أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عبد اللطيف - مئوية صالح الكويتي















المزيد.....

مئوية صالح الكويتي


سعدي عبد اللطيف

الحوار المتمدن-العدد: 4139 - 2013 / 6 / 30 - 18:55
المحور: الادب والفن
    


عندما تصدح "على شواطي دجلة" و"خدري الچاي" في أجواء الغربة والحنين

نادرة هي الأيام التي تبث في الروح البهجة والدفء والحبور في ايام منافينا وهجرتنا. بيد انني، ويا للمفاجأة!، اتذكر ما حدث في ذلك اليوم الموافق الثالث من كانون الاول 2008.. الذي بدأ ظهرا بهدوء عبر محاضرات ومداخلات عن عبقري الغناء العراقي صالح الكويتي وانتهى بغناء جماعي وكأننا في كورس جمع كل أطياف شعبنا العراقي في المهجر ونحن نردد مع مطرب المقام الأصيل اسماعيل فاضل أغان تربينا عليها صغارا وستبقى معنا ما تبقى لنا من العمر.
بدأ الاحتفال بكلمة بالذكرى المئوية لولادة موسيقار العراق الملحن صالح الكويتي الذي احتفينا به لا كقيمة فنية فحسب، بل كقيمة انسانية كبيرة نظرا الى انه استطاع عبر الحانه الثرية تأسيس ذاكرة موسيقية في المنطقة، وعلى الأخص للشعب العراقي حيث تغنى بألحانه كل العراقيين وما زال بعضها عالقا بذاكرتنا الموسيقية. وكان ضروريا تثمين دور فريق العمل والقائمين على الاحتفالية والتي اطلقت فكرتها لندا مناحين وتبنت رعايتها مدرسة الدراسات الشرقية والافريقية (سوس) التابعة لجامعة لندن التي استحقت الشكر والأمتنان بعد ان منحتنا افضل التسهيلات الممكنة.

وبدا الاحتفال بمحاضرة بعنوان « صالح الكويتي: الأب والأنسان والملحن» القاها نجله الدكتور سليمان الكويتي الذي حضر للمشاركة متحملا كل تكاليف السفر وعناءه في يوم الأحتفاء بأبيه اعقبها محاضرة للكاتب العراقي المغترب خالد القشطيني عن «حكايات الأغاني العراقية وأغاني صالح الكويتي».

وتناول الدكتور سليمان حياة صالح الفنية والموسيقية ضمن العلاقات الاجتماعية العائلية وفسر الكثير من الظواهر التلحينية في أعماله وذكر انه حين سئل أبوه عن ظاهرة الحزن في الأغنية العراقية أجاب انها موجودة لأن العراقيين يسمعون بقلوبهم لا بآذانهم والبكاء وسيلة للفرح لديهم بخلاف شعوب الأرض ولربما لأن نوعية تربتهم تختلف.

ثم عرض فيلم وثائقي عن حفل موسيقي بقيادة صالح الكويتي على الكمان وغناء المطربة نجاة لأهم ألحان الكويتي كما غنى هو نفسه بعض الحانه. وأعقب عرض الفيلم نقاش بين باهر هاشم الرجب خبير المقام العراقي و احمد المختار وقدم المؤرخ الموسيقي حسقيل قوجمان والذي عاصر مرحلة من حياة الكويتي مداخلة قيمة.

أما الكاتب والروائي خالد القشطيني الذي صدرت له مؤخرا رواية مهمة باللغة الأنجليزية بعنوان « على مقربة من نهر بابل« فقد تحدث عن فترة الخمسينيات وعلاقة المجتمع العراقي بالأغنية وكيف استخدم الناس اسلوب البوح عن طريق الشعر والأغنية وذكر ان « الهجر مو عادة غريبة « كتبت بعد ان هجرت صالح حبيبته المغنية زكية جورج.

وقدم المختار، في بداية الحفل المسائي الكبير، قطعا موسيقية من تأليفه والحانه من أغاني صالح الكويتي باسلوب التنويعات مثل « الهجر»،» ياهل خلك « و» آنه من اكولن آه « ورافقت هذه الأعمال الموسيقية « فرقة بغداد « والتي تكونت من جميل الأسدي على القانون، طاهر بركات على الكمان، حسين الزهاوي على الدف وعلي الخفاجي على الأيقاع والرق. وسلمت في الاحتفالية وباسم الجامعة وفريق العمل المرافق له جائزة تقديرية للدكتور سليمان الكويتي وكانت الجائزة عبارة عن درع الاحتفالية حفر عليه رموز الكمان والعود وخريطة العراق.

ولد صالح الكويتي عام 1908 في الكويت لعائلة من أصل عراقي. وتلقى صالح وأخاه داود دروسا في العزف والغناء لدى الموسيقار الكويتي المعروف خالد البكر ثم تعرفا على الموسيقى العراقية والمصرية عبر الأسطوانات. وحين أتقن الأخوان العزف والغناء قدما العديد من الحفلات في الكويت وفي أقطار الخليج. ورافقا عام 1927 المطرب الكويتي الشهير عبد اللطيف الكويتي الى البصرة لتسجيل بعض الأسطوانات. قرر الأخوان عام 1929 الأنتقال نهائيا الى بغداد. واقترحت المطربة سليمة مراد على صالح تلحين بعض الأغاني وقام فعلا باختيار قصائد لعبد الكريم العلاف وسيف الدين ولائي ولحن « كلبك صخر جلمود، هوه البلاني، آه ياسليمة، ماحن عليه، منك يالأسمر وخدري الجاي خدري « واغان عديدة مشهورة . عمل صالح مع كبار الفنانين المصريين مثل محمد عبد الوهاب وأم كلثوم. وغنت الحانه عمالقة الغناء العراقي امثال سليمة مراد، زكية جورج، منيرة الهوزوز، عفيفة اسكندر، ناظم الغزالي وزهور حسين. كما وضع الكثير من المقدمات واللزمات الموسيقية لداخل حسن وحضيري أبو عزيز.

اسقطت الجنسية العراقية عن صالح واخيه وآلاف العراقيين الآخرين الذين استوطنوا البلاد منذ بابل عبر المؤامرة المشهورة التي حيكت ابان العهد الملكي بين الحكمومة البريطانية والحركة الصهيونية العالمية ونوري السعيد وأجبروا على الهجرة والخروج من بلاد مابين النهرين. توفي صالح في اسرائيل عام 1986.

وتميزت عبقرية صالح الكويتي في النصف الأول من القرن العشرين وتلونت ألحانه لتنسجم مع أغلب أصوات المطربين النسائية والرجالية مما يدل على قدرته التلحينية المتنوعة. الكويتي كان غزير الأنتاج حيث قدم مئات الأغاني. وكان يعد أكثر من خمس أغان في العام لكل مطرب على كثرتهم وتنوعهم وخلق انماطا جديدة في أغاني المقام العراقي وأخرجه من انغلاقه ومزج بينه وبين اغنية المدينة وتميز بـ ( الموليشن) أي التحول المقاماتي بالأنسجام والتناسق. وأثرى مع شقيقه داود، المغني وعازف العود، الموسيقى في العراق وأصبحا من مؤسسي الفرقة الموسيقية للأذاعة العراقية».

وأطل علينا في الفقرة الأخيرة من الحفل، بقامته المهيبة وسدارته الفيصلية، مطرب المقام اسماعيل فاضل القادم من استراليا ليفاجأ الجمهور بقوة صوته وعذوبته بحيث بقي الحضور يصاحب اسماعيل غناء أغانيه ولم يتوقف تصفيق الأيدي على الطريقة العراقية تصحبها (الزغاريد) بين الحين والآخر لتحلق بنا ولترمينا بين آن واخر في دروب بغداد وانحناءات دجلة والفرات وسفوح الجبال الشاهقة. وما كان مدهشا، حقا، ليس مجرد ترديد الجمهور بل غنائهم الذي انضبط فيه الوزن الأيقاعي والتون الذي نستطيع تشبيهه بغناء الجوقات الكنائسية الموحد ذات النقاوة الصوتية والأيقاع المتزن.

واسماعيل خليل خريج كلية الفنون – قسم الموسيقى. تدرب بشكل مكثف على غناء المقام وعلى اسلوب الليالي والقدود الحلبية ليتخصص كذلك بالغناء العربي الأصيل.
ولايلتزم اسماعيل بكل تفاصيل قراءة المقام واصوله المعقدة بل يطرح رؤيا مغايرة في الأداء معتمدا على اسلوب التقصير في الأداء المقامي وتلك هي محاولات لانعرف حيالها رأي قرّاء المقام الملتزمين به وفي أية خانة يضعونها، خصوصا اذا تذكرنا ان تجربة ناظم الغزالي قد واجهت الكثير من الأعتراض على اساس الزعم بانه أخرج المقام عن اصوله.

لقد بذل المنظمون جهودا مضنية في الأعداد للأحتفال وتنظيمه بحيث مرت الساعات بسلاسة وبهجة وتألق المطرب اسماعيل فاضل وأبدع العازفون من دون استثناء سواء في عزفهم سوية او كل على انفراد، ولم يكن احد في القاعة، ذاك المساء، يرغب ان يتوقف العازفون أو المغني عن المضي في الابداع والأمتاع، لكن لكل شيء نهاية رغم الأسى.
نتهى

* سعدي عبد اللطيف: كاتب وناقد واعلامي عراقي مقيم في المملكة المتحدة واستاذ سابق للادب الانكليزي في العراق والجزائر. ترجم ونشر عشرات النصوص الفلسفية والشعرية والوثائق السياسية الى جانب ما له من دراسات ومحاولات في النقد الادبي المعاصر والفن.



#سعدي_عبد_اللطيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- افضل شعراء في اللغة الانجليزية في القرن العشرين
- معرض تشيكلي روسي في لندن ولوحات لبيكاسو و سيزان و غوغان
- هارولد بنتر، الغائب الكبير في الفن المسرحي البريطاني
- ميخائيل باختين ومفهوم الحوار عند دستوفسكي بترجمة لسعدي عبد ا ...
- ميخائيل باختين ومفهوم الحوار عند دستوفسكي بترجمة لسعدي عبد ا ...
- ميخائيل باختين ومفهوم الحوار عند دستوفسكي بترجمة لسعدي عبد ا ...
- سعدي عبد اللطيف يحاور شاكر لعيبي عن قصيدة النثر المقفاة
- حضارة بابل اضفت على لندن بهجة عميقة
- الكتابة واللغات في العراق القديم
- في ذكرى معرض بابل: الاسطورة والحقيقة في المتحف البريطاني
- نبذة موجزة عن تاريخ المتحف البريطاني
- الشاعر الداغستاني رسول حمزاتوف
- لماذا تجاهل العالم.. الآثاري العراقي الكبير هرمز رسام
- زمن لا تستيقظ فيه الطيور
- ابنة -تشي- تجاهد للحفاظ على صورته كثوري مثالي !؟
- الموسيقى توحد العراق دائما...
- كتاب : كارل ماركس - قصّة حياة- - تأليف: فرانسيس وين/ ترجمة س ...
- كتاب : كارل ماركس - قصّة حياة- - تأليف: فرانسيس وين/ الفصل ا ...
- كتاب : كارل ماركس - قصّة حياة- - تأليف: فرانسيس وين/ ترجمة س ...
- كتاب : -كارل ماركس - قصّة حياة- - تأليف: فرانسيس وين/ الفصل ...


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عبد اللطيف - مئوية صالح الكويتي