حسقيل قوجمان
الحوار المتمدن-العدد: 4134 - 2013 / 6 / 25 - 15:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
راي من بعيد حول الثلاثين من يونيو (تتمة)
انهيت مقالي حول الثلاثين من يونيو بالعبارة التالية وانا اشعر بان المقال غير كامل ويتطلب الاجابة على الكثير من الاسئلة التي لم يجب المقال عليها:
"الثورة الحقيقية هي الثورة التي تهدف الى ازاحة الطبقة الراسمالية، عدو الشعب الحقيقي، عن سيطرتها المطلقة على الشعب المصري."
واضح من الفقرة اعلاه ان ثورة الخامس والعشرين من يناير على عظمتها وشمولها وتعبيرها عن ارادة الشعب المصري في انتفاضه على النظام ورغبته في الحصول على حريته وتحقيق الخلاص من معاناته من الفقر والجوع والبطالة والجهل والمرض وغير ذلك من الصعوبات التي ما زال يعاني منها منذ انفصاله عن الدولة العثمانية وتكوين دولته المصرية، كانت ثورة ضد العدو الخطأ.
وان الثورة رغم نجاح الشعب في ازاحة العدو الذي وجه ثورته ضده، حسني مبارك، لم تحقق ايا من المطالب التي تامل الشعب المصري تحقيقها حتى اليوم حين تجري محاولة تجديد الثورة التي نرى بوادرها في الاستعدادات ليوم الثلاثين من يونيو.
ويشير المقال الى ان ثورة التمرد توجه هجومها نحو العدو الخطأ ايضا. انها توجه هجومها الى ازاحة محمد مرسي وتامل في تشكيل هيئة حاكمة افضل مما تحقق في ثورة الخامس والعشرين من يناير تحقق بعض اهداف الثورة على الاقل.
ويشير المقال الى ان ثورة التمرد حتى في حالة نجاحها التام لن تمس العدو الحقيقي لانها تنجح في ازاحة اداة من ادواته فقط. فالعدو الحقيقي للثورة، الطبقة الراسمالية، تبقى هي الحاكم الحقيقي بعد الثورة كما كان الحال بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير.
السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو ما هو المتوقع حدوثه يوم الثلاثين من يونيو؟ تتطلب الاجابة المتوقعة عن هذا السؤال تتبع الاحداث المتسارعة للاستعداد ليوم الثلاثين من يونيو.
تهدف حركة تمرد الى جمع خمسة عشر مليون توقيع تطالب بازاحة الرئيس وتشكيل هيئة حكومية افضل. فهي في طبيعتها حركة سلمية تريد تحقيق مطلبها الرئيسي عن طريق تقديم ملايين التوقيع التي نجحت في جمعها الى الهيئات المختصة وحث الشعب المصري على النزول الى المظاهرات في هذا اليوم.
كل القوى والمؤسسات تعلن عن قلقها وتوقعاتها مما سيحدث يوم الثلاثين. واهم الحركات التي تجري في هذه الايام الاخيرة لموعد الثلاثين من يونيو. في يوم الجمعة جرت ما سمي مليونية اللا عنف في ساحة رابعة العدوية. وكانت المليونية ابعد ما تكون عن اللاعنف لانها كانت كلها تهديدا وترهيبا واخافة الشعب من الخرج يوم الثلاثين من يونيو وانذارا للمتظاهرين ضد مرسي باشد المصير واعلانا عن التضحية بالحياة للمحافظة على مرسي والدفاع عما سمي بالشرعية.
وجاء اليوم خطاب علد الرحمن السيسي الرائع الذي استحسنته كل الاطراف وحاولت تفسيره لصالحها. ولكن الخطاب كان واضحا وجليا يفيد بان الجيش لا يمكن زجه لصالح اي من الاطراف وسيقوم بواجبه في منع حدوث اعمال العنف المتوقعة وان الجيش هو جيش الشعب ومن الشعب وللشعب.
وجاءت التصريحات التي تطالب مرسي بالاستقالة قبل الثلاثين من يونيو حقنا لدماء الشعب المصري.
ما اريد بحثه في هذه التتمة للمقال هو التكوين الطبقي لجميع الاطراف المعنية بهذا اليوم. ان حركة تمرد هي حركة من الشباب المصري تشعر بالظلم والاستغلال الذي يعاني منه الشعب المصري. فهي تمثل الطبقة العاملة ومراتب الكادحين وفي مقدمتهم الفلاحين وسائر المراتب المتوسطة الفقيرة التي يشملها الاستغلال. حركة تمرد هي القوة الرئيسية للحركة الثورية في الثلاثين من يونيو. ويبدو ان كل التهديدات والترهيب لن تمنعها عن الخروج في مظاهراتها في هذا اليوم.
في المقابل يوجد الاخوان المسلمون والمنظمات التي تؤيدهم. وليست قوى الاخوان المسلمين طبقة موحدة وانما هم من مختلف طبقات الشعب المصري. وهذا الواقع ستكون له بالغ الاهمية في احداث يوم الثلاثين المقبلة.
يتكون التركيب الطبقي للاخوان من الجزء الاعلى القيادي الذي ينتمي في اغلبيته الى الطبقة الراسمالية المصرية. وهذه الفئة من الاخوان هي جزء لا يتجزأ من الطبقة الراسمالية المصرية ولا تختلف مصالحها عن مصالح الطبقة الراسمالية. فمصالح الاخوان المنتمين الى الطبقة الراسمالية هي نفس مصالح الطبقة الراسمالية كلها وهي مصالح مترابطة ويكمل بعضها البعض الاخر.لذا فان ما يوجه هذه الفئة العليا من الاخوان المسلمين هو ضمان مصالح الطبقة الراسمالية. ولكنها في الوقت ذاته تشكل الفئة الحاكمة في البلاد في حكومة مرسي.
وهذه الفئة من الطبقة الراسمالية، الفئة الحاكمة، عاجزة على ما يبدو عن استخدام الجيش والشرطة لمقاومة حركة التمرد في هذا اليوم. لكن لديها جماهير من الشعب المصري تتبعها وتخضع لاوامرها على اساس ديني بحت.
ان القيادة العليا من الاخوان المسلمين تحاول على ما يبدو حث الجزء الادنى من جماهير الاخوان للوقوف ضد حركة تمرد فانشأت ما يسمى حركة تجرد. وحركة تجرد هي الحركة التي تهدد باستخدام العنف ضد حركة تمرد وضد اية حركة ضد حكومة مرسي. ينجم عن هذا ان الجزء الراسمالي الاعلى من الاخوان المسلمين لا ينزل الى الميدان في محاولة احباط حركة التمرد بل يدفع بالمراتب الدنيا من الاخوان المسلمين المنتمين طبقيا الى نفس العناصر التي تعاني من الاستغلال، الطبقة العاملة والكادحين. وهذا يعني ان المعركة اذا قامت تحدث بين ابناء الطبقات الشعبية ذاتها. اي ان الصدام هو صدام بين الاخوة تعده وتنظمه قيادة الاخوان المسلمين الراسمالية من اعلى، من الطبقة الراسمالية تحت ستار ديني بحت. هذا يعني ان التضحيات من طرفين تتفق مصالحهما في الخلاص من الاستغلال ونتائجه المدمرة للشعب المصري، البطالة الجوع الفقر المرض الجهل الى اخره.
وجبهة الانقاذ هي الاخرى كالاخوان المسلمين لا تتالف من تكوين طبقي واحد بل تتالف من بعض الراسماليين وبعض الكادحين. وهي مجموعة احزاب تقليدية لها تاريخها بايجابياته وسلبياته. وكما لم تكن هذه الاحزاب من قيادة ثورة الخامس والعشرين يناير فانها اليوم ايضا ليست من قيادة حركة التمرد. ولكنها اعلنت التحاقها وتاييدها لحركة تمرد. وانضمام الكاديحين الى حركة تمرد امر طبيعي لانهم من نفس المراتب الكادحة التي تظمت وقادت حركة تمرد. وقد يلتحق بعض اعضاء هذه الاحزاب رغم كونهم جزءا من الطبقة الراسمالية بحركة تمرد لان شعورهم الانساني والوطني اعلى من مصالحهم كراسماليين او لانهم ياملون ان يؤدي نجاح حركة تمرد الى شمولهم بالهيئات الحكمية الناجمة عن انتصار حركة تمرد. ولكن الاسباب التي تجذبهم نحو حركة تمرد لا تغير من حقيقة تاييدهم للحركة.
اما الطبقة الراسمالية فهي امنة مطمئنة لان ما سيحدث من معارك دامية لن نشملها بل تكون من الطرفين الاخوين من حركة تمرد وحركة تجرد. ومن مصلحة الطبقة الراسمالية تاجيج الصدام وحتى شراء ضمائر المجرمين من البلطجية لحثهم على التدخل في الصراع لان الصراع هو لخدمة الطبقة الراسمالية بصرف النظر عن الفئة المنتصرة في المعركة.
ان الطبقة الراسمالية المصرية ستلعب دور المتفرج وستشعر بالنشوة من الصدام ومن نتائج الصدام سواء انجحت الحركة في ازاحة اداتها الجديدة، الرئيس مرسي او اذا نجحت قوى الثورة المضادة في الصمود في وجه ثورة تمرد. ولا ادري لماذا حين افكر بما سيحدث يوم الثلاثين يظهر امامي منظر نيرون ونشوته حين كان يرى روما تحترق.
بهذا انتهي، صباح اليوم الاثنين الرابع والعشرين يونيو، من كتابة هذه التتمة لمقالي حول الثلاثين من يونيو في انتظار ما يحدث فعلا في هذا اليوم الخطير او الاخطر في تاريخ المجتمع المصري.
#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟