أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد طولست - القاهرة، عروس النيل وجوهرة أم الدنيا..














المزيد.....

القاهرة، عروس النيل وجوهرة أم الدنيا..


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4086 - 2013 / 5 / 8 - 11:50
المحور: الادب والفن
    


القاهرة، عروس النيل وجوهرة أم الدنيا..
للذين يتوقون لزيارة القاهرة ، والتجول في ساحتها ، والتعرف على مداخلها ومخارجها ، ومشاهدة متاحفها ، وقصورها ، وساحاتها وميادينها، ومقاهيها ، بكل أبعادها الثلاثية ؛ وللذين يرغبون في التعرف على تاريخ رواد التنوير بها ، والإطلاع على أعمال مفكريها ومثقفيها ومبدعيها وفنانيها على أرض الواقع ..

لابد لهم من ركوب سيارة أجرة ، ترتاد بهم شوارع القاهرة ، وتغوص فى أعماق همومها وأحزانها ، وترصد تحولات مجتمعها ، من خلال شخصية سائقها الذى امتزج ، بوعي وثقافة فارهة مكاناً وتجربةً إنسانيةً ، على طول حياته ، مع أنماط ساكنتها المتنوعة ، بكافة مستوياتها وفروقاتها الاجتماعية والفكرية والدينية والعمرية ، حيث أنه ما ان يستقل أحدُُ سيارة أجرة ، حتى يجد نفسه أمام شخصية رغم أنها مطحونة ، وترزح تحت ثقل ما تحمله من هموم ما تفتقر إليه من مقومات الحياة الكريمة في وطنها ، إلا أنها شخصية تظل على الاستعداد دائم لخدمة زبائنها من السياح ، والاستماع لتفاصيل حياتهم ، في خفة ظل وسذاجة أحيانا ً.. وما أن ينفتح للحديث بابا حتى يبدأ -في حوار حميمى- في وصف أدق تفاصيل حياة مجتمعه المصري ، ويتناول بصراحة بالغة أوضاع البلاد وهموم الأفراد والجماعات ، السياسية والاقتصادية والدينية ، وحتى الجنسية ، يحدثهم في ألق مفكر عن "مصره التي يعشقها حد الجنون" ، ويثرثر معهم في تألق شاعر عن حضارة محروسته وثقافتها وفنها وأدبها المبهر ، ويشرح بفخر عالمٍ ، سرَ أمومتها للدنيا بلا منازع ، والذي يرجعه إلى كونها كانت منطلق رحلة بناء الحضارات البشرية ، وبزوغ نور الله الحق على أرضها ، وتجلي المولى عز وجل لنبيه وكليمه موسى بن عمران فيها ، وأنها كانت بلاد أجمل الخلق يوسف بن يعقوب، وخليل الله إبراهيم ، وملك الملوك أخناتون( أمنحوتب الرابع)، وملكة الحب كليوبترا .. وأنها كانت مربع ومنبع رفاعة الطهطاوي ، ومحمد عبده ، وطه حسين ، وسعد زغلول ، ونجيب محفوظ … ومن ربوعها انطلق الأدب والصحافة والنضال والثورات والحب و الموسيقى والفن. وخلال تلك المحاضرات القيمة ذلك ، ما كان يبدي السائق انه يحمل موقفا محددا تجاه ما يتحدث عنه من تفاصيل معالم ومبان القاهرة المعزية ، ولا يتحيز مع أو ضد شخصيات الزبائن ، وهو لا يفعل ذلك لتمسكه بالحواجز المهنية التى تحول بينه وبين ذلك فقط ، ولكن لأن خبرته الواسعة بالمجتمع تأبى عليه أن يتورط فى أي شيء يشوب مهنيته ..
تجربة شيقة عشتها أثناء زيارة عروس النيل وجوهرة أم الدنيا محروستها "القاهرة" ، تجربة فريدة أثراها سائق قاهري ، على قدر من العلم لافت للنظر ، حاصل على ماجستير في العلوم السياسية ، واسع الثقافة واسع الثقافة ، شغوف بالعلم والمعرفة ، عميق التحليل السياسي ، بل أكثر عمقاً وتجرداً مما نجده لدى العديد من المحللين السياسيين الذين يملئون الدنيا صخباً ببلادنا ، جمعتني وإياه الأقدار مشكورة ، فابهرني سلوكه الراقي ، وأثار تمثله لنبض مجتمعه ، واختزاله لثقافته ورؤاه وأخلاقه ، في مخيلتي أكثر القراءات , التي غيرت ما كنت أحمل – وغيري كثير- من انطباع عن مهنة سائقي الطاكسي ، التي تجد بها من كل التخصصات ومن كافة الشرائح العلمية، بدءاً من الأميين الى الحاصلين على الماجستير والمثقفين والقانونيين وعلماء الاقتصاد ورجال الدين وأصحاب النظريات العلمية في مختلف حقول العلوم والمعارف .. بل وتجد أن بعضهم كالكتب فيها الثري والممتع الذي يستحق وقتك , ويصب الحكمة في إنصاتك , ويشعرك وأنت في خضم النقاش أو الحديث معه ، أنك أمام عالم يحاورك بأمور لا يخطر على البال أن يجري التطرق إليها في المغرب مع سائق تاكسي ، وسرعان ما تكتشف أنك متحمس ، بل مستفز للانتقال إلى تلك الأحياء العتيقة ، والوقوف احتراما لشموخ العديدة من معالمها التي تعبق بالتاريخ والحضارة والجمال كـ"الحسين" و"السيدة زينب" و"العجوز" وخان الخليلي" الذي لا ينازعه أيُ سوق آخر في شهرته وتاريخه ومعروضاته.. و ميدان التحرير ومكتبة الحاج مدبولي الشهيرة الواقعة به ، والذي لا تكتمل زيارة القاهرة إلا بالمرور بهما ، كما تجد منها (الكتب) التافه الذي لا يستحق ذلك ، حيث تجد أن هناك من بين السائقين من لا هم لهم إلا رغيف الخبز المضمخ بعرق الجباه وتعب الاجساد وتلف الأعصاب فقط ، مدعين العلم ، ناشرين ظلام التجهيل ، ويخوض الواحد منهم في كل ما يعرف وما لا يعرف ، يشتد في أحاديثه ، ويختلف في أقاويله ، ويتناقض في توجهاته ، ويتباين في مشاربه حول أبسط الأمور وأيسرها ، يجعل من اليسير عسيرا ، ومن السهل عويصا ، وهو في ذلك مختلف أشد الاختلاف حتى وان لم يكن هنالك اختلاف ، أو لم يوجد هنالك تعارض إما لأنه غافل ، أو لهوى ما يتغافل ، عن حقيقة أن نور العلم أول الخطى على طريق المعرفة.
واقعة غريبة ، ومقاربة محزنة ، وجود علماء جدوا واجتهدوا طوال العمر ليصلوا مرتبة العلم التي بلغوها ، ثم يجدون أنفسهم مضطرين للعمل في غير حقل العلم ، بل ويتحملون معاناة مستويات متدنية وبعيدة عن اختصاصاتهم ، لأجل إطعام أفواه جائعة ، بينما نجد جهلة وقد تبوؤوا مناصب راقية وأعلى مرتبة من مستوياتهم المتدنية..
حميد طولست [email protected]









#حميد_طولست (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم عامل أزلي!!!
- شعارات فاتح ماي، و قضايا العمال الكبرى.
- عندما يكون النضال عفوياً وصادقاً ..
- القاهرة من الأمكنة التي تزورها فتبقى في القلب.
- الحدود
- الخوف من المجهول أشد على الصحة النفسية للإنسان.
- عيشية الرحيل..
- المعتقدات الخرافية ومخلوقات الخفاء !؟
- الأمهات لا يتكررن..
- البيات أو عسس الليل.
- حراس العمارات
- إنسانية الطبيب، نصف العلاج ..
- انتحرت فتاة او اغتصبت، وماذا بعد؟؟؟؟؟
- المعتقدات الخرافية ومخلوقات الخفاء !؟
- تفريخ الأحزاب بمغرب اليوم أية آفاق!
- ما الذي يخيف الظلاميين في الحب وفي عيده؟؟
- رد على تعليق
- أحداث ملغومة وكاسدة ومزجاة.
- هل تحرض الفواجعة الحياتية والمآسي الإنسانية على البوح وممارس ...
- مأدونيات غريبة لا يعرفها عنها الكثيرون شيئا، لكنها تدر أموال ...


المزيد.....




- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد طولست - القاهرة، عروس النيل وجوهرة أم الدنيا..