أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد دوير - نقد العقل الثوري .. 2- عناصر السلب الثوري















المزيد.....

نقد العقل الثوري .. 2- عناصر السلب الثوري


محمد دوير

الحوار المتمدن-العدد: 4151 - 2013 / 7 / 12 - 01:35
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


أكبر جريمة في حق أي ثورة أن تقيسها علي ثورة أخري في التاريخ القديم أو الحديث أو المعاصر. قد تستلهم من حركة التاريخ الثوري أو السلمي بعض الدروس أو القوانين أو المسارات بوصفها خبرة مضافة إلي وعيك الشخصي الذي يجب أن يتشكل ليس من الماضي فحسب بل ومن مجريات الأحداث الراهنة أيضا. فالثورة فعل مستقبلي بالأساس يهدف إلي إعادة ترتيب نمط العلاقات الطبقي والثقافي والاجتماعي والسياسي السائد في مجتمع ما و وبناء مجتمع جديد بكل ما تحمل الكلمة من معني. وبالتالي فإن فكرة المقايسة أو التشبيه هنا لا تدل سوي علي عقلية سلفية تري إمكان استحضار الماضي في الحاضر.
وما حدث أن الكثيرين من الثوار تمثلوا ثورات أخري " فرنسية – روسية – أوكرانية – إيرانية .. الخ " وحاولوا إسقاط الواقع عليها ، بل وذهب البعض إلي اعتبار أن الدماء التي تسيل علي الأرض هي معيار الثورية الوحيد ، فتم الانحياز للثورة علي حساب العقل الذي غاب كثيرا ، وكثيرا جدا في مسارنا الثوري والمحصلة أن أهدرت طاقات كبيرة كانت مؤهلة لو توفر لها قدر من العقلانية أن تحقق تقدما هائلا باتجاه مجتمع ديمقراطي وليس دولة ديمقراطية فقط.فليس معقولا أن تعتمد ثورة علي طاقات شبابية لمجرد أنها تمتلك القدرة الفسيولوجية وليس الفاعلية الإيديولوجية ، تلك القدرة التي تمكن جيل من البقاء في الشوارع لأيام عدة ولساعات طويلة إلي أن يأتي المخلص الذي يتخذ قرارا حاسما في عزل الرئيس أي التضحية بأضعف حلقات النظام من أجل البقاء علي بنية النظام كما هي بلا تغيير.. ويبدو أن ضعف أو ضحالة الوعي السياسي والثوري والإيديولوجي لدي الكثيرين من النخبة والشباب كان هو الطرف الثالث الحقيقي أو الثورة المضادة ، فالقادر علي تقديم التضحيات المبهرة العاجز في الوقت نفسه علي استثمارها بوعي ثوري كاف هو في حقيقة الأمر أسوأ من هؤلاء الذين يمتطون ثورته ويسرقون قوة عمله ويحققون فائض قيمة ثوري يعيشون به عيشة الرخاء ( حدث مع العسكر في الثورتين – ومع الإخوان في الثورة الأولي ومع الفلول في الثورة الثانية )حيث استطاعوا أن يوظفوا قدراتهم ويستثمروا الرومانسية الثورية للشباب ويحققوا بناء علي ذلك وجودا مؤثرا في المشهد السياسي بعد ذلك.
والحقيقة أنني سبق وأن ذكرت العديد من ايجابيات الثورة المصرية الراهنة في أكثر من مقال .. ولذلك لن أكرر نفسي وسأكتفي هنا فقط بذكر بعض نقاط السلب الثوري الذي أوصلنا إلي حالة أشبه بإعادة إنتاج نفس أدوات العمل وبنفس الطريقة " نزول إلي الشوارع – المطالبة برحيل الرئيس وحكومته – العودة من الشوارع – استكمال المعركة الثورية عبر وسائل الاتصال – استحواذ تكنوقراطي – فشل – عودة ... الخ " ويمكن تلخيص تلك الحالة السلبية في عدة نقاط هي :
1- إدارة الثورة بعقلية الاحتجاجات الفئوية ..فكأنها شركة استثمارية تراجع إنتاجها فخرج العمال علي رئيس مجلس الإدارة لإزاحته، ولكن السؤال الثوري لا يتوقف عند حدود الرموز بل يتعدي ذلك إلي ما هو أبعد حيث نمط علاقات الإنتاج والقيم المؤسسة للدولة ودور الدين والعلم والمعرفة في المستقبل.وإعادة النظر من جديد وبصورة جذرية في مفاهيم كثيرة كنظرية الأمن القومي وأهمية التعليم والثقافة واستراتيجيات بناء الوعي الاجتماعي .. كل هذا ظل خيالات شاحبة علي جدران العمل الثوري ، ورؤى هامشية خلف شاشات الاستعراض الميداني بأعلام الدولة والأغاني الوطنية.
2- ثورة بدون ظهير فكري واضح.. ففي كل ثورات العالم في العلم أو السياسة لا ثورة بلا مقدمات نظرية لها تطرح العديد من التساؤلات، تلك التساؤلات هي التي ترفع من حدة أزمة المجتمع وتزيد حالة الاختناق الفكري وانسداد الرؤية أمام النظام الحاكم .. هنا يصبح لا مخرج للجماهير سوي التظاهر والثورة وفق طريق محدد ومعلوم تم من قبل عبر العديد من الرؤى المتلاقحة بين النخبة والجماهير.
3- ثورة بدون تحالفات محددة.. فالسؤال عن هوية الثورة مرتبط بمضمونها ومسارها والفئات الأصيلة فيها أو صاحبة المصلحة.. ومن ثم وبناء عليه يمكن أن نحدد التحالفات الواجبة ومعايير هذا التحالف .. ونظرا لغياب تلك الرؤية أدي هذا إلي سيولة ثورية فليس علي الجماهير سوي الخروج إلي الشوارع وتبقي الجماعة أو المجموعة المنظمة أكثر أو التي تملك قدرات علي الأرض .. تبقي هي المؤهلة للسيطرة أو الهيمنة علي مجمل عملية التظاهر.
4- فتنة الإعلام المرئي وتشتت التواصل الاجتماعي.. ولا أحد يستطيع أن ينكر الدور العظيم الذي بذله الإعلام لا سيما في الثورة الثانية 30 يونيو ولكن تبقي مشكلته أنه أخذ دورا اكبر من حجمه حيث صار هو الذي يحدد أجندة المقبول والمرفوض في الثورة وأصبح مقدموا البرامج أبطالا ثوريين ، وهذا أثر بالسلب طبعا علي نتائج الثورة التي غالبا ما تتوقف عند الحد الأدنى لأن المحركين من رجال الإعلام لا يريدون سوي مساحة معقولة من الحريات فقط تسمح لهم بالأداء. أما فيما يتعلق بشبكة التواصل الاجتماعي فقد أسيء توظيفها فهي ليست سوي وسيلة لنشر المعلومة وبث روح الثورة في قلوب الشباب، أما أن تتحول إلي ساحة لقبول أو رفض المسار بحسب قدرات بعض الأشخاص الذين لهم قبول معقول علي صفحاتهم فهو ما أدي أيضا إلي تفشي روح الهيمنة من بعض الذين قد لا يملكون رؤية واضحة أو ينتمون ثقافيا لتصورات غير علمية في التفكير.
5- تنوع مراكز القيادة وتعددها.. منذ بدايات لثورة وحتى الآن يظهر كل يوم تقريبا ثائر جديد وللأسف غالبا ما يعرف المجتمع هذا الثائر من خلال وسائل الإعلام بمعني أنه ليس ثائرا ناتجا عن حالة واقعية .. وهذا الآمر أدي إلي انتشار ذوي الياقات البيضاء كممثلين للثورة ، ثم استفحل وصار هؤلاء هم المتحدثون باسمها في أحيان كثيرة ، أضف إلي ذلك كثرة الائتلافات والحركات وهو ما يعني غياب فن العمل الجماعي أو عدم القدرة عليه مما يعكس روح التشرذم الثوري .. تكرر الأمر مرة أخري في الثورة الثانية بنسبة أقل ولكنه في طريقة إلي إنتاج حالة تشتت مشابهة للأولي. فالقيادة المركزية تتكون بغير طريقة واضحة أو اختيار شعبي شبابي ومن يستطيع أن يفرض نفسه علي الواقع ليس بالضرورة قادر علي إنتاج تصورات مستقبلية للثورة أو تقديم رؤية مرحلية تناسب التطور المجتمعي.
6- غياب المعايير الموضوعية الثورية في إدارة العملية الثورية.. فما الذي يجب عمله في كل خطوة أو بعد كل انجاز مرحلي .. ؟ مثل هذا السؤال يترك للظروف وحسب موازين القوي ودرجات الدعم لهذا الفصيل أو ذاك . وهذا يرجع بالطبع إلي غياب خطة ثورية موضوعية تناسب طبيعة الثورة الراهنة .. واعتقد أن جزءا كبيرا من تعثر المسار راجع إلي غياب الرؤية النظرية .
7- عدم الوعي بالدور الإقليمي والدولي في تغيير أو تبريد الزخم الثوري. فالمؤكد أن هناك قوي عالمية وإقليمية لا تريد للثورة أن تتقدم إلي أبعد ما يهدد الوضع الإقليمي أو العالمي .. وهذا يعني أن تقدم الثورة لخطوات أوسع مثل تهديد فكرة التبعية والموقف الحاسم من العدو الصهيوني وتحجيم هيمنة قوي الرجعية العربية المتمثلة في الممالك العربية ودول الخليج كل هذه القوي قد تجتمع في مواجهة قوي الثورة وسوف تنضم لها بكل تأكيد قوي الثورة المضادة.
8- غياب خطاب مستقبلي وحضور الخطاب الماضوي. فكل حديث عن الثورة دائما ما يكون مصحوبا بانجازات الشباب علي الأرض ، بانجازات الماضي ، فلا زالت آفة الشعوبية المصرية تهيمن علي الكثيرين . وفي تقديري أن غياب الرؤية المستقبلية ليس ناتجا عن رغبتنا في الحديث عن الماضي فقط بل أيضا لأنه ليس لدينا ما نقدمه للمستقبل في مجتمع يجهل معظمنا احتياجاته التفصيلية.
9- تمدين التظاهر وترييف التصويت.. فالمدن المصرية هي مركز التظاهر لأسباب كثيرة منها عدد السكان ووجود الإعلام ، ولكن حينما نتحول من التظاهر إلي التصويت تكسب القوي الرجعية أو الفلول لأن وجودهم في الريف مازال بكرا لم تصل إليه بعد كل القيم الثورية ، فالريف بطبيعته محافظ ، والقوي المحافظة في المجتمع تعي أن قدراتها التصويتية تكمن في الريف ، إذن فالمدن يمكنها أن تخلع رئيسا ولكنها لا يمكن أن تتحكم بمفردها في العلمية الديمقراطية برمتها.
10- الاستسلام للمسار الديمقراطي مبكرا. وهذه القضية مرتبطة بالقضية السابقة عليها فأخطر خيار للثورة الراهنة هو الإقدام مبكرا علي أي انتخابات أو اختيار الصندوق كبديل للبرنامج الثوري الذي يجب أن ننجزه أولا لأن بموجبه نستطيع أن نتقدم خطوات توفر علينا عشرات السنين لو اتبعنا المسار الديمقراطي الذي يعتمد علي تزييف وعي الجماهير.
11- ضعف قدرات الثوار الفنية والعلمية ، فالثائر ليس أكثر من فرد يحمل علما وشعارا وحلما بوطن قوي، ولا أكثر من ذلك والمطلوب هو أن يتحول هذا الثائر إلي حالة ثورية متكاملة سلوكا وعلما وعملا ونضالا يوميا بين الجماهير في كل بقاع الوطن. هناك ضرورة لأن يتعلم الثوار كيف يخدمون ثورتهم بمزيد من الوعي الاجتماعي لا الاحتجاجي فحسب.
12- غياب نظرية الدولة الجديدة عن الجميع، ما هي الدولة الذي نريد وهنا لا يكفي الشعار وكنت أتمني أن يخرج علينا بعض الثوار والمثقفين بتصور متكامل للدولة المنتظرة الجديدة في كافة شئونها وليس في الدستور فحسب ، فالدساتير هي محصلة رؤية وعندما تغيب الرؤية تختل الدساتير وتصبح حبرا علي ورق.
تلك هي أهم عناصر السلب في ثورتنا الراهنة ، واتمني أن أضح في المقالة الثالثة والأخيرة ملامح مشروع ثوري مستقبلي.



#محمد_دوير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد العقل الثوري .. 1- هل يوجد عقل عربي ثوري ؟
- اليسار المصري .. وحدة البحث عن الذات
- أهمية أن نتثقف يا ناس
- أزمة الطبقة الوسطي المصرية
- هل الاشتراكية فكرة طوباوية ؟ قراءة في - مناخ العصر - لسمير أ ...
- اليسار المصري .. والأزمة العميقة
- المعهد العربي للدراسات الاشتراكية - دعوة للحوار الجاد-
- هل من بديل للاشتراكية ؟
- لماذا أنا اشتراكي ؟
- القيم الثورية .. وأخلاق الثوار
- الثورة المصرية.. تصحح مسارها بعيدا عن النخبة
- أيها السادة.. النظام لم يسقط بعد
- اليسار المصري .. مساهمة في رؤية جديدة
- التنوير العربي .. في اللاهوت والناسوت
- رسالة إلي رفاق الفكر .. الاشتراكيين الثوريين
- التحالف الديمقراطي الثوري
- رؤية معاصر للدولة في الاشتراكية
- جدل العلاقة بين الدين والاشتراكية
- اللإخوان.. وصناعة الوهم


المزيد.....




- الوقت ينفد في غزة..تح‍ذير أممي من المجاعة، والحراك الشعبي في ...
- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد دوير - نقد العقل الثوري .. 2- عناصر السلب الثوري