أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود يوسف بكير - من المسيء للإسلام؟















المزيد.....

من المسيء للإسلام؟


محمود يوسف بكير

الحوار المتمدن-العدد: 3856 - 2012 / 9 / 20 - 22:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


شاهدت مقطع من الفيديو الذي اثار آخر أزمة للإسلام مع الغرب والحقيقة انني شعرت بحالة من الاشمئزاز والقرف بعد مالا يزيد عن خمس دقائق من المشاهدة والأمر لا يحتاج إلى فراسة لإدراك اننا ازاء عمل هابط ومبتذل ولا يصح بأي حال أن يطلق عليه فيلم وثائقي أو تاريخي أو نقدي وواضح أن معدوه لا يهدفون إلا لتعميق أزمة الثقة المتفاقمة بين الغرب والعالم الإسلامي منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة.

ومنذ أيام قليلة نشرت الصحف العالمية أن منتج الفيلم يدعى سام باسيلي وهو مصري قبطي يعيش في لوس انجلوس وأنه لم يبدي أي نوع من الندم على انتاجه لهذا الفيلم المهين لنبي الإسلام بشكل وقح للغاية. وإمعانا في الاستفزاز قام سام ومعه مجموعة قليلة جداً من اقباط المهجر على رأسهم محامي مصري اسمه موريس صادق يعيش في امريكا أيضا بدبلجة الفيلم للعربية وباللهجة المصرية بهدف إشعال نار الفتنة الطائفية من جديد بين المسلمين والأقباط في مصر وإحداث وقيعة كبرى بين الولايات المتحدة و العالم العربي وخاصة الدول التي اثمرت او كادت أن تثمر بها رياح الربيع العربي حيث ادى مناخ الحرية في هذه الدول (مصر ليبيا تونس واليمن) الى خروج التيارات السلفية الرجعية الى النور وتمتعها بحرية غير مسبوقة وأصبح لها قدرة غير عادية على تجييش الجماهير باسم الدفاع عن الاسلام ومن ثم فقد كان معروفاً مسبقا لدى منتجو الفيلم أن رد فعل عامة المسلمين سوف يتسم بالضراوة والعنف ومن ثم إظهار المسلمين بشكل غير متحضر أمام العالم كله وهو ما يعني المزيد من الاحتقان والعداء بين الغرب والمسلمين وهو ما حدث بالفعل حيث قتل السفير الأمريكي في ليبيا ظلماً وعدواناً وتم حرق القنصلية الأمريكية في بنغازي وحاول المصريون ايضاً اقتحام السفارة الأمريكية في القاهرة ونفس السيناريو تكرر في تونس واليمن وقد زايد الأخوة في السودان على الجميع بأن هاجموا ايضاً السفارتين الألمانية والانجليزية لسبب مجهول.

لا أحد يمكن ان يلوم المسلمين على غضبهم من الفيلم الوقح ومن منتجيه الأكثر وقاحة ووضاعة ولكن المرء يسأل نفسه ألا نستطيع كمسلمين ان نعبر عن غضبنا بشكل اكثر تحضراً مما رأيناه؟ ولماذا تقلصت مساحة التعقل في حياتنا بهذا القدر المذهل في فترة وجيزة من الزمن ؟ ولماذا نقيم وزناً كبيراً لفيلم بمثل هذه الضحالة والوضاعة ؟ وهل يمكن لأي فيلم او كتاب او مقال أن يهدم ديناً يدين به البلايين كالإسلام بمثل هذه البساطة ؟ وهل يصح دائماً ان نوقف القافلة من اجل كلب ينبح هنا أوهناك؟ ولماذا نضيع وقتنا وجهدنا ومواردنا في تعقب الخفافيش في الظلام؟ وما هي اوجه البطولة في مهاجمة السفارات الأجنبية في بلادنا؟ أليسوا بمثابة ضيوف لدينا لهم حق الأمان والحماية كما يقر الإسلام ذاته ؟ وهل نبينا سعيد الآن برد فعلنا الهمجي وغير المتحضر وما وصلنا اليه من تخلف وتردي؟
هل يصح ان ننشغل بهذه الأزمة التافهة ونتجاهل محنة اخواننا في سوريا؟

اعتقد ان الجماعات الهمجية التي تشارك في هذه الاعتداءات غير المبررة على السفارات الاجنبية إما أنها جماعات مأجورة تعمل ضد مصالح أوطانها أو انها جماعات لا تعرف حقيقة ما حدث وتتصرف بعقلية القطيع لأن الفيلم كما اسلفنا لم ينتج او يمول بواسطة الولايات المتحدة او انجلترا أو المانيا وإنما بواسطة مجموعة صغيرة من الأفراد ذوي النوايا السيئة ومن البديهي معرفة انه ليس بمقدور أي حكومة أن تمنع أي معتوه من تحميل أي عمل عبيط على شبكة الإنترنت.
اضف الى هذا ان حرية التعبير هنا في الغرب مكفولة للجميع ومحصنة بالدساتير ومن ثم فإن لا باراك اوباما ولا اكبر شنب في الادارة الأمريكية يستطيع ان يصادر أي رأي حتى ولو كان نوع من الهذيان والتخاريف ، وبمعنى آخر فانه ليس لديهم في الغرب جمال مبارك أو سيف الاسلام يأمر بما شاء فيطاع مثل رب العباد.
وللأسف فإننا لازلنا نفكر في المشرق بأن الدول الغربية تدار مثل العزب والإقطاعيات كما هو الحال في بلادنا.

هناك الآن دعاوي عنترية من القيادات السلفية في كل دول الربيع العربي بمقاطعة الغرب والاعتماد على الذات وهي دعاوي مشروعة فليس هناك اروع ولا اعظم من الاعتماد على الذات بشرط ان يكون هذا ممكناً ولكن إمعان النظر في الواقع الاقتصادي لبلدي مصر على سبيل المثال يوضح اننا نعاني من اختلالات هيكلية خطيرة في بنياننا الاقتصادي ومن علاماته أننا نستورد نصف غذاءنا ودواءنا ومعظم الآلات والمعدات والتقنيات العالية اللازمة لمصانعنا ومستشفياتنا .........الخ من الخارج ومن اجل تمويل كل هذه الواردات الضخمة فإننا نحتاج إلى عملات اجنبية وهذه العملات لا تأتي إلا من التصدير والاستثمارات الأجنبية وهذا يعني ببساطة شديدة أنه لا يمكننا ان نعيش بمعزل عن العالم الذي أصبح مترابطا بشكل غير مسبوق وهو ما نسميه بالعولمة حيث تعتمد الدول على بعضها البعض وليس في هذا ما يشين. ومن باب التذكير فإن أوروبا لم تنهض بعد الحرب العالمية الثانية إلا من خلال الدعم الامريكي الضخم الذي كان يعرف بخطة مارشال.

ان التيارات السلفية في عالمنا العربي التي تجاهد من أجل إحياء الماضي وتكره الحاضر وتخاف من المستقبل لا تجيد إلا لغة الشعارات الفضفاضة ورفع الاعلام الجهادية السوداء على السفارات الآمنة.
اتمنى فعلاً ان تتقدم لنا هذه التيارات السلفية ببرامج اقتصادية محددة ومدعومة بالأرقام والموازنات توضح كيفية تلافي الاعتماد على الخارج وكيفية معالجة مشكلة البطالة المتفاقمة والتضخم الجامح الذي احال حياة الملايين من الفقراء الى جحيم والدين العام الذي تجاوز كل حدود الأمان المتعارف عليها في عالم الاقتصاد والمال وكيفية تمويل العجز المزمن في الموازنة العامة وميزان المدفوعات ومشاكل نقص الوقود والكهرباء وانهيار البنية التحتية والتعليم والخدمات الصحية .....الخ وذلك بالاعتماد على الذات فقط.

أليس ادخار جهدنا لحل هذه المعضلات أفضل واجدى من إضاعة وقتنا في معارك وهمية مع بعض المجانين والمتطرفين والدخول في عداء مفتوح مع الغرب دون مبرر حقيقي؟

لقد أنزلت الأديان من أجل إسعاد البشر ورقيهم ولكن المتطرفون اليهود والمسيحيون والمسلمون أحالوا حياتنا إلى جحيم ومعاناة باسم هذه الاديان. متى سنتحرر من خوفنا ونواجه هؤلاء قبل خراب الارض وضياع الانسان؟


محمود يوسف بكير
مستشار اقتصادي مصري



#محمود_يوسف_بكير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام والربيع العربي
- كيف تحكم مصر الآن
- عندما تتحول الثورة إلى مهزلة - الجزء الثاني
- عندما تتحول الثورة إلى مهزلة- الجزء الأول
- عادل إمام مبدع الزمن الرديء
- تأملات فلسفية في أحوالنا العربية
- إلى مؤيدي الأسد: انتبهوا إنه يقودكم إلى خراب مؤكد
- فضيحة في ساحة القضاء المصري
- أصل الحكاية عسكر وحرامية
- الإخوان ومستقبل الثورة في مصر
- أرخص إنسان على وجه الأرض
- الثورة المصرية والرقص على السلم
- مصر ما بين فقدان الذاكرة وعدم الوعي
- العسكري يقود مصر إلى الخراب
- أردوغان يفجع الأحزاب الإسلامية في العالم العربي
- من مفارقات الرؤساء العرب
- ثورات الشعوب تكشف عورة النظام العربي
- رسالة قصيرة إلى الأغبياء الثلاثة
- مبروك يا أسد
- ماذا يريد المجلس الأعلى للجيش المصري؟


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود يوسف بكير - من المسيء للإسلام؟