|
-جنيف 2- كما يراه المعلِّم!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4134 - 2013 / 6 / 25 - 23:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جواد البشيتي مؤتمر "جنيف ـ 2"، والذي يُراد له، دولياً وإقليمياً، أنْ يكون "الحل السياسي" لـ "الأزمة السورية"، والطريق إليه، إنَّما يَصْلُح الآن، وفي المقام الأوَّل، لروسيا وإيران، في سعيهما إلى درء "الهزيمة العسكرية" عن حُكْم بشار الأسد؛ فهو حُكْم مهزوم بالمعنى الثوري؛ لأنَّ غالبية الشعب لا تريده؛ ولأنَّ الثورة الشعبية عليه أكَّدت عدم شرعيته، ولم يَبْقَ لإطاحته، والخلاص منه، إلاَّ هزمه عسكرياً؛ كما يَصْلُح (أيْ "المؤتمر") للولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، في سعيهم إلى عدم التورُّط عسكرياً في هذه "الأزمة"، بما يسمح للمعارَضَة بالانتصار عسكرياً؛ فهذه القوى الدولية لا تريد بقاء بشار (وزمرته) على رأس الحكم في سورية؛ لكنَّها، في الوقت نفسه، لا تريد للمعارضة أنْ تسقطه من طريق إلحاق الهزيمة العسكرية به. أمَّا بشار (وزمرته الحاكمة) فَيَفْهَم مؤتمر "جنيف ـ 2" على أنَّه طريق يمكن أنْ تؤدِّي إلى "حلٍّ سياسي"، قوامه "إنقاذ ـ إصلاح" نظام الحكم من طريق إشراك وتمثيل "المعارَضَة" في حكومة (إصلاحية) لا يكون قيامها مشروطاً بتنحِّي، أو بتنحية، بشار الأسد. ولقد شرح هذه "الرؤية"، وبسطها، "وزير الخارجية السوري" وليد المعلِّم، إذْ قال إنَّ الوفد الحكومي السوري لا يذهب إلى "جنيف ـ 2" من أجل "تسليم السلطة إلى الطرف الآخر"، معتبراً هذا الأمر (تسليم السلطة) وَهْماً ينبغي للمعارَضَة (أو الطرف الآخر) التخلُّص منه؛ فإذا ظلَّت مستمسكة به، فخيرٌ لها (على ما قال في "نصيحته" للمعارَضَة) ألاَّ تذهب إلى "المؤتمر". المعلِّم، وعلى مضض، يمكن أنْ يَقْبَل النَّظر إلى "جنيف ـ 2" على أنَّه "تفاوُض" للوفد الحكومي مع وفد المعارَضَة؛ لكنَّه تفاوُضٌ في سياق جهود دولية وإقليمية لحلِّ "الأزمة السورية"، سياسياً، ولن يكون من أجل "تسليم السلطة إلى الطرف الآخر". "التفاوُض (بمعناه الحقيقي)" لن يكون، من وجهة نظر المعلِّم، مع "المعارَضَة"، وإنَّما مع "القوى الدولية والإقليمية التي ورَّطَت سورية في هذا الصراع، ثمَّ تورَّطت فيه"؛ وانسجاماً مع هذه "الرؤية"، والتي تعمَّد المعلِّم إلباسها هذا اللبوس من الغطرسة، لينفث في روع المعارَضَة أنَّ معركة القصير كانت بنتائجها وعواقبها السياسية والتفاوضية بهذه الأهمية الإستراتيجية، لا يرى "وزير الخارجية السوري" من تناقض منطقي في أنْ يذهب الوفد الحكومي إلى "جنيف ـ 2" ولو غابت عنه المعارَضَة؛ وثمَّة "معارَضَة أخرى"، يسميها المعلِّم "المعارَضَة الوطنية في الداخل"، ستذهب إلى "جنيف ـ 2"، ويمكن أنْ "يحاورها" الوفد الحكومي، في موازاة مفاوضاته (التي سيُشارِك فيها حليفاه الروسي والإيراني) مع "خصوم سورية" من "قوى دولية وإقليمية". إنَّ "الطرف الآخر الحقيقي" في الصراع، والذي ينبغي لوفد بشار تسليم السلطة إليه ليس "المعارَضَة"، وإنَّما الشعب السوري نفسه؛ وهذا التسليم إنَّما يعني نقل السلطة في البلاد من أيدى مغتصبيها زمناً طويلاً إلى أيدي من يحقُّ لهم حيازتها، وهُمْ الممثِّلون الحقيقيون للشعب؛ لكنَّ المعلِّم، وهو العليم بهذا الاغتصاب المزمن للسلطة، والذي هو نفسه يَصْلُح دليلاً عليه، أراد أنْ يُثْبِت أنَّه الأكثر التزاماً لنهج "الإنكار"، فصوَّر السلطة التي يملكها بشار على أنَّها تمليكٌ له من الشعب؛ ولا يحقُّ للوفد الحكومي، من ثمَّ، أنْ يسلِّمها، في "جنيف ـ 2" لـ "الطرف الآخر" الذي لا يستحقها "شرعاً"! وبشار نفسه لن يتنحى، وسيُكْمِل ولايته، ويحقُّ له، إذا ما أراد، أنْ يرشِّح نفسه للرئاسة في الانتخابات المقبلة؛ ولسوف يمتثِل لـ "إرادة الشعب"، في فوزه، أو في خسارته؛ وتمضي سورية في هذه الطريق قُدُماً، وكأنَّ شيئاً لم يكن! إنَّ مؤتمر "جنيف ـ 2"، وإذا ما أريد له أنْ يكون طريقاً إلى "حلٍّ سياسي (تفاوضي)"، يؤسِّس لسورية جديدة، لا مكان فيه لبشار الأسد وزمرته، يجب ألاَّ يُعْقَد الآن، وإنَّما بعد أنَّ يأتي الصراع في "الميدان" بنتائج تسمح بإكراه بشار الأسد على قبول وجود "وفد حكومي مفاوِض"، يمثِّل فئة، أو فئات، من الحُكْم، ومن أهله، غلبَّت (في آخر المطاف) مصالحها على مصالح بشار وزمرته، فيُفاوِض المعارَضَة، في هذا "المؤتمر"، توصُّلاً إلى قيام حكومة انتقالية مؤقَّتة (من الطرفين في المقام الأوَّل) وتتمتَّع بكل صلاحيات وسلطات "السلطة التنفيذية"، وتُخْضِع لها الجيش والقوى الأمنية، وتَحْفَظ في "اتفاقية الحل السياسي المؤسِّس لها، وللمرحلة الانتقالية" المصالح المشروعة لقوى دولية وإقليمية متخوِّفة من عواقب وتبعات سقوط بشار الأسد، وتسمح لبشار وزمرته بالمغادرة مع عدم التخلِّي عن حقِّ الشعب السوري في محاكمة كل من ارتكب جرائم في حقِّه ولو التجأ إلى المريخ. وهذه الحكومة، مع المرحلة الانتقالية، تنتهي بدستور جديد، يُقَر في استفتاء شعبي، وتُجْرى بموجبه انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة. تنحِّي (أو تنحية) بشار عن الحكم ليس شرطاً لذهاب المعارَضَة إلى "جنيف ـ 2"؛ فالشرط لهذا الذهاب إنَّما هو أنْ يتغيَّر الصراع ميدانياً بما يسمح بجعل هذا "المؤتمر" نقطة انطلاق في هذا المسار الجديد؛ وإلاَّ غدا "الحل السياسي" مَدْخلاً لهَزْم الثورة السورية سياسياً.
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ظاهرة اشتداد الطَّلَب على الفتاوى!
-
الثلاثون من يونيو!
-
لماذا -المادة الداكنة-؟
-
بينيت وقصة التملُّك بالاغتصاب والأسطورة والجريمة..!
-
حربٌ وقودها الأحياء ويقودها الموتى!
-
-مِنْ أين لكَ هذا؟-.. عربياً وإيرانياً!
-
إطالة أمد الصراع في سورية هي معنى -الحل السياسي-!
-
حركة الزمن عند تخوم -ثقب أسود-
-
ما معنى -بُعْد المكان الرابع- Hyperspace؟
-
-الخطأ- الذي تحدَّث عنه عريقات!
-
ما سَقَط في سقوط القصير!
-
الصحافي والسلطة!
-
أين -الربيع العربي- من -السلطة القضائية-؟!
-
مصر هِبَة النِّيل لا هِبَة أثيوبيا!
-
جوهر التفاهم بين كيري ولافروف
-
أسئلة -جنيف 2-
-
ما معنى -الآن-؟
-
كيف تؤسِّس حزباً سياسياً.. في الأردن؟
-
لا خلاص إلاَّ ب -لا المُثَلَّثَة-!
-
أعداء الديمقراطية الأربعة
المزيد.....
-
تخرج يوميًا للبحث عن طعام لوالديها المريضين وإخوتها وسط الجو
...
-
السيسي: ما يحدث في غزة -حرب إبادة جماعية مُمنهجة-.. وانتقاد
...
-
بعد سؤالها عن -أسباب الثقة في المصادر-.. أمن الدولة العليا ت
...
-
هل أوفى ستيف ويتكوف بوعده للسيدة التي قابلها في غزة؟
-
صحوةٌ بعد 6 قرون.. بركان روسي يثور لأول مرة منذ 600 عام
-
قبل 20 عاماً انسحبت إسرائيل من غزة.. هل تعود إلى القطاع بقرا
...
-
تقارير: إسرائيل تستعد لمرحلة جديدة من الحرب والسيطرة الكاملة
...
-
شركة أرامكو السعودية تعلن تراجع أرباحها جراء انخفاض أسعار ال
...
-
من مصدات السيارات إلى صناعة الأثاث.. ورش تركية تعيد تدوير ال
...
-
5 خطوات لحمايتك من الإجهاد مع تزايد الحرارة وتغير المناخ
المزيد.....
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|