أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحكيم سليمان وادي - دراسة:وضعية دولة فلسطين في الأمم المتحدة على ضوء أحكام القانون الدولي. الاستحقاقات والاستثناءات..الحلقة رقم 8 بقلم:د.عبد الحكيم سليمان وادي















المزيد.....


دراسة:وضعية دولة فلسطين في الأمم المتحدة على ضوء أحكام القانون الدولي. الاستحقاقات والاستثناءات..الحلقة رقم 8 بقلم:د.عبد الحكيم سليمان وادي


عبد الحكيم سليمان وادي

الحوار المتمدن-العدد: 4176 - 2013 / 8 / 6 - 18:03
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


المطلب الثاني : تبعات حصول فلسطين على دولة عضو مراقب.
لحصول فلسطين على صفة مراقب مجموعة من التبعات القانونية ، ومنها تغيير إسم فلسطين في الأمم المتحدة من كيان إلى دولة عضو بصفة مراقب ، وهو ترفيع داخل منظومة الأمم المتحدة ، أصبحت بموجبه فلسطين أحد أشخاص القانون الدولي الذي ينظم العلاقة فيما بين الدول ، ويكون واضحا بأن الأشخاص المخاطبين به هم الدول ، وهم اللذين يتمتعون بالحقوق ، و يلتزمون بالواجبات التي نظمتها لهم قواعد القانون الدولي ، لذلك تعتبر الدول من أشخاص القانون الدولي العام ، وبخاصة أن قواعد القانون الدولي أقرت لهم تلك الصفة ، لأنهم قادرون على إنشاء قواعد دولية بالتراضي مع غيرهم من الدول ، وكذلك إمكانية الرجوع إلى ميثاق الأمم المتحدة ، و خاصة المادة الأولى : التي تؤكد على حق الشعوب في تقرير مصيرها ، وتنص على إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس إحترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب ، و بأن يكون لكل منها تقرير مصيرها .
ويترتب وفقا للقانون الدولي مسؤوليات قانونية على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ، وهناك مسؤوليات مترتبة على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بخصوص دولة فلسطين الواقعة تحت الإحتلال وتنص المادة 6 من ميثاق الأمم المتحدة : على أنه " إذا أمعن عضو من أعضاء الأمم المتحدة في إنتهاك مبادئ الميثاق ، جاز للجمعية العامة أن تفصله من الهيئة بناءاً على توصية من مجلس الأمن " .
سنتناول تبعات حصول فلسطين على دولة مراقب من خلال إنضمام دولة فلسطين إلى الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة ( الفقرة الأولى ) ، وحق الإنضمام إلى محكمة العدل الدولية ( الفقرة الثانية ) ، ثم الحق في الإنضمام غلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ( الفقرة الثالثة ) .
الفقرة الأولى : إنضمام دولة فلسطين إلى الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة.
تنشأ الوكالات المتخصصة بمقتضى إتفاق بين الحكومات ، و تضطلع بموجب نُظامها الأساسية بتبعات دولية واسعة في الإقتصاد و الإجتماع و الثقافية و التعليم و الصحة ، وما يتصل بذلك من شؤون ،يوصل بينها وبين الأمم المتحدة ، كأن تقدم الهيئة توصيات بقصد تنسيق سياسيات الوكالات المتخصصة ووجود نشاطها .
وللمجلس الإقتصادي و الإجتماعي أن يضع إتفاقيات مع أية وكالة من هذه الوكالات ، تحدد الشروط التي على مقتضاها يوصل بينها و بين الأمم المتحدة ، و تعرض الإتفاقيات على الجمعية العامة للموافقة عليها ، وله أن ينسق وجوه نشاط الوكالات المتخصصة بطريق التشاور معها و تقديم توصياته إليها و إلى الجمعية العامة و أعضاء الأمم المتحدة .
ويركز عدد من الوكالات المتخصصة ـ بما في ذلك منظمة العمل الدولية ـ جل نشاطه على حقوق الإنسان ، كما أن الإتفاقيات المنشئة لمنظمة الصحة العالمية و لليونسكو و للفاو تكرس على التوالي الحق في الصحة ، و الحق في التربية و الثقافة و الحق في أن يكون الفرد بمنأى عن الجوع ، وهي حقوق معترف بها جميعها في العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية .
وفيما يتعلق بمنظمة الأمم المتحدة للتربية و العلوم و الثقافة ( اليونسكو ) التي أنشئت في عام 1946، فهي تسعى أساسا إلى ضمان حق الإنسان في التربية و التعليم و إلى إعطاء معنى محسوس لفكرة الحقوق الثقافية بإعتبارها من حقوق الإنسان ، ولهذا فإن هدف اليونسكو كما تحدد في المادة الأولى من الميثاق ، هو المساهمة في صون السلم و الأمن بالعمل عن طريق التربية و العلوم و الثقافة ، على توثيق عرى التعاون بين الأمم لضمان الإحترام الشامل للعدالة و القانون و حقوق الإنسان و الحريات الأساسية للناس كافة دون تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين .
وقد لعبت المنظمة دورا مباشرا في مجالات أخرى تهم حقوق الإنسان ، ومن بين الأنشطة و البرامج الموجهة نحو تحقيق هدفها ، ونخص بالذكر إعتماد المؤتمر العام لليونسكو للعديد من الصكوك الدولية الرامية إلى إعمال حقوق الإنسان ، أهمها :
ـ الإتفاقية العالمية لحقوق النشر سنة 1956.
ـ الإتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم سنة 1960 .
ـ وبرتوكول إنشاء لجنة للتوفيق و المساعي الحميدة التي يناط بها البحث عن تسوية أية خلافات تنشأ بين الدول الأطراف في الإتفاقية سنة 1962 .
ـ إعلان مبادئ التعاون الثقافي الدولي سنة 1966.
ـ وإتفاقية حماية تراث العالم الثقافي و الطبيعي لسنة 1972 .
ـ الإعلان بشأن المبادئ الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام في دعم السلام و التفاهم الدولي و تعزيز حقوق الإنسان و مكافحة العنصرية و الفصل العنصري و التحريض على الحرب لسنة 1978.
ـ الإعلان بشأن العنصر و التحيز العنصري سنة 1978 .
ويحق للدولة الفلسطينية الإنضام إلى هذه الإعلانات بصفته عضواً كامل العضوية في هذه المنظمة الدولية .
ـ إنضمام فلسطين لليونسكو:
إن انضمام فلسطين وحصولها على عضوية اليونسكو لا يعتبر إعترافا بدولة فلسطين ولا يشكل أي وزن بين الفاعلين في المجتمع الدولي ، حيث إن الاشتراك في معاهدة جماعية أو الإنضمام إلى منظمة دولية حسب قواعد القانون الدولي لا يعتبر إعترافا بهذه الدولة الموقعة أو المنضمة للمعاهدة ، وهذا ما ينطبق على الحالة الفلسطينية في اليونسكو ، وكذلك الأمر إن الاعتراف الجماعي أو الفردي لا ينتج عنه أي فوارق في ميدان العلاقات الدولية ، وعلية لم تصبح فلسطين دولة وإن اعتبرنا إنضمامها لليونسكو انتصارا معنويا فقط لا غير و يمكن القول :
إن الاعتراف بالدولة حسب التقنيات القانونية المستخدمة حاليا في بسط صرح الدولة الفلسطينية وفي تعريفها كعضو مراقب أو كاملة العضوية... الخ هي تقنيات خاطئة لا علاقة لها بواقع القانون الدولي أو بعلاقته الدولية ، حيث إن هناك مشكلة في تعريف الدولة قانونيا نظرا لوجود أكثر من نظرية ، مع العلم أن عنصر الايدولوجيا أصبح يقسم العالم إلى قسمين بعد الحرب الباردة، بان هناك عالم حر رأسمالي وعالم غير حر أي اشتراكي ، وعليه لا يمكن لنا أن نراهن على قضية الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة وأن لا نقدسها ونجعلها فوق رؤوسنا ، طالما إننا يمكن أن نعلن موت وفشل مفهوم العدالة الدولية على مدار 64 عاما من الاحتلال ، و أيضا فشل السيادة للدولة ، أمام مفهوم التعاون الدولي الذي يفرض التخلي عن استقلال وسيادة الدولة الفلسطينية أمام تطور سلطة القوى العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تعرقل استقلال دولة فلسطين عبر الفيتو ومن خلال منظماتها الدولية ومشاريع الاندماج الاقتصادي والعسكري والسياسي الذي لا مكان لفلسطين فيه ، حيث تعتبر أن الحدود الاقتصادية والسياسية أهم من الحدود الجغرافية الفلسطينية، وهذا ما يفشل نظرية مشروع خطوة التوجه للأمم المتحدة للحصول على عضو مراقب لا حول ولا قوة له، وستكون مجرد عضو يراقب ما يحصل من حوله بدون حق التصويت داخل الجمعية العامة.
لكن تم إتفاق أمريكي ـ فلسطيني بتجميد الطلب الفلسطيني للإنضمام إلى وكالات أممية متخصصة أخرى ، وإعطاء اللجنة الرباعية مهلة لإنجاح مبادرتها تنتهي في 16ـ1ـ2012 ، ويتم فيها تقديم و جهتي النظر الفلسطينية و الإسرائيلية حول الحدود و الأمن ، مقابل تحويل العائدات الضريبية التي أوقفت إسرائيلي تحويلها .
وهذا بعكس طموحات وحلم الفلسطينيين أن تتمتع الدولة الفلسطينية بالشخصية القانونية ذات الحقوق الكاملة والشاملة والغير المنقوصة كفاعل يتمتع بآثار السيادة فوق إقليم فلسطين ووجود السلطة السياسية وتوفرها على الأهلية القانونية في ممارسة وظائف الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وفرض الأمن داخليا على كافة ربوع الوطن، وتنفيذ التزاماتها خارجيا حسب المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
وهناك تخوف في إسرائيل على أن الدولة الفلسطينية ستعلن من اليونسكو ، على أن تتحول كنسية المهد ، وهي أحد المواقع الأكثر قدسية في المسيحية ، لتكون موقعا فلسطينيا بصورة رسمية في سجلات اليونسكو ، حيث تقدم الفلسطينيون بهذا الخصوص وحصلوا على العضوية فيها ، وهي الفرصة التي ستزيد من حجم المكاسب المقلقة ( حسب وجهة نظر الكاتب الإسرائيلي ـ شموئيل هاني ) التي يحققها الفلسطينيين من أجل الإعلان عن دولتهم ، وهي المعركة التي يقودها محمود عباس وقيادات حركة فتح سواء في الداخل أو الخارج.
ويستاء الكثير من المسؤولين الإسرائيليين غضبا ، ويؤكدون على أن هذه الخطوة الفلسطينية هي نصرف أحادي الجانب ، وغير مسؤول ، سيؤدي في النهاية إلى تعقد الموقف و تأزمه.
الفقرة الثانية : حق الإنضمام إلى محكمة العدل الدولية .
إن حصول فلسطين على دولة مراقب في هيئة الأمم المتحدة من شأنه أن يعزز فرص إنضمامها إلى النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية ، بعد التوقيع و المصادقة ، حيث تنص المادتين 93ـ96 من ميثاق الأمم المتحدة إلى أنه ( يعتبر جميع أعضاء الأمم المتحدة بحكم عضويتهم أطرافا في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية ، ويجوز للدولة التي ليست من الأمم المتحدة أن تنضم إلى النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية ، بشروط تحددها الجمعية العامة لكل حالة ، بناءا على توصية مجلس الأمن ) .
ويمكن للجمعية العامة أو مجلس الأمن أن يطلبا إلى محكمة العدل الدولية تقديم فتوى في أي مسألة قانونية ، ولسائر فروع الهيئة و الوكالات المتخصصة المرتبطة بها ، ممن يجوز أن تأذن لها الجمعية بذلك في أي وقت ، أو تطلب أيضا من المحكمة إفتائها في ما يعرض لها من المسائل القانونية الداخلية في نطاق أعمالها .
هذا الإجراء جرى سابقا مع كل من سويسرا و اليابان ، قبل إنضمامهما إلى الأمم المتحدة وقد أقرت الجمعية العامة ، وبناءا على توصية مجلس الأمن الدولي ، الشروط التي يتوجب على الدولة مقدمة الطلب الإلتزام بها من أجل الإنضمام إلى نظام محكمة العدل الدولية .
وفي كل مرة توضع الشروط ذاتها و هي الإلتزام بنظام المحكمة و الإلتزام بالمادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة ، التي توجب القبول بقرارات المحكمة في القضايا التي تكون طرفا فيها ، التعهد بالمساهمة في تكاليف المحكمة بالقدر العادل الذي تحدده الجمعية العامة ، ومن فوائد هذا الخيار إذا ما إجتاز عقبت الفيتو في مجلس الأمن أن يوفر الأدوات القضائية ذاتها التي توفرها العضوية في الأمم المتحدة ، مثل : اللجوء كدولة إلى محكمة العدل الدولية ، وسيتيح ذلك إمكانية طلب إصدار فتاوى حول مسائل معينة ، ومنها المتعلقة في أشكال التمييز العنصري دون الحاجة إلى موافقة إسرائيل ، وكذلك طلب فتوى حول وضع الإحتلال طويل الأمد ، ونشير هنا إلى فتوى محكمة العدل الدولية الصادرة بتاريخ 9 ـ 7 ـ 2004 حول الآثار القانونية عن تشييد الجدار العازل في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي أقرت المحكمة بعدم شرعيته ، وأنه مخالف للقانون الدولي الإنساني .
نصت المواد 34 ـ 35 ـ 36 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية على إختصاص المحكمة في جميع القضايا التي يعرضها الأطراف المتنازعون عليها ، كما تشمل جميع المسائل المنصوص عليها بصفة خاصة في ميثاق الأمم المتحدة ، أو في المعاهدات و الإتفاقات المعمول بها ، وجميع المنازعات القانونية التي تقوم بينها وبين دولة تقبل الإلتزام نفسه ، إذا كانت هذه المنازعات قانونية .
وللمحكمة نوعان من الإختصاص :
1 ـ الولاية الإختيارية للمحكمة :
وتكون وفقا للنظام الأساسي ، والذي يشير إلى أن إنعقاد ولاية المحكمة يتوقف على رضا جميع المتنازعين ، بعرض هذا النزاع على المحكمة للفصل فيه ، وفي حال عدم القبول بذلك تعتبر القرارات الصادرة عن المحكمة مجرد فتوى إستشارية غير ملزمة للطرف الآخر .
2 ـ الولاية الإجبارية للمحكمة :
ويكون فيها الإلزام في حالة وجود إتفاقيات دولية بين الطرف محل النزاع ، وتتطلب تحديدا أو تفسيرا ، الأمر الذي يقضي عرضها على محكمة العدل الدولية لإبداء الرأي وعليه تكون قراراتها إجبارية و إلزامية على الأطراف المعنية في القضية المتنازع عليها ، كما يحق لها تفسير المعاهدات والتحقيق في واقعة الخرق للإلتزام الدولي ، أو في قضايا التعويض على هذا الخرق .
ويلاحظ أنه سواء كانت الولاية إختيارية أو إجبارية فإنها تعتمد في كلتا الحالتين على قبول و موافقة الدول التقاضي أمام المحكمة ، وذلك يكون لمحكمة العدل الدولية دوران :
الأول : يتمثل في إصدار الفتاوى وذلك بنص المادة 56 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية على أنه ( للمحكمة أن تفتي في أي مسألة قانونية ، بناءا على طلب أي هيئة رخص لها ميثاق الأمم المتحدة بذلك ، أو حصل الترخيص لها بذلك طبقا لأحكام الميثاق المذكور ) ، بحيث تعرض طلبات الفتاوي عليها في طلب كتابي يتضمن بيانا دقيقا للمسألة المستفتى فيها ، وترفق به كافة المستندات التي قد تساعد على توضيحها .
الثاني : هو حل النزاعات بين دولتين طرف تقبلان صلاحية المحكمة علما أن ما يسمى بإسرائيل لا تقبل صلاحية ولاية المحكمة ، ولابد من الإشارة إلى بعض العقبات التي قد تواجه دولة فلسطين مستقبلا في الإنضمام إلى النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية ، هو ضرورة تحديد مفهوم الدولة وسيادتها الخاضعة للإحتلال الإسرائيلي وهذا يتطلب توصية من مجلس الأمن الدولي بقبول الإنضمام إلى نظام المحكمة ، وكذلك قبول دولة الإحتلال الإسرائيلي بولاية و إختصاص المحكمة .
الفقرة الثالثة : حق الإنضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية .
إن حصول دولة فلسطين على عضو مراقب في الأمم المتحدة ، يعطيها الحق القانوني في الإنضمام إلى إتفاقية روما سنة 1998 ، والتي طبقت إبتداءأً من سنة 2002 ، بعد إكتمال النصاب القانوني و مصادقة 60 دولة من مجموع 120 دولة ، وهو النصاب القانوني ، لاسيما وأنه قد إنتهى الجدل حول فلسطين بعد حصولها على دولة مراقب في الأمم المتحدة ، والذي يخولها بعد الإنضمام لنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين الذين إرتكبوا جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية ، في الحرب على غزة سنة 2008 ـ 2009 ، وكذلك الحرب الأخيرة على غزة 2012 ، إضافة إلى جرائم سابقة ولاحقة نفذت ضد المدنيين الفلسطينيين على مدار سنوات الإحتلال منذ تاريخ 1948 وحتى اللحظة ، مع مراعاة عدم رجعية القوانين في الجرائم المرتكبة ما قبل سنة 2002 .
ومن ناحية أخرى فقد أكد الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون بتاريخ 20 ـ 12 ـ 2012 ، ضمن تصريح له ( بأن وضع فلسطين الجديد ، ورفع مرتبتها إلى دولة مراقب ، يؤهلها بكل تأكيد للإنضمام لكافة وكالات الأمم المتحدة ، وإن قرار إنضمامها ـ للمحكمة الجنائية الدولية ـ هو شأن فلسطيني يقرره الفلسطينيون بأنفسهم ) .
و يجدر الإشارة كذلك ، إلى تقرير اللجنة المعنية بقبول الأعضاء الجدد في مجلس الأمن الدولي بخصوص طلب عضوية فلسطين ، الإنضمام إلى الأمم المتحدة بتاريخ 11 ـ 11 ـ 2011 ، الذي أشار بوضوح إلى أن مقومات الدولة تنطبق على فلسطين ، حيث أشارت الفقرات 9 ـ 10 ـ 11 من التقرير إلى أنه فيما يخص معيار الدولة ، أشر إلى إتفاقية مونيتيفيدو بشأن حقوق الدول وواجباتها سنة 1933 ، والتي تنص على أن الدولة بوصفها شخصا من أشخاص القانون الدولي ، ينبغي أن يكون لديها سكان دائمون ، وإقليم محدد وحكومة و القدرة على إقامة علاقات مع دول أخرى ، وفيما يتعلق بشرطي السكان الدائمين و الإقليم المحدد ، أعرب عن رأي مفاده أن فلسطين تستوفي هادين المعيارين ، وتم التجديد على أن عدم وجود حدود معينة بدقة لا يشكل عائقا أمام إقامة دولة .
غير أن السؤال الذي نثيره هو مدى قدرة دولة فلسطين بفرض السيطرة على أراضيها في ظل الإنقسام الفلسطيني ، الذي حدث بتاريخ 14 ـ 6 ـ 2007 ، والتي نفدت فيه حركة حماس إنقلاب على الشرعية الفلسطينية برئاسة محمود عباس ، وفرضت سيطرتها على قطاع غزة منذ تاريخه وحتى اللحظة ، حيث أصبح حكم حماس سلطة الأمر الواقع في غزة ؟
ومن ناحية أخرى ، ينطبق نفس الأمر على دولة الإحتلال الإسرائيلي التي تفرض سيطرتها على أراض في الضفة الغربية ، وفي القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين ، مما يشكل عائقا في إقامة الدولة الفلسطينية على أرض الواقع .
مع العلم أن الإحتلال الذي تمارسه سلطة أجنبية مثل إسرائيل، لا يعني أن السيادة على الأرض الفلسطينية المحتلة ، يمكن أن تنتقل إلى سلطة الإحتلال ، وبالرجوع إلى التوقيع و التصديق و الموافقة بالإنضام إلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فقد نصت المادة 125 من ميثاق روما على أنه : ( يفتح باب الإنضمام إلى هذا النظام الأساسي أما جميع الدول ، وتودع صكوك الإنضمام لدى الأمين العام للأمم المتحدة ) ، كما تفرض إتفاقية روما 1998 ، مجموعة من الشروط المسبقة لممارسة الإختصاص وفقا للمادة 12 من النظام الأساسي ، على أن قبول الدولة التي تصبح طرفا في هذا النظام الأساسي إختصاص المحكمة فيما يتعلق بهذه الجرائم :
جريمة الإبادة الجماعية ، الجرائم ضد الإنسانية ، جريمة العدوان ، و جرائم الحرب .و كدالك يجوز للمحكمة بنص المادة 13ان تمارس اختصاصها إذا كانت واحدة أو أكثر من الدول التالية طرفا في هادا النظام الأساسي، أو قبلت باختصاص المحكمة وفقا للفقرة 3 التي تشير إلى الحالات التالية :
أ ـ الدولة التي وقع في إقليمها السلوك قيد البحث أو دولة تسجيل السفينة أو الطائرة إذا كانت الجريمة قد إرتكبت على متن سفينة أو طائرة.
ب ـ الدولة التي يكون الشخص المتهم بالجريمة احد رعاياها.
ج ـ وكذلك إذا كان قبول دولة غير طرف في هذا النظام الأساسي لازما بموجب الفقر2 يجوز لتلك الدولة بموجب إعلان يودع لدى مسجل المحكمة ،أن تقبل ممارسة المحكمة إختصاصها فيما يتعلق بجريمة قيد البحث، وتتعاون الدولة القابلة مع المحكمة دون أي تأخير أو استثناء وفقا للباب التاسع.
وتمارس المحكمة الجنائية الدولية وفقا للمادة 13 في الحالات التالية:
إذا حاولت دولة طرف المدعي العام وفقا للمادة 14 حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت ، أو إذا أحال مجلس الأمن متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، حالة إلى المدعى العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت أو إذا كان المدعي العام قد بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق بجريمة من هذه الجرائم وفقا للمادة 15 ، ويجوز إحالة قضية ما من قبل دولة طرف وفقا للمادة 14 حيث تنص على أنه / يجوز لدولة طرف أن تحيل إلى المدعي العام أية حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة قد ارتكبت ، وأن تطلب إلى المدعي العام التحقيق في الحالة بغرض البت فيها وإمكانية توجيه الإتهام لشخص معين أو أكثر بإرتكاب تلك الجرائم ، وتحدد الحالة قدر المستطاع الظروف ذات الصلة ، وتكون مشفوعة بما هو في متناول الدولة المحلية من مستندات مؤيدة لتلك الإتهامات.
كذلك الأمر هناك ثمة مسؤوليات قانونية على دولة فلسطين في حال انضمامها إلى المحكمة الجنائية الدولية,وهي المسؤولية على كافة الأعمال العسكرية أو العدوانية التي تنطلق من أراضيها نحو الدول المجاورة وبالتحديد دولة الاحتلال الإسرائيلي ، حيث لا يمكن الكيل بمكيالين فى القانون الجنائي الدولي، وهدا ما سيعكس نفسه بالسلب على فصائل المقاومة الفلسطينية من جرائم مفترضة ضد المدنيين الإسرائيليين ، بالرغم من أن ما يسمى إسرائيل هي ليست طرفا موقعا على ميثاق اتفاقية روما 1998 ولم تنضم للمحكمة الجنائية الدولية ، خوفا من ملاحقة قيادة الجيش الإسرائيلي على جرائمهم ضد المدنيين الفلسطينيين ، ورغم هذا التهرب الإسرائيلي من هذه المسؤولية الجنائية ، نجد أن المادة 8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يؤكد على أن الإنتهاكات الجسيمة لإتفاقية جنيف الخاصة بمعاملة المدنيين في المناطق المحتلة تعتبر جرائم حرب ، وبالتالي فان الممارسات الإسرائيلية في الضفة الفلسطينية وغزة والقدس هي من صميم عمل و نطاق إختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
إن الأساس القانوني الدولي لمسؤولية إسرائيل عن ما يحدث من جرائم في فلسطين ، يخضع إلى قواعد المسؤولية الدولية بنوعيها ، الجنائية و المدنية بصفتها قوة إحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 ، فالمسؤولية المدنية تتجلى بالتعويض للفلسطينيين عن كافة الأضرار الناجمة عن عدوانها المستمر ضدهم ، وتتجلى المسؤولية الجنائية في محاكمة الأشخاص المجرمين المسئولين عن جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية من قادتها و أفراد قواتها المسلحة في الجيش الإسرائيلي ، بشكل شخصي ( شخصية الملاحقة ) .
وتنطبق كذلك على ما يسمى بإسرائيل ، سلطة حكم الأمر الواقع القائم بالإحتلال ضمن نظام المسؤولية الجنائية الدولية ، بإعتبارها المسئولة عن جرائم الحرب التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني ، فالمسؤولية الجنائية الفردية ( الشخصية ) قد أقرتها المادة 227 من معادة فيرساي 1919 ، وأرستها كمبدأ من مبادئ القانون الدولي تم إستخدامها في محكمتي نورومبورغ و طوكيو ، و طبقتها عمليا بحق مجرمين الحرب الألمان و اليابانيين ، وهذه النماذج يستند عليها كسوابق قضائية في إدانة الإحتلال الإسرائيلي غير المشروع دوليا و على جرائمها المستمرة بحق الشعب الفلسطيني .
ذلك أن جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية التي حوكم بموجبها مجرمو الحرب في محكمة نورومبورغ و طوكيو هي نفس الجرائم التي نفذها الإحتلال ضد المدنيين و الأطفال الفلسطينيين ، مع العلم أن الجرائم الجنائية لا تسقط الدعوة فيها بالتقادم حيث تنص المادة 29 من نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية " أنه لا تسقط الجرائم التي تدخل في إختصاص المحكمة بالتقادم أيا كانت أحكامه " .
وعليه يجب على الجانب الفلسطيني العمل على تعديل التشريعات الوطنية و الدستورية وبشكل خاص القانون الجنائي ، حتى تتلاءم مع قضية الولاية الجنائية الدولية ، مع مراعاة أن الوضع القانوني لدولة فلسطين القائم حاليا هي بمثابة دولة تخضع تحت سيطرة الإحتلال الإسرائيلي . مع تحياتي....وستكون الحلقة رقم 9 بعنوان: المبحث الثاني :الدبلوماسية الفلسطينية على ضوء القانون الدولي ........د عبدالحكيم سليمان وادي

بقلم:د.عبد الحكيم سليمان وادي



#عبد_الحكيم_سليمان_وادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة:وضعية دولة فلسطين في الأمم المتحدة على ضوء أحكام القان ...
- وضعية دولة فلسطين في الأمم المتحدة على ضوء أحكام القانون الد ...
- مركز راشيل كوري يحذَّر من كارثة إنسانية تهدد سكان غزة بسبب م ...
- دراسة قانونية بعنوان : وضعية دولة فلسطين في الأمم المتحدة عل ...
- تعريف مفهوم الإسلام السياسي .
- وضعية دولة فلسطين في الأمم المتحدة على ضوء أحكام القانون الد ...
- مشروع الشرق الأوسط الجديد مهد الطريق للربيع العربي الفوضوي
- وضعية دولة فلسطين في الأمم المتحدة على ضوء أحكام القانون الد ...
- الموضوع: استراتيجيات التفاوض...الحلقة 6
- وضعية دولة فلسطين في الأمم المتحدة على ضوء أحكام القانون الد ...
- دراسة قانونية بعنوان : وضعية دولة فلسطين في الأمم المتحدة عل ...
- المفاوضات ..التعريف ولغات التواصل...الحلقة 5
- أنواع المفاوضات
- ما هو المقصود بالمفاوضات قانونيا. الحلقة الثانية
- ما هو المقصود بالمفاوضات قانونيا ؟
- الاستثناءات الواردة على مبداء عدم اللجوء لاستخدام القوة في ا ...
- بحث قانوني: حماية الفئات الهشة في ظل النزاعات المسلحة
- بحث قانوني: أزمة تطبيق قرارات الشرعية الدولية ,فلسطين نموذج
- بحث قانوني بعنوان : الدولة وأنواع الحدود
- بحث بعنوان: ماهية البعثات الخاصة


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحكيم سليمان وادي - دراسة:وضعية دولة فلسطين في الأمم المتحدة على ضوء أحكام القانون الدولي. الاستحقاقات والاستثناءات..الحلقة رقم 8 بقلم:د.عبد الحكيم سليمان وادي