أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض الأسدي - صندوق الكلب















المزيد.....

صندوق الكلب


رياض الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 4177 - 2013 / 8 / 7 - 00:08
المحور: الادب والفن
    


(صندوق الكلب)

ملاحظة غير مهمة
في الأصل كان (صندوق الكلب) بضعة وريقات غير متكاملة تطايرت بفعل انفجار قريب، وكان بإمكان الريح أن تأخذها إلى جبل قمامة قريب، لكن الريح التي تجيد القراءة والكتابة والغناء في هذا الوقت بالذات، احتفظت بها على غير عادتها لأنها تريد ان تسهم معي في كتابة القصة؛ ريح مهذبة سبحان الله!؛ الريح وحدها وليس أي مخلوق سائر آخر. وللدقة: كانت تلك الوريقات مكبوسة بلا اعتناء بدبوس قديم من بقايا زمن الحصار وقد ظهرت عليه نقط صدأ واضحة.
المشهد رقم (5)
المكان: صندوق مقفل بإحكام من ذلك النوع الذي كانت يستخدم في محاكم التفتيش في عهد البابا أوربان الثاني لانتزاع الاعترافات من الهراطقة (يمكن التركيز بكاميرا (زوووم) على نقوش القفل المذهبة (صوت كمان وحيد خافت) (زوووم) جديد يفتح الصندوق ويطل منه رأس إنسان يشله حبة بطاطا خائسة.
الزمان: ليلا بالقرب من ساحة معركة (صوت خيول نافقة توا تختلط بصوت ناي وحيد) يمكن مشاهدة جانبا مبهما من الصندوق، لكن يصعب التأكد من كونه هو الصندوق المتعلق بالاعترافات. صوت بشري غريب من داخل الصندوق مع ضؤ خافت شبه مزرق يظهر من حين لآخر لغرض الإثارة: لا أظن يوجد ثمة بحر ما هنا. البحار لا علاقة لها بما أنا فيه مطلقا؛ لكنه شيء ما مثل بحر على أية حال: هذه الكلمة هي الأقرب وهي غير صحيحة. لما تخلق البحور بعد وهذا أكيد: البحر كلمة للتعريف به. البحر مؤنث أم مذكر؟ أكيد مؤنث! يعني في قصتك يمكننا أن نقول: هذه البحر. اجل. لا قواعد. لا احد شاهد بحرا من قبل أو وضع قدميه على شاطئه وتحسس الموجات القادمة من لا مكان. البتة. وكل ما قيل عن البحر هو هرطقات شعراء لم يجربوه كأنثى أبدا. بالنسبة لي لا أعلن ذلك لإثارة شيء ما ضد مفاهيم احد من أولئك الجالسين تحت التكييف المركزي وتحت قبة زرقاء كبيرة؛ فقد تأكدت من ذلك بنفسي: إن تلك السفن تسير على اليابسة والزيّاتون الأرمن العاملون بزيت الحيتان يضعون ما يكفي تحت جذوع الأشجار لتسير عليها إلى بحر القسطنطينية المسورة وبعناد تاريخي سجّل بالتفصيل وهي الحقيقة الوحيدة التي أعرفها عن (السيدة) البحر أيضا. نيقولو باربارو.

مشهد جانبي منفصل بلا ترقيم
ألقيت عنوة، صارخا، بوجه العالم، مثل مولود جديد، لكني لم أولد بعد: هذا أكيد. حقيقي. كم من الوقت أفنيته في ذلك المكان ليس مهما الآن/ لا لا يمكن أن يكون مكانا حتى في الجحيم يوجد فيه ثمة فسحة ما حتما. باربارو أيها المؤرخ البندقي؛ ثمة ما هو أسوأ من الجحيم دائما - إنه حالة ما غير مسجلة- كلا! حتى الحالة يمكن وصفها. وهو اللاشيء أو العدم في أكثر التقديرات العقلانية الممكنة: كان من الصعب الجلوس أو القرفصة أو التمدد فأنت متقوس دائما ويمكنك الصراخ .. للصراخ في هذه الوضعية أهمية كبرى منذ الولادة حتى الوصول إلى هذا المكان: من الصعب التأكد من إني كنت مولودا.. منذ البداية.. لكنه يصبح غير ذي معنى بعد مرور وقت(ما)/ كم الساعة الآن؟! هييييييي تأكدت الآن من مخلوقيتي! يا له من سؤال محير: يا ست أديش الساعة! تماما مثلما هو السؤال: لم خلقت أنا هنا في هذا المكان، وفي هذا الزمان دون غيري؟! باربارو يقهقه ربما من الأفضل أن لا أسأل كثيرا هذا النوع من الأسئلة، لكنها مناسبة للصراخ في هذا المكان أكثر من أي مكان أخر: لماذا يحدث كل ذلك لنا يا ألله؟! وأية حكمة بالغة لك سبحانك في هذه الوضعية؟ لقد أفنى المصممون الأذكياء بالتعاون مع أطباء نفسيين وعلماء بايوبوجيا وضباط استخبارات متمكنين أياما طوال في رسم هذه الهندسة المعذبة على نحو دقيق/ لا من الصعب أن نصفها بالمعذبة إلا في اللحظات الأولى لكننا يمكننا أن نصفها بالبعد الطائر الآن: اجل الطائر بكل شيء. شكرا للحكمة الإلهية من الخلق، شكرا لرسالات الأنبياء المضحين بأجسادهم وأرواحهم من اجلنا: هذا الصندوق لا يناسبني ألا ترون ذلك جيدا يا سادة؟ ماذا فعلت؟ ومن أعطى الأمر في تعذيبي؟
المشهد رقم (22)
أقدام عارية تركض على صحراء خالية من الصعب التأكد من هويتها لكن الأصوات المتقطعة المنبعثة من هنا وهناك توحي بأنها لجنود مهزومين.

المشهد رقم (60)
المكان: بالقرب قصر يظهر جانبا منه وقد قضمه تفجير صاروخ (كروز) أطلق من البحر الأحمر توا ولم يستغرق وصوله إلا دقائق.
الزمان: نهارا من منتصف تموز لاهب مشبع بالرطوبة. الأطفال يحيطون بعربة يجرها حصان هرم واحد عاش من العصور الوسطى وشارك في فتح القسطنطينية عام 1453 يسير الشاعر الذي ينظم القريض وهو يحمل قرص خبز من نوع (التفتوني) وهو يحاول المدح.. فيخونه لسانه.. لكن (محمد الفاتح) الذي يظهر في جانب أخر آمرا جيشه بسحب السفن على البر لا يكترث لمن يحاول المدح لكن عينيه تزوغان بعيدا بعيدا، فيسير الشاعر منكسرا بعد أن اكتشف فداحة خلقه شاعرا في هذا العالم الصعب حتى يجلس بجانب العربة ويبكي بصوت مكتوم يشبه عواء كلب إلى حدّ بعيد
محمد الفاتح (منشرحاً): هل ثلم السور؟
أحد القادة بصوت أجش: أجل يا سيدي..
محمد الفاتح ( غاضبا): ماذا تنتظرون أيها الأورطائيون اهجموا!
( صوت كلب يعوي قريبا يثير السلطان محمد الفاتح لكنه لا يبدي اهتماما به)
أصوات من كلّ مكان: الللللله اكبر الللللله اكبر!ماذا لديك اليوم لتمدحني به؟
الشاعر (بثقة وخيلاء): الللله اكبر!
محمد الفاتح ( يلتفت إلى صاحب الصوت): من هذا؟
الشاعر: شاعر من بغداد!
محمد الفاتح: أين (يقع) هذا؟
الشاعر: في العراق يا سلطان!
محمد الفاتح: أين يقع (الأراك) هذا؟!
الشاعر: بلاد ما بين النهرين يا مولاي: ألم تسمع بها من قبل؟ لدي ما لم يأت به أحد من قبل ومن بعد!
محمد الفاتح: (يصفق بيديه) أسمعنا شيئا إذن أيها النبوئي!
الشاعر: أنا لا اكتب القريض ولا الموزون!
محمد الفاتح: ماذا تكتب إذا أيها..
الشاعر: شاعر شاعر! أكتب شعرا منثورا حديثا!
محمد الفاتح: أسمعنا.. أسمعنا
الشاعر: أما أنت أيها الالق الآن ستكون محض دخان.. دخان معركة خاسرة في النهاية، وسيطلق عليك النار!
محمد الفاتح: ما أسمك يا هذا؟
الشاعر: لا ادري والله!، ليس مهما أسمي الآن يا سيدي، المهم: شعري فأنا الشاعر العراقي الأخير!
محمد الفاتح: أدب يوك! أرجعوه إلى الصندوق!
الشاعر: يجول بعينيه بين الحضور بحثا عن وجه معين وحينما يعجز عن ذلك يأخذ بالإنشاد بتلعثم ظاهر: على قدر أهل العزم تأتي العزائم! ثم يتوقف قليلا ليعاود البكاء ( يصرخ رجل وحيد من بعيد: ستوب! أنت شنو من أين جيء بك؟ هذا خارج النص)
المشهد رقم (70)
يظهر محمد الفاتح نفسه لكن بثياب عسكرية معاصرة وخوذة منخوبة، وهو يسحب خلفه بندقية برن ألمانية من العيار المتوسط، كان يسير على طول طريق ممشطة جيدا من الألغام حيث تظهر آثار معارك سابقة وعدد كبير الجثث المتناثرة.
الجندي: ( متعب ومرهق كمن يحاول استدراك ما حدث) سيدي! أنت وحدك .. أخيرا.
محمد الفاتح: وحدي كما ترى.. من أي تشكيل أنت؟
الجندي: من جنود الاحتياط يا سيدي
محمد الفاتح: هل بقيت وحدك في المعركة؟
الجندي: كلا يا سيدي فقد فرّ الجميع!
محمد الفاتح: الجميع!؟
الجندي: الجميع!!
محمد الفاتح: ولم لم تفر أنت أيضا أيها الولد!؟
الجندي: وما نفع الفرار؟
محمد الفاتح: لتنقذ نفسك من الموت!
الجندي: كم أنت واهم يا سيدي .. لم يعد ثمة هارب فقد أعدم الجميع سرايا الإعدام
محمد الفاتح: أنا لم آمر بوجود هذه السرايا المزعومة
الجندي: علينا!!
محمد الفاتح: احترم أيها الجندي لا زلت آمرك الأعلى!
الجندي (ضاحكا بصوت عال) د.. طِرْ!! عباله سلطان من صدك!
وحينما يغادر محمد الفاتح مواصلا طريقه وسط الضباب والدخان يسمع صوت عيار ناري حيث يخر صريعا.
المشهد رقم(77)
كتب على وريقات صغيرات(صندوق الكلب)بخط قلم رصاص غليظ نسبيا: رحن يتعابثن وسط أزقة مختلفة لمدينة قديمة تبدو أنها قد تعرضت إلى ضربة نووية أو ضربة بيئية أو بيولوجية لم يتم التأكد بعد.



#رياض_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دوبلير مزعج
- الشيخ النائيني: كفاح شخصي وعمق علمي
- اللغة و(سياسيو الصدفة ) في العراق
- زلزال سوريا القادم ( بارومتر موزه)
- ماذا بعد اتفاقية أربيلو والآلهة الأربعة؟
- عارنا في العراق
- مصفوفة ليسار قادم 1-2
- البهائية في إيران أصولها وانتشارها في العالم
- ( المجلس الوطني للسياسات العليا) في العراق مشروع للإرضاء الس ...
- نقد الكتاب الاخضر( آلة الحكم)
- (الغاندية الجديدة) دراسة في حركات اللاعنف العربية
- أية جامعة نريد؟
- طركاعة الشيخوقراطية
- حكومة بلابوش: تلاثة قرؤ وعشرة أيام
- فاشيون قدماء/ فاشيون جدد
- كهرباء في الذكر
- ماريو فارغاس يوسا المهتم بالكيوات العراقية
- العراقيون مسجلون في منظمة الشعوب المنقرضة؟
- مصفوفة يسار قادم (1-1)
- إعترافات الشيخ احمد الكبيسي


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض الأسدي - صندوق الكلب