أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العاطي جميل - قصة الخايبة














المزيد.....

قصة الخايبة


عبد العاطي جميل

الحوار المتمدن-العدد: 4178 - 2013 / 8 / 8 - 19:07
المحور: الادب والفن
    



... انتهى الموسم الدراسي .. عاد إلى بيت أسرته كعادته لقضاء أيام سياحية قرب البحر . فقد اقتنى قبل عودته مجموعة روايات و دواوين شعرية و قصصا و دراسات متنوعة .. يشعر أن زمن العطلة قد انتهى و هو لم يبدأ بعد .. فهذا الزمن المخصص لا يكفيه البتة ..
أمه هذي النملة الشغالة لا تتوقف لحظة عن استثارة موضوع الزواج .. يسائل نفسه : هل أمي ترغب في الفرح بي أم بابنة الجيران حكيمة الغشيمة ؟ ـ هكذا تنعتها فتيات الحي الشعبي . ربما حسدا وغيرة منها ـ .. لم تتوقف الأم لحظة عن شكر حكيمة ، عن مدح حكيمة ، و لكأنها تسكن خياشيمها .. و حكيمة بالفعل مثيرة .. لا تخرج و لا تدرج .. ترتدي الحجاب و تصلي التراويح بجانبها .. تعينها على حمل قفة الخضر و الفواكه الثقيلة كلما عادت الأم من الجوطية المجاورة دون أن تركب سيارة الأجرة الصغرى ..
فكرة الزواج هذه تضر أحمد في رأسه ، فهو ليس على استعداد لتحمل المسؤوليات التي لا تنتهي . وهو " ماشاف وما تشوف " كما قال في قرارته .. ثم إن نفسه تميل إلى نعيمة التي يخجل منها و لم يفاتحها في الموضوع بعد .. و لا يقوى على ذلك و إن رغب ..
أما الأب فيبدو خارج موضوع الزواج . ربما لأنه نادم على زواجه المبكر الذي كانت حصيلته : ثلاث إناث وخمسة ذكور .. و أحمد رابعهم حسب ترتيب الحالة المدنية الملفقة .. أو ربما لأن الأب يتسلم بانتظام حوالة مالية تساعده على معاندة عوائد الزمان .. فلا يتدخل فيما لا يعنيه .. يكتفي بالرضى على ابنه كلما تسلم المبلغ الذي يزداد مع المناسبات وا لأعياد و فترات العطل التي يقضيها أحمد في سطح البيت و كأنه يقيم في أوتيل دون نجوم ..
الزواج و تكاليفه و ربما انقطاع الحوالة عنه ليس في مصلحته و هو يعيش في ركن بصفته متقاعدا .. فالزواج الافتراضي قد يحرمه من جني ثمار تعبه المستديم .. و ظروف العيش قاهرة
في بلد لاحرية لاكرامة ولا عدالة اجتماعية فيه .
و على مشارف نهاية العطلة الصيفية .. همست الأم لأحمد و ألحت في طلبها لخطبة ابنة الجيران على الأقل .. حتى لا يسبقه إلى حكيمة غيره حسب ادعاء الأم .. فأحمد يتردد و لا يريد أن يقتنع برؤية أمه و اقتراحها .. و في الوقت ذاته لا يرغب في إغضابها .. " لن أخسر شيئا ، سأرافقها و بعدها لها حلال ..." قال متلعثما و هو يحدق في ملامحه الطيبة على المرآة ..
....................
..................
( حوارطويل محذوف حول الخطبة و الزواج بين أم أحمد و أم حكيمة و أبيها ، يتضمن آيات بينات من القرآن الكريم و أحاديث نبوية شريفة و آراء الجارات و فقيه الحومة حول حواشي الموضوع ذاته .. و حول المائدة ) ...
...................
......................
طيلة الحوار ظل أحمد صامتا يشير برأسه معبرا بملامحه الخجولة عن تردده و موافقة أمه على شطحاتها في مديح حكيمة و تألقها بين بنات الجيران رغم أنها لم تكمل دراستها الإعدادية ... و في الثناء على ابنها أحمد السميع و المطيع الذي يتابع الحديث بقليل من الاهتمام في انتظار الذي يأتي و لا يأتي .. و شاردا يقارن البون الشاسع بين ما يقال و بين ما قرأه في تاريخ الأديان و الأنتروبولوجيا و الأساطير و كتب التفسير و اجتهادات الفلاسفة في الموضوع و رغم ذلك لم يتدخل و لم يشعر أنه كان سلبيا في الحوار على العكس من ذلك و إن كان مدفوعا إلى هذه الجلسة الحميمية . فحضوره الجسدي و إنصاته في خجل و ثبات يكفي ليكون طرفا إيجابيا و فاعلا .. في حوار في كليلة ودمنة بين الببغاوات ، كلام مكرور و استطرادات و حشو و خروج عن الموضوع كل هذا جعله يعيد النظر في الصورة التي رسمها لأمه زمن الطفولة و زمن النعم .. و هما يغادران بيت حكيمة وضعت الأم يدها اليمنى على أحمد في اطمئنان : هل رأيت يا ولدي ؟ أناس طيبون متدينون محافظون ... رفع عينيه في وجه أمه و هو على الرصيف الأيسرموافقا على توصيف الأم مضيفا : حكيمة فتاة جميلة و هادئة لا ترفع عينيها في أحد و لا تتكلم و محتجبة و تصلي الصلوات في أوقاتها و يتمناها كل شاب للزواج .. فهذه الصفات الجميلة الصالحة يا أمي جميعها لا تعنيني . فأنا خائب و عصبي و أريد فتاة في مستواي و طباعي تنسجم مع تفكيري المنحرف عن العادات والتقاليد.. فأنا لا أصلي و لا أزكي و مرتاح جدا دون زواج .. الزوجة التي أريد إذا كتب الله أريدها فقط تقرأ و تكتب وربما ترسم و هذا ما يعنيني الآن فيها .". ثم تساءل و هو يدخل بيته صاعدا في اتجاه سطح البيت : هل حكيمة خايبة ؟ و هل أمي كذلك خايبة ؟ .. أم أنا ... ؟ ...

مراكش / غشت 2013
...........................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................



#عبد_العاطي_جميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حفلة انتظار
- أول غيثها
- هسيس
- .انتهاكات جسيمة من بيان الجمر والرصاص
- أم الدنيا وأبوها
- لوحة نحتها الغيب
- ديوان المؤتلف
- كاتمة الصوت
- يد تظللني
- ديوان شعر إليها طبعا ...
- من حق اللجوء إليها
- رسالة غفران ...
- من احتجاجات صمتها علي ...
- مغرب حزين
- كن شبحي
- من بلاغات انتظارها ...
- تحرض أشياء الغرفة علي ...
- موز حواء
- الجسد الزمن الجمال
- الجميلات الشهيدات


المزيد.....




- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...
- حقق إيرادات عالية… مشاهدة فيلم السرب 2024 كامل بطولة أحمد ال ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العاطي جميل - قصة الخايبة