أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - حميد طولست - مذاقُ لحمِ الخيل خير أم لحم الحمير؟؟؟















المزيد.....

مذاقُ لحمِ الخيل خير أم لحم الحمير؟؟؟


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4162 - 2013 / 7 / 23 - 00:20
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


مذاقُ لحمِ الخيل خير أم لحم الحمير؟؟؟


ليس منا من لم يسمع بفضيحة " لحم الخيول " التي تسببت لأوربا بكاملها في أزمة خانقة ، خلقتها قضية العثور على لحم الحصان في بعض المنتجات التي كانت تقدم على أنها تحتوي على لحوم البقر فقط ، أزمة شغلت الرأي العام وأشغلت معه كل الدوائر الاقتصادية والسياسية الرسمية وغير الرسمية ، التي شمّرت على سواعد الجد للبحت عن الإجراءات اللازمة لاحتواء الفضيحة التي اتسع نطاقها من بريطانيا وفرنسا ، ليمتد الى باقي الدول الأروربية التي عقد عدد من وزراء الزراعة على مستوى الاتحاد الأوروبي ، اجتماعات مرطونية ببروكسيل والكثير من العواصم الأخرى ، اتفقت خلالها الدول ال27 الاعضاء في الاتحاد على اجراء 2250 فحصا مخبريا على الاطباق المعدة على اساس انها تحتوي على لحم البقر فقط ، وذلك للتحقق مما اذا كانت تحتوي على لحم الخيل ، سبب هذه الضجة/الفضيحة التي أقام الإعلام الأوربي الدنيا ولم يقعدها ، هو لحم الخيل المتداول في كل البلدان الأوروبية ، وله فيها محالات للجزارة ، ومحلات تجارية لبيعه علانية ، بل ويدللون على تجارته بصور إشهارية لأحصنة توضع فوق علبه ، أو امام كتل اللحم المتراصة امام المارّة في الأسواق ، ولسيوا وحدهم من يبيحون أكل لحم الجياد ، بل هو مباح عند الكثير من الأمم ، ومن بينهم العرب ، الذين لازالت اذكر إشادة أستاذ الأدب العربي بالإعدادي ، وافتخاره بكرمهم ، ضاربا المثل بمبادرة ذبح حاتم الطائي لفرسه "العزيزة" اكراما لضيوفه حين لم يكن لديه غيرها ليقدمها كطعام مستساغ لضيوفه ..
وبحكم أن الرجوع ، بين الحين والآخر ، لأرشيفات الماضي القريب والبعيد تستهويني ، وتسحرني طريف ذكرياته المسترجعة التي عشتها في مراحل الصبا بحي فاس الجديد ، والتي أستعيد منها بنظرة "بانورامية" مشوقة ، والتي حضرتني منها اليوم وبمناسبة ضجة لحم الخيل الأوروبية –والمناسبة شرط ، كما يقول الفقهاء – طرفة الحاج (ز)الجزار الذي اشتهر بين ساكنة الحي بكفتته اللذيذة الشهية ، التي لا تضاهي لذتها أي كفتة أخرى في المدينة ، وربما في الإقليم ، إن لم ابالغ وأقول في الوطن بكامله ، والتي كنا نزدردها بكل نهم وشهية ومذاق ولهفة واضحة ، وأذكر جيدا أنه ذات مساء وأنا عائد ورفاقي من المدرسة ، وقفت على تجمهر كبير للساكنة الحي ، الذين تحلق أكثرهم حول بوابة جزارة الحاج (ز) "مول الكفتة " اللذيذة ، وتبين لنا ، وللكثير من الفضوليين ، بعد تسللنا وسط زحمة الجموع وتفحصي بنظرة "بانورامية" كتلك التي يقوم بها المقتش كولومبو ، أن "أصحاب الحال" نفروا خفافا وثقالا ، بكل رجالاتهم من المقدم والشيخ والقائد و مخازنيته ، جاءت لإلقاء القبض على جزارنا ، بعد أن اكتشف سر لذة كفتته التي مازال مذاقها اللذيذ "على طرف لساني" -كما نقول في دارجة حينا الشعبي فاس الجديد ، عن الشيء الذيذ - والتي لم تكن مصنوعة من لحم الخيل ، وإنما كانت من لحم جحوش الحمير ، التي حجز "المخازنية" هبرا منها كانت بمخبأ سري كان الحاج(ز) يذبحها به الجحوش ، "أي صغار الحمير" ليحولها إلى ألذ كفتة تذوقتها في حياتي . ليس هذا الحدث جزءا من أحلام اليقظة او من سيناريو مُقْتَطَع من مسلسل درامي مغربي رمضاني "بايخ".. وليس سرده تشويها إعلاميا ودعاية كيدية انتخابية ضد الحاج(ز) لصالح خصومه ، ولكنه صورة حقيقية وواقع مؤسف وغريب لبعض المصائب العجائبية الاجتماعية التي عرفها المغرب في ما مضى من الزمان ، والتي لازالت متداولا بالأحياء الشعبية لمدينة فاس ومستمرا إلى أيامنا هذه ، والأمثلة كثيرة وتتعدى الحصر لشيوعها في الحواضر والقرى ، وسأقتصر على إيراد نموذج محلي فقط ، والذي ثم عثور عناصر الأمن التابعة لولاية أمن فاس على كميات كبيرة من هذا اللحم الحميري المعد للاستهلاك الآدمي ، بأحياء كثيرة ومتفرقة بمدينة العلم والمعرفة فاس ، وآخرها كان بمنطقة سهب الورد ، مما يطرح أكثر من سؤال حول جودة وسلامة الوجبات المقدمة في الكثير من المطاعم الشعبية لهذه المدينة ، ومدى قدرة الهيئات الحكومية على رقابة مكونات اللحم والمنتجات التي تدخل في سلسلتها الغذائية ..
ومقارنة بين واقعنا وواقع غيرنا ، الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها بسبب العثور على لحم الخيل مخلوطا بلحم البقر في السندويتشات ، ولم يتسامحوا مع مرتكبيها ، واتخذوا في حقهم كافة الإجراءات الصارمة -رغم مراكزهم المالية المهمة والمؤثرة على اقتصاد البلدان الأوروبية برمتها - وكأنّ مشاكل العالم والدماء النازفة والحروب القذرة قد وضعت اوزارها ولم يبقَ أمامهم إلاّ مشكل طعام لحم الخيل ، والذي لا يشكل خطرا او تهديدا على آكليها لأنه معد في معامل تخضع لكل مقاييس السلامة – وذلك من أجل الإنسان الأوروبي ، وحفاظا على صحته وسلامته .. لأن الإنسان عندهم ، وفي جل المجتمعات المتقدمة التي تحترم نفسها ، وتقيم له وزنا وتخاف على مشاعره ، وتعتبره رأس مالها ومصدر كل السلطة بها ، هو الثروة العظمى في حياتهم ، والهدف الاسمى الذي يستوجب منهم النضال والتضحية من أجل اسعاده ، والذي يجندون لذلك ، كل أجهزة دولهم لحمايته وخدمته ، وإذا ما تطاول أحد تجارهم أو مسؤوليهم ، كيفما كانت مرتبته ، واستغفل ذلك الإنسان أو ابتزه ، أو قام بالتدليس أو التزوير والنصب عليه ، ولو بقليل من لحم الخيل في شندويتش بقري ، فإنهم لا يتساهلون معه، ويعقابونه ، بأقسى من أي مواطن العادي ، لكونه استغل وظيفته ومركزه ، ومارس الشطط في استعمال سلطته ، وأخل بمسؤولياته نحو من كلف بخدمتهم .
بينما نجد الأمر عندنا يأخذ أبعادا من التجاوزات والخروقات ، التي قلما تعرف المتابعات الضرورية لردعها ، والعقوبات اللازمة لزجرها ، والتي تتعدى كل مجهودات رجال الشرطة المبدولة للقضاء على الظاهرة ، وذلك لأن القيمة الاعتبارية للإنسان عندنا ، وعند باقي المجتمعات والدول المتخلفة ، التي تسير على رأسها ، فمريع الى درجة تبعث على الغثيان والاشمئزاز ، حيث وصلت إلى أدنى مستوى من الحيوان ، وأقل من السلع المادية البسيطة ،- أرخص من البضاعة الصينية التي غزت كل الخوطيات - حيث أصبح في ذهنية مسيري الشأن العام ، بخسا لا قيمة له ، لا تهتم بحاله ، ولا تهمها أحواله ، أكل لحم الحمير أو الكلاب ، لأنهم بخلاف -غيرهم ممن أقاموا الدنيا على قليل من لحم خيل في شندويتش بقر- فلا يعتبرون إنسانهم إنسانا ، وأغلى ما عندهم ، وينظرون إليه على أنه ليس أكثر من كونه رقماً في سجلات الأحوال المدنية .. تنتهك خصوصياته ، وتستباح ممتلكاته ، ويأكل لحم الحمير ، وليحمدوا الله على أن أبطال الفساد -الذين لا أدري لماذا لم تضفهم موسوعة "جبنبس" لسجلاتها لتجاوزهم كل الأرقام القياسية في الفساد والإفساد- لم يبيعوهم لحوم الجيف !!
ومن يدري فقد نكون قد التهمناها على شكل نقانق أو كفتة أو في سندوتشات .. ويبقى الله وحده العالم بخفايا الشندوتشات..



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخرافات الإخوانية !!
- الصحة ليست ترفا ينعم به الأغنياء ، ويستجديه الفقراء !!
- أفول نجم إخوان مصر يزلزل باقي الأنظمة الاستبدادية الاستعبادي ...
- سقط وهم الخلافة، و لم يسقط الإسلام ؟
- تجربة الإقتراب من الموت !؟
- لا حزن يعدل حزن الفقد بالموت ، ولو كان موت كلبة !!
- اقتباس ، أم سرقة فاضحة ؟
- القاهرة، عروس النيل وجوهرة أم الدنيا..
- يوم عامل أزلي!!!
- شعارات فاتح ماي، و قضايا العمال الكبرى.
- عندما يكون النضال عفوياً وصادقاً ..
- القاهرة من الأمكنة التي تزورها فتبقى في القلب.
- الحدود
- الخوف من المجهول أشد على الصحة النفسية للإنسان.
- عيشية الرحيل..
- المعتقدات الخرافية ومخلوقات الخفاء !؟
- الأمهات لا يتكررن..
- البيات أو عسس الليل.
- حراس العمارات
- إنسانية الطبيب، نصف العلاج ..


المزيد.....




- حصريا لـCNN.. مصادر تكشف عن جهود إدارة ترامب -السرية- لإعادة ...
- سوريا.. أحمد الشرع يثير تفاعلا بما قاله عن -أبناء منطقة الرئ ...
- تقييمات استخبارية: مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب سل ...
- لماذا يواجه نتنياهو -قرارا مصيريا- بشأن غزة بعد إعلانه الانت ...
- نتنياهو: -نعمل على توسيع اتفاقيات السلام بعد انتصارنا على إي ...
- ماذا قال البيت الأبيض عن جهود ترامب بشأن انضمام دول خليجية و ...
- إيران تكشف عن أضرار -كبيرة- بالمنشآت النووي وتؤكد أن تعليق ا ...
- الاتحاد الأوروبي يمدد عقوباته على روسيا حتى مطلع 2026
- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - حميد طولست - مذاقُ لحمِ الخيل خير أم لحم الحمير؟؟؟