أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - 14 تموز.. الثورة المغدورة!














المزيد.....

14 تموز.. الثورة المغدورة!


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 4155 - 2013 / 7 / 16 - 15:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعيد ذكرى التغيير الثوري في الرابع عشر من تموز 1958 فتح ملفات مهمة تأبى أن تتلاشى من ذاكرة العراقيين ليس لأنها موضع خلاف حزبي أو أيديولوجي كما يعتقد البعض، بل لأنها ما تزال تثير جمر الأسئلة ذاتها التي تتناوش حاضرنا.

يركز البعض نيران نقدهم على بشاعة ما حدث صباح الثورة، وأقصد تحديدا الحادث المأساوي في قصر الرحاب والذي ذهب الملك الشاب فيصل الثاني وجدته الملكة نفيسة وعمته الأميرة عابدية ضحايا له، وهو حدث مأساوي وإجرامي ولا مبرر له، وقد دعوت قبل عدة أعوام إلى إعادة الاعتبار للملك الشاب وجدته وعمته من قبل الدولة العراقية. ولكن تركيز النيران على هذا الحدث ما هو إلا محاولة لاختصار ذلك التغيير الثوري الهائل والذي هزَّ العالم، بما فيها بريطانيا العجوز حينها لدرجة أن كبرى الصحف البريطانية وصفته بالقول (لقد هرب أفضل الجياد من حظيرة الخيل الملكية صباح الرابع عشر من رمضان، لقد خسرنا العراق). إن البعض يريد القفز من هذا الحدث وبواسطته إلى محاولة تبرئة الحكم الملكي التابع لبريطانيا من جرائمه بحق العراق والعراقيين، ليقفز ثانية من هذا الزعم إلى القول بأن (ثورة 14 تموز 1958 أكلت نفسها وثوارها وأطلقت سيل الدماء الجاري في العراق حتى الآن) إنَّ كلَّ مَن في رأسه عقل و له ضمير حي يدرك أنَّ الثورة لم تأكل نفسها، بل أكلها أعداؤها وغدروا بها وبأهلها، فعبد الكريم قاسم لم تأكله الثورة أو ينتحر بالرصاص، بل أُعدم في قاعة الموسيقيين في مبنى الإذاعة وهو صائم من قبل الانقلابيين البعثيين الذين أعطوه الأمان ليسلم نفسه ثم غدروا به.. ثم أن سيل الدم لم يبدأ مع ثورة 14 تموز، بل بدأ قبلها في "مذبحة الجسر" خلال انتفاضة كانون 1948 ضد المعاهدة الاستعمارية التي عقدها النظام الهاشمي التابع مع بريطانيا المتبوعة و "مجزرة السجن المركزي" سنة 1953 ضد السجناء اليساريين، وإعدام القادة الثوريين فهد وحازم وصارم و العقداء الأربعة الذين حاولوا إنهاء التبعية لبريطانيا وقصف قرى الفرات الأوسط بالطيران وتدميرها سنة 1935، ومجزرة سميل ضد الآشوريين سنة 1933 وغير ذلك وفير.

وبعض آخر يكرر دون سأم أنها ليست ثورة أساسا، بل انقلاب عسكري فالثورة - من وجهة نظر هذا البعض - هي التي يساهم بها الشعب كله. وفي الواقع فلا توجد ثورة يقوم بها الجميع أو الشعب كله في تاريخ البشرية؛ لا الثورة الفرنسية التي حدثت في اليوم العراقي نفسه 14 تموز سنة 1789 التي قامت بها فئات محددة لا تشكل أكثر من عشرة بالمائة من السكان، ولا الثورة الروسية البلشفية سنة 1917 التي سجلها بعض المؤرخين كأسحق دويتشر، وهو ماركسي، كانقلاب من حيث المبدأ مع انها كانت مدنية، حيث قام بها الحزب البلشفي وحلفاؤه عبر انتفاضة مسلحة.

أما بالنسبة لثورة 14 تموز العراقية فقد بدأت كانقلاب عسكري فعلا، تحول ومنذ يومه الأول تغيير ثوري عميق، بل و ثورة حقيقية من حيث إنجازاتها كما يرى الباحثون التقدميون والوطنيون، أما الرجعيون واليمينيون من أصدقاء بريطانيا، و كذلك اللبراليون القشريون في زماننا، فقد اعتبروها انقلابا دمويا مجرما "بحق الأسرة المالكة الهاشمية."

وهناك من يحاول جعل العهد الملكي نموذجا في الديموقراطية والحريات الفردية والسياسية وهذا خلاف الواقع السياسي آنذاك، وخصوصا قبل ثورة 14 تموز بسنتين أو ثلاث. لقد كان الحكم في غاية التعفن والتحلل السياسي والاجتماعي وكان البرلمان وعملية الحكم الفعلية أشبه بالسيرك المضحك الذي يشرف عليه السفير البريطاني والمخابرات الأجنبية. لقد كانت هناك أحزاب فعلا لكنها كانت أساسا - مع بعض الاستثناءات – دكاكين سياسية لعلية القوم من إقطاعيين وأغوات وشيوخ ومحدثي نعمة تتداول الحكم المحدود السيادة أي رئاسة الوزراء بينهما، في مرات نادرة وصل شخص مستقل الى رئاسة الوزارة كما حدث حين عُين السيد محمد الصدر رئيسا للوزراء في محاولة لامتصاص غضب العراقيين بعد المجزرة التي ارتكبها النظام الهاشمي في وثبة كانون 1948 بحق المتظاهرين العزل.

بمنظور التاريخ الحي، وفي عيون الغالبية العراقية الساحقة، كانت 14 تموز العراقية ثورة فعلية، لكنها ثورة مغدورة، وستبقى بحاجة إلى الدراسات العلمية الجادة والرصينة التي ستجلو عنها صدأ الخطاب الأيديولوجي المتحزب وشقيقه الإنشائي النرجسي لبعض "المثقفين" المتذاكين.

*الثورة المغدورة ، أيضا، عنوان كتاب لليون تروتسكي حول ثورة أكتوبر الروسية البلشفية 1917.

• كاتب عراقي



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جاء وزير الإسكان يكحلها..!
- العراق والكويت: قصة حب ملتبسة!
- مسؤولية تركيا وإيران عن كارثة التلوث البيئي في العراق
- دماء الأبرياء في رقبة شيخ الفتنة مساعد آل جعفر وأمثاله!
- العراق: الكونفدرالية هي الحل؟
- يعيش مُرسي .. يسقط المالكي!
- زخة بيانات - عوراء- وطائفية!
- حكومة تكذب وشيوخ قبائل يصدقون!
- تصحيح/ مشكلتنا ليست مع الله بل مع عبد الله !
- تسييس الدم البشري في العراق
- في ذكرى اغتيال رفيقي الشجاع حسن علي فليح !
- هل يصلح السيستاني ما أفسده غالبريث؟
- الوجه الآخر لابن خلدون في مسرحية -منمنمات تاريخية-!
- الدفاع عن الإقليم الطائفي على طريقة أفلام الكارتون /ج2 من 2ج ...
- الدفاع عن الإقليم الطائفي على طريقة أفلام الكارتون!
- الوهراني والسخرية الفنطازية من مثقفي زمانه
- الحكيم الديموقراطي عادل زوية !
- التشيع العراقي نقيض التشيع الصفوي وهازمه
- كُرد، كورد أم أكراد ولماذا؟
- المالكي وشركاؤه..دكتاتورية أم فوضى؟


المزيد.....




- مولدوفا.. فوز الحزب الحاكم المؤيد لأوروبا على الموالين لروسي ...
- اكتشاف ميناء غارق في مصر.. هل هو مفتاح لغز قبر كليوباترا الم ...
- المسلح سقط قتيلاً.. إطلاق نار وحريق مميت في كنيسة بولاية ميش ...
- حرب غزة في يومها الـ 724: غارات مكثّفة على القطاع وتقدّم في ...
- الولايات المتحدة: ولاية أوريغون ترفع دعوى قضائية ضد ترامب لن ...
- الصين وكوريا الشمالية تتفقان على تعميق العلاقات ومقاومة الهي ...
- قيادي بحماس: بلير غير مرحب به وشعبنا قادر على إدارة نفسه
- أكتوبر عصيب ينتظر رئيسة المفوضية الأوروبية
- أكثر من مجرد مهرجان… الوجه الآخر لمدينة بايرويت
- كيف تعمل مستشفيات غزة مع تواصل قصف الاحتلال للمدينة؟


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - 14 تموز.. الثورة المغدورة!