هل ثمة برجوازية طفيلية وبرجوازية لا طفيلية؟٢

حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 4035 - 2013 / 3 / 18 - 12:26
المحور: ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس
    

هل ثمة برجوازية طفيلية وبرجوازية لا طفيلية؟٢
كما راينا في الحلقة السابقة ان طبقة الاقنان تحملت كل صعوبات الانتاج بينما حصلت الطبقة الاقطاعية على كل الانتاج لتزيد من ثرائها كذلك ادى التحول من النظام الاقطاعي الى النظام الراسمالي الى ان تحملت الطبقة العاملة كل صعوبات الانتاج في المجتمع الراسمالي وعاشت وما زالت تعيش حياة ملؤها العناء والفقر والبطالة والجوع وتعاني من النتائج المبيدة للازمات الاقتصادية والازمات المالية والحروب المتواصلة بينما تستولي الطبقة الراسمالية على كل انتاج هذه الطبقة لمضاعفة ارباحها.
كان لكل من الثورات السابقة فلاسفتها ومثقفوها وقادتها تحركهم مشاعرهم بضرورة الخلاص من الظلم الذي تعاني منه الطبقة الكادحة المستغلة. كان وعي هؤلاء الفلاسفة والمثقفين والقادة متناسبا مع تطور قوى الانتاج اذ ان التطور الفكري في كل مرحلة من مراحل التطور الاجتماعي مرتبط بتطور قوى الانتاج ولا يمكن ان يتعداه. فمستوى تطور قوى الانتاج هو الذي يحدد مدى التطور الفكري الممكن في كل مرحلة.
ادى تحول المجتمع الى مجتمع راسمالي وتطور الانتاج الى انتاج صناعي واكتشاف طاقة البخار الى نشوء طبقة عمالية تختلف علاقاتها فيما بينها اختلافا كبيرا عن العلاقات التي كانت في الحياة الزراعية في فترة الانتاج الاقطاعي. علاقات يجتمع فيها مئات او الاف العمال في مصنع يقوم كل عامل فيه بعمل مكمل لعمل العمال الاخرين ويكون الانتاج الاجتماعي نتاجا لالاف العمال مجتمعين لا يمكن فيه تمييز عمل احدهم عن عمل الاخر وانما عمل كل عامل هو عمل مكمل لعمل العمال الاخرين فاصبح الانتاج انتاجا جماعيا.
ادى تطور علاقات الانتاج الجماعية الجديدة الى نشوء الضرورة لنشوء الانتاج الفكري المناسب لهذا التطور. نشات ضرورة ظهور نظرية للطبقة العاملة، نظرية الطبقة العاملة. ومع نشوء الضرورة ينشأ تحقيق الضرورة فظهرت نظرية الطبقة العاملة على يد كارل ماركس. كان نشوء هذه النظرية ضرورة يحتمها مستوى تطور قوى الانتاج ولو لم يظهر كارل ماركس لظهر غيره وكان اي انسان يتوصل الى اكتشاف نظرية الطبقة العاملة يصبح مكتشف نظرية الطبقة العاملة ايا كان اسمه. وكانت النظرية تحمل اسمه كما هو الحال مع كارل ماركس حيث اصبحت النظرية النظرية الماركسية. اهم ما يميز هذه النظرية هو اكتشاف المحصلة التي يتجه اليها المجتمع الراسمالي والقوى الاساسية التي يقع على عاتقها تحقيق هذه المحصلة وكان من نتيجة ذلك نشوء الاممية الاولى التي كان هدفها الاساسي توجيه الطبقة العاملة وتوعيتها وتنظيمها وقيادتها في اتجاه تحقيق المحصلة عن طريق الثورة الاشتراكية والاطاحة بالسلطة الراسمالية وخلق علاقات انتاج مناسبة ومطورة للانتاج الاجتماعي الخالي من الطبقة الراسمالية وما زال هذا الهدف هدف الطبقة العاملة الاساسي في ارجاء العالم.
نعود الان الى مفهوم تقسيم الراسمالية الى راسمالية طفيلية واخرى لا طفيلية. ان الماركسية لا تميز بين راسمالي وراسمالي اخر. فكل راسمالي يحصل على ارباحه عن طريق استغلال الطبقة العاملة. اما تقسيم الراسمالية الى راسمالية طفيلية واخرى لا طفيلية وضرورية يعني وجود راسمالية ضرورية رغم انها تستغل الطبقة العاملة وضروري وجودها بالنسبة للطبقة العاملة. يعني هذا التقسيم ان نضال الطبقة العاملة يجب ان ينصب على الراسمالية الطفيلية وعدم النضال ضد الراسمالية الضرورية. انه مفهوم تحريفي يؤدي الى الامتناع عمليا عن النضال ضد الطبقة الراسمالية كلها ويعني تأبيد النظام الراسمالي.
لم اقرأ شرحا مفصلا حول هذا التقسيم ولا النتائج المترتبة عليه بل ما قراته مقصور على التقسيم بدون شرح. لذا احاول ان اتصور الاساس الذي يستند اليه انصار هذا التقسيم.
عند شرح طريقة استغلال الطبقة العاملة من قبل الراسمالي يقوم كارل ماركس ببحث شراء الراسمالي سلعة قوة عمل العامل ثم استغلال قوة عمله بالعمل في المصنع ويبحث بالتفصيل كيف ينتج العامل خلال عمله اليومي ساعات عمل تزيد على ساعات العمل التي تحتويها قوة عمله، اي شرح قانون فائض القيمة. ويبدو من هذا الشرح كأن الراسمالي الصناعي هو الراسمسالي الوحيد الذي يحقق في عملية الانتاج الصناعي فائض القيمة. كأن الراسمالي الصناعي هو الراسمالي اللاطفيلي لان الانتاج ضروري لا يمكن الاستغناء عنه طالما بقي النظام الراسمالي.
ويوجد راسماليون لا يشترون سلعة قوة العمل ولا يستخدمون العمال في انتاج فائض القيمة. وربما يعتبر انصار تقسيم الراسمالية الى طفيلية ولا طفيلية هؤلاء الراسماليين طفيليين لانهم يحصلون على الارباح بدون ان يستغلوا العمال مباشرة. فالشركات التجارية وشركات التامين وشركات النقل والدعاية وكذلك ملاكو الاراضي والعمارات لا يستغلون العمال مباشرة لذا يمكن اعتبارهم راسماليين طفيليين لانهم يحصلون على الارباح بدون استغلال العمال مباشرة. وربما يعتبر ضمن الراسمالية الطفيلية اصحاب البنوك الذين يحصلون على ارباح طائلة بدون ان يشتروا سلعة قوة عمل العمال ولا يستخدمون العمال في الصناعة.
يلاحظ القراء ان هذا الشرح ليس مقتبسا من اقوال انصار تقسيم الراسماليين الى طفيليين ولا طفيليين وانما احاول فيه ان افكر كما يفكر انصار هذا التقسيم. ولكني ارى ان كل الراسماليين مهما كان مجال عملهم الراسمالي هم شركاء في استغلال الطبقة العاملة وان عمل كل هؤلاء الراسماليين مكمل بعضه للبعض وانهم جميعا مستغلون للطبقة العاملة ولا يمكن الراسمالية الصناعية البقاء بالاستقلال عن باقي فروع عملية استغلال الطبقة العاملة. ورغم ان الراسمالي الصناعي هو الذي يحقق فائض القيمة اثناء عملية الانتاج الصناعي فان سائر اصناف الراسماليين هم الذين يستلمون فائض القيمة وليس الراسمالي الصناعي وحده. ليس في هذا المقال مجال بحث موضوع اقتسام فائض القيمة بين الراسماليين وساحاول في مقال قادم ان ابحث هذا الموضوع اذا استطعت.

#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات