاد ولا توجد هذه المفاهيم في مبادئها! حيث تعتمد على التكاثر الرأسي فقط عن طريق التزواج لإزدياد أعدادهم! فعند اليهود الدين والوطن مترادفان؛ لافرق أبداً بين المصطلحين الذين يستخدما بطريقة فارقة مع الغير. وحينما أرادوا تسمية أراضيهم سموها بإسم دينهم ( اليهودية في القديم) و ( إسرائيل حالياً)، فلا يوجد أي فاصل أو فاصم للدين عن الوطن لديهم! و لا يمكن طبقاً للعقيدة اليهودية إعتبار أن أحدهم يهودي إلا إذا ولد من أم يهودية، ولا يمكن لأحد أقام أو حصل على الإقامة القانونية في أراضي يهودية منذ نشأة اليهودية أن يصبح يهودي! إلا في الجيل الرابع! وهذا معناه أن المقيم قانونياً بين اليهود لا يمكنه أخذ الجنسية اليهودية ؛ لا هو ولا أبنائه ولا حتى أحفاده، بل أبناء أحفاده هم من ينالون هذه الجنسية بشرط إقامة الأجيال الاربعة بسلام طوال حياتهم بين اليهود! (لا تكره ادوميا لانه اخوك لا تكره مصريا لانك كنت نزيلا في ارضه ، الاولاد الذين يولدون لهم في الجيل الثالث يدخلون منهم في جماعة الرب (تث 23 : 7-8) وهذه القاعدة طبقاً لسفر التثنية يُستثنى منها العمونيين والموآبيين الممنوعين من دخول جماعة الرب حتى الجيل العاشر!: ( لا يَدْخُل عَمُّونِيٌّ وَلا مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلى الأَبَدِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ لمْ يُلاقُوكُمْ بِالخُبْزِ وَالمَاءِ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ خُرُوجِكُمْ مِنْ مِصْرَ وَلأَنَّهُمُ اسْتَأْجَرُوا عَليْكَ بَلعَامَ بْنَ بَعُورَ مِنْ فَتُورِ أَرَامِ النَّهْرَيْنِ لِيَلعَنَكَ. وَلكِنْ لمْ يَشَإِ الرَّبُّ إِلهُكَ أَنْ يَسْمَعَ لِبَلعَامَ فَحَوَّل لأَجْلِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ اللعْنَةَ إِلى بَرَكَةٍ لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ قَدْ أَحَبَّكَ. لا تَلتَمِسْ سَلامَهُمْ وَلا خَيْرَهُمْ كُل أَيَّامِكَ إِلى الأَبَدِ.ِ) ( تثنية 23: 3-6)!!! فلا يمكن إتهام اليهود بالتوسع أو الإمبيرالية أبداً طبقاً لدينهم... ولكن يؤخذ عليهم مراعاتهم إسترجاع الاوهام التاريخية بإسترجاع المملكة اليهودية من النيل للفرات لأنهم شعب الله المختار! وهذا وهم سيتسبب في تدميرهم حتماً الى الأبد مرة أخرى بعد محاولة هتلر في المرة الأولى عن طريق مذابح ومحارق الهولوكوست!!! فطبقاً لكتابات هتلر أنه كان بإمكانه قطع دابر اليهود ولكن ترك البعض منهم للأجيال القادمة حتى يروا مدى حقارتهم ويعرفوا سبب محاولته للقضاء عليهم!!

ولكن ما صلة ما ذكر بعنوان الموضوع الذي يختص بباراباس ومن هو باراباس هذا؟ ( لمن لا يعلم عنه شئ) فهو من ضمن الأشخاص الذين أعجبت بهم في الكتاب المقدس بالرغم من محاولة كتبة الأناجيل تشويه صورته، ولكنهم فشلوا في ذلك ( على الأقل معي!)، فهذا الإنسان كان بطلاً يهودياً ثورياً وطنيا بكل ما تحمله الكلمة من معاني ً ضد الإحتلال الروماني لبلده وكان من زعماء الثورة هو ورفاقه في حزب أو طائفة تسمى ( الغيوريون Zealots ) ولنعرف قصته في الكتاب المقدس دعونا نقتبس النصى الكتابي من الأناجيل:


(( فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَداً. وَإِذْ كَانَ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً: «إِيَّاكَ وَذَلِكَ الْبَارَّ لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيراً فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِهِ». وَلَكِنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخَ حَرَّضُوا الْجُمُوعَ عَلَى أَنْ يَطْلُبُوا بَارَابَاسَ وَيُهْلِكُوا يَسُوعَ. فَسَأَلَ الْوَالِي: «مَنْ مِنَ الاِثْنَيْنِ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟» فَقَالُوا: «بَارَابَاسَ». قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «فَمَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» قَالَ لَهُ الْجَمِيعُ: «لِيُصْلَبْ!» فَقَالَ الْوَالِي: «وَأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟» فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخاً قَائِلِينَ: «لِيُصْلَبْ!» فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئاً بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلاً: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هَذَا الْبَارِّ. أَبْصِرُوا أَنْتُمْ». فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا». حِينَئِذٍ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ.)) ( متى 27: 17- 26) ، (و كان المسمى باراباس موثقا مع رفقائه في الفتنة الذين في الفتنة فعلوا قتلا (مرقس 15 : 7)

من الأية السابقة: ( و كان المسمى باراباس موثقا مع رفقائه في الفتنة الذين في الفتنة فعلوا قتلا (مر 15 : 7) ) يُسمى الكتاب المقدس محاولات مجموعة من اليهود الثورة على الرومان عن طريق العنف والقتل ( فتنة) و واضح من هذه الأية أن باراباس كان له رفقاء أو زملاء في الجهاد الوطني فقد كانوا ينتمون لحزب سياسي يهودي أُقيم لمجابهة الإستعمار الروماني وقتذاك أسمه ( الغيوريون) (Zealots) !!! وكتبة الاناجيل أظهروا حزب الغيوريون في الكتاب المقدس بصورة سلبية ودعوا محاولاتهم الحثيثة لتحرير بلادهم من الرومان ( فتنة وقتل)! حتى يكسبوا ود الرومان! ولا داعي لأن أذكر أن معظم أسفار العهد الجديد ظهرت ونُقحت في عهد قسطنطين ذلك الأمبراطور الذي أعتنق المسيحية بسبب ظهور ظاهرة طبيعية علمية في السماء لصليب منير فكان منه الا أن أعتنق المسيحية وساهم في إنتشارها في العالم أجمع رغما عن أنف معتنقي الأديان الأخرى! ( عزيزي القارئ إن كنت تريد أن تدرس هذه الظاهرة وتعلم أنها لم تكن ظاهرة دينية من الأصل أنصحك بقراءة المقال التالي: سلسلة ظواهر الباراسيكولوجي بين العلم والإيمان – 19 – الإيمان بروحانية الهالات النورانية!!! ..... الرابط ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=375523 )


ولمناقشة المشهد المجتمعي السياسي حينذاك لا بد من ذكر أن المجتمع كان يضم ست فئات جميعهم كانوا ضد يسوع وأتباعه كطائفة متطرفة الفكر تستقطب دائما الفقراء والخطاة و الجهال وعديمي العلم بإعتراف الكتاب المقدس نفسه (بل اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء و اختار الله ضعفاء العالم ليخزي الاقوياء (1كو 1 : 27).... فلما راوا مجاهرة بطرس و يوحنا و وجدوا انهما انسانان عديما العلم و عاميان تعجبوا فعرفوهما انهما كانا مع يسوع (اع 4 : 13) ).... هذه الطائفة كانت محط إستهجان كل الأطياف المجتمعية وقتذاك الذين كانوا ست فئات وهم كالتالي:

1- الرومان كحماة البلاد والقانون والنظام.... الذين ساهموا في تأسيس إمبراطورية في العالم المعروف حينذاك وأقاموا السلام والحكومات المنظمة وقضوا على أو تحكموا في كل الممالك الصغيرة التي يستخدم فيها الملوك الناس وكأنهم ممتلكات شخصية لهم تحت إمرتهم!
2- الصدوقيين كحماة للدين والعبادة اليهودية فقد كان يقع على عاتقهم مسئولية حماية الهيكل وملاحظة سير الحياة الطقسية به. وقد هاجموا يسوع مباشرة وبشدة حينما قال (اجاب يسوع و قال لهم انقضوا هذا الهيكل و في ثلاثة ايام اقيمه فقال اليهود في ست و اربعين سنة بني هذا الهيكل افانت في ثلاثة ايام تقيمه (يوحنا 2 : 19-20) فهو بذلك يهاجم كينونتهم في المناداة بهدم الهيكل وطبقاً للكتاب المقدس فقد أسأوا فهمه لأنه كان يقصد هيكل جسده وليس المعبد اليهودي. وهذه الفئة طائفة محافظة كانت ترفض أي تجديد أو تحوير في الدين اليهودي لذلك هاجموا ( شخصية يسوع)! وهناك ما يميزهم عقائديا في عدم إيمانهم باليوم الأخير ولا العالم الروحاني: ( في ذلك اليوم جاء اليه صدوقيون الذين يقولون ليس قيامة فسالوه (مت 22 : 23) )!
3- الكتبة كحماة للتقليد اليهودي؛ فلأجيال عديدة حافظوا على التقاليد وكانوا يهاجمون كل من يحاول العبث بها؛ وهم من يقع على عاتقهم تفسير ( الناموس) أو النصوص المقدسة المعطاة من الله لليهود! وقد كره الكتبة ( شخصية يسوع) لأنه يقدم تأويلات جديدة للنصوص المقدسة لم يعتادوا عليها وشعروا أنه سيبلبل أذهان اليهود!
4- الفريسين ويمكن إعتبارهم ( القوميين) في ذلك العصر! وكان أمالهم تنصب حول إستعادة مجد الأمة اليهودية وتحريرها من الرومان... وكانوا يهتمون بالمحافظة على أدق التفاصيل في الطقوس اليهودية في العبادة والسلوك. وقد ظهر ( شخصية يسوع) كغير محترم لهذا التراث وتهديد لهم ولمكانتهم المجتمعية! فمثلاً نادى ( شخصية يسوع) ب (و من سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين (مت 5 : 41) ) وهذا أثار غليان الدم في عروق الفريسين لأن هذا الهراء ضد ما يعلموه لليهود من كرامة ورفعة الرأس... وبذلك أعتبر الفريسين ( شخصية يسوع) عدو للأمة اليهودية!! وما كان يميز الفريسين ( الذين كان من ضمنهم شاول الملقب بولس الرسول) مناداتهم بالإيمان بيوم القيامة!
5- الهيرودسيين وقد كانوا ( كلاب السلطة وقتذاك) أو أتباع هيرودس الحاكم ( أو الوالي) من اليهود في ذلك الوقت أي المنافقين... وبالطبع ما يهدد هيرودس كان تهديد لهم... لذا عادوا ( شخصية يسوع)!
6- الغيوريون وهم ضد الهيرودسين على خط مستقيم فقد كانت أمالهم تنصب حول إثارة ثورة وتمرد وإنتفاضة مسلحة ضد الرومان. ورأوا في شخصية يسوع متآمر ضد قضيتهم فقد صادق الخطاة المخالفين للتعاليم الدينية، وكان في صحبة العشارين الذين كانوا يرحبون بجمع الضرائب لصالح حكومة العدو ( الرومان) ، وزار السامريين أعداء اليهود منذ قرون، وأدخل في إرساليته الأمم من غير اليهود وهذا ضد عهد الله مع أبراهيم أباهم! فكل عقيدة تميزهم كيهود وكشعب مختار مميز وسط الشعوب كانت في خطر وتهديد من قبل ( شخصية يسوع) لذا هاجم الغيوريون أيضاً يسوع! ومن ضمن هؤلاء الغيوريون كان باراباس!



إذاً قد إتضح أن المجتمع اليهودي بجميع أطيافه المثقفة رفض رسالة ( شخصية يسوع) لأنها ضد قوميتهم وعقائدهم العزيزة على قلبهم... ورأوا فيه تهديد لوطنهم وقضيتهم ضد المستعمر الروماني....فقد كان رأيه ( ورأي كل المسيحيين من بعده) (فاجاب يسوع و قال لهم اعطوا ما لقيصر لقيصر و ما لله لله فتعجبوا منه (مر 12 : 17) )!!! وهذا معناه خضوع وخنوع وإستكانة للمستعمر!


وإذا رأينا مشهد محاكمة يسوع وإطلاق باراباس المذكور أعلاه... نجد إتفاق اليهود جميعهم في رفض ( شخصية يسوع) وما جاء به من تعاليم ... وحينما تم التخيير بينه وبين باراباس ذلك الزعيم المتمرد الثوري من قبل بيلاطس... أختاروا رمز ثورتهم على المستعمر...( باراباس)! ولم يختاروا رمز خنوعهم للمستعمر ... ( شخصية يسوع)!!! وكتبة الاناجيل نجدها تضع صورة باراباس كأنه قاتل وخائن وسلوكياته مرفوضة... فهل توافق عزيزي على هذا الفعل؟ هل تعتبر يا عزيزي المسيحي التمرد ضد الظلم والعدوان فتنة؟ ألا تخالف كتابك المقدس هنا؟ أم تخالف عقلك وحكمك السليم على الأمور؟

والضمير الوطني يوجه ذات التخيير مرة أخرى أمام الجميع... وخاصة المسيحيين... بأمانة أيهما ستختار...باراباس أم يسوع؟.... الثورة على الأضطهاد والظلم والأستعمار أم الخنوع والإستكانة والإهانة من الأعداء؟ هل تختار العدو ليساند قضيتك ضد بلدك؟ فالمؤمن دائماً يشترك مع المستعمرين والأعداء لرفعة شأن دينه؟ وهكذا المسلمون الأن وتحالفهم مع القوة الغربية لا لسبب سوى رفعة شأن الدين ( بحسب مفهومهم وعلى حساب الوطن) حينما يستقوون بالغرب لضرب سوريا ومصر!!!


وليس المسلميين فقط هكذا، بل نجد المسيحيين بنفس العقلية؛ فالمسيحي ( وخاصة أقباط المهجر (Expatriate Copts عنده إستعداد أن يمزق جواز سفره المصري في لحظة حصوله على جنسية إحدى البلاد الغربية ( وأنا أعرف الكثيرين ممن فعلوا ذلك بالفعل)... فهذه الفئة العقلية من البشر سواء مسلمين أم مسيحيين لا يعيرون لقيم المواطنة أي إهتمام أو إنتباه ويضعون الدين أمامهم كإرسالية وهدف لحياتهم أينما وجدوا! مع أني أستغرب هذا الفهم وهذا العقل... فيا هذا إن كان (الله) أساساً يريد أن تكون في أوروبا أو أمريكا... لماذا سمح بولادتك في الشرق الأوسط؟! فبحسب الفكر الديني ( الله) لديه خطة لحياتك في وطنك... فلماذا تخالف مشيئة (الله) وتهاجر وتستغنى تماماً عن وطنك؟! أليس هذا فهم مخالف للمنطق والعقلانية الدينية؟! فما بالك كيف سيخالف هذا المنطق المتطرف الفاسد للعقل السليم وكيف سيخالف الإنسانية؟ وكيف سيخالف حب الوطن وقيم المواطنة؟! فهل بلدك من التخلف وعدم الحضارة وعدم وجود تراث يُعتز به؛ حتى تستغنى عنها وعن أراضيها؟! أي أناس هؤلاء؟ أي خونة يُحتسبون؟!!


وأي سلوك يقدم عليه أي إنسان... أُرجعه لأيدولوجيته التى تربى عليها... وسلوكيات الخيانة هذه نجدها كما أوردنا في الكتب المقدسة... فمن شابه ( كتابه) أو ( رسوله) أو ( دينه) فما ظلم! لقد أوضحت أن اليهود رغم دناءتهم أكثر وطنية من أغلب المسلمين والمسيحيين ويمكن للمعترض أن يناقشني في هذا...!


أعزائي القراء والقارئات دعوني أخاطب من أتهمني بأني مسلم متخفي... أهاجم المسيحية... وأنكروا أني لاهوتي دارس للمسيحية بعمق.... وأنكروا أني كنت مسيحي... لست أعلم لماذا؟ أتشعرون بالإهانة حينما ترون مسيحي لاهوتي نبذ الفكر المسيحي؟ يا أعزائي مهما كنتم وأينما كنتم... أتستطيعون الفصل بين شخصية وأسم كاتب هذه المقالة وغيرها وبين محتوى المقالات؟ أعتبروا مقالاتي وكأنها وجدت من العدم أو تم إكتشافها في مكان وكاتبها مجهول! هل تتفقوا معي في هذا؟ إن أتفقتم على هذا... ياليتكم إذاً أن تلتفتوا للمحتوى وتجابهوا الأفكار الواردة فيه بأفكاركم ونقدكم الموضوعي بعيداً عن الشخصنة على الكاتب! وقتما تفعلون هذا سأمتدحكم وسأمتدح عقلكم وسأتفاخر بأني يوماً ما كنت قبطي أعيش مع أناس عقلهم كبير وليسوا كغيرهم من المسلمين المنغلقين السلفيين الرجعيين بلا أدنى فرق!!!

يا أعزائي أنا أدرس وأحلل الكتاب المقدس وغيره من الكتب الدينية، مثلما يفعل الناقد السينمائي أو الناقد الأدبي لفيلم أو رواية أو مسرحية أو شعر. فغالباً الناقد يزيح جانباً شخصية الكاتب ويحلل السيناريو والمحتوى في ضوء قواعد النقد الأدبي! فربما فيلم مثل ( قلب الأسد) الذي أحرز أكبر مشاهدات في تاريخ السينما المصرية! فبالنسبة للجماهير العريضة ولمنتجي ومخرجي وممثلي الفيلم، نجح هذا الفيلم نجاحاً باهراً! ولكن ماذا إذا جاء نقاد السينما وأخبروك برداءة المحتوى والسيناريو والرسالة الأخلاقية التي يحملها الفيلم؟ ألن تهاجم النقاد بكونك من الجمهور الذي أستمتع بالفيلم أو كونك من ممثلي أو مخرجي ومنتجي الفيلم؟ ولكن الحقيقة يجب أن تقال... فحينما يتم إبراز والقاء الضوء على سلوكيات مجتمعية مرفوضة لفئة قليلة منبوذة من المجتمع، وكأنها سلوكيات بطولية؛ هذا سيساهم في إفساد القيم المجتمعية الصحيحة لباقي الفئات العريضة في المجتمع الذين سيشاهدون تمجيد الفيلم لشخصيات وسلوكيات كانت مرفوضة ومنبوذة قبل ذلك. فالناقد يرى مصلحة الوطن في فشل هذا الفيلم أخلاقياً... وحينما تجد الملايين وأغلبية الناس منبهرين بالفيلم فهذا ليس دليل على نجاحه لمن يفهم ويفقه ويعقل!

هكذا الكتب المقدسة عزيزي ، فليس كثرة التابعين دلالة على صحة الكتاب! وأنا حينما أفتح الكتاب المقدس أعتبره مثل أي كتاب أدبي كروايات نجيب محفوظ مثلاً... فأنا لا أعتبر أبداً أن شخوص هذه الروايات حقيقية وتاريخية ...ولكني أنتقد سلوكياتها وأفكارها لمصلحة المجتمع الذي نعيشه! فربما لاحظت عزيزي القارئ أني كنت أشير للمسيح بعبارة ( شخصية يسوع) هذا لأني لا أعتبر المسيح شخصية حقيقية و تاريخية عاشت على الأرض بل هو شخصية أسطورية أُستمدت من الألهة السابقين في الشرق والغرب مثل حورس، أوزوريس، كريشنا، بوذا، تموز، أدونيس، زرادشت، ميثرا، ديونسيوس هيراكليس، هرميس، أتيس، باخوس، برميثيوس .... وغيرهم الكثير من الألهة الذين تتشابه بل أحياناً تتطابق قصصهم مع قصة المسيح رغم أن الناس عبدوا تلك الالهة قبل المسيحية بألاف السنين...!!!

أقول هذا لأني لاحظت بعض المتدينين يهاجموني قائلين" طالما لا تؤمن بكون الله موجودا وأن المسيح شخصية أسطورية.. فلماذا تهاجمهما أساساً؟ فهل تهاجم العدم؟" أرجو أن أكون أوضحت أني أهاجم شخصيات أدبية في كتاب ما لأن من عادات القراء التمثل بالشخصيات الذين يقرأونها أو يشاهدونها شعوريا ولا شعورياً... فحينما أهاجم السمات السلبية في هذه الشخصيات سيستفيق الناس!!

والكثير كان دليلهم أني لم أكن لاهوتياً مسيحياً أني أقدم فهماً للنصوص والقضايا مخالف للمعتاد بين المسيحيين... يا أعزائي هذا ليس معناه أني لا أعرف التأويلات المعتادة بين الأقباط والمسيحيين... بل معناه أني لا اساير القطيع في فكره وتأويلاته بل لديّ فهمي الخاص المبني عل أسس كتابية وقد لاحظتم أني دائما أستشهد بنصوص كتابية... ولكن الناس أعتادت أن تنظر لجانب معين من الصورة تاركين الجوانب الخطيرة الأخرى التي يلاحظها اللاشعور البشري ويؤثر في سلوكيات المسيحيين... مما يساهم في رجعية المجتمع القبطي بأكمله!!



#توماس_برنابا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينما تتبع الراعي بثقة عمياء، فلن تعلم أبداً هل سيقودك نحو ا ...
- سلسلة ظواهر الباراسيكولوجي بين العلم والإيمان – 20 – الإيمان ...
- سلسلة ظواهر الباراسيكولوجي بين العلم والإيمان – 19 – الإيمان ...
- سلسلة ظواهر الباراسيكولوجي بين العلم والإيمان – 18 – الإيمان ...
- دعاء وصلاة مسيحيي الأمس ومسلمي اليوم للإله الأمريكي لضرب أوط ...
- هل فعلاً ما يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضاً؟!!
- إنسانية الحيوان... أم... حيوانية الإنسان!!!
- السلفية المسيحية في الطريق!!!
- مغضوب عليهم من الله بلا ذنب أقترفوه – 9 – الأرض!
- اللغة حينما تكون سماً أو دواءاً للفكر !!!
- المسئولية والمساءلة داخل وخارج إطار عقيدة القضاء والقدر!!!
- رد فعل أخلاقي على إنتشار الإلحاد في الشرق الأوسط !!!
- لماذا ينتشر الالحاد بين فئات من الناس دون غيرها؟
- سلسلة ظواهر الباراسيكولوجي بين العلم والإيمان – 17 – الإيمان ...
- سلسلة ظواهر الباراسيكولوجي بين العلم والإيمان – 16 – الإيمان ...
- سلسلة ظواهر الباراسيكولوجي بين العلم والإيمان – 15 – الإيمان ...
- سلسلة ظواهر الباراسيكولوجي بين العلم والإيمان – 14 – الإيمان ...
- سلسلة ظواهر الباراسيكولوجي بين العلم والإيمان – 13 – الإيمان ...
- سلسلة ظواهر الباراسيكولوجي بين العلم والإيمان – 12 – الإيمان ...
- سلسلة ظواهر الباراسيكولوجي بين العلم والإيمان – 11 – الإيمان ...


المزيد.....




- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - توماس برنابا - ( باراباس أم يسوع؟)... سؤال أولوياتي يميز الخائن من الوطني!!!