أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - علي وتوت - طقوس العيد في مدينتي.. ذكريات الطفولة















المزيد.....

طقوس العيد في مدينتي.. ذكريات الطفولة


علي وتوت

الحوار المتمدن-العدد: 4177 - 2013 / 8 / 7 - 09:11
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


دعوني أقول إن ما يعنيه العيد لطفلٍ في الخامسة أو السادسة، يختلف عما يعنيه لرجل ناضج في الأربعين أو الخمسين من عمره، فللزمن أحكامه، كما يقال.
اعتاد أبناء مدينتي على استقبال عيد الفطر بعادات وطقوس متوارثة، لا تختلف عن عادات وطقوس العراقيين في بلادنا الطيبة، إلا أن أغلب هذه العادات لم تعد موجودة، إذ لامسها التغير، فكان أن تغير شكل العيد وإحساسنا بما يعنيه من فرحة.
طقوس العيد
يبدأ التحضير لعيد الفطر قبل بضعة أيام من قدومه بطهي (الكليجة) التي تشكل ربما أول الطقوس الاجتماعية للعيد. لكن العيد هو توقيت ديني مقدس، ولذا فإن أول الطقوس الدينية هو أن يقوم أرباب الأسر بتوزيع صدقة (الفطـــرة) التي توزّع على الفقراء اما نقوداً او طعاماً، ويخرجها الصائم عن كل فرد من افراد العائلة.
في اليوم الاخير من شهر رمضان يقف معظم الصائمون فوق سطوح المنازل وفي الساحات المكشوفة الأفق، لمراقبة هلال شوال وعند رؤيته يودعون رمضان قائلين (الوداع يا شهر رمضان.. يا شهر الطاعة والغفران). لكن وحتى مع رؤيتهم للهلال فإن بضعة أفراد يتسحرون في ليلة العيد بما يدعى -ربما حزناً على رحيل رمضان- بسحور (اليتيمة) حيث يتناول الصائمون ليلة العيد اكلاً خفيفاً قبل النوم.
صلاة العيد وزيارة القبور
أما ثاني الطقوس الدينية فهو صلاة العيد ... إذ يتوجه الرجال مبكرين إلى الجوامع مصطحبين معهم اولادهم لأداء صلاة العيد... فالعيد في العراق يبدأ بعد صلاة العيد، التي يلتقي فيها أبناء المحلة أو المدينة الواحدة ليتعايدوا بينهم.
لكن الكثير من العوائل، وكبار السن فيها بخاصة يفضلون زيارة مقابر أهاليهم وأقاربهم، وقراءة القرآن واشعال الشموع والبخور، وهذه من التقاليد التي حرص العراقيون على ممارستها.
ويعدّ العيد فرصة رائعة للمصالحة بين المتخاصمين وتنقية النفوس بين المتخاصمين والإصلاح فيما بينهم، فيحاول أهل الخير (من وجهاء وسادة وأشراف) جاهدين لإصلاح ذات البين بين المتخاصمين من ابناء المنطقة. وكانت قضايا الصلح تؤجل إلى مثل هذه المناسبة.
ويمكن معرفة المتخاصمين عند التجول بين الجيران لمعايدتهم فما أن يعرف ان صاحب هذه الدار له خلاف مع جاره فلا يمكن تجاوزه، دون الدخول الى داره وتناول الطعام والشراب فيها ولا نخرج من داره إلا بعد مصالحته مع خصمه.
طعام العيد مرةً أخرى
لكن للطعام سحره الذي لا يضاهى في اليوم الأول للعيد... إذ سيظل معلماً مهماً من طقوس العيد الاجتماعية تناول وجبات بعينها صباح يوم العيد، أتذكر أن جدتي رحمها الله كانت تطبخ قدراً من البحت (الرز المحلى بالحليب والمدمس بالدهن الحر) في فجر يوم الفطر، لتوزعه على بيوت الجيران، غير أن طبق (القيمر) أو القشطة العراقية مع المربى أو العسل، والكاهي هو طبق الإفطار لدى معظم العوائل في مدينتنا الصغيرة. أما الغداء فلاشك أنه يتمحور حول أكلات بعينها مثل مرقة الطرشانة (المشمش المجفف)، والفاصولياء اليابسة أو البامية، هذا فضلاً عن الدجاج واللحم والسمك، إلى جانب الرز الذي يزيّن بالكشمش واللوز والشعرية.
الملابس الجديدة والعيدية
في يوم (أم الحلس) اليوم الأخير قبل العيد تبدأ الأمهات بتحضير الأطفال بالغسل وتجهيزهم بالملابس الجديدة، وبعد تأمين الملابس للأطفال، يأتي دور المزين (الحلاق). إذ يرسل الأطفال الذكور (الأولاد) مع آبائهم إلى دكان الحلاقة، فالحلاقة كانت جزءاً من الاستعداد لإظهار الأولاد في العيد بالمظهر اللائق.
وبالنسبة للاطفال فأن هذا هو اليوم الذي ينتظرونه بفارغ الصبر، فينهض الصغار مبكّرين وتساعدهم امهاتهم على ارتداء ملابسهم الجديدة التي كانوا قد وضعوها قريباً منهم، أو تحت مخداتهم.
اما النساء، والميسورات بخاصة، فكن يجدن في العيد متعة شراء ملابس العيد، ذلك أن لها طعماً خاصاً، سواءً كانت للأطفال أو للفتيات والنساء، وتشهد أسواق القماش زحاماً شديداً لشراء ملابس العيد. تتوجه بعد ذلك النسوة الى خياطة المحلة لتتفق معها على نوع الفستان وموعد الانتهاء من خياطته، فالخياطة والتفصيل كانت سائدة بفعل ندرة الملابس الجاهزة آنذاك.
وربما تكون العيدية أكثر ما يتذكره المرء من العيد، بل هي أهم شيء بالنسبة للأطفال في العيد، فالكبار من افراد الاسرة الواحدة الكبيرة كالأب أو الأم أو العم أو الخال أو الجدّ يمنحون المبالغ النقدية البسيطة والهدايا للصغار، وتكون هذه العيديات سبباً في سرور الأطفال وفرحهم، وهم يتباهون في جمعها أمام الآخرين من أصدقائهم، وليشتروا بها ما لذّ وطاب من الحلوى والمأكولات وشراء الألعاب الأخرى، وبعد ان يذهب الكبار لزيارة الجيران والأصدقاء يتخلف الكثير من الصغار بعد ان امتلأت جيوبهم بالنقود، الى اللعب واللهو وخاصة لركوب المراجيح ودواليب الهواء والدراجات والحيوانات او العربات التي تجرها تلك الحيوانات. وتختلف قيمة العيدية حسب السن، وكثيرًا ما ينال الصغار عيديات من الأبوين والجدين والأعمام والعمات والأخوال والخالات، ويُعتاد أن توزع العيديات بأوراق مالية جديدة زاهية. وقد كانت العيدية أيام زمان زهيدة للغاية، ولكنها كانت تمثل الكثير بالنسبة للأطفال.
النزهات
في حين يذهب الأطفال لوحدهم أو برفقة من هم أكبر سنّاً الى أماكن وساحات الألعاب ومحلات اللهو، فيقومون بصرف كل ما منحهم اهلهم من عيديات في امتطاء الحمير، وركوب بالمراجيح ودولاب الهواء الخشبي والزحليكة والفرارات وغيرها، وفي شراء الاكل من تلك الاماكن مثل لفة البيض او الكبة او السميط وغير ذلك من الاكلات التي كانت تباع هناك. وقد يتم التقاط صورة للأطفال هناك تبقى شاهداً على تلك الأيام.
فيكا كان الشباب يقصدون دور السينما في العادة، وقد كانت هذه الأخيرة تروج لمجموعة الأفلام المرحة في العيد مثل افلام روبن هود او طرزان، مثلما كان الشباب يقصدون الحدائق وكورنيش النهر، وساحة الاحتفال الوحيدة المتوافرة في المدينة.
تلك كانت جولة سريعة على عادات وطقوس عيد الفطر الجميلة... فكل عام وأنتم بألف خير.. أعاده الله عليكم باليُمن والبركة.. وعلى وطننا العراق بالأمن والأمان.



#علي_وتوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في التعامل مع الديمقراطية ... (تبنّي) الديمقراطية أو تعديلها
- في أصل مفهوم السياسة
- ست سنوات على التغيير ... كيف سيكون مستقبل العراق ؟
- الجامعة العراقية والتحول الديمقراطي ... جامعة القادسية أنموذ ...
- عقلنة الشعائر الحسينية تتضمن مكاسب للاجتماع السياسي ودعماً ل ...
- مؤمن بالديمقراطية يا صديقي... حتى النهاية
- كان بلسماً لجراحات العراق
- في القامة السامقة للسوسيولوجيا العراقية -2
- في القامة السامقة للسوسيولوجيا العراقية-1
- في السؤال السوسيولوجي للهوية-2
- في السؤال السوسيولوجي للهوية-1
- إشكالية السلطة - 2
- إشكالية السلطة - 1
- اللوحة الفنية ... رؤية سوسيولوجية
- الديمقراطية في العراق... أسطرة المفهوم -1
- الديمقراطية في العراق... أسطرة المفهوم -2
- إشكالية الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية-6
- إشكالية الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية- 5
- إشكالية الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية- 4
- إشكالية الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية -3


المزيد.....




- هل إسرائيل استخدمت أسلحة أمريكية في غزة بشكل ينتهك القانون ا ...
- واشنطن تصدر تقريرا حول انتهاك إسرائيل استخدام أسلحة أمريكية ...
- استراتيجية الغربلة: طريقة من أربع خطوات لاكتشاف الأخبار الكا ...
- أمير الكويت يحل مجلس الأمة ويعلن وقف بعض مواد الدستور لمدة ...
- طالبة فلسطينية بجامعة مانشستر تقول إن السلطات البريطانية ألغ ...
- فيديو: مقتل شخصين بينهما مسعف في قصف إسرائيلي بطائرة مسيّرة ...
- بعد إحباط مؤامرة لاغتياله.. زيلينسكي يقيل رئيس حرسه الشخصي
- تحذيرات أممية من -كارثة إنسانية- في رفح .. وغموض بعد فشل الم ...
- مبابي يعلن بنفسه الرحيل عن سان جيرمان نهاية الموسم
- انتشال حافلة ركاب سقطت في نهر بسان بطرسبورغ في حادث مروع


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - علي وتوت - طقوس العيد في مدينتي.. ذكريات الطفولة