أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حميد طولست - من فتنة عثمان إلى فتنة مرسي















المزيد.....

من فتنة عثمان إلى فتنة مرسي


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4168 - 2013 / 7 / 29 - 23:38
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


من فتنة عثمان إلى فتنة مرسي
ـ مقارنة لم تخطر على بال ، رغم معرفتي بقصة عثمان مند المدارس الإعدادية.
أستهل مقالتي هته بما انتهيت به إحدى المقالات السابقة حول موضوع "الديمقراطية والإسلام السياسي " ، والتي تأسفت في خاتمتها كبير الأسف على الكثير من شعوب الأمة العربية والإسلامية ، التي لم تتعلم من حلقات تاريخها المتشابهة في تتابعها - او تكاد - ، وكأنها تعيد نفس الأحداث التاريخية ، بأمانة خارقة ، بنفس الأخطاء التي وقع فيها غيرها، أو وقعت فيه هي نفسها ، ما يدعوني إلى نبد فكرة نبوأة هيجل "أن التاريخ يعيد نفسه" وتعقيب كارل ماركس عليها بقوله "ان التاريخ يعد نفسه مرتين ، المرّة الاولى في شكل مأساة والثانية في شكل مهزلة" وبما أنني لست من المؤمنين بأن التأريخ يعيد نفسه، وأميل أكثر إلى أطروحة ان التاريخ يخضع البشر لمهازله ومآسيه ، ومكره أيضا ، وأن من أشد مهازله ومآسيه ومكره ، أنه يدفع الأشخاص لتقليد أحداثه بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، ويطبقونها بندا بندا ، وخطوة وراء خطوة ، وكأنها نقل حرفي لما وقع في الماضي ، فتكون المشاهد متقاربة في بعض فصولها ، بل وتصل بين الحين والآخر حد التطابق والتناسخ في غيرها من الفصول ، كما هو الحال بالنسبة لأوجه التشابه والتطابق الموجودة بين قصتي فتنة "عثمان" وفتنة "مرسي "
إن حقيقة هذا التطابق بين الحالتين ليدهش، بل ليبهر ويذهل ، كل من يخوض غمار المقارنة بين فصول القصتين ، وخاصة الخطوات التي اتبعها عثمان خلالة الفتنة التي سمية باسمه ، والتي أنتهت بقتله ، وما تلاتها من قلاقل دامت مدة غير قصيرة من الزمن ، و بين تلك الفتنة التي أيقضتها ، جماعة الإخوان المسلمين بمصر، وما تسببت فيه من أزمات ، أججها رئيسهم مرسي منذ توليه مقاليد البلاد ، مرورا بتجمع رابعة العدوية إلى عزله وما ينتظر أن تنتجه من أحداث .
الفتنتان اللتان وجدت فيهما العصبية القبيلية/الدينية - التي لم ينتزعها كلية مع الإسلام من قلوب العرب انتزاعاً كاملا ، ولم يُقضى عليها قضاء أخيرا - المجال الفسيح لكي تعيد سيرتها الأولى ، والمرتع الخصب لتعمل عملها الفظيع في تأجيج نيران الحقد في نفوس المسلمين، وزوع الفرقة بين أبناء الوطن الواحد ، مقابل مشروع إخواني ماضوي يراد به اعادة المجتمع إلى الماضي ، وإحياء تاريخ الخلافة ، لتطبيق الشريعة ، على الطريقة العثمانية أو الراشدية لا فرق ، المهم وضع مشروع الخلافة موضع التطبيق ، من أية منطلقات كان ، وبأي رؤى ، وبأية مفاهيم ، وبأية معايير ، حتى لو طال الصراع سنينا ، وجرى الدم أنهارا ، كما حدث بعد فتنة عثمان ، والتي أكد مرسي بعد عزله ، على قناعته واقتناع جماعته وعشيرته الراسخة بذلك الطرح والمصير، وذلك في تصريحه الذي قال فيه :" لن تتحرك الجماهير لنصرتي إلا إذا سال دمي " ، وكأنه يقصد تطبيق قصة/فتنة عثمان - بحدافرها خطوة خطوة - التي لم تنته بقتله ، بل كان ذلك القتل هو البداية الحقيقية للفتنة ، حيث رفع بنو أمية ، وغيرهم من الأهل والعشيرة شعار الثأر لدمه ، والقصاص من قتلته ، ثم رفعوا بعدها شعار استعادة الخلافة التي دار من أجلها صراع دموي طويل دام ست سنوات ، سقط خلالها آلاف من الصحابة الذين انقسموا بين الطرفين ، وعشرات الآلاف من المسلمين ، في معارك البصرة والجمل، وانتهى بقتل علي وبعودة الخلافة للاستقرار في بني أمية ..
فهل مثل هذا السيناريو ممكن الآن ؟ وهل يعقل أن يصدق عاقل سوي بإمكانية عودة ما يصفونه بالشرعية، ويبدلون من أجلها كل غال ونفيس ، ويقاتلون من أجلها الشعب البريئ بكامله ؟؟ أعتقد إنهم يؤمنون كل الإيمان ، ويصدقون بأن الله إختارهم لتلك المهمة المقدسة ، وأنه سبحانه وتعالى سيبعث الملائكة بقيادة سيدنا جبريل لإعانتهم على ذلك " -حسب رؤيا أخيرة لأحد فقهائهم برابعة- ، وهو مؤشر واضح ، بين على أنهم جماعة غير سوية ، ولا علاقة لها برؤى العصر ، وأفكاره ومفاهيمه وأساليبه وأدواته ، وأن كل ارتباطتهم ورؤاهم ومفاهيمهم وأفكارهم وأساليبهم وأدواتهم ماضوية ، ، مقتبسة كلها من تكتيكات عثمان وخطواته التي إتبعها قبل ما يقارب 14 قرنا ، لكنهم قرروا تطبيقها في عصر الحداثة و في القرن الواحد والعشرين ، بالضبط كما فعل عثمان عندما ضاق ذرعا بالصحابة الذين أثارتهم خرقاته ، وأرقتهم تجاوزاته ، فتصدوا له بالنقد ، ومحاولة التقويم ، عملا بقاعدة أبي بكر ، فانتهى به الحال إلى قمعه لكل معارضيه ، بداية من سحل الصحابي عبد الله بن مسعود ، وفي الشارع ، واصابته بكسور ، بسبب اعتراضه على الطريقة التي تم بها جمع القرآن ، إلى موت ابن مسعود مخاصما له ، وموصيا بأن لا يصلي عثمان عليه ، وبأن لا يسير في جنازته . إلى أن وصل به الحال حد الانتقال إلى المشاركة في ضرب منتقديه بيده في المسجد ، حيث ضرب الصحابي عمار بن ياسر وكسر ضلوعه ، ونفى أبي ذر الغفاري إلى الربذة. كل ذلك دون توقفه عن تمكين أقاربه من الحكم ، والاستئثار بفوائض الخراج ، رغم تصاعد وتائر العنف لقمعه إلى درجة وقوف بيت النبي ضده ، ومخاصمة عبد الرحمن بن عوف ، صاحب خدعة تقديمه على علي ، وموت ابن عوف غير راض عن تصرفاته ، وظهور عائشة رضي الله عنها من نافذة حجرتها ، المطلة على منبر مسجد النبي ، مقاطعة خطبته قائلة : " هذا قميص – وفي رواية نعل - محمد لم يبل بعد وأبليت سنته " ، ثم لتتلو كل ذلك بالتحريض على قتله بقولها :" لعن الله نعثلا . اقتلوا نعثلا فقد كفر " . والنعثل هو الرجل الهرم الذي أصابه الخرف.
ورغم تزايد عدد المعترضين ، و إتساع حلقات الإعتراض يوما بعد يوم على سياسة عثمان ، لم يتراجع هذا الأخير قيد أنملة ، عن المضي في تطبيق سياسة تمكين أهله وعشيرته بني قومه ، حتى غدت المدينة كلها ، بمهاجريها وأنصارها ، عدا بني قومه ، وحفنة من المستفيدين ، ونفس الشيء فعله السيد مرسي ، حين أطلق ايدي زبانيته لتفكيك الدولة ، عبر العنف والدماء والجثث والهيمنة عليها ، بأخونة كل المرافقها الحكومية والوزارات والقضاء والجيش والثقافة وباقي مرافق الدولة وكل المصالح الرسمية المصرية ، وتوزيع خيرات مصر بين الأهل والعشيرة ، لإفقار وتجويع الشعب ، وسحل وضرب وقتل معارضي أفكاره وتوجهاته ، وكل الذين يقفون ضد مشروعه الذي ينشر الفتنة ويخلق الاضطراب ، ويروع المواطنين الأبرياء.
حالة الاستقطاب المتصاعدة هته، واستمرارها - والتي لا شك في أن جماعة مرسي قد قررت السير قدما فيها ، على نهج عثمان ، بغية تصعيد وتيرة العنف والاحتقان في الشارع المصري ، بخروج المتظاهرين فيه ، من أتباعه الإخوان ، عن النهج السلمي ، وجنوحهم للعنف ، وقطعهم للطرق ، وإعاقتهم لحركة المرور، ومنعهم المواطن العادي من عيش حياته في سلام ، باستخدامهم للأسلحة النارية المتطورة الـ"آر بي جي " والقنابل الموقوته والتفخيخ ، والخرطوش والأسلحة البيضاء" ، الشيء الذي لاشك في أنه سيقود البلاد إلى حرب أهلية ، ستسفر لامحالة إلى سقوط آلاف الضحايا من المصريين البرياء. وفي خضم هذه الأجواء المضطربة والتأزمة، ظهرت عدة مبادرات لوقف إراقة الدماء ، ومنع وصول مصر ودولتها إلى مرحلة الفشل والانهيار -طبقًا للمعايير العالمية لتصنيف الدول والحكومات- تم الاتفاق على قواسم مشتركة تُقذف بها كل المعوقات التي تحول دون بناء مجتمع مدني ديمقراطي عصري جديد ، تنمحي منه كل آثار الخوف والإرهاب والديكتاتورية، وتسوده حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعي..
وبما أن أن الحق لا يعلو على الباطل من تلقاء نفسه، أو بثقافة الصالونات الترفيهية المناسباتية، أو باللإبتهالات والأدعية ، ويحتاج لمن يقذفه عليه بالمبادرات النضالية الجادة المقاتلة ليبزه ويدمغه ، مصداقا لقوله تعالى في كتابه العزيز في سورة الأنبياء الآية 18 " بل يقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق" لذلك حزمت السلطات المصرية الجديدة أمرها، وقررت إنهاء حالة الفوضى والإرهاب ، بمساندة حامي البلاد والعباد ، الجيش المصري ، الذي أبى التدخل إلا بعد نزول ملايين من الشعب المصري بكافة قواه وتياراته إلى شوارع البلاد قاطبة ، تلبية لدعوة الفريق عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة المصرية، لمنحه تفويضا بالحرب على "الإرهاب والعنف" المحتملين، كما طلبها في خطابه الشهير قائلا "أنا أطلب من المصريين طلبا يوم الجمعة لا بد من نزول كل المصريين الشرفاء الأمناء ليعطونني تفويضا وأمرا لإنهاء العنف والإرهاب" ، ومباشرة بعد ذلك التفويض/العقد ، شرع الجيش في التصدي للمجرمين الذين يستخدمون العنف والإرهاب لترويع الجماهير بغير حق مشروع أومبررة ، لانقاد البلاد مما حاق بها من دمار وخراب..
وبعد مبادرة الجيش الشجاعة هاته ، والتي أظهرت وطنية المنتسبين إليه ، يبقى الإشكال بعدها في كيفية بناء الإنسان المصري بناء حرا وسليما ، وتغيير القناعات الإيديولوجية والدينية التي رسخها فيه التطرف بكل أنواعه ، وإعطائه وسائل الانتصار على الذات ، التي تمكنه من التوفيق بين التطبيق الديني والحداثة ، ويجعل إيمانه الحق غير بعيد عن عالم التطور والترقي ، ويفعّلها عمليا ، ويحولها إلى قوة إنتاجية ، المهمة الخطيرة ، التي لن تنج - كما تشهد وقائع التاريخ على ذلك - إلا بانبثاق صحوة فكرية وسياسية ومذهبية ، وإيديولوجي ، ووعي المثقفين والعلماء والمفكرين - الذين تقع عليهم وحدهم مسؤولية بناء الإنسان - بأنهم طرف أساسي في عملية هذ الصراع الفكري والثقافي المحتدم بداخل المجتمع..
حميد طولست Hamidost @hotmail.com



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية والإسلام السياسي
- هل الدين هو السبب فيما يحدث من صراع بين الناس ؟؟
- قمة الخداع والنفاق !
- توحيد الصيام بين الشعوب العربية والإسلامية
- مذاقُ لحمِ الخيل خير أم لحم الحمير؟؟؟
- الخرافات الإخوانية !!
- الصحة ليست ترفا ينعم به الأغنياء ، ويستجديه الفقراء !!
- أفول نجم إخوان مصر يزلزل باقي الأنظمة الاستبدادية الاستعبادي ...
- سقط وهم الخلافة، و لم يسقط الإسلام ؟
- تجربة الإقتراب من الموت !؟
- لا حزن يعدل حزن الفقد بالموت ، ولو كان موت كلبة !!
- اقتباس ، أم سرقة فاضحة ؟
- القاهرة، عروس النيل وجوهرة أم الدنيا..
- يوم عامل أزلي!!!
- شعارات فاتح ماي، و قضايا العمال الكبرى.
- عندما يكون النضال عفوياً وصادقاً ..
- القاهرة من الأمكنة التي تزورها فتبقى في القلب.
- الحدود
- الخوف من المجهول أشد على الصحة النفسية للإنسان.
- عيشية الرحيل..


المزيد.....




- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حميد طولست - من فتنة عثمان إلى فتنة مرسي