أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود يوسف بكير - الشرعية للبندقية















المزيد.....

الشرعية للبندقية


محمود يوسف بكير

الحوار المتمدن-العدد: 4199 - 2013 / 8 / 29 - 22:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"إن أمة يحكمها العسكر هي أمة غير حرة" ...غاندي.

عندما كسرت الشعوب العربية في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا حاجز الخوف وخرجت ضد حكامها المستبدين والفاسدين اثارت إعجاب العالم كله واعتقدنا جميعاً اننا إزاء ربيع عربي حقيقي بعد شتاء طويل امتد لعقود وعلى أثرها ارتفعت امانينا وأحلامنا إلى عنان السماء بأن تصبح منطقتنا العربية واحة للديمقراطية بكل ما تتضمنه من حرية التعبير والاعتقاد والعدالة الاجتماعية ودولة القانون والمساواة وحماية الاقليات .........الخ.

لكن فجأة بدأت هذه الآمال العريضة تتبخر وتحول الحلم الجميل الى كابوس طويل يبدو انه بلا نهاية والسؤال الحائر الذي أتوجه به دائماً لكل الاصدقاء العرب والأجانب وإلى قراء هذا الموقع وابحث عن إجابة له في كل يوم اشاهد فيه اتساع دوامة الخراب والدماء في الدول العربية هو ما الذي حدث بالضبط حتى وصلنا الى هذه الأوضاع المحزنة والمقلقة وكيف تحولت هذه الثورات العظيمة عن مسارها الواعد والمضيء الى نفق مظلم مليء بالألغام والآلام ولا نعرف له نهاية؟ ومن السبب وراء كل هذه المصائب؟

بداية اعتقد ان سر إحباطنا الشديد وخيبة أملنا في الربيع العربي يرجع الى عدم واقعيتنا وتفاؤلنا الزائد عن الحد ولابد هنا أن أعترف بأنني كنت ساذجا بالفعل عندما تخيلت انه بإمكان دول الربيع العربي أن تصبح دولاً ديمقراطية لمجرد إسقاطها لحكامها الطغاة ونسيت أن الديمقراطية لا تنجح ولا تزدهر إلا في ظل مؤسسات ديمقراطية يقوم عليها البنيان السياسي والاقتصادي والثقافي في الدولة بمعنى إنك لا ترى في الغرب عضواً في البرلمان يتم تلبيسه قضية دعارة أو مخدرات أو اتهام بالتجسس لصالح الأعداء لمجرد مهاجمته عضواً بارزاً في الحكومة أو العائلة المالكة لإن البرلمان مؤسسة ديموقراطية ومستقلة ولن ترى صحفيا يمنع من الكتابة في جريدته لأنه يتبنى رأياً مخالفاً لرئيس التحرير أو صاحب الجريدة لأن المؤسسة الصحفية مؤسسة ديمقراطية ولن تجد موظفاً يضطهد في عمله لأنه ينتمي لحزب معين أو استاذاً جامعياً يتم فصله ووقف ترقيته لمجرد تبنيه رأياً معيناً لا يعجب رئيس القسم الذي يعمل به والأمثلة كثيرة. والمعنى أنه إذا كانت القاعدة المؤسساتية للدولة غير ديمقراطية فإنه لا يمكن بناء أي نظام سياسي ديمقراطي مستقر عليها.

ولإن هذا هو واقعنا العربي دون ذواق، فإنه لا يكون من المستغرب أن يتم اتباع كل اساليب التشهير والتجريح والتصفية المعنوية وتلفيق الاتهامات الباطلة من جانب الدولة والاعلام بحق نائب رئيس الجمهورية في مصر محمد البرادعي لمجرد أنه تقدم باستقالته بعد أن شعر بخطورة ما يحدث من معالجات أمنية بائسة لمشكلة سياسية مع فصيل منحرف لا يؤمن هو ايضاً بالديمقراطية ولا بالتعددية.
كان المطلوب من البرادعي الاستمرار في لعب دور الامعة كما هو حال الرئيس الحالي وعندما رفض واستقال تم عزله في بيته لدفعه الى مغادرة البلاد وبمجرد سفره وجهت له تهمة ترقى الى مرتبة الخيانة العظمى وهو مطلوب الآن للقضاء لضمان عدم تفكيره في العودة الى مصر مرة أخرى. يحدث هذا مع نائب رئيس الجمهورية فما بالك بما يمكن ان يحدث مع مواطن بسيط محسوب على المعارضة !!

وهكذا يمكننا التوصل الى حقيقة هامة وهي أن الديمقراطية كما نعرفها في الغرب لن يكتب لها النجاح أبداً في كل عالمنا العربي إلا عندما ننجح في إقامة مؤسسات ديمقراطية وتصبح الديمقراطية منهج حياة ترتضاه الأغلبية.

ومن ضمن سذاجتي أيضاً انني نسيت أنه من شروط نجاح أي نظام ديمقراطي هو وجود حكومة نظيفة وشفافة وشعب واع يعرف حقوقه ويقاتل من اجلها ونظام قضائي غير مسيس وقانون يطبق على الجميع وعلى الأقوياء قبل الضعفاء كما نرى في الغرب والأهم من كل هذا وجود تنمية اقتصادية يستفيد منها الجميع وبشكل عادل وليس كبار القوم والمقربين من الحاكم فقط كما كان الحال ايام عائلة مبارك وعائلة بن علي والقذافي والأسد والقائمة طويلة.

والآن هل تغير أي شيء في كل الدول العربية بعد الصحوة المفاجئة والقصيرة جداً في دول الربيع العربي؟
والإجابة كما أرى أنه لم يحدث أي تغيير سوى للأسوأ والسبب أن القوتين الكبيرتين اللتين تتنازعان للسيطرة على الحكم وعلى الشعوب ينتميان بشكل أساسي إما لرموز الدولة العميقة المستبدة مدعومة من الجيش والأجهزة الأمنية في جانب وفي الجانب المقابل التيارات الإسلامية بأشكالها المختلفة سواء أكانت سنية أم شيعية أم سلفية أم جهادية، وكلاهما لا يؤمن بالديمقراطية او التعددية وإن كانا يتغنيان بها من وقت لآخر من باب التجمل والضحك على العباد.

وحتى الآن فإن الصراع الناشب بين هذين الطرفين لم يؤدي إلا لزيادة محنة المواطن البسيط، فبعد أن كان يعاني من الفقر والظلم والاغتراب داخل وطنه زادت عليه أعباء البطالة والتشرد وعدم الأمان والخوف مما يحمله الغد وعندها يصبح حديث الديمقراطية نوعاً من الترف.

ووفقاَ لهذه المعطيات وازدياد الصراع وحشية في دول الربيع فإن مستقبل العالم العربي ككل للأسف يبدو قاتماً بكل أسف حيث دخلت مصر نفقاً مظلماً في ظل حكم العسكر والإخوان وتحولت سوريا إلى مسرح لحرب أهلية لن نشهد لها نهاية قريبة طالما بقي الأسد وعائلته في الحكم، ولبنان يعود من جديد للعب دوره القديم كساحة اقتتال وتصفية حسابات بين الشيعة والسنة وكل دول الجوار ويبدو انه محكوم على هذا البلد الصغير ألا ينعم بأي استقرار ، والقضية الفلسطينية تحولت إلى مهزلة والعراق مقسم ويتم تدميره بشكل منهجي ، والسودان يزداد تفككاً وانهياراً على يد القائد المبجل والمناضل الاسلامي البشير، وتونس تشهد مداً دينياً متطرفاً لم تعرفه في تاريخها وتتجه إلى المزيد من عدم الاستقرار . ودول الخليج العربي الغنية تفعل كل شيء بمواردها المالية الضخمة إلا أن تساعد جيرانها الفقراء وإن ساعدت فإنها تساعد بالقطارة.

ووسط هذا الركام وهذه البيئة البائسة والمناخ غير المواتي هل يمكن تصور إقامة أي نظام ديمقراطي أو أي نظام آخر مستقر في هذا العالم العربي؟

الحل هو إقامة الدولة المدنية العلمانية التي يخضع فيها العسكر للحكم المدني ولا يستغل فيها الدين لخداع البسطاء وتحقيق مكاسب سياسية ولأن كل هذه الشروط مرفوضة حالياً من جانب الأطراف المتصارعة وفي ظل أغلبية شعبية كبيرة تكتفي بالمشاهدة من بعيد إما خوفا وأما لعدم وعيها بمصالحها، ستظل الكلمة العليا لمن يمسك بالبندقية.



#محمود_يوسف_بكير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آخر التطورات الاقتصادية العالمية وانعكاساتها علينا
- البكاء على البابا والضحك مع الشيخ حجازي
- عودة مرسي
- حتمية استمرار الصراع في مصر
- حول اسباب فشل الدول ( النموذج المصري )
- الاستعدادات الأخيرة لمعركة خراب مصر
- البحث عن نتينياهو عربي
- تأملات فلسفية في أحوالنا الدينية
- أسرع طريقة لإفقار أي بلد
- رؤية لنظام حكم يصلح للعالم الإسلامي
- حوار متمدن وعلمي وديمقراطي
- المنهج التبجيلي واستحالة تأصيل الفكر الديني
- مستقبل الرأسمالية - قراءة نقدية لكتاب جديد-
- الإله والإنسان
- من المسيء للإسلام؟
- الإسلام والربيع العربي
- كيف تحكم مصر الآن
- عندما تتحول الثورة إلى مهزلة - الجزء الثاني
- عندما تتحول الثورة إلى مهزلة- الجزء الأول
- عادل إمام مبدع الزمن الرديء


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود يوسف بكير - الشرعية للبندقية