أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عبد اللطيف - معرض تشيكلي روسي في لندن ولوحات لبيكاسو و سيزان و غوغان















المزيد.....

معرض تشيكلي روسي في لندن ولوحات لبيكاسو و سيزان و غوغان


سعدي عبد اللطيف

الحوار المتمدن-العدد: 4137 - 2013 / 6 / 28 - 12:40
المحور: الادب والفن
    




شهدت العاصمة البريطانية مؤخراً، ولأول مرة، معرضا كبيرا للفن التشكيلي قدم من موسكو عاصمة الثلوج. وكان عنوان المعرض " من روسيا " لكنه لم يقتصر على اعمال الفنانين الروس بل ضم ايضا اعمالا لفنانين من دول اوربية أخرى مثل بيكاسو، سيزان وغوغان. ونجح منظمو المعرض في اللحظات الاخيرة تأمين وصول اللوحات لأن الحكومة الروسية طلبت ضمانات الا يطالب بأي لوحة أي مالك سابق لها. فالمعرف ان دولا اوربية عديدة حصلت على لوحات كثيرة نتيجة للحربين العالمتين او بعد حصول ثورات او اضطرابات في مناطق عديدة في اوربا.

ويتحرى المعرض تاريخ العلاقة بين الفنين الروسي والفرنسي منذ الثلث الأخير للقرن التاسع عشر وحتى عام 1925 . فقد شهدت هذه الفترة الحرب العالمية الاولى وثورة اكتوبر واضطرابات سياسية عميقة. ويقدم المعرض اعمالا للفنانين الروس والفرنسيين اثناء هذه الفترة والتي تعتبر،الآن، اعمالا للرواد العظام للفن الحديث. وتتراوح الأعمال ما بين الواقعية والانطباعية وصولا الى الحركات التجريدية. وجاء ت الأعمال من مجموعات تملكها اربعة متاحف روسية وهي: متحف بوشكين للفنون الجميلة، غاليري ترتياكوف، متحف الأرميتاج والمتحف الروسي. وهذه اول مرة تجمع فيها لوحات من المتاحف الاربعة لتكوين معرض منفرد.

ظهر عصر جديد للفن الروسي في اوائل ستينات القرن التاسع عشر، وشكل هذا الفن الاحساس الذي تنامى بقوة في الوعي الوطني وتصاعد روح ديمقراطية جديدة عقب صدور قانون تحرير الأقنان. وانفصلت مجموعة من الفنانين من التقاليد الفنية السائدة لتكوين جمعية المعارض الفنية المتنقلة عرفت لاحقا باسم " الجوالون ". وسعى هؤلاء لتقديم القضايا الوطنية والاجتماعية الراهنة والتي عكست الآراء الجمالية للناقد الثوري الروسي الكبير نيقولاي تشيرنيشيفسكي ( 1828- 1889 ) الذي كتب عام 1855 قائلا : " لا يقيد الفن نفسه بالجمال فحسب.... فهو يحتضن كل الواقع.... فمضمون الفن هو الحياة بشكلها الاجتماعي ".

وشهد العقدان الأوليان من القرن العشرين فترة من التجريب العظيم في الفن الروسي. فقد بدأ الفنانون يتطلعون الى اتجاهات جديدة مستوحاة من اعمال الفنانين الفرنسيين الانطباعيين و ما بعد الانطباعيين خاصة سيزان. وارتحل االعديد من الفنانين الى باريس للدراسة هناك رغم وجود فرص في روسيا للأطلاع على آخر الأساليب الفرنسية في روسيا عبر المجموعة الكبيرة التي امتلكها ايفان موروزوف وسيرجي شجوكن. ولعبت مجلة " الجزة الذهبية "
التي كانت تطبع في موسكو بين عامي 1906- 1909 دورا كبيرا بنشر نصوص هامة للفنانين ماتيس و دينس.

ورغم استعارة الفنانين الروس الواضحة من الفرنسيين، الا انهم كيفوا ابتكاراتهم الاسلوبية لتخدم غايات روسية فريدة من نوعها، وغالبا ما يجري تصوير المواضيع الروسية النمطية باسلوب مركز وزاه الألوان. فالرسام الروسي كوبرن مزج اسلوب سيزان مع عناصر روسية بحتة. أما لوحة الفنان الروسي فولكس " صورة ذاتية " فانها تكشف عن الدروس التي تعلمها من سيزان اضافة الى التكعيبية.

وحفزت التجارب الجريئة للرسامين لاريونوف و كونجاروفا ، في حدود عام 1910 ، الى حدوث تطور مهم في الفن الروسي. وبرغم استجابة الفنانين الى ابتكارات سيزان، غوغان وفان كوخ في مجالي الشكل واللون، الا انهم اصبحوا، وبشكل متزايد، واعين باصالة ارثهم الفني الوطني. فالاعمال الشعبية، الدمى، الاطباق الملونة وكذلك الأيقونات غدت مصادر جديدة منعشة للألهام. وادى مزجها بالتأثيرات الفنية الغربية الى ظهور لون جديد اطلق عليه البدائية الجديدة. فلوحة لاريونوف " جندي يدخن " يأخذ وضعا في اللوحة يشبه وضع " المدخن " في لوحة لسيزان، لكن الوانها الحادة واسلوب تنفيذها الخشن يتحدى بما اصطلح عليه تقاليد الفن الراقي.

وقدم الطليعيون الروس مساهمة متميزة تمت على يد مجموعة من الفنانين الذين مازجوا بين المواضيع المتشظية و الاشارات الشكلية للتكعبيين الفرنسيين واعجاب أخاذ بالمستقبليين الايطاليين في تصويرهم أجواء الحركة في المدينة الحديثة وطاقتها الديناميكية، مما ادى الى بروز شكل من التكعيبية غنية الالوان وذات اسلوب فردي بامتياز، وبخاصية روسية بكاملها، اطلق على هذا الشكل التكعيبية- المستقبلية.

وكان مبدعوا هذه الحركة درسوا الفن التكعيبي في معارض الفن الغربي التي كانت تقام في موسكو وسانت بطرسبورغ حيث كانت تعرض لوحات بيكاسو. فلوحة الفنانة الروسية يودالتسوفا " حياة ساكنة " تشي بتأثرها الواضح ببيكاسو. أما الفنان فيلونوف فقد طور تفسيرا للتكعيبية- المستقبلية يتجه الى أعماق الذات. فلوحته الشهيرة " الحرب " تعكس تعابير رؤيوية مثيرة للفزع وتسودها توليفات بلورية متقزحة الالوان.
اما الجانب المدهش في التكعيبية-المستقبلية الروسية فيتمثل في غلبة نسبة الفنانات داخل الحركة، من بينهن أكستر، روزانوفا، بوبوفا ويودالتسوفا. وتعمق العديد منهن في الامكانيات الزخرفية في التكعيبية لأستخدامها في المنسوجات، الازياء والتصاميم المسرحية.

وشهدت فترة مابين عامي 1910 و 1920 سلسلة ابتكارات استثنائية في الفن التجريدي الروسي. فتراكيب بتروفودكن المهيبة برمزيتها والتي تتسم بالغموض تعكس سنوات تعليمه المبكر في ميادين الايقونات وفريسكو القرون الوسطى. مع ذلك، فاشكاله التبسيطية ومساحات ألوانه الفسيحة والتي تشي بجرأتها وشكلانيتها تدل على تأثر كبير بكل من غوغان وماتيس.

واتبع الفنانون الروس الآخرون طرقا مختلفة باتجاه التجريدية. فكاندنسكي استعار تخيلات حكايات الجن ومزجها بالوان المدرسة الفوفية ( مدرسة فنية ظهرت بداية القرن العشرين سعت الى ايجاد طرق للتعبير عبر جهد انفعالي لتوليف هارموني للألوان النقية ورسم الطبيعة لا بالتقليد الشكلي بل عن طريق تعابير تصويرية صافية ) كنقطة انطلاق لخطواته الجريئة باتجاه الرسم التجريدي. وتجلى ذلك في رؤاه النبوئية التي عكستها لوحة " تكوين سابع "، وهي واحدة من عدة اعمال تهدف الى التعبير عن روحانية تتضاد مع مادية المجتمع المعاصر.

ولم يمض وقت قصير حتى غدا فيه الفنانون الروس لا مجرد اتباع مبدعين لأحدث التقنيات القادمة من باريس، بل برز هؤلاء الرواد للفن التجريدي في روسيا كقادة طليعين في اوربا. واستمرت هذه القيادة في خضم ثورة أكتوبر وحتى بداية العشرينات.

وبرزت حركة جديدة عام 1921 اطلقت على نفسها تسمية " البنائون " اعتمدت على اتجاه في الفن التشكيلي طوره الفنان فلاديمير تالين ( 1885- 1953 ). وكان تالين يعد من أكثر الفنانين الروس أصالة وتأثيرا في فترة ثورة أكتوبر وبعدها. دعا فنانوا الحركة الى نبذ الرسم الصافي باعتباره فنا برجوازيا ومنحطا وتبنوا المثال الثوري في انتاج فن يحتضن ادوات الاستخدام اليومي والسلع الصناعية، أي فن مادي جديد لدولة العمال الجديدة. وكان طموح تالين يتمثل في مشروع ثوري لبناء نصب للأممية الثالثة، هوعبارة عن برج عملاق اعلى من برج ايفل. ولكن حلمه لم يتحقق رغم ان تالين عرض نموذجا للمشروع في سانت بطرسبورغ في شهر تشرين الأول ( نوفمبر ) عام 1920 وفي موسكو في شهر كانون الأول من العام نفسه. ولو شيد هذا الصرح، لغدا البرج آية فريدة في الهندسة المعمارية في القرن العشرين.

انتهى

* سعدي عبد اللطيف: كاتب وناقد واعلامي عراقي مقيم في المملكة المتحدة واستاذ سابق للادب الانكليزي في العراق والجزائر. ترجم ونشر عشرات النصوص الفلسفية والشعرية والوثائق السياسية الى جانب ما له من دراسات ومحاولات في النقد الادبي المعاصر والفن.



#سعدي_عبد_اللطيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هارولد بنتر، الغائب الكبير في الفن المسرحي البريطاني
- ميخائيل باختين ومفهوم الحوار عند دستوفسكي بترجمة لسعدي عبد ا ...
- ميخائيل باختين ومفهوم الحوار عند دستوفسكي بترجمة لسعدي عبد ا ...
- ميخائيل باختين ومفهوم الحوار عند دستوفسكي بترجمة لسعدي عبد ا ...
- سعدي عبد اللطيف يحاور شاكر لعيبي عن قصيدة النثر المقفاة
- حضارة بابل اضفت على لندن بهجة عميقة
- الكتابة واللغات في العراق القديم
- في ذكرى معرض بابل: الاسطورة والحقيقة في المتحف البريطاني
- نبذة موجزة عن تاريخ المتحف البريطاني
- الشاعر الداغستاني رسول حمزاتوف
- لماذا تجاهل العالم.. الآثاري العراقي الكبير هرمز رسام
- زمن لا تستيقظ فيه الطيور
- ابنة -تشي- تجاهد للحفاظ على صورته كثوري مثالي !؟
- الموسيقى توحد العراق دائما...
- كتاب : كارل ماركس - قصّة حياة- - تأليف: فرانسيس وين/ ترجمة س ...
- كتاب : كارل ماركس - قصّة حياة- - تأليف: فرانسيس وين/ الفصل ا ...
- كتاب : كارل ماركس - قصّة حياة- - تأليف: فرانسيس وين/ ترجمة س ...
- كتاب : -كارل ماركس - قصّة حياة- - تأليف: فرانسيس وين/ الفصل ...
- كتاب : -كارل ماركس - قصّة حياة- - تأليف: فرانسيس وين
- من أجل السلام الذي ترعاه: أحمد مختار مشرفاً موسيقياً في مشرو ...


المزيد.....




- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عبد اللطيف - معرض تشيكلي روسي في لندن ولوحات لبيكاسو و سيزان و غوغان